أفريقيا برس – موريتانيا. أحال قاضي التحقيق في محكمة روصو (جنوب موريتانيا) فجر الثلاثاء، إلى السجن، 28 متهماً في الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدينة الركيز، وذلك بتهمة التظاهر غير المرخص وإثارة الشغب والاعتداء على المؤسسات العامة. وقرر قاضي التحقيق أيضاً وضع 12 متهماً تحت المراقبة القضائية، وحفظ الدعوى في حق قاصر لم يتجاوز 12 من العمر. وارتفعت أصوات تحمل السلطات مسؤولية التطورات، ومنها صوت جنرال متقاعد طالب بعزل رئيس البلاد.
وكان وكيل الجمهورية قد أحال إلى قاضي التحقيق يوم الإثنين الماضي 41 معتقلاً، مطالباً بإيداعهم السجن. وشهدت مدينة الركيز الواقعة بجنوب موريتانيا، يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، مظاهرات عنيفة احتجاجاً على رداءة خدمات الكهرباء.
ويواصل الرأي العام الموريتاني انشغاله بهذه الأحداث وتأثيراتها، حيث توقعت مصادر صحافية إقالة مسؤولين في الإدارة المحلية وفي شركة الكهرباء، عقاباً لهم على إهمالهم لاضطراب خدمة الكهرباء الذي أدى إلى انفجار الاحتجاجات في المدينة.
وتستمر الدولة في استعمال التحذير والتهديد بتطبيق صارم للقانون، حيث حذر محمد سالم مرزوق وزير الداخلية الموريتاني، إثر وقوع هذه الأحداث، “من أن الدولة لن تتردد في معاقبة كل من تسول له نفسه الإخلال بالأمن والسكينة العامين”.
وربطت أحزاب موريتانية معارضة بين الأوضاع المعيشية المتدهورة للسكان والأحداث التي شهدتها مدينة الركيز مؤخراً”، مؤكدة أنها “ليست إلا تجسيداً صارخاً لهذه الأوضاع الصعبة والمقلقة”.
ودعت أحزاب التناوب الديمقراطي والتكتل وقوى التقدم، في بيان مشترك، “حكومة الرئيس الغزواني إلى الاهتمام بمطالب المواطنين الغاضبين جراء تدهور أحوالهم المعيشية”.
وأكدت “أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تشهد تدهوراً مطرداً منذ أسابيع، مما أثر على الظروف المعيشية لجميع فئات الشعب، خصوصاً في الأوساط الفقيرة داخل البلاد”. وعبرت الأحزاب المذكورة عن “إدانتها الشديدة لأعمال التخريب التي تفتح المجال للشغب والفوضى وتدهور الأمن، ودعت إلى احترام حق المواطن في الاحتجاج ضد الفساد وسوء تسيير الممتلكات العامة”.
وفي إطار تفاعلات هذه القضية، دعا الجنرال الموريتاني المتقاعد لبات ولد معيوف، في تدوينة تم تداولها على نطاق واسع، إلى “عزل الرئيس الغزواني”، وقال: “منذ أزيد من ثلاثة أشهر، طالبت محمد ولد الشيخ الغزواني بالاستقالة من أجل أن يجنب بلدنا العزيز الغرق في الهوة التي يتجه إليها لا محالة”.
وأضاف: “هذا النظام الذي سير البلد منذ أزيد من عقد من الزمن، يبرهن كل يوم بوقاحة على قلة الاهتمام بمشاكل الأمة الكبرى، لهذا فقد دعاني تدهور الحالة العامة للمطالبة المؤكدة هذه المرة، باستقالة محمد ولد الشيخ الغزواني”. “كما أن الحاجة الملحة لإنقاذ ما أمكن -يضيف الجنرال المتقاعد- تدفعني أيضاً إلى دعوة الموريتانيين لرفض هذه الحالة وللتعبير بقوة عن إرادتهم من أجل فرض رحيل ولد الغزواني وحكمه سلمياً قبل أن يفوت الأوان”.
وقال: “إن الأحداث التي تشهدها مدينة الركيز هذه الأيام تعبر بقوة عن فشل هذا الحكم الذي أوصل البلد إلى وضعية تمس تماسكه. ولهذا السبب، فلا بد من هبة وطنية من طرف كل القوة الحية من أجل وضع حد لهذا التسيير الكارثي، وخلق إطار سياسي مناسب يتوفر على مؤسسات جمهورية قوية ومستقلة”. هذا وتابع كبار الكتاب والمدونين الموريتانيين استكشافهم وتحليلاتهم للأسباب الكامنة وراء هذه الأحداث.
وفي هذا السياق، أوصى منسق مكونة الجامعة ضمن مشروع تمكين المرأة والعائد الديمغرافي في الساحل الدكتور محمد الراظي ولد صدفن، ، الحكومة “بالقيام بحملات تحسيسية وتوعوية للسكان في مدين الركيز عموماً حول مخاطر العنف ونبذ ثقافة التحريض والكراهية، وضرورة المحافظة على المكتسبات، وخاصة المنشآت العمومية”.
وقال: “يجب وضع حد نهائي للتناقض الصارخ بين القدرات الطبيعية الهائلة لمنطقة الركيز في مواجهة تدني المستوى المعيشي لسكانها، وهو ما يمكن تحقيقه عبر خلق فرص استثمارية جديدة في مجال الزراعة وتربية الماشية”. ودعا الكاتب إلى “وضع آلية مستقلة وفعالة لرفع المظالم على مستوى المقاطعات تتبع مباشرة لوزير الداخلية وتمده بالمعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات المناسبة في إطار نظام للاستشعار عن بعد”.