أفريقيا برس – موريتانيا. صادقت الجمعية الوطنية الموريتانية (البرلمان) في وقت متأخر من مساء الثلاثاء على “قانون حماية الرموز الوطنية” الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية والحقوقية في البلاد.
وبحسب مراسل الأناضول، انسحب نواب المعارضة (28 نائبا من أصل 157) بعد اكتمال مداخلات النواب وقبيل بدء التصويت للتعبير عن رفضهم للقانون المذكور.
واستمر نقاش القانون المذكور داخل البرلمان نحو عشر ساعات في جلسة ساخنة، هاجم خلالها نواب المعارضة بقوة القانون معتبرين أنه يعيد البلاد للعهود الاستثنائية، مطالبين بسحبه.
فيما دافع عنه نواب الموالاة (129) وأكدوا الحاجة إليه لحماية الأعراض من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وينص مشروع القانون المذكور على “تجريم المساس بهيبة الدولة وبشرف المواطن، ويحمي الرموز الوطنية”، وتعتبره قوى معارضة أنه “خطير على الحريات العامة”.
لكن الحكومة قالت عقب مصادقتها عليه في يوليو/ تموز الماضي، إن القانون “يأتي لسد الثغرات التي تم رصدها في المنظومة الجنائية؛ لمنح القضاة والمحققين آليات قانونية واضحة لفرض سيادة القانون واحترام قيم الجمهورية”.
وكانت نقابة الصحافيين الموريتانيين قد طالبت الحكومة بسحب مشروع قانون حماية الرموز المثير للجدل لما قد يكرسه من تراجع للحريات وتضييق على الصحافيين .
ودعت النقابة في بيان أصدرته مساء اليوم الثلاثاء بالتزامن مع مناقشة البرلمان مشروع القانون إلى تمحيص وتدقيق النص لإزالة ما يحمل من مواد وفقرات تشكل تضييقا على الحريات الإعلامية في البلاد .
وقالت النقابة إنها تتابع منذ بعض الوقت و”بقلق بالغ” الجدل القائم حول ما بات يعرف بمشروع قانون “الرموز ” ، الذي تسعى الحكومة إلى تمريره والمصادقة عليه من طرف الجمعية الوطنية (البرلمان).
ويواصل البرلمان مناقشة هذا المشروع الذي تقول الحكومة إنه سيسد فراغا قانونيا وسيساهم في الحد من سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للنيل من المقدسات ومن أعراض الناس والمسؤولين .
ويقر مشروع القانون عقوبات تتراوح بين السجن سنة إلى خمس سنوات والغرامة من 225 الى 1100 دولار لمرتكبي الأفعال التي تمس بكرامة القوات المسلحة وقوات الأمن والوحدة الوطنية أو تجريح أو إهانة رئيس الجمهورية أو أي مسؤول عمومي يتجاوز أفعاله وقراراته التسييرية إلى ذاته وحياته الشخصية . كما يعاقب الأفعال والأقوال التي تمس بالوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية.
وتظاهر اليوم نشطاء حقوقيون ضد مساعي تمرير هذا النص المثير للجدل .
إلى ذلك، انتقد حزب موريتاني معارض، ما أسماه “غياب ضمانات” تجعل من الحوار السياسي المرتقب بالبلاد “حوارا مباشرا بين المعارضة و السلطة”، معتبرًا أنه سيكون مجرد “مسرحية رديئة الإخراج”.
جاء ذلك بحسب بيان صادر عن حزب “التحالف الشعبي التقدمي”، الثلاثاء، اطلعت الأناضول على نسخة منه.
وقال الحزب المذكور في بيانه، إن “غياب أي ممثل عن الحكومة في الجلسة التحضيرية للحوار التي عقدت 27 أكتوبر/تشرين أول الماضي، يؤكد رفضها الالتزام بتطبيق نتائجه”.
وشدد الحزب على “ضرورة الاعتراف بالقضايا الجوهرية في أي حوار سياسي يراد له النجاح و في مقدمتها، الوحدة الوطنية والتعايش السلمي بين كافة مكونات الشعب وتصحيح التفاوت الطبقي المخل الناتج عن سوء توزيع الثروة الوطنية”.
كما أكد “ضرورة محاربة الفساد من خلال فتح العديد من الملفات الجوهرية وانتشالها من النسيان، خاصة أثناء العشرية الماضية (العشر سنوات التي قضاها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في السلطة من 2009 إلى 2019)”.
ووجه الحزب نداء “إلى كافة القوى الحية في البلد لرص الصفوف والابتعاد عن منطق المجاملة والمسايرة والعمل بجد وإخلاص لخدمة المواطن وحماية البلد والحفاظ على وحدته الوطنية وحوزته الترابية”.
ويوم 27 أكتوبر الماضي شارك ممثلون عن 25 حزبا سياسيا (من المعارضة والموالاة) في جلسة للتحضير لإطلاق حوار سياسي كانت قد دعت له الحكومة سبتمبر/أيلول الماضي بهدف مناقشة مختلف القضايا التي تهم البلد.
وفي أكثر من مناسبة، دعت المعارضة الموريتانية، إلى تنظيم حوار مع الحكومة يهدف إلى عدم إقصائها من التعيينات والمناصب العليا وبعض الشؤون العامة.
وطرحت منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان” (12 حزبا من المعارضة والموالاة) في مارس/آذار الماضي، وثيقة تضمنت خارطة طريق لتنظيم حوار سياسي مع الحكومة.
ووفق الوثيقة، فإن مواضيع الحوار يجب أن تركز على “المسار الديمقراطي، والإصلاحات الدستورية والتشريعية، وتعزيز دولة القانون، وتطبيع الحياة السياسية، ومعالجة إشكالية الرق ومخلفاته، ومكافحة الفساد، وإصلاح القضاء، والإصلاح الإداري والعقاري، وحماية المصالح العليا للبلد”.
(وكالات)
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس