الحكومة الموريتانية تطلق مشاورات سياسية لتحضير تشاركي للانتخابات الرئاسية في جو داخلي متوتر

1
الحكومة الموريتانية تطلق مشاورات سياسية لتحضير تشاركي للانتخابات الرئاسية في جو داخلي متوتر
الحكومة الموريتانية تطلق مشاورات سياسية لتحضير تشاركي للانتخابات الرئاسية في جو داخلي متوتر

أفريقيا برس – موريتانيا. أطلقت الحكومة الموريتانية، الأحد، في جو سياسي داخلي لا يخلو من التوتر، جولة مشاورات مفتوحة مع الأحزاب السياسية الموريتانية المرخصة، ستتلوها جولة تشاور، يوم الإثنين، مع المترشحين لنيل تراخيص لأحزاب سياسية، وعددهم 98 مترشحاً، ثم جلسة تشاور أخرى، يوم الثلاثاء، مع الاتحادات النقابية والمجتمع المدني، وذلك في إطار ما أسماه وزير الداخلية الموريتاني «التحضير التشاركي للانتخابات الرئاسية وتطوير الحكامة السياسية».

ومن أصل خمسة أحزاب سياسية مرخصة ومعارضة، شاركت في هذه المشاورات ثلاثة أحزاب هي: حزب التجمع (الإسلاميون)، وأمل موريتانيا، والصواب (البعثيون)، بينما قاطعها حزبا: التحالف الشعبي، وحزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية.

وأعلن حزب التحالف الشعبي التقدمي، على لسان أمينه التنفيذي المكلف بالتنظيم أحمد عبد الله أن «سبب مقاطعته للمشاورات هو عدم التزام الحكومة بنتائج الاجتماعات والحوارات السابقة».

كما شارك في هذه المشاورات اللجنة المستقلة للانتخابات، والسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، والنقابات ونشطاء المجتمع المدني، وما سمته الداخلية «شخصيات مرجعية».

وأدرج محمد أحمد محمد الأمين وزير الداخلية الموريتاني، في مداخلة أمام المشاركين، هذه المشاورات ضمن «رؤية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي تعهّدَ في برنامجه المجتمعي، بتهيئة الظروفِ المناسبةِ لخلقِ مناخٍ سياسي هادئ، توخّياً للتقارُب فيما بين الفاعلين السياسيين، بشأن المواقف من كبريات القضايا الوطنية، بشكلٍ يُعزّز اللُّحمة الاجتماعية ويعضد الإجماع الوطني، ويكرس قيّمَ التعددية الديمقراطية».

وفي استكثار لعدد الأحزاب الموريتانية المرخصة، وتلك الساعية للترخيص، مقارنة مع عدد السكان، أضاف الوزير ولد محمد الأمين: «في الوقت الحالي، يوجد عشرون حزباً سياسيا مُرخصا، و98 ملفّا مُودَعاً، لدى المصالحِ المختصة»، وقال «لسْنا بحاجةٍ للتأكيد هنا، أن وزارة الداخلية لا تهدِف إلى تقييدِ العمل السياسي، أو التضييقِ على الراغبين في تراخيص الأحزاب، ولا إلى مُصادَرة الحرّيات، لكن ثمة ما يكتنفُ تصخُّمَ عدد الأحزاب، من انعكاساتٍ إجرائيةٍ وتنظيمية، وما ينجُم عنه من تبديدٍ لجُهود الفاعلين السياسيين و للجُهد العمومي الداعمَ للأحزاب والمؤطِّر لها، ومن تعقيدٍ للعمليات الانتخابية».

ويضيف الوزير: «فالأحزابُ السياسيةُ، مشاريعُ مجتمعٍ، هدفُها الوصولُ إلى السلطة، وبالتالي ينبغي أن تتشكّل قياداتُها من نُخبةِ الطبقةِ السياسية، وأن تكونَ أكثر حرصاً من الجميع، على التحسينِ من ضوابطِ ومعاييرِ تنظيم الأحزاب، سعياً إلى ضبط وتحديد حقوقِ وواجباتِ هذه المؤسساتِ، وضوابطِ العمل السياسي».

وقال: «فالتضخُّمُ المفْرِطُ لعددِ الأحزاب، لا يُفْضي بالضرورةِ، إلى التعددية الديمقراطية السوية التي تعني توفر وتَنَوُّع ما تتقدم به الأحزابُ، من مشروعاتٍ مجتمعيةٍ موضوعيةٍ، تمنحُ خياراتٍ متعددةٍ للمواطنين».

«إن حرصَنا على صيانةِ الحريات الفردية والجماعية، وتوسيع فضاءاتِ ممارستِها بطُرقٍ واعية، يقول الوزير، لا يُضاهيه إلا تقديرنا لجسامةِ أمانةِ تحمُّل المسؤولية السياسية بكافة متطلباتِها المبْدئيةِ والأخلاقيةِ، والقانونية، فالأحزابُ والتجمعات السياسية، من منظورِ الدستور، يُعوّل عليها في تكوينِ الإرادة السياسية والتعبيرِ عنها؛ وهي بهذا المعنى، تساهم في تشكيل رأيٍ عامٍّ مُسْتنير، حاضنٍ لقِيم المواطنة والجمهورية والديمقراطية».

وزاد: «إن مؤسساتٍ بهذه المسؤوليات، وعلى هذا القدر من الأهمية، يُنتظَر منها وضوحُ المقاربات والقدرةُ على مشاريع مُجتَمعيةٍ، ولذلك يُؤمَل منا جميعاً أن نعمّق التفكيرَ بغيةَ التوصُّل لمحدداتِ إصلاحٍ سياسي يُفعّل مؤسساتِنا السياسية، ويجعلُها أكثرَ مواءمةً مع واقعِنا، ومع متطلباتِ الممارسةِ الديموقراطيةِ الناجعة».

وتحدث الوزير عن رؤية الحكومة لشروط تشكيل الأحزاب، فقال «من ملامِحِ الإصْلاح أن تُشكّل الأحزابُ إطاراً لتوْحيدِ الجهودِ وأن تكون ممثلَةً لكل مُكوّناتِ الطيْف الوطني، بعيداً عن أيّة اعتبارات ضيقةٍ أخرى، وأن تمنحَ خياراتٍ واضحة المَعالمِ للراغبين في الانتماء إليها، مع احترامِ النصوصِ التنظيميةِ للأحزاب».

وأكد الوزير أن «الرأي العام الوطني يتطلع إلى أن تكون هذه المشاورات مناسبة للتفكير المعمق حول أوجه الحكامة السياسية، وأن يقيم المشاركون فيها الموجود وأن يستشرفوا الموعود، سبيلاً لإيجاد حلولٍ عمَليةٍ، تَحُدّ من تمْييعِ المشهد السياسي، وتضمنُ فعاليةَ المؤسساتِ الحزبية».

وتسعى حكومة الرئيس الغزواني، عبر التشاور الموسع المتواصل حالياً، إلى لَمِّ ما أمكن من أطراف المشهد السياسي الموريتاني حول ما تسميه «جو الإجْماع الوطني غيرِ المسبوقِ الذي تعيشه موريتاني، في أُفُقِ انتخابات رئاسيةٍ باتتْ على الأبواب، ومن أجل تعزيزِ الشفافية، وتحسينِ آليةِ تسيير الأحزاب».

وتمكنت حكومة الرئيس الغزواني من جذب حزبين معارضين عريقين هما تكتل القوى بزعامة أحمد ولد داداه، وقوى التقدم برئاسة محمد ولد مولود إلى تشاور مع حزب “الإنصاف” الحاكم ووزارة الداخلية، أفضى لميثاق جمهوري موحد مفتوح أمام الجميع.

لكن أحزاب المعارضة رفضت الميثاق ودعت لحوار شامل لا تتحكم فيه السلطة مع ضمانات لتنفيذه من طرف الحكومة.

وبعد أن عاشت موريتانيا تأزماً سياسياً شديداً طيلة عشرية حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، أطلق الرئيس الغزواني، بعد وصوله للسلطة عام 2019، مسلسلاً تشاورياً مع الطيْف السياسي الموريتاني، بدأه بلقاءات مع رؤساءِ الأحزاب وبالفاعلين السياسيين، وقادةِ الرأي، قبل أن يتواصل عبر تشاورٍ سياسي بين الحكومة وأحزابِ الأغلبية والمعارضة بشأن التحضير لانتخابات مايو 2023 التي اعتبرتها الحكومة شفافة، بينما انتقدتها المعارضة، واعتبرتْها مزوّرة على نطاق واسع، وطالبت بإعادتها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس