«تواصل» يتظاهر ضد الفساد ويحذر من ولاية ثالثة

1
«تواصل» يتظاهر ضد الفساد ويحذر من ولاية ثالثة
«تواصل» يتظاهر ضد الفساد ويحذر من ولاية ثالثة

أفريقيا برس – موريتانيا. في تصعيد جديد يُعيد خلط أوراق المشهد السياسي الموريتاني، خرج حزب «تواصل» أبرز أحزاب المعارضة الموريتانية في مظاهرة حملت العنوان اللافت: «فساد يتمدد ومعاناة تتجدد»، ليعلن من خلالها مواجهة مفتوحة مع السلطة ومع الواقع السياسي الموريتاني.

ولم تكن المظاهرة مجرد تحشيد جماهيري، بل منصة سياسية صريحة للتنديد بما يصفه الحزب بـ«اتساع دائرة الفساد»، والتحذير من أي مساس بالدستور يمهّد لمأمورية ثالثة.

وفي ذروة الخطاب التصعيدي، دعا رئيس الحزب حمادي سيدي المختار، إلى حوار جاد يراعي شروط المعارضة ويضع حداً لمسار يراه الإسلاميون «خطرًا على الدولة والديمقراطية».

ووجه الحزب رسالة سياسية حادة إلى السلطة بشأن ملفي الفساد وتعديل الدستور، في لحظة سياسية يتهيأ فيها البلد للدخول في حوار جديد، معلقة عليه آمالاً كبيرة.

واستغل رئيس الحزب، حمادي ولد سيد المختار، المنصة ليطلق تحذيراً صريحاً من محاولة إدراج موضوع تعديل الدستور في أجندة الحوار المرتقب، معتبراً أن أي نقاش من هذا النوع قد يفتح الباب أمام المجهول؛ كما أنه قد يثير مخاوف من الدفع باتجاه مأمورية رئاسية ثالثة أو مراجعات تمس قواعد التناوب.

ودعا رئيس الحزب «القوى السياسية الوطنية إلى الحذر من تحويل الحوار إلى مدخل لتغيير قواعد اللعبة السياسية».

وفي خطابه الذي طغت عليه نبرة التحذير، اعتبر ولد سيد المختار أن الفساد «يتمدّد بلا رادع» ليصبح العقبة الأكبر أمام التنمية ومصدراً مباشراً لمعاناة الموريتانيين اليومية، مشيراً إلى انهيار الخدمات وارتفاع الأسعار وتفاقم البطالة وما تسببه من موجات هجرة بين الشباب.

وقال «إن معالجة هذا الوضع لن تكون ممكنة دون إرادة قوية توقف تدخل النفوذ القبلي، وتضع حداً للزبونية وتوزيع المناصب بمنطق المحاصصة».

ودعا رئيس «تواصل» إلى تحريك أدوات الرقابة الرسمية وفي مقدمتها مفتشية الدولة ومحكمة الحسابات، ومنحهما صلاحيات أوسع وقدرات مهنية تتيح لهما مواجهة شبكات الفساد المتجذرة.

كما وجه رسالة إلى بقية أطراف المعارضة، مطالباً بتنسيق الجهود لرسم رؤية مشتركة لمستقبل البلد، سواء في سياق الحوار أو الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، مؤكداً أن اختلاف المقاربات لا ينبغي أن يتحول إلى قطيعة بين مكونات الصف المعارض.

وأشار ولد سيد المختار إلى ما يراه تراجعاً في الخدمات الأساسية، وارتفاعاً في الأسعار، وتفاقماً للبطالة التي تدفع الشباب إلى الهجرة، مؤكداً أن محاربة الفساد تتطلب إرادة صارمة «تواجه تدخلات القبائل وتوقف الزبونية والتعيينات القائمة على المحاصصة».

وفي سياق حديثه عن الحوار السياسي، شدّد رئيس «تواصل» على ضرورة أن يقوم الحوار على ترسيخ الهوية الإسلامية، وإصلاح المسار الديمقراطي، وتحسين الحكامة، لافتاً إلى أن أي نقاش حول التعديلات الدستورية سيُفاقم التوتر ويهدد استقرار البلد.

كما دعا أحزاب المعارضة إلى تعزيز التشاور والتنسيق، معتبراً أن تباين المواقف لا يجب أن يتحول إلى حاجز يمنع توحيد الجهود «لرسم مستقبل البلاد سواء عبر الحوار أو في المحطات الانتخابية المقبلة».

وفي منحى أكثر حدّة، وجّه ولد سيد المختار خطاباً قوياً إلى المدونين الذين انتقدوا تنظيم الحزب للمهرجان المناهض للفساد، مؤكداً أن مواجهة الفساد جزء من هوية الحزب منذ تأسيسه».

وذكّر بما قام به القادة الإسلاميون المؤسسون الأوائل لمبادرة «الإصلاحيين الوسطيين» قبل ترخيص الحزب، حيث كان «الإصلاح ومحاربة الفساد» محور عملهم الأول.

وأضاف قائلاً إن اختيار اسم التجمع الوطني للإصلاح عند الترخيص الرسمي في عهد الرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، كان رسالة واضحة بأن الإصلاح سيظل «منهج ودَيْدن الحزب».

وردّ ولد سيد المختار على الانتقادات بلهجة غاضبة قائلاً: «نحن خرجنا دفاعاً عن البلد ومواجهةً للفساد، وسيظل هذا خيارنا… أما من يهاجمون موقفنا اليوم، فتبًّا لهم».

وأكد أن الحزب لن يتراجع عن مساره الإصلاحي، وأن حضوره في الساحات السياسية والمجتمعية يأتي «انسجاماً مع مبادئه والتزامه الأخلاقي تجاه الشعب الموريتاني».

وبهذا المهرجان، يكون حزب «تواصل» قد صعّد من خطابه السياسي تجاه السلطة، واضعاً مكافحة الفساد وخطر تعديل الدستور في صدارة النقاش الوطني، وداعياً إلى حوار «جاد ومسؤول» يعيد الثقة في العملية السياسية ولا يفتح أبواب تأزيم إضافية.

وبينما تزداد لغة حزب «تواصل» حدّةً وتتحول مطالبه إلى خطوط حمراء، يبدو أن الساحة السياسية الموريتانية مقبلة على مرحلة أكثر توتراً، خاصة مع إصرار «تواصل» أكثر الأحزاب الموريتانية المعارضة تنظيماً ووسائل، على اعتبار مكافحة الفساد ورفض تعديل الدستور مدخلًا لأي تفاوض.

وفي انتظار ردّ السلطة على هذا التصعيد الإسلاموي، يظل المشهد مفتوحاً على احتمالات متعددة، من حوار مشروط إلى مواجهة سياسية واسعة، في بلد اعتاد أن تُحدِّد حشود الأنصار في الشوارع، اتجاهاته الكبرى.