موريتانيا: الأمن يتعقب سجناء سلفيين فارين وإغلاق مؤقت لسفارات أجنبية

18
موريتانيا: الأمن يتعقب سجناء سلفيين فارين وإغلاق مؤقت لسفارات أجنبية
موريتانيا: الأمن يتعقب سجناء سلفيين فارين وإغلاق مؤقت لسفارات أجنبية

أفريقيا برس – موريتانيا. أكدت وزارة الداخلية الموريتانية المعلومات التي تم تداولها ليلة أمس بخصوص فرار أربعة سجناء سلفيين من السجن المركزي في نواكشوط بعد عملية اعتداء على حرس السجن.

وأكدت الوزارة في بيان لها الاثنين “أن أربعة إرهابيين تمكنوا من الفرار من السجن المركزي في نواكشوط بعد أن اعتدوا على العناصر المكلفة بالحراسة، مما أدى إلى تبادل لإطلاق النار استشهد خلاله اثنان من أفراد الحرس الوطني، فيما أصيب اثنان بجروح خفيفة”.

“وقد أحكم الحرس الوطني، تضيف الوزارة، سيطرته على السجن وبدأت على الفور إجراءات تعقب الفارين بغية القبض عليهم في أقرب الآجال، ويرجى من المواطنين الإبلاغ عن أي معلومات يمكن أن تساعد في عملية القبض على الفارين”.

وبدأ الأمن الموريتاني من شرطة ودرك وحرس، انتشارا واسعا داخل أحياء العاصمة وفي مداخلها، مع القيام بتفتيش مدقق لركاب السيارات الخارجة من العاصمة، والمتحركة داخلها.

وأطلق الحرس الرئاسي الموريتاني النار فجر الإثنين على سيارة قرب مطار نواكشوط الدولي واعتقل شخصين كانا على متنها.

وتشهد شوارع مقاطعة دار النعيم في ولاية نواكشوط الشمالية ذات الكثافة السكانية، انتشارا كبيرا لقوات الحرس الوطني وشرطة مكافحة الإرهاب، وذلك بعد أن عثر الأمن في هذه المقاطعة، على السيارة التي استقلها السجناء السلفيون بعد فرارهم الليلة الماضية، من السجن المدني في نواكشوط، إثر تعطل إحدى عجلاتها.

وعثر الأمن على قطعة سلاح داخل السيارة المذكورة التي نقلت إلى حظيرة تابعة للأمن.

وتؤكد تطورات هذا الحدث أن العملية مدبرة بإسناد خارج السجن، حيث وجد الفارون الأربعة قبالة السجن الواقع في قلب العاصمة، سيارة من نوع “تويوتا َأفانسيس” تنتظرهم، وتولت إجلاءهم بمساعدة سائقها الذي أطلق النار من مسدس عيار 9 ملم، على أحد متعقبيهم من أفراد الحرس الموريتاني وأرداه قتيلا.

وتتحدث المعلومات عن خطورة السجناء الأربعة: فمن أخطرهم السجين السالك الشيخ المحكوم عليه بالإعدام والذي كان أحد منفذي تفجير مقاطعة الرياض جنوب العاصمة نواكشوط، وقد حوكم بتهمة الخيانة العظمى بحمل السلاح ضد الوطن.

وحكم على السالك ولد الشيخ، بالسجن المؤبد عام 2011 بتهمة محاولة قتل الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وسبق له أن نجح في الفرار من السجن عام 2015، حيث تم توقيفه في غينيا بيساو وأعيد إلى السجن في موريتانيا.

ومن بين الفارين سجينان محكوم عليهما بالإعدام هما محمد الرسول أشبيه، الملقب بـ”أبو مجاهد”، وهو من مواليد 1985، وتشير المعلومات إلى أنه يواجه عدة تهم بينها حمل السلاح ضد موريتانيا، وارتكاب اعتداءات بغرض القتل.

ومن بين السجناء الفارين كذلك محمد يسلم محمد محمود عبد الله، وهو يقضي حكما بالسجن لعشر سنوات، بتهمة الانتساب لتجمع قائم يهدف إلى ارتكاب جرائم إرهابية.

ورابع السجناء الفارين هو عبد الكريم أبوبكر الصديق أباتنه، وهو سجين محكوم عليه بالحبس لسبع سنوات، بتهمة محاولة الانتساب لتجمع قائم يهدف إلى ارتكاب جرائم إرهابية، كذلك.

وتؤكد المعلومات أن عبد الكريم أباتنه يوجد من ضمن السجناء الذين أعلنوا عن رغبته في الحوار الذي دعت له السلطات.

هذا وأثارت حادثة فرار السجناء السلفيين ردات فعل بين الساسة والمدونين الموريتانيين، حيث أكد المدون النشط حميد محمد “أن الأخطر بالنسبة له هو اكتشاف أن التنظيمات الإرهابية ما زالت تنجح في اكتتاب شباب جدد، فالشابان محمد يسلم وعبد الكريم، أحدهما اعتقل عام 2020 والآخر في عام 2021 بعد أن نجحت الأجهزة الأمنية في رصد عمليات تواصل بينهما مع جهات إرهابية بغرض الانتساب لها، وهو ما يؤكد أن المد التكفيري المتطرف لم يتوقف للأسف رغم تراجعه بشكل كبير جدا مقارنة بالفترة ما بين 2004 و2011”.

وانتقد المدون الحسن لبات قرار بعض السفارات الأجنبية إغلاق أبوابها مؤكدا “أنه في الوقت الذي تحتاج موريتانيا فيه، إلى الوقوف بجانبها لاجتياز هذا الظرف الدقيق، ويتم فك الطوق الأمني عن محيط السجن والرئاسة لتعود الأمور لطبيعتها، تقوم السفارات الفرنسية والأمريكية بإصدار قرار بإغلاق محيط السفارة وكذلك المدرسة، فاتحة بذلك مرحلة جديدة من تشويه صورة موريتانيا في الخارج”.

وقال “طبعا سيولد هذا القرار الخطير، انطباعا سيئا لدى الشركاء والمانحين، فكأن بلادنا تعيش تحت وقع هجوم إرهابي، بينما الأمر لا يعدو كونه حادثة هروب سجناء، كما يحدث في جميع سجون العالم”.

وأكد الإعلامي محمد عبد الله لحبيب رئيس سلطة الإشهار الحكومية في تحليل عن هذه القضية “أن الحرابة والإرهاب لا يمكن أن تجد تعريفا أوضح ولا أجلى من رفع السلاح على الدولة، والدول والمجتمعات التي جاملت العنف الأعمى أو تهاونت في التعامل معه تدفع ثمنا استراتيجيا باهظا من سكينتها الاجتماعية وأمن مواطنيها”.

وقال “كانت المقاربة الوطنية في مواجهة الظاهرة الخطيرة مقاربة ناجعة؛ ضربت بلا هوادة العناصر القيادية في الحرابة، ومراكز قيادتها، وحاورت برفق وبهدى من يجدي معه الحوار”، مضيفا “أن من صاغوا هذه الاستراتيجية وأشرفوا على تنفيذها هم الآن أصحاب القرار، ولم يزد وعيهم بالظاهرة وتعقيداتها إلا تعمقا، ولم تزد عزيمتهم في مواجهتها إلا صلابة وتصميما”.

وأضاف “في كل سنوات يحاول السجناء المنتمون للتيارات الإرهابية الفرار من السجون، وأحيانا ينجح بعضهم، وهذه هي المرة الأخطر بلا شك، نظرا لسقوط شهيدين من قوة حماية السجن، ولكن مع ذلك فإن احترافية الأجهزة في متابعة هؤلاء والتعامل معهم عالية جدا”.

وتابع لحبيب “لا ننسى عشية لعلع الرصاص في العاصمة نواكشوط ذات مساء قبل خمسة عشر عاما، وشاهدنا المناوشات في الشارع بأم أعيننا، وخاف بعضنا سرعة تحرك القتلة، واحترافية أدائهم، ولكننا انتصرنا رغم الجراح العميقة، وظل القتلة قتلة، مدانين بالقوانين والشرائع والأخلاق والقيم”.

وزاد لحبيب “سيكون الظهير المجتمعي لقوات الأمن وهي تبحث عن القتلة الفارين من السجن مؤثرا جدا في فاعلية نشاطها، وسرعة تحركها، وسيظل خذلان الدولة في هذه المعركة، ولو بكلمة تثبيط، أو نشر شائعة، جريمة من كبريات الجرائم التي يمكن أن يرتكبها أي مواطن غافلا، أو متعمدا، لقد اتضح أن القتلة قتلة، وأن همهم القتل وإراقة الدماء، وليس تعمير الأرض ولا الاستخلاف فيها، فما كانت دماء المسلمين الأبرياء مطية لإقامة حق، ولن تكون الحرابة والترهيب إلا عمى وتيها، وضلالا”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس