أفريقيا برس – موريتانيا. تزداد في موريتانيا المطالبة بتهيئة المناخ السياسي وتطبيعه قبل إطلاق الحوار السياسي المرتقب، بينما يتواصل داخل أوساط المعارضة الإعراب عن القلق إزاء انعكاسات سلبية متوقعة لقانون الأحزاب المعدل، على التجربة الديمقراطية الموريتانية.
وفيما ينتظر الجميع ما سيسفر عنه اللقاء المرتقب بين الرئيس الغزواني وبيرام الداه اعبيد زعيم ائتلاف الشعب المعارض، طالب حمادي ولد سيدي المختار، زعيم المعارضة الديمقراطية الموريتانية ورئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (محسوب على الإخوان) «الحكومة باتخاذ خطوات جادة لتهيئة المناخ السياسي قبل انطلاق الحوار المرتقب، وذلك لضمان تنظيم حوار شامل وعادل لا يُقصي أي طرف، ويؤدي إلى نتائج مضمونة التنفيذ».
وشدد ولد سيدي المختار في خطاب أمام أنصار حزبه، على أن «تهيئة الأجواء السياسية تتطلب الإفراج عن جميع سجناء الرأي، ومنح التراخيص للأحزاب السياسية المستوفية للشروط، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة الارتفاع المتسارع للأسعار، والتخفيف من وطأتها على المواطنين، خصوصًا الفئات الهشة».
ويأتي هذا التصعيد في سياق استعدادات القوى السياسية في موريتانيا لخوض جولة جديدة من الحوار الوطني، وهو المسار الذي يُعوَّل عليه في حل الخلافات السياسية وتكريس توافق وطني حول القضايا الكبرى، مثل الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وضمان الشفافية الانتخابية، وتعزيز الحريات العامة.
وكانت الحكومة قد أعربت في مناسبات سابقة عن استعدادها للحوار مع مختلف الأطراف السياسية، إلا أن المعارضة تشترط اتخاذ خطوات عملية تعكس جدية السلطات في الانفتاح على جميع الفرقاء السياسيين، بما في ذلك إطلاق سراح معتقلي الرأي، ورفع القيود عن بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية.
ويتابع المراقبون تطورات المشهد السياسي في موريتانيا بترقب، حيث يُنتظر أن يكشف الحوار المرتقب عن مستقبل العلاقة بين السلطة والمعارضة، ومدى إمكانية التوصل إلى تفاهمات سياسية تضع حدًا للتجاذبات القائمة، وتمهد الطريق لإصلاحات تواكب تطلعات الشارع الموريتاني.
وسبق لرئيس الوزراء الموريتاني المختار ولد أجاي، الرجل القوي في النظام، أن أكد في بيان خاص ببرنامج الحكومة عرضه أمام البرلمان «أن الإصلاحات السياسية التي ستقوم بها الحكومة تتأسس على نهج الانفتاح والحوار الذي كرّسه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني خلال مأموريته المنصرمة».
وأشار إلى «أن الحكومة ستواصل جهودها في مكافحة جميع أشكال العبودية والاتجار بالبشر، والعمل على صون الحريات العامة ومحاربة كافة أشكال التمييز، مع إيلاء عناية خاصة للفئات الهشة وذوي الاحتياجات الخاصة». من جهة أخرى، يثير قانون الأحزاب السياسية المعدل الذي ترى المعارضة أن الحكومة سارعت في إقراره «أحادياً» وإجازته من طرف البرلمان، جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية. فقد طالب رئيس حزب اتحاد قوى التقدم الدكتور محمد ولد مولود، بسحب المشروع واصفًا القانون المعدل «بأنه يتناقض مع الديمقراطية».
وأكد ولد مولود، على «ضرورة تنظيم حوار حقيقي يفضي إلى توافق حول الترتيبات الأساسية التي تضمن جدية تشكيل الأحزاب، مع الحفاظ على الحق الدستوري في التنظيم السياسي».
وانتقدت آمنة مختار، رئيسة رابطة النساء المعيلات للأسر، اعتماد الحكومة الموريتانية مؤخرًا لقانون جديد ينظم الأحزاب السياسية، معتبرة أنه يمثل نكسة للديمقراطية ويحدّ من دور الأحزاب في الحياة السياسية.
وفي تعليقها على القانون، قالت: «أنا شخصيًا، أشعر بخيبة أمل تجاه الأحزاب السياسية في بلادنا، فقد أصبحت رهينة بيد السلطة الحاكمة بسبب وعود لم يتم الوفاء بها».
وزادت: «موريتانيا تتراجع على جميع الأصعدة: حرية التعبير، انخراط الأحزاب السياسية، القيادة، التنمية الاقتصادية، والإدماج الاجتماعي؛ وهذا القانون الجديد لا يخدم لا الديمقراطية ولا تطور البلاد، بل يكرّس إقصاء بعض الأحزاب، ويخنق المعارضة، ويقيد الحريات السياسية.»
وأضافت «أن الأحزاب السياسية أمام خيارين: إما قبول هذا القانون أو مواجهته، معتبرة أنه فخ نصبه النظام للقوى السياسية».
وأكدت بنت المختار «أن موريتانيا كانت قد شهدت تحسنًا على مختلف المستويات، لكنها اليوم تفقد مكاسبها الديمقراطية تدريجيًا، في ظل سياسات تقيد المشاركة السياسية وتضيق على التعددية الحزبية».
يذكر أن الحكومة الموريتانية كانت قد علّقت في يونيو 2022 مسار حوار سياسي مع المعارضة كان قد تقرر تنظيمه، ما أثار تساؤلات حول جدية السلطات في الانفتاح على جميع الفرقاء السياسيين.
ومع ذلك، وبالرغم من التعديلات المثيرة لقانون الأحزاب، تظل الدعوات مستمرة من مختلف الأطراف السياسية لتهيئة الأجواء المناسبة لإجراء حوار وطني شامل يُسهم في تعزيز التوافق والاستقرار السياسي في البلاد.
ويتوقف على نجاح هذا الحوار عبور موريتانيا الآمن نحو عهد ما بعد الرئيس الغزواني الذي سيغادر السلطة في الانتخابات الرئاسية المنتظرة أواخر عام 2029.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس