
أفريقيا برس – موريتانيا. دافع الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، عن إنجازاته في مأموريته الماضية، في ردود منه على منتقديه، وذلك في خطاب وجهه الخميس، بمناسبة احتفاء موريتانيا بالذكرى 64 لاستقلالها عن فرنسا، مؤكداً “أن التحديات التي واجهت البلاد في بداية ولايته، مثل جائحة كورونا والأزمات الأمنية الإقليمية والدولية، لم تمنع من تحقيق هذه الإنجازات”. وأكد الغزواني في تطرقه لنشاط السياسة الخارجية لحكومته “عن تعزيز موريتانيا لحضورها الإقليمي والدولي، مستفيدة من مبدأ حسن الجوار والاحترام المتبادل، ودعماً للقضايا العادلة مثل القضية الفلسطينية”. وفيما يتعلق بالاستقرار الأمني، أكد الرئيس الموريتاني “أن تنفيذ الاستراتيجيات الأمنية المندمجة ساعد في الحفاظ على الأمن والاستقرار في وقت يواجه فيه العالم تحديات كبيرة من عنف وإرهاب ونزاعات مسلحة”.
وتوقف الرئيس الغزواني مطولاً أمام قضية الحوار السياسي الداخلي، فأكد “أن سياسة التهدئة والتشاور التي أرساها منذ وصوله للسلطة أتاحت تحقيق تقدم ملموس في الساحة السياسية، حيث تم تنظيم انتخابات رئاسية، وتشريعية، وجهوية وبلدية في توافق تام على قواعدها وأسس إدارتها، ما عزز من النظام الديمقراطي للبلاد”. وجدد الرئيس الغزواني “التزامه بمبدأ الحوار والتشاور مع جميع الأطياف السياسية والاجتماعية لتعزيز الوحدة الوطنية وتعميق النظام الديمقراطي”، معلناً “عن اتصالات ستبدأ مع الأطراف السياسية في الأشهر المقبلة للتحضير لحوار شامل يشمل القضايا الكبرى، خاصة تلك المتعلقة بالوحدة الوطنية والنظام الديمقراطي”.
كما أشار الرئيس الموريتاني إلى “تعزيز الثقة في الهيئات المؤسسية، وتوسيع قاعدة التمثيل لتشمل فئات ذوي الاحتياجات الخاصة والشباب، الذين يمثلون ركائز أساسية للمستقبل”، مضيفاً “أنه “تم بالنسبة للجانب المؤسسي، العمل على تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وتقوية المؤسسات الدستورية، مع التركيز على السلطة القضائية لضمان الاستقرار المؤسسي في البلاد”. وفي مجال التنمية، تحدث الرئيس الغزواني عن “إصلاحات تربوية هامة عززت التعليم في البلاد، حيث وصل معدل التمدرس الابتدائي إلى 81%، وزادت نسبة النجاح في شهادة الباكالوريا إلى 39%؛ كما تم تحسين البنية التحتية للمياه، حيث وصلت نسبة الولوج إلى الماء الصالح للشرب إلى 78% في عام 2024؛ وارتفعت على مستوى القطاع الزراعي، المساحات المزروعة بنسبة 33%، وزاد إجمالي الإنتاج الزراعي بنسبة 71% في موسم 2023/2024”. وأشار الرئيس الغزواني في مروره على تنمية الثروة الحيوانية، “إلى وصول مساهمة هذا القطاع في الناتج الداخلي الخام إلى 10.7% في عام 2023. وفيما يخص الاقتصاد الوطني، أشار الغزواني “إلى تحقيق نسبة نمو بلغت 6.5% في 2023، وانخفاض الدين العام إلى 40% من الناتج الداخلي الخام”. وفي حديث عن الوظائف، أوضح الرئيس الغزواني “أن حكومته تمكنت من خلق أكثر من 125,000 فرصة عمل مباشرة و268,000 فرصة غير مباشرة”. وعن تحسين ظروف العاملين في القطاعات الأساسية، أعلن الرئيس ولد الغزواني “عن تخصيص علاوة شهرية لمدرسي السنة السادسة من التعليم الأساسي، كما قرر زيادة الرواتب الشهرية لقوات الأمن والجيش، بالإضافة إلى الإسراع في الدعوة لحوار اجتماعي لرفع الحد الأدنى للأجور وتحسين نظام التقاعد لموظفي القطاع العام”.
وأكد الرئيس في ختام خطابه “أن الهدف من جميع هذه الجهود هو ضمان أمن واستقرار البلاد وتحقيق تنمية مستدامة لتحسين حياة المواطنين، خاصة في المجالات الأساسية مثل التعليم والصحة”.
هذا وتحل ذكرى الاستقلال هذا العام، متزامنة مع انتهاء مأمورية الرئيس الغزواني الأولى ودخوله في مأمورية ثانية، وذلك في مرحلة فارقة تتزامن مع انتقادات متزايدة داخلياً، حيث تتصاعد الأصوات المطالبة بتحسين الأداء الحكومي في مجالات متعددة.
ومن أبرز تلك الانتقادات الانتقاد الموجه لضعف سياسة محاربة الفساد التي تعد من القضايا الحساسة التي تؤرق المواطنين، إذ يرى الكثيرون أن الجهود المبذولة ليست كافية للتصدي لآفة الفساد، وهو ما يتطلب تحركاً أكثر فاعلية من أجل تعزيز الشفافية والمساءلة في مؤسسات الدولة.
إضافة إلى ذلك، يشكو المواطنون من ضعف أداء الحكومة في العديد من المجالات الحيوية، ما يساهم في تزايد الاستياء العام.
فقد أشار العديد من الخبراء إلى أن الحكومة الموريتانية تواجه في الوقت الراهن تحديات كبيرة في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستويات المعيشة، وسط ارتفاع الأسعار الذي يضغط بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين، لا سيما ارتفاع أسعار السلع الأساسية، الذي يزيد من معاناة الأسر ويضع مزيداً من العبء على الاقتصاد المحلي.
وفي جانب آخر، تشهد موريتانيا في الآونة الأخيرة ظاهرة لافتة تتعلق بهجرة الشباب إلى أمريكا بأعداد كبيرة، بحثاً عن فرص أفضل للحياة والتعليم والعمل. فقد باتت هجرة الشباب إلى الخارج، وخاصة إلى الدول الغربية، خياراً متزايداً بين الشباب الموريتاني، بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية في بلادهم، والتي يعتبرونها سيئة للغاية.
وتثير هذه الهجرة قلقاً لدى العديد من المتابعين، الذين يرون فيها استنزافاً للطاقات الشابة والموارد البشرية في موريتانيا، ما يضع مزيداً من الضغوط على الحكومة لتعزيز فرص العمل والتدريب المهني في الداخل. وبالرغم من هذه الانتقادات والتحديات التي تواجهها موريتانيا، تظل ذكرى الاستقلال مناسبة مهمة لتقييم الإنجازات والنواقص، وللتأكيد على أهمية الوحدة الوطنية في مواجهة هذه التحديات؛ وقد عبر العديد من المواطنين عن أملهم في أن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من التفاعل الحكومي مع مطالبهم وتحقيق تطلعاتهم في العيش الكريم والاستقرار الاقتصادي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس