أفريقيا برس – موريتانيا. ستظل أنظار المشهد السياسي الموريتاني لوقت طويل الأحد مشدودة إلى قصر المؤتمرات في العاصمة الموريتانية نواكشوط ترقبا للنتائج التي سيسفر عنها المؤتمر الرابع لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل”، أبرز أحزاب المعارضة الموريتانية المحسوب على الإخوان، وبخاصة ما سيتمخض عنه هذا المؤتمر بخصوص انتخاب رئيس للحزب.
وأسفرت انتخابات تمهيدية من داخل المؤتمر الأحد عن تأهيل مرشحين اثنين للاقتراع على منصب رئيس الحزب، هما رئيس الحزب المنصرف محمد محمود ولد سيدي، والنائب البرلماني والفقيه حمادي ولد سيدي المختار.
ويرى محللون أن إعادة انتخاب الدكتور محمد محمود لولاية ثانية دالة، إن وقعت، على استمرار التواصليين الإسلاميين في انتهاج التشدد في معارضة نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، بينما سيكون انتخاب الفقيه حمادي سيدي المختار دالا على توجه الحزب للمعارضة المعتدلة.
ويجري على نطاق واسع تداول توقعات شبه مؤكدة بأن النائب البرلماني والفقيه حمادي سيدي المختار سينتخب مساء اليوم الأحد رئيسا للحزب؛ وتجد هذه التوقعات تأييدا لها في حرص الحزب على تداول السلطة معطيا بذلك نموذجا للأحزاب الإسلامية الأخرى التي يقل فيها التناوب، وفي عدم رغبة ولد سيدي الرئيس المنصرف في تولي مأمورية أخرى.
ودافع رئيس حزب “تواصل” المنصرف محمد محمود سيدي عن الإنجازات التي تحققت في ظل قيادته للحزب، فأكد “أن مأموريته كانت حافلة بالعطاء والإنجاز رغم الإكراهات الذاتية والمحلية والعالمية، ففيها تعززت المكاسب، فاحتفظ الحزب بريادة أحزاب المعارضة في استحقاقين انتخابيين برلماني ورئاسي، ومُثل في ولايات لم يكن ممثلا فيها من قبل، كما تعززت مؤسسيته الداخلية، وتكرست فيها روح العمل الجماعي”.
وأكد ولد سيدي “أن حزبه على موقعه وموقفه، رغم كل أنواع الاستهداف، وحملات التشويش والتشويه، بل أنه عمق موقعه، ووسع جمهوره وحاضنته الشعبية، وزاد انتشاره في الوطن، فارتفع عدد منتسبيه قبيل المؤتمر الحالي بنسبة 30% مقارنة مع عددهم قبيل المؤتمر السابق”.
وقال متحدثا عن مواقف الحزب السياسية في الداخل “لقد وازنّا بدقة في هذه المرحلة بين المواقف المبدئية الناصعة التي لا تقبل المساومة، والقضايا الكبيرة، فوقـفنا بحدة في وجه المأمورية الثالثة، ورفضنا بصرامة تزوير الانتخابات والتلاعب بإرادة المواطنين، وأعلنا أكثر من مرة ضرورة وضع حد للفساد المستشري، والتبديد المتواصل لمقدرات الوطن، وممتلكات الشعب، كل ذلك مع مرونة سياسية في مواطنها كالمشاركة في جميع الحوارات وجلسات التشاور التي دعينا إليها، بروح انفتاح، وسعي للتوافق، وتعاط بحسن نية”.
وأضاف ولد سيدي “كما عملنا على المشاركة في أي استحقاق انتخابي، ترجيحا لقناعتنا بالإيجابية، وتغليبا لخيار المشاركة والمغالبة على خيار المقاطعة والسلبية”.
حمادي ولد سيدي المختار ومحمد محمود ولد سيدي
ويعتبر حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، “تواصل” المحسوب على الإخوان المسلمين، أحد أبرز الأحزاب السياسية الموريتانية، وأرسخها تجربة في المجال السياسي وفي البناء المؤسسي؛ رغم عمره السياسي القصير، مقارنة بالأحزاب السياسية الأخرى حيث أنه لم ينل الاعتراف إلا سنة 2007، رغم محاولات استمرت قرابة عقدين من الزمن اضطر الإسلاميون خلالها للعمل السري وللنشاط من داخل أحزاب أخرى.
وراكم حزب “تواصل” خلال السنوات الماضية جملة من المكاسب جعلت منه القوة السياسية الثانية في موريتانيا بعد الحزب الحاكم؛ حيث حل في المرتبة الثانية في الانتخابات النيابية والبلدية سنة 2013 التي قاطعها جل قوى المعارضة، وحصل على 16 نائبا في البرلمان و13 بلدية، وتسلم زعامة مؤسسة المعارضة الديمقراطية.
وتابع الحزب الحفاظ على موقعه في انتخابات 2018 التي لم يتخلف عنها أي حزب سياسي، حيث احتل المرتبة الثانية بعد الحزب الحاكم؛ حصل على 14 نائبا برلمانيا و7 بلديات، مع المحافظة على زعامة مؤسسة المعارضة الديمقراطية.
ومع كل ما حققه حزب “تواصل” فإنه يشهد منذ انتخابات 2019 الرئاسية انشقاقا في مواقف عدد من أبرز قياداته، حيث اصطف عدد منهم إلى جانب الرئيس الغزواني بعد وصوله للحكم، بينما بقيت قيادة الحزب تقود الجبهة المتشددة في معارضة الغزواني.
ويؤكد الاتجاه المعتدل في الحزب الذي يقوده المفكر الإسلامي محمد جميل منصور أول رئيس لحزب “تواصل” بعد تأسيسه “أن على الحزب إعادة النظر في مساره بعين موضوعية من أجل إدراك أخطائه، وهي كثيرة، ومن تصحيحها، وأول ذلك القضاء على التجاذب داخل المؤسسة، وتعميق الانسجام فيها.
وينصح القياديون المعتدلون الحزب “بعدم الاغترار بالمكاسب السياسية، وإلجام الطموح السياسي، وإعطاء الفرصة للتراكم في البناء ليحدث التغيير بشكل طبيعي وسلس.
وكان محمد جميل منصور الرئيس السابق لحزب “تواصل”، قد أكد في مقابلة أخيرة مع “القدس العربي” أنه “يتوقع بأن يكون المؤتمر الرابع (الحالي) موعدا للمراجعة والتقويم”، مرجحا “أن يحدث المؤتمر تغييرات مهمة تستجيب لمتطلبات المرحلة وتحدياتها”.
وقال “أقدر أن التطورات التي حدثت مع الربيع العربي وفي تجارب قادها إسلاميون، تجعل من الحكمة الروية والانتظارية قبل التقدم إلى السلطة، هذا مع أن حزب “تواصل” مازال في مراحله الأولى، وإن كان في الأفق إمكان فهو المشاركة في السلطة لا الوصول إليها”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس