أفريقيا برس – موريتانيا. توصلت موريتانيا والسنغال لاتفاق جديد يمهد الطريق أمام نظام شفاف ومنظم لتسهيل تنقل وإقامة مواطني البلدين، في خطوة وُصفت بأنها تطور نوعي في مسار العلاقات الثنائية، وتعزيز لآليات التكامل الإقليمي.
ووقع الاتفاقيتين وزير الخارجية الموريتاني، محمد سالم ولد مرزوك، ووزيرة الاندماج الإفريقي والشؤون الخارجية السنغالية، ياسين فال، بعد أسابيع من التوترات المرتبطة بحملات ترحيل المهاجرين غير النظاميين في موريتانيا، وما تبعها من تحركات دبلوماسية من دول الجوار، وفي مقدمتها السنغال ومالي وغامبيا.
ووفقًا لبيان رسمي، فإن الاتفاقيتين الجديدتين اللتين أبرمتهما الحكومتان ينشئان إطارًا قانونيًا يضمن حرية التنقل والإقامة للمواطنين، مع الالتزام بسيادة القوانين والنصوص التنظيمية في كلا البلدين؛ كما تهدفان إلى تقليص التوترات الحدودية، والحد من الهشاشة الإدارية التي غالبًا ما تتسبب في معاناة إنسانية للمهاجرين والعمال.
وشددت الاتفاقية الأولى على ضرورة حماية الفئات الهشة من الاستغلال والانتهاكات، وخاصة في قضايا الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، مشيرة إلى ضرورة تنسيق الجهود بين البلدين للوقاية من هذه الجرائم العابرة للحدود.
أما الاتفاقية الثانية، فتفصّل شروط الدخول والإقامة والتنقل العادي والاقتصادي، في محاولة لتقنين العلاقة الحدودية التي تأثرت سلبًا خلال السنوات الماضية، وتحديدًا فيما يتعلق بدخول المواطنين بالبطاقات الوطنية فقط، وهي المسألة التي ظلت محل نقاش منذ إعلان الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني عن مطالب من السنغال ومالي بمراجعة بنودها، وتأكيده أن موريتانيا كانت تُعيق تلك المراجعة حتى الآن.
وفي تصريح لها عقب التوقيع، قالت الوزيرة السنغالية، ياسين فال: «إن الاتفاقيتين «تشكلان إطارًا تشريعيًا واضحًا سيمكن من محاربة الهجرة غير النظامية بشكل منسق، ويمنح المواطنين حرية الحركة في إطار احترام القانون».
ويُتوقع أن تسهم هذه الاتفاقات في تهدئة التوترات المرتبطة بالهجرة، وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الحدودي المنظم، خاصة في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية المتنامية في منطقة الساحل وغرب إفريقيا.
وجاء التوقيع على هاتين الاتفاقيتين تنفيذًا لما تمخضت عنه زيارة العمل والصداقة التي قام بها الوزير الأول السنغالي، عثمان سونكو، إلى نواكشوط، منتصف كانون الثاني/ يناير الماضي.
وهكذا وفي سياق يتّسم بتحديات أمنية واجتماعية واقتصادية متداخلة، تمكّنت موريتانيا والسنغال من تجاوز واحدة من أعقد القضايا الثنائية، عبر التوصل إلى اتفاقيتين حيويتين: الأولى تنظم حرية تنقل الأشخاص وشروط الإقامة والاستقرار، والثانية تُؤسّس لإطار مشترك لمكافحة الهجرة غير النظامية.
ولا يعكس هذا التقدم فقط، الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين في وضع حد للاحتكاكات الحدودية والتعقيدات الإدارية التي طالما أثرت على حياة آلاف المواطنين، بل يجسد أيضًا وعيًا استراتيجيًا متناميًا بأن تعزيز التعاون الإقليمي يبدأ من تأمين الحقوق الأساسية للأفراد على ضفّتي النهر.
وبالقدر الذي تُلبّي فيه هذه الاتفاقات تطلعات المواطنين في التنقل الكريم والآمن، فإنها تضع في المقابل أسسًا صلبة لتعزيز الرقابة، ومكافحة الجريمة المنظمة، والتعامل مع تحديات الهجرة العابرة للحدود في إطار من التكامل والمسؤولية المشتركة.
وبذلك، تكون نواكشوط ودكار قد فتحتا صفحة جديدة في علاقتهما، تتجاوز المعالجات الظرفية إلى بناء شراكة أكثر نضجًا، تراعي المصالح المتبادلة وتحمي النسيج الاجتماعي والتاريخي الذي يجمع الشعبين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس