أفريقيا برس – موريتانيا. يواصل الموريتانيون التعبير عن تضامنهم العميق مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في وجه المجازر المتواصلة والحصار الخانق، عبر سلسلة من الأنشطة الميدانية والرسائل الموجهة إلى الرأي العام العالمي، كان أبرزها وقفات الاحتجاج المتواصلة الضاغطة على سفارة أمريكا بنواكشوط، وحملات الامتناع الرمزي عن الطعام تضامنًا مع الجوعى، بالإضافة إلى نداءات مؤثرة للضمير الإنساني.
وفي هذا السياق، أطلق الشيخ محمد الحسن الددو، رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا، نداءً إنسانيًا عبر مقطع مصوّر بعنوان “رسالة إلى أحرار العالم”، ناشد فيه الضمائر الحية وقادة الدول والمنظمات الدولية بتحمّل مسؤولياتهم تجاه ما وصفه بـ”النكبة المتواصلة” في غزة، مطالبًا بتحرك عاجل لوقف المجازر المرتكبة بحق المدنيين الأبرياء.
وأكد أن “الدماء التي تسفك كل يوم في غزة ليست أرقامًا، بل أرواح بشرية بريئة، وواجب العالم الحر أن ينهض لنصرتها”، مشددًا على “أن الصمت الدولي لا يعني الحياد، بل يمثل تواطؤًا غير مباشر مع آلة القتل والدمار”.
ودعا الشيخ الددو العلماء والمفكرين والإعلاميين إلى فضح جرائم الاحتلال وكشف زيف الروايات المضللة، وبث الوعي بين الشعوب حول حقيقة ما يجري، مطالبًا الشباب بتكثيف الحملات التضامنية، والمبادرة إلى دعم الجهود الإغاثية بكل الوسائل المتاحة، سواء عبر الإعلام أو شبكات التواصل أو العمل الميداني.
واختتم رسالته بتجديد العهد لغزة، قائلاً: “أنتم في القلب، وصرخاتكم لن تذهب سدى… سنبقى نرفع الصوت عاليًا حتى يتوقف هذا الظلم ويُردّ الحق إلى أهله”.
وفي الإطار نفسه، أكد يحيى عابدين، مسؤول الشباب في الرباط الوطني الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني “أن الشعب الموريتاني بجميع أطيافه ومكوناته استجاب بقوة لنداء المقاومة الفلسطينية، وخرج في وقفات جماهيرية حاشدة متواصلة أمام السفارة الأمريكية في نواكشوط، للمطالبة بوقف فوري لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى سكان القطاع المحاصر.
وقال، في تصريح صحافي خلال وقفة الثلاثاء “إن النداء الذي أطلقه الناطق باسم كتائب عز الدين القسام، أبو عبيدة، وجد صدى واسعًا في موريتانيا، حيث تحركت قوى المجتمع المدني، والحركات الطلابية، والنقابات، والأحزاب السياسية، إلى جانب الرباط الوطني، استجابة لواجب النصرة والتضامن.
ووصف عابدين السفارة الأمريكية بـ “المشارك المباشر في الجريمة”، معتبرًا أن واشنطن تتحمل المسؤولية الكاملة عن المجازر المرتكبة بحق المدنيين في غزة، باعتبارها الداعم العسكري والسياسي الأول للكيان الإسرائيلي.
وأشار إلى أن ما يحدث في غزة “فضح زيف القيم الغربية”، مشددًا على أن حقوق الإنسان، وحقوق المرأة والطفل، سقطت جميعها أمام آلة الحرب الصهيونية، وسط صمت دولي وعربي مريب.
ودعا مسؤول الشباب في الرباط الوطني الحكومات العربية والإسلامية إلى التحرك الفعلي لوقف العدوان، ودعم صمود الشعب الفلسطيني، وفتح الممرات الإنسانية لإدخال الغذاء والدواء إلى غزة، بدل الاكتفاء بالتنديد اللفظي.
وختم بالقول إن الوقفة في نواكشوط تعبّر عن وحدة الموقف الشعبي الموريتاني، وتؤكد أن القضية الفلسطينية ما تزال حيّة في وجدان الأمة، وأن “كل مصالح العدو ستبقى مهددة ما دام الاحتلال مستمرًا في عدوانه الغاشم”.
وتوازت هذه النداءات والتصريحات مع ما تشهده نواكشوط ومدن موريتانية أخرى حالياً من فعاليات شعبية تضامنية، شملت وقفات احتجاجية أمام السفارة الأمريكية، ومبادرات شبابية للامتناع عن الطعام تضامنًا مع الجياع في القطاع، فضلًا عن دعوات متكررة لتوجيه التبرعات العاجلة ومضاعفة الجهود لدعم صمود الأهالي الذين يواجهون المجاعة والتشريد والقتل الممنهج.
وفي السياق ذاته، أطلقت المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني والدفاع عن القضايا العادلة دعوة إلى جميع رؤساء دفعات الخريجين من الجامعات والمعاهد، للتعاون من أجل تنظيم فعالية تضامنية وطنية باسم طلاب موريتانيا، تؤكد من خلالها الجامعة الموريتانية على موقفها التاريخي المناصر لفلسطين.
وأكدت المبادرة، في بيان لها، أن دعوتها تأتي “انطلاقًا من واجبنا الشرعي، واستلهامًا لقوله تعالى: “وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر”، ومن إيماننا العميق بأن الطالب ليس متعلمًا فقط، بل هو فاعل ومؤثر في قضايا أمته”.
وأكد البيان أن الهدف من هذه الفعالية هو “إيصال صوت الطلبة في نصرة المظلومين، وتسليط الضوء على الجرائم والانتهاكات المستمرة بحق أهلنا في فلسطين”، مشيرًا إلى أن الطلاب يعتبرون أنفسهم في قلب المعركة الأخلاقية والإنسانية الجارية اليوم.
وفي جانب الإغاثة والتبرعات، وفي بادرة تضامنية لافتة، أعلنت قبيلة تندغه إحدى أكبر قبائل الجنوب الموريتاني، عن تبرعها بمبلغ 58 مليون و123 ألف أوقية قديمة، أوصلت به حصيلة حملة تبرعاتها إلى 200 مليون أوقية قديمة، وهو ما يمثل واحدة من أكبر عمليات التبرع الأهلية التي تم جمعها لدعم غزة على المستوى المحلي.
وشرع نشطاء موريتانيون في اتخاذ الترتيبات اللازمة للمشاركة ضمن أسطول الصمود المغاربي المزمع انطلاقه خلال الأسابيع المقبلة، بهدف كسر الحصار المفروض على قطاع غزة عبر البحر.
وأكدت المصادر أن باب المشاركة في القافلة البحرية لا يزال مفتوحًا أمام مختلف الفاعلين من نشطاء وسياسيين ومنتخبين ورجال أعمال، في إطار تعبئة شعبية مغاربية واسعة لدعم الفلسطينيين في ظل العدوان والحصار.
ووفق ما أعلنه منسقو الأسطول من تونس، فإن عشرات السفن من دول المغرب العربي، من بينها موريتانيا والجزائر والمغرب وليبيا، تستعد للإبحار نحو غزة، بدعم من عدة تحالفات دولية من أبرزها أسطول الحرية، والسفينة حنظلة، ومبادرات إغاثية بحرية قادمة من ماليزيا.
وبينما تستمر معاناة الفلسطينيين تحت الحصار والقصف، يؤكد الموريتانيون، شعبًا وعلماء وناشطين، أن قضية فلسطين ستظل في صدارة وجدانهم، وأن ضميرهم الإنساني لن يصمت أمام ما وصفوه بالإبادة المستمرة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس