عمال موريتانيون يحتفلون باليوم العالمي للحقوق

1
عمال موريتانيون يحتفلون باليوم العالمي للحقوق
عمال موريتانيون يحتفلون باليوم العالمي للحقوق

أفريقيا برس – موريتانيا. بينما تتعالى الشعارات احتفاءً باليوم الدولي للعمال، كانت خديجة تفتح باب محلها التجاري في سوق العاصمة نواكشوط، غير عابئة بعطلة الأول من مايو. فإغلاق يوم واحد يعني لها ببساطة خسارة قوت يومها، وهي التي تعيش على دخل المياومة.

تقول خديجة في تصريح لقناة “صحراء 24”: “هذا اليوم لا يعني لي شيئًا، فإذا أغلقت المحل سأخسر دخلي اليومي الذيأعتمد عليه لإعالة أسرتي.”

وترى خديجة أن العاملين بنظام المياومة لا يملكون ترف العطل أو الراحة، إذ إنهم يسعون يوميًا لتأمين قوت يومهم، حتى في أيام الأعياد والمناسبات، فالمصاريف لا تنتظر والحياة لا تمنحهم خيارات كثيرة.

لا يختلف هذا اليوم عن غيره في نظر خديجة؛ فقلقها الدائم هو قلة الحركة التجارية، حتى في يوم يُفترض أن يُكرَّم فيه أمثالها.

لا يختلف هذا اليوم كثيرًا بالنسبة لخديجة؛ فقلقها الدائم من ركود الحركة التجارية يطغى حتى على مناسبة يُفترض أن تُكرَّم فيها أمثالها من الكادحين.

رفع الأجور أولا

على بُعد أمتار من محلها الصغير، كانت هتافات العمال ترتفع بمطالب يتصدرها رفع الأجور وتعميم التأمين الصحي، وهي مطالب لم تغب يومًا عن عرائضهم السنوية المقدمة للحكومة.

يقول أحد هؤلاء العمال إن الأولوية بالنسبة لهم هي تحسين الأجور التي تآكلت بفعل الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية خلال السنوات الأخيرة.

لكن مطالب اليوم لم تكن اقتصادية فقط؛ فقد شارك عمال آخرون في المسيرات لإيصال صوتهم احتجاجًا على طردهم من العمل دون سابق إنذار، أو بسبب عدم حصولهم على تعويضات مستحقة بعد إنهاء خدماتهم.

من بين هؤلاء محمد، الذي لا تزال صدمة فصله من إحدى الشركات الخاصة حاضرة في تفاصيل يومه. شارك محمد في المسيرة رفقة عدد من زملائه المطرودين، يتمسكون بأمل استعادة حقوقهم رغم مرور السنوات.

يقول محمد لصحراء 24: “طُردنا من العمل دون سابق إنذار، ظلمًا وتعسفًا. نشارك في هذه المسيرة لأننا لا نزال نؤمن بإمكانية العودة إلى وظائفنا أو على الأقل نيل حقوقنا”.

نضال مستمر

أما النقابيون، فلا يرون أن مهامهم تنتهي برفع الشعارات أو تسليم العرائض المطلبية في عيد العمال، بل يؤكدون أن نضالهم مستمر “لانتزاع حقوق العمال، مهما طال الزمن”.

قال الأمين العام للكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا، عبد الله ولد محمد، إن العرائض المطلبية التي تعتزم الكونفدرالية تقديمها إلى الحكومة لم تختلف عن سابقاتها في السنوات الماضية، مؤكداً أنها “تمثل أولويات للقطاعات العمالية”.

وأضاف ولد محمد، في مقابلة مع قناة صحراء 24، أن المفاوضات الجماعية “ميزة مفقودة في موريتانيا”، مشيراً إلى أن آخر اتفاقيات جماعية للقطاع الخاص تعود إلى عام 1974، وكان من المفترض أن تستمر لفترة تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات فقط.

وأوضح أن معظم القطاعات لا تملك أي اتفاقيات جماعية سارية، باستثناء خمس قطاعات فقط، لافتاً إلى أن أحدث اتفاقية منها هي اتفاقية قطاع المعادن، التي تم توقيعها عام 1968، وكان عمرها الافتراضي سنة واحدة.

واعتبر ولد محمد أن غياب المفاوضات الجماعية “يجعل كل ما هو قائم غير متكافئ”، مشيراً إلى أن رؤساء البلاد، منذ الإطاحة بالرئيس المختار ولد داداه، “صاروا يعلنون عن زيادات في الأجور من دون العودة إلى التفاوض مع النقابات، وهو ما يشكل تجاوزاً لقانون الوظيفة العمومية”.

وفيما يخص إعلان الحكومة التجاوب مع بعض مطالب العمال، قال ولد محمد إن ذلك “ليس مكرمة”، مضيفاً: “نحن لا نريد صدقة، بل نريد مفاوضات، لأنها التقاسم الوحيد العادل للثروة”.

مكاسب نوعية

هذا وكان وزير الوظيفة العمومية والعمل الموريتاني محمد ولد اسويدات قد أكد أن حكومة بلاده نفذت خلال السنوات الماضية زيادات وصفت بالكبيرة في أجور الموظفين وتحسينات واسعة في ظروف العمال.

وفي خطاب ألقاه بمناسبة اليوم الدولي للشغل، مساء الأربعاء، أوضح الوزير أن المأمورية الأولى للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني تميزت بتحقيق “مكاسب نوعية” للطبقة العاملة، شملت زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، وزيادة رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين بـ20 ألف أوقية قديمة، إلى جانب مضاعفة رواتب عمال الصحة ورفع علاوات الأساتذة والمعلمين.

وأشار ولد اسويدات إلى أن تلك الإجراءات شملت أيضًا رفع علاوة البعد بنسبة 150% للعاملين في التعليم، وزيادة علاوة “الطباشير” بنسبة 50%، وتوسيعها لتشمل مديري المدارس، إضافة إلى زيادة معاشات المتقاعدين وتحسين شروط الاستفادة منها.

أولويات النقابات

وأكد الأمين العام أن الكونفدرالية لا تطالب بالمستحيل، بل بـ”قدر من الإنصاف الممكن”، مشيراً إلى أن الزيادة الأخيرة في الحد الأدنى للأجور “جاءت دون التشاور مع النقابات العمالية، بخلاف ما كان يحدث في السابق”.

واعتبر ولد محمد أن الإجراءات الحكومية الأخيرة “اتسمت بالانفرادية، وهو ما يجعلها ناقصة في نظر النقابات”، داعياً إلى مفاوضات تفضي إلى “نهج اقتصادي فعلي، يستجيب للطلبات الأساسية لحاجيات السوق المحلي”.

وأشار الأمين العام إلى أن الأولوية بالنسبة للنقابات تكمن في وضع استراتيجية وطنية للتشغيل، معتبراً أن ذلك يتطلب إجراءات متكاملة.

كما شدد على “ضرورة مواءمة منظومة الحماية الاجتماعية مع التحولات التي شهدها البلد، خاصة أن هذه المنظومة وضعت في ستينيات القرن الماضي، حين كانت الدولة تتكفل بالكثير، وهو ما يستدعي تحديثها”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس