الحكومة تتفق مع الأحزاب حول تنظيم الانتخابات المقبلة

31
موريتانيا: الداخلية تتوصل لاتفاق مع الأحزاب حول تنظيم الانتخابات المقبلة
موريتانيا: الداخلية تتوصل لاتفاق مع الأحزاب حول تنظيم الانتخابات المقبلة

أفريقيا برس – موريتانيا. قوبل الاتفاق الذي توصلت له وزارة الداخلية الموريتانية مع الأحزاب السياسية يوم السبت بترحيب واسع من طرف الأحزاب التي شاركت فيه وبخاصة حزب “الإنصاف” الحاكم لكنه لم يسلم من انتقادات وشكوك.

وأكدت وزارة الداخلية الموريتانية السبت “أن المشاورات الجارية منذ فترة مع الأحزاب السياسية حول التحضير التشاركي والتوافقي للانتخابات البلدية والجهوية والنيابية قد توجت باتفاق على مقترح تقدم به الوزير باسم الرئيس الغزواني يشمل عدة نقاط، وذلك بعد تجاوز كافة الخلافات بين الأطراف المعنية”.

وأكدت الوزارة في إيجاز صحافي أن “التشاور تمخض عن اتفاق حول مسائل تتعلق بالنسبية في الانتخابات التشريعية، واللائحة الوطنية، وإعادة تقطيع نواكشوط إلى ثلاث دوائر انتخابية، والآجال الانتخابية، والإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي، واللجنة المستقلة للانتخابات، والحالة المدنية، مع الموافقة المبدئية على مساهمة الدولة في تمويل جزء من الحملات الانتخابية”.

تشكيل لجنة الإشراف

وأوضحت الوزارة “أن المقترحات التي تبنتها الأحزاب السياسية في المعارضة والأغلبية تنص على تنصيب اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات قبل31 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وتكليفها بتحديد الآجال الانتخابية، بالتشاور مع الحكومة والأحزاب السياسية بهذا الخصوص”.

“كما تم الاتفاق، تضيف الوزارة، على اعتماد النسبية في شوط واحد في جميع المجالس الجهوية والبلدية على أن يكون رئيس المجلس الجهوي أو العمدة هو رأس اللائحة الحاصلة على أكبر عدد من الأصوات المعبر عنها”.

نسبية ومقاعد للشباب

وبخصوص النسبية في الانتخابات التشريعية، أكدت الوزرة “عن اتفاق الأطراف على انتخاب النواب في الجمعية الوطنية بنسبة 50% طبقا لنظام النسبية، و50% وفقا لنظام الأغلبية ذات الشوطين، كما تم استحداث لائحة وطنية للشباب بالتساوي بين الجنسين تتكون من 11 مقعدا على أن تتضمن مقعدين على الأقل لذوي الاحتياجات الخاصة”.

وأوضحت الوزارة في إيجازها “أنه ستتم في إطار هذا الاتفاق، إعادة تقطيع مدينة نواكشوط إلى ثلاث دوائر انتخابية على أن تمنح كل دائرة 7 مقاعد أي بزيادة 3 مقاعد، ليصبح إجمالي مقاعد نواكشوط في الجمعية الوطنية 21 مقعدا، على أن يترك تحديد آجال الانتخابات للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بالتشاور مع الحكومة والأحزاب السياسية، وبمراعاة الظرفية المناخية المناسبة لذلك”.

إحصاء انتخابي

وأعلنت الوزارة “أنه سيتم، بموجب هذا الاتفاق، تنظيم إحصاء إداري ذي طابع انتخابي من قبل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بالتشاور مع الحكومة والأحزاب السياسية مع الموافقة المبدئية على مساهمة الدولة في تمويل جزء من نفقات الحملة الانتخابية، طبقا لمسطرة سيتم التشاور حولها مع الأحزاب السياسية لاحقا، مع اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بتمكين الناخب من تأدية حقه الانتخابي في أحسن الظروف”.

وبالإعلان عن هذا الاتفاق يكون وزير الداخلية الحالي قد تمكن في ظرفية سياسية حرجة، من تنظيم تشاور ناجح مع الأحزاب السياسية، ومن وضع لبنات اتفاق حول تنظيم الاستحقاقات النيابية والجهوية والبلدية المقررة في النصف الأول من العام المقبل وفقا لما ستعلنه اللجنة المستقلة للانتخابات لاحقا.

ومع النجاح الكبير الذي حققه هذا التشاور في التوصل لإجماع في وقت قياسي، فإنه قد قوبل بانتقادات وشكوك وملاحظات.

انتقاد التسرع في نشر الاتفاق

وكان حزب التجمع الوطني للإصلاح (محسوب على الإخوان) في مقدمة من انتقد نشر الوزارة للاتفاق مؤكدا في بيان نشره الأحد “أن قيادته فوجئت ببيان من وزارة الداخلية يعلن من طرف واحد، عن الاتفاق على المشروع الذي تقدم به الوزير دون انتظار موقف نهائي من قيادة الحزب”، مؤكدا “أن هذا الموقف موقف متسرع تعبر قيادة الحزب عن اعتراضها عليه”.

وأوضح الحزب “أن ممثله في التشاور كان صريحا في التأكيد على أن موقف حزب التجمع من هذا المشروع قبولا أو رفضا أو تعديلا، يعود إلى المؤسسات الحزبية المخولة، وهي التي ستتخذ موقفها من ذلك في أقرب الآجال”.

وطالبت الجاليات الموريتانية في الخارج في بيان أيدته غالبية الأحزاب المشاركة في التشاور من صفي الموالاة والمعارضة “بمنح الجاليات الموريتانية 15 نائبا ينتخبون ضمن قائمة، أو يوزعون على الدوائر”، مع “ضرورة رفع عدد ممثليهم ليتناسب مع أعدادهم الكبيرة والمنتشرة في مختلف القارات”.

مطالب الجاليات

وتضمنت النقاط التي وافقت عليها هذه الأحزاب، والواردة في نداء وجهه نادي حقوق الجاليات إلى الرئيس والحكومة والأحزاب السياسية، المطالبة بمنح الجاليات الحق في أن يختار الموريتانيون بالخارج “ممثليهم في البرلمان بشكل مباشر، ومن صفوف المغتربين فهم أدرى بظروفهم وأولوياتهم”.

واعتبر النداء “الجاليات بالنسبة للدول مكسبا ثمينا، وسفارة منوعة، وامتدادا حضـاريا، وموردا ماليا، وذلك لما لهذه الجاليات من أدوار بارزة، وآثار إيجابية على بلدانها”.

وتساءل نورد الدين محمد رئيس حزب “إلى الأمام” وهو حزب شبابي يوجد قيد التأسيس عن تشكيل القائمة الخاصة بالشباب والتي تضمنها اتفاق الداخلية مع الأحزاب من 11 مترشحًا، خلافًا لغيرها من القوائم، كما تساءل عن السر في ربط المقعدين المخصصين لذوي الاحتياجات الخاصة بقائمة الشباب رغم أنها، حسب رأيه ليست أكثر ارتباطًا بالشباب من غيرهم”.

وقال “ندعو الجميع للحذر، لأن المشكلة تكمن في التطبيق، فمن يعطل التعددية الدستورية، ويخرق قانون الأحزاب وغيره من القوانين والنظم، مع أنه المسؤول عن حمايتها التي أقسم عليها بأيمان غليظة، يمكنه أن يرمي في أي وقت أيَّ اتفاق أو أي نتيجة حوار في أدنى سلة للمهملات”.

قبضة أصحاب النفوذ

أما سيدي اكماش الذي يطلق على نفسه “كبير مدوني المهجر”، فقد وجه انتقادا شديدا لاتفاق وزارة الداخلية مع الأحزاب قال فيه “إعلان وزارة الداخلية الموريتانية لوثيقتها والتي هي عبارة عن “دستور” جديد يؤكد على استمرار قبضة النّفوذ والتمكين لصالح أصحاب السلطة انطلاقًا من تطويق الميدان السياسي وجعله خاضع لإرادتهم المالية وطرائق أخرى”.

وأضاف “المفروض أن الاحزاب السياسية مرور وثيقة تجعلها تلعب دور المهرج، ولكن الواقع أننا لا نملك أحزابا سياسية، بل لدينا إطارات للتمويه”.

أجواء انتخابية ساخنة

وبهذا الاتفاق على الأجندة التنظيمية للاستحقاقات القادمة، ستدخل موريتانيا على مدى أشهر في أجواء انتخابية ساخنة، حيث ستتمخض الاستحقاقات المنتظرة عن برلمان جديد، وعن مجالس بلدية وجهوية جديدة، وعن إعادة تشكل للمشهد السياسي، سنة قبل الانتخابات الرئاسية التي لم تتضح معالمها بعد.

ويظل السؤالان المطروحان في هذا الشأن هما: هل ستشهد موريتانيا لأول مرة تنظيم انتخابات عامة شفافة لا كلام فيها؟؛ وهل سيظل الحزب الذي يحكم به الرئيس الغزواني والذي غير بزته مؤخرا من حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” إلى حزب “الإنصاف”، هو القوة المسيطرة على الأغلبية في البرلمان وفي المجالس الجهوية والبلدية، رغم التململ المتصاعد الذي تشهده الساحة؟.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس