صيف موريتاني ساخن.. النظام يتمسك بالتهدئة أمام معارضة ناقمة وموالاة هزّتها الانتخابات

9
صيف موريتاني ساخن.. النظام يتمسك بالتهدئة أمام معارضة ناقمة وموالاة هزّتها الانتخابات
صيف موريتاني ساخن.. النظام يتمسك بالتهدئة أمام معارضة ناقمة وموالاة هزّتها الانتخابات

أفريقيا برس – موريتانيا. جدّد نظام الرئيس محمد الشيخ الغزواني، على لسان الوزير الناطق باسم الحكومة، تمسكه بالتهدئة السياسية، بينما تتجه الأمور إلى صيف سياسي ساخن بسبب انتخابات هزت الموالاة، ولم ترض المعارضة، بل رمت بقواها العريقة خارج البرلمان وأبعدت معتدليها عن خط المتاركة والمهادنة.

فقد حرص الوزير الناني ولد اشروقه، الناطق باسم الحكومة الموريتانية، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، على تلطيف أجواء ما بعد الانتخابات، حيث أكد “أن التهدئة السياسية خيار إستراتيجي لرئيس الجمهورية، نابع من قناعته بأن الحوار والتشاور هما أفضل وسيلة لتسريع وتيرة النمو في البلد، بدل الخصومات السياسية العقيمة التي لا تقدم ولا تؤخر”، حسب قوله.

وبخصوص رأيه حول حالة التوتر التي تمر بها البلاد، قال ولد اشروقه: “لا أشاطركم الرأي بأن ما جرى من طرف أحزاب الأغلبية والمعارضة، يعتبر توتراً سياسياً، وإنما هو مظهر من مظاهر الديمقراطية، وهو ممارسة طبيعية من طرف الأحزاب لأدوارها”.

لكن ما يجمع عليه مراقبو الشأن الموريتاني هو أن الأوضاع قبل انتخابات الثالث عشر مايو، التي يجري الإعداد لتنصيب الهيئات المنتخبة خلالها عكساً لمطالب المعارضة بإلغائها وإعادتها، ستكون بعيدة كل البعد عن الأوضاع التي كانت قبلها.

ويتجلى ذلك في ابتعاد المعارضة المهادنة عن جو التهدئة وعن ظهور حزب “الإنصاف” الحاكم بمظهر الحزب المستقل عن أحزاب الموالاة، القوي بهيمنته على البرلمان وفي مجالس الجهات والبلديات.

ويرى الأستاذ محمد الأمين فاضل، وهو محلل سياسي بارز، في توضيحات لـ “القدس العربي”، الخميس، “أن هناك رسائل غير مشفرة تم وضعها في صندوق بريد النظام، بعد انتخابات 13 مايو 2023، وكذا بعد أعمال الشغب التي أعقبت حادثة قتل المواطن عمر جوب، وعلى النظام أن يقرأ هذه الرسائل قراءة جيدة”.

وأضاف: “أول هذه الرسائل انتهاء الهدنة السياسية التي كانت مخيمة منذ وصول الغزواني للحكم، عام 2019، بعد الانتخابات الأخيرة، وإذا كان النظام قد أتيح له، في السنوات الماضية، أن يستفيد من أطول هدنة سياسية، فإن السنوات القادمة ستكون سنوات مواجهة وصدام حقيقي مع المعارضة”.

وقال: “إذا كانت المعارضة التقليدية (التكتل، التحالف، قوى التقدم) لها أساليبها الهادئة في مواجهة النظام، وذلك نظراً لتجاوزها لمرحلة المراهقة السياسية، ودخولها في مرحلة الشيخوخة السياسية، فعلى النظام أن يدرك بأن هذه المعارضة لم تعد اليوم موجودة، وحلت محلها معارضة جديدة تعيش مراهقتها السياسية، ويبدو أنها على استعداد لاستغلال أي شيء في صراعها مع النظام، حتى ولو كان ذلك قد يهدد استقرار وأمن البلد، ولعل الأحداث الأخيرة، التي أعقبت مقتل المواطن عمر جوب، خير دليل على ذلك”.

وأوضح فاضل “أن المعارضة الموريتانية قد تجددت مع الانتخابات الأخيرة، ولكن الأغلبية لم تتجدد، وبما أن هذه المعارضة الجديدة تعيش مراهقتها السياسية، فإنه لن يكون بالإمكان مواجهتها بأغلبية تقليدية تعيش مرحلة الشيخوخة، على الأقل في أساليب عملها”، يضاف لذلك، يقول فاضل: “إن الأحداث الأخيرة أكدت أن الكثرة العددية لن تنفع النظام سياسياً ولا إعلامياً، صحيح أنها قد تنفعه في تمرير القوانين في البرلمان، ولكن الصحيح أيضاً هو أنها لن تنفعه كواجهة سياسية فعالة، فالمائة نائب وزيادة لم يكن لها أي دور في الأيام الماضية في مواجهة عدد قليل من نواب المعارضة تمكن بالفعل من التجييش والشحن الإعلامي لحادثة مقتل المواطن عمر جوب، فكان ما كان من أعمال شغب ونهب”.

يضيف فاضل: “كان من المقبول، خلال المأمورية الأولى، أن يتفهم المواطن حجم التحديات (جائحة كورونا، حرب أوكرانيا، ملف العشرية)، وكان من المقبول كذلك أن يتفهم المواطن الصعوبات، وأن يتقبل الوعود، ولكن مع انتهاء المأمورية الأولى (تقريباً)، فإن المواطن لن يكون متفهماً لأي تحديات، ولن يتقبل أي وعود، ولن يرضى بالحد الأدنى من الإنجازات، فلا بد في الفترة القادمة من ظهور إنجازات كبرى يصاحبها تسويق إعلامي وسياسي فعال”.

وزاد: “لعل الأصعب دائماً هو اختيار المصلحين القادرين على الإنجاز، فلا بد للمرحلة القادمة من حكومة قوية قادرة على تحقيق إنجازات كبرى، ولا بدّ أيضاً من ذراع سياسي وإعلامي فعال وقادر على أن يسوق تلك الإنجازات، وأن يدافع عن النظام كلما كانت هناك حاجة لذلك، ومن المؤكد أن الحاجة لذلك ستتكرر كثيراً في المرحلة القادمة”.

وحول ما يجب بعد الانتخابات، دعا المحلل السياسي محمد أفو، في مقال سياسي، الرئيس الغزواني “إلى اتخاذ قرار بمسح الطاولة، لأنه بذلك القرار سيكون قد انتصر لأهم مطالب الأمة الموريتانية، وقطع دابر اليأس في الأجيال المحبطة من التهميش وهيمنة النافذين على المال والمشاريع والوظائف، وحتى على تشكيلات وتشكّلات العمل السياسي”.

وقال: “بمسح الطاولة يكون الشعب الموريتاني قد حلّ لغز صورة الرئيس، وانتصر في أهم معاركه على الفساد، وسيكون الأداء السياسي للرئيس قد بلغ أوجه، واخترق الشك بسهم اليقين، وانتصر للسياسة والمجتمع بتغيير قواعد اللعبة باستبدال أنصار السياسة بأنصار الدولة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس