أفريقيا برس – موريتانيا. جدد الموريتانيون، هذا الأسبوع، تنظيم وقفتهم الشعبية بعد صلاة الجمعة رفضًا للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، بالتوازي مع استمرار حملات التبرع والإغاثة التي تعكس زخم التضامن الشعبي الواسع مع صمود الشعب الفلسطيني.
فقد نُظّمت، بعد صلاة الجمعة، وقفة شعبية حاشدة أمام المسجد السعودي وسط العاصمة نواكشوط، وذلك ضمن سلسلة الوقفات الأسبوعية التي ينظمها الموريتانيون نصرةً لغزة، ورفضاً للعدوان الإسرائيلي المتواصل والتطبيع مع الكيان الصهيوني.
وشارك في الوقفة العشرات من المواطنين من مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية، إلى جانب علماء وأئمة وقيادات حزبية وشخصيات وطنية، جددوا خلالها موقفهم الثابت في مناصرة القضية الفلسطينية ودعم صمود الشعب الفلسطيني في وجه آلة الحرب والحصار.
وفي خطب تعالت خلال الوقفة، جرى التأكيد على أن «نصرة غزة واجب ديني وإنساني لا يسقط بالتقادم»، مضيفاً أن «ما تقوم به المقاومة الفلسطينية من دفاع شريف عن الأرض والمقدسات يُمثل كرامة الأمة وضميرها الحي».
ودعا العلماء إلى «استمرار التعبئة والدعاء والدعم المادي والمعنوي لأهل غزة، مشددين على أن الوقوف مع فلسطين ليس مجرد موقف سياسي، بل فريضة شرعية وموقف أخلاقي لا حياد فيه. وتحدث خلال الوقفة ممثلو عدد من الأحزاب السياسية الموريتانية، مؤكدين أن دعم المقاومة الفلسطينية خيار استراتيجي للشعب الموريتاني، وأن الصمت أمام المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال يمثل خيانة للقيم والمبادئ.
وشدد الخطباء على أن «غزة لا تحتاج فقط إلى الشعارات، بل إلى مواقف عملية، وموريتانيا قادرة على إيصال صوت الرفض إلى كل المحافل الدولية»، داعين إلى تصعيد الفعل التضامني الشعبي ومقاطعة كل أشكال التطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي.
وأكد منظمو الوقفة من «المبادرة الموريتانية لمناهضة الاختراق الصهيوني والدفاع عن القضايا العادلة»، أن هذه الوقفات ستتواصل كل يوم جمعة حتى النصر ورفع الحصار عن غزة ووقف العدوان، داعين إلى مزيد من المشاركة الشعبية وإلى تفعيل قنوات الدعم الإنساني والإغاثي للمناطق المنكوبة.
ورفعت خلال الوقفة شعارات مناهضة للاحتلال، وأخرى تطالب بمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وتدعو لتحرك عربي وإسلامي جاد لكسر الحصار وإيقاف العدوان.
وتأتي هذه الوقفات الأسبوعية في إطار حراك شعبي واسع في موريتانيا يعكس عمق التلاحم بين الموريتانيين والشعب الفلسطيني، ورفضهم القاطع لكل أشكال التطبيع والانبطاح أمام سياسات الاحتلال.
وفي الأثناء، تتواصل في موريتانيا دونما توقف، حملات التبرع والإغاثة الشعبية والرسمية دعماً لصمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في ظل العدوان المتواصل والحصار الخانق الذي يتعرض له القطاع منذ أشهر، حيث تشهد عدة مبادرات نسوية ومجتمعية ونقابية تفاعلاً واسعاً مع نداءات الإغاثة، من خلال مشاريع ميدانية يتم تنفيذها عبر شركاء داخل القطاع. وفي هذا الإطار، أطلقت «مبادرة بنات أهل أحمد بن عيسى الجكنيات» مشروعاً لتوزيع المياه الصالحة للشرب على الأسر المتضررة في غزة، تحت شعار «ماجدات آجوير الجكنيات لنصرة غزة»، في وقت تتعاظم فيه أزمة المياه النظيفة بفعل استهداف الاحتلال لمحطات التحلية والبنية التحتية.
كما نفذ الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني بموريتانيا مشروعاً مماثلاً لتوزيع المياه داخل القطاع، إلى جانب حملة أخرى لتوزيع ربطات الخبز على الأسر المحاصرة، فيما نظّم الرباط حفلاً تكريمياً للوفد الموريتاني العائد من قافلة «الصمود المغاربية» التي شاركت في كسر الحصار عن غزة.
من جانبها، مولت نساء «أدغمايمه» مشروعاً لسقيا الماء في غزة، فيما أطلقت مبادرة نساء «انتاكات» لإسناد غزة حملة مماثلة، لتوفير المياه في المناطق الأكثر تضرراً، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة. ويواصل المنتدى الإسلامي الموريتاني بدوره، سلسلة من المشاريع الإغاثية لصالح القطاع، تشمل حفر وترميم آبار ارتوازية وتوزيع وجبات الطعام الجاهزة، بدعم من فاعلي خير ومبادرات شبابية ونسائية موريتانية.
ومن أبرز المتبرعين لهذه المشاريع مبادرة «جاهد بمالك» التي موّلت مشروع توزيع مياه الشرب على عدد من الأحياء المنكوبة في غزة، ونساء قبيلة «إدادهس» اللاتي ساهمن في تسيير قافلة سقيا لصالح أهالي شمال غزة، ومجموعة «زاد الآخرة» التي تمول مشاريع لسقيا الماء في ذات المنطقة، ومبادرة «نساء مجاهدات» التابعة لمحظرة نساء كيفه الجكنيات، والتي تواصل جهودها في توزيع المياه النقية على السكان المتضررين.
وتأتي هذه الحملات الموريتانية في سياق حالة تضامن شعبي واسعة مع غزة، تعكس الموقف الثابت للشعب الموريتاني في مناصرة القضية الفلسطينية ورفض العدوان والتطبيع، وتؤكد أن الدعم الشعبي للمقاومة مستمر رغم كل التحديات.
وتعكس هذه الوقفات الأسبوعية وحملات الإغاثة المتواصلة، حجم الالتزام الشعبي في موريتانيا تجاه القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية مركزية لا تخضع لمساومة أو فتور؛ كما تؤكد أن التضامن مع غزة لم يعد مجرد رد فعل ظرفي، بل أصبح سلوكًا جماعيًا راسخًا، يجمع بين البعد الإنساني والديني والسياسي.
وفي ظل تصاعد العدوان واستمرار الحصار، يبعث هذا الحراك رسالة واضحة إلى الداخل والخارج مفادها أن شعوب الأمة، وإن خذلتها بعض الأنظمة، ما تزال حيةً وواعية، ترفض التطبيع وتختار الوقوف في صفّ المظلومين، حتى يتحقق النصر وتُرفع المظالم.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس