احتجاج منظمة الشفافية على إعادة اعتقال رئيسها

1
احتجاج منظمة الشفافية على إعادة اعتقال رئيسها
احتجاج منظمة الشفافية على إعادة اعتقال رئيسها

أفريقيا برس – موريتانيا. احتجّت منظمة الشفافية الشاملة في موريتانيا على إعادة اعتقال رئيسها، محمد ولد غده، معتبرة أن الخطوة تمثل مساسًا بدولة القانون، وتطرح تساؤلات جدية حول مدى صدقية التوجه الرسمي في محاربة الفساد وحماية كاشفيه.

وقالت المنظمة، في بيان صادر عنها، إن إيداع رئيسها السجن للمرة الثانية جاء على خلفية قضايا مرتبطة بكشفه عن ممارسات فساد، مذكّرة بأن القضية الأولى أثبتت لاحقًا صحة ما كشف عنه، ومعربة عن ثقتها في أن تتضح الحقيقة ذاتها في القضية الثانية.

واستغربت المنظمة في بيان نشرته الأربعاء ما وصفته بـ”تشدد النيابة العامة” في التعاطي مع الملفين، معتبرة أن ذلك يتعارض مع القوانين الوطنية التي توجب حماية المبلّغين عن الفساد، لا التضييق عليهم، ومؤكدة أن هذه المقاربة تشكل “خطوة انتكاسية” من شأنها إرباك مسار محاربة الفساد في البلاد.

وأضاف البيان أن موريتانيا تمر بمرحلة دقيقة وحساسة، في ظل تحوّل محاربة الفساد إلى مطلب وطني جامع، مشددًا على أن الفساد لا يمكن أن يُحارب بالمفسدين، ولا عبر تفاهمات تقليدية، ولا من خلال التساهل أو التفريط في المال العام والشأن العام.

وذكّرت المنظمة بأن التشريع الموريتاني أسند مسؤولية محاربة الفساد إلى منظومة متكاملة تضم المفتشية العامة، ومحكمة الحسابات، والمفتشيات القطاعية، وشرطة الجرائم الاقتصادية، والنيابة العامة، وقطب القضاء المختص، والسلطة الوطنية لمكافحة الفساد، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني والمبلّغين ولجان رقابة المواطنة.

وأكدت أن تحقيق النجاعة في هذا المجال يقتضي تناغمًا وتكاملًا حقيقيًا بين مختلف هذه الجهات، عبر تشاور جاد يستند إلى الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، من أجل وضع خطة عمل توافقية تنسق الجهود وتفعل التعاون، مع احترام الاختصاصات وتفادي التعارض.

واعتبرت المنظمة أن الاعتقالات المتكررة وغير المبررة لرئيسها، وما نتج عنها من تبعات قانونية وحقوقية، تمس جوهر دولة القانون، وتعكس ضعف تقدير دور قيادات المجتمع المدني، الأمر الذي يثير الشكوك حول جدية بعض الأطراف في أداء دورها، ويؤدي في الوقت ذاته إلى عرقلة جهود أطراف أخرى.

وفي هذا السياق، ذكّرت منظمة الشفافية الشاملة بالدور الذي حدده القانون لمنظمات المجتمع المدني في كشف الفساد، وتعبئة الرأي العام لمناهضته، والوقاية منه، واستئصاله، مشيرة إلى أن القانون ألزم الحكومة بتوفير الدعم التنظيمي والمؤسسي وحماية هذه المنظمات، وفقًا للمادة السادسة من القانون التوجيهي لمحاربة الفساد رقم 040/2015.

وشدد البيان على أن الاعتراف بأهمية هذا الدور وقبوله من مختلف الأطراف شرط أساسي لنجاح عمل المجتمع المدني، بعيدًا عن التجاذبات السياسية والاجتماعية، لافتًا إلى أن ما يقدمه أعضاؤه من جهد تطوعي وتضحيات يستحق التقدير والاحترام.

واعتبرت المنظمة أن ما وصفته بالاستخفاف المتكرر برئيسها، وسهولة الزج به في السجن بذريعة قضايا مختلفة، يمثل خرقًا سافرًا وتجاوزًا غير مبرر، داعية إلى تدارك الوضع على وجه السرعة حفاظًا على مصداقية جميع الأطراف المعنية.

كما دعت إلى مواصلة التحقيق في ملف مخبر الشرطة محل الجدل، إلى حين التأكد التام من خلوه من الاختلالات القانونية وشبهات تبديد المال العام والرشوة، تكريسًا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب، ورفضًا للانتقائية وازدواجية المعايير في التعاطي مع ملفات الفساد.

وشددت المنظمة التأكيد على أن النيابة العامة وبقية الهيئات القضائية مطالبة بأن تكون في طليعة المدافعين عن المال العام والاستقرار، وأن تحمي منظمات المجتمع المدني والمبلّغين عن الفساد، مع تفهم طبيعة دورهم وصعوباته، مجددة التأكيد على أن نجاح مسار محاربة الفساد مرهون بتكامل الجهود، والدعم الحكومي الفعّال، ووعي وضغط الرأي العام والنخبة.

ويأتي بيان منظمة الشفافية الشاملة في موريتانيا ردًا على قرار غرفة الاتهام في محكمة الاستئناف بنواكشوط الذي نص على إلغاء قرار قاضي التحقيق بوضع رئيس منظمة الشفافية الشاملة محمد ولد غده تحت المراقبة القضائية، وإيداعه السجن.

وكان قاضي التحقيق قد رفض طلب النيابة العامة إحالة ولد غده إلى السجن، وقرر وضعه تحت المراقبة القضائية، وذلك نهاية دوام يوم الجمعة الماضي، وهو القرار الذي استأنفته النيابة العامة.

ووجهت النيابة العامة لولد غده أربع تهم هي “التقليل من أهمية القرارات القضائية”، و”إعاقة سير العدالة”، و”إهانة موظفي وأعوان القوة العمومية”، و”نشر معلومات كاذبة عبر شبكة الإنترنت”، وذلك طبقًا للمواد: 204 – 206 – 207 – 208 – 348 من القانون الجنائي، والمادتين: 3 – 5 من قانون مكافحة التلاعب بالمعلومات، والمادة 21 من قانون مكافحة الفساد.