
أفريقيا برس – موريتانيا. أرست موريتانيا والسنغال أسساً جديدة لتعاونهما المشترك وتمكنتا من إزاحة أجواء الريبة والشك التي خيمت على علاقاتهما بعد تغير النظام السياسي في السنغال ووصول قادة من جيل الشباب إلى دفة الحكم.
ذلك ما أكده بيان مشترك صدر الأربعاء عن زيارة أداها إلى موريتانيا الوزير الأول السنغالي عثمان سونكو، الرجل القوي في النظام السنغالي الجديد، على رأس وفد حكومي سنغالي.
فقد أكدت الحكومتان الموريتانية والسنغالية في البيان المشترك، تصميمهما على العمل من أجل انسيابية دخول وإقامة واستقرار مواطنيهما في البلدين، بالإضافة إلى دعم المقاولين الموريتانيين والسنغاليين الراغبين في الاستثمار بقطاع الهيدروكربونات، ضمن الآفاق التي فتحها دخول موريتانيا والسنغال في مرحلة استغلال مشترك لحقل الغاز العملاق المكتشف على مستوى حدودهما البحرية. وأدرج البيان الختامي زيارة الوفد الحكومي السنغالي لموريتانيا في سياق تعزيز التبادلات رفيعة المستوى بين البلدين، والتي تميزت على وجه الخصوص بالزيارات المتبادلة من قبل بين الرئيسين، كما أدرجها في إطار تعميق العلاقات المتميزة بين الجمهورية الإسلامية الموريتانية وجمهورية السنغال، التي نَسَجت عُراها الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية والسياسية التي تجمع بين البلدين». وأبرز الطرفان الموريتاني والسنغالي، في البيان المشترك، ما سمياه «نموذجية العلاقات الثنائية والتطابق التام في المواقف بخصوص القيم المشتركة، مثل تعزيز الديمقراطية والتنمية المشتركة والاندماج الإقليمي من خلال آليات مشتركة قوية».
وفي هذا السياق، جدد الجانبان «التزامهما بالعمل معاً لتحقيق الاستقرار والأمن والتنمية في منطقة الساحل؛ وأكدا كذلك أهمية تعزيز التعاون ضمن الأطر الإقليمية لمواجهة تحديات السلام ومكافحة الإرهاب وتعزيز الصمود في مواجهة تغير المناخ». واستعرض الوزيران الأولان، وفقاً للبيان، مختلف مجالات التعاون، وأعربا عن ارتياحهما للإنجازات المحققة، وشددا على ضرورة تعزيز التعاون في مجالات الأمن وظروف إقامة واستقرار مواطني البلدين، والطاقة، والنقل، والصيد، والهجرة، والثروة الحيوانية.
«وإدراكاً منهما للتحديات المتعلقة بتنفيذ القرارات المشتركة المنبثقة عن آليات التعاون، قرر الجانبان -يضيف الليان- استناداً إلى اتفاقية إنشاء اللجنة الكبرى المشتركة للتعاون الموقعة في 14 يناير 1972 بدكار، تنظيم دورة سنوية للجنة الكبرى المشتركة برئاسة الوزيرين الأولين، وكلفت سكرتيريا اللجنة المشتركة، التي يتولاها بالتناوب أحد سفيري البلدين، بأن تقوم بإعداد وتقديم نتائج الاجتماعات لاعتمادها من قبل قائدي البلدين؛ على أن يواصل البلدان، بالتوازي مع ذلك، دراسة إنشاء أمانة سنغالية موريتانية للتعاون والتنمية».
وفي الموضوع الأمني، بحث الجانبان -يضيف البيان- مشروع الاتفاق الرامي إلى تمكين حرية تنقل الأشخاص وتسهيل شروط الإقامة والاستقرار لمواطني البلدين، مع حصر مشروع الاتفاق المذكور في الجوانب المتعلقة بحرية تنقل الأشخاص وشروط الدخول والإقامة والاستقرار في كلا البلدين.
وجدد الجانب الموريتاني التزامه في أسرع الآجال بأن يقدم للجانب السنغالي، قبل نهاية الربع الأول من عام 2025، مشروع اتفاق منقح يتضمن بوجه خاص الشروط الجديدة لحصول المواطنين السنغاليين على بطاقة الإقامة، وفضلاً عن ذلك، اتفق الجانبان على تعزيز وتفعيل اللقاءات الدورية بين السلطات الإدارية وأجهزة الدفاع والأمن الحدودية في البلدين.
وفي هذا السياق، يضيف البيان المشترك، اتفقت الحكومتان الموريتانية والسنغالية على إنشاء إطار عملياتي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة التي تؤثر على البلدين، لا سيما في مجالي مكافحة الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة العابرة للحدود. وفي هذا الصدد، سيقدم الجانب الموريتاني في أقرب الآجال، إلى الجانب السنغالي مشروع اتفاق حول الهجرة.
وفي ضوء حجم التحديات الأمنية العابرة للحدود، بما في ذلك تهريب المخدرات والمواد المشابهة، وانتشار الأسلحة، والشبكات الإجرامية العابرة للحدود، وغسل الأموال وغيرها، ووعياً منهما بالارتباط الوثيق بين الإرهاب والجريمة المنظمة، أشاد الجانبان بالتعاون الفعّال القائم بين قوات الدفاع وأجهزة الشرطة في البلدين، واتفقا على توحيد جهودهما لإنشاء إطار استراتيجي شامل ومتكامل يوجّه وينظم أمنهما المشترك.
وبخصوص التعاون في مجال الطاقة، أعرب الجانبان عن إشادتهما بالتنسيق المثالي والاستراتيجي القائم بين الفرق التابعة للبلدين، والذي أسهم في إنجاح مشاريع قطاع الطاقة، وفي تجاوز جميع التحديات، ونجاح المشروع المشترك «السلحفاة أحمييم الكبير» وقد تُوّج هذا النجاح بالإعلان المشترك عن افتتاح أول بئر في كانون الأول/ ديسمبر 2024. وفي ضوء هذه المكتسبات، عبّر الجانبان عن إرادتهما المشتركة لمواصلة وتعزيز هذا التنسيق في إطار روح التشاور الدائم والالتزام والتكامل والشراكة القائمة على المصالح المشتركة.
وفي هذا السياق، اتفقت الحكومتان على تكثيف الجهود للحفاظ على مصالحهما المشتركة وتعظيم الفوائد الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن المرحلة الأولى والمراحل المستقبلية لمشروع الغاز من خلال تزويد أسواقهما المحلية بالغاز الطبيعي، إضافة إلى خلق سلسلة قيمة وترقية المحتوى المحلي.
وفي هذا الصدد، أشاد الجانبان بتوقيع بروتوكول اتفاق في 13 كانون الثاني/يناير 2025، يهدف إلى تنفيذ القواعد والآليات الخاصة بالمحتوى المحلي المطبق على مشروع الغاز، بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات الرامية إلى تعزيز مشاركة القطاعين الخاصين في البلدين في تطوير سلسلة القيمة لصناعة النفط والغاز. وفي مجال النقل، أكد الجانبان الأهمية الاستراتيجية لمشروع جسر روصو الرابط بين ضفتي نهر السنغال، واعتبراه رمزًا للتعاون الهادف إلى تعزيز التنقل عبر الحدود وتكثيف التبادلات الاقتصادية، وشددا على ضرورة تعزيز اتفاقيات النقل بين الدولتين بما يضمن توزيعًا متوازنًا للشحن واستغلالاأمثل للبنية التحتية، مع الالتزام بمعالجة التحديات المتعلقة بتوحيد معايير الرقابة ومكافحة التهرب الضريبي، بهدف تحقيق أقصى استفادة متبادلة.
وفي مجال الصيد البحري، استعرض الجانبان ظروف استغلال الموارد السمكية بهدف تعزيز وتطوير إمكانيات الصيد بين الدولتين، لجعل المنتجات السمكية أكثر توفراً وفي متناول السكان، مع اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات البحث، وتطوير المصايد، ومراقبة الصيد، والتفتيش الصحي، وتعزيز قيمة المنتجات، وتربية الأحياء المائية، والصيد القاري والشؤون البحرية.
وتحدث البيان المشترك عن تنظيم طاولة مستديرة بين القطاعين العام والخاص، تم التأكيد خلالها على الدور المركزي للقطاع الخاص في تعزيز التعاون الاستراتيجي بين موريتانيا والسنغال.
وأظهرت التصريحات التي أدلى بها الوزير الأول السنغالي عثمان سونكو، بعد لقائه بالرئيس الغزواني أمس تغيراً إيجابياً في نظرته إلى العلاقات مع موريتانيا بعد أن سجلت عليه خلال الحملة الانتخابية الماضية تصريحات اعتبرها الموريتانيون غير ودية.
وأكد سونكو الرجل القوي في النظام السنغالي الحالي، في تصريح أدلى به بعد لقائه أمس بالرئيس الغزواني «وجود تقارب تام في وجهات النظر بين السنغال وموريتانيا، ما يرسخ -حسب قوله- الأمل والإيمان بغد أكثر ازدهاراً وصداقة أكثر متانة بين البلدين الشقيقين، مؤكداً أن حكومته لن تدخر جهداً لضمان وصول العلاقات بين البلدين إلى مستويات لم يسبق لها مثيل».
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس