أفريقيا برس – موريتانيا. بدأت موريتانيا، أمس الإثنين، بتسليم الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي بعد أن قادت نشاطاته سنة كاملة مليئة بالتحديات ومواجهة الملفات والأزمات المعقدة.
وسيجري هذا التسليم خلال القمة الثامنة والثلاثين لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، المقرر عقدها في أديس أبابا يومي 15 و16 شباط/فبراير الجاري.
وتوجه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك، الإثنين، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا للتحضير لفعاليات تسليم الرئيس الغزواني رئاسة الاتحاد الإفريقي إلى نظيره الأنغولي جواو لورينسو.
وواجهت موريتانيا، خلال فترة رئاستها التي استمرت من شباط/فبراير 2024 إلى شباط/فبراير 2025، تحديات كبيرة في القارة الإفريقية، بما في ذلك النزاعات المسلحة، والأزمات السياسية، والقضايا التنموية.
وقد تباينت التقييمات لأداء الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال فترة قيادته للاتحاد الإفريقي، حيث وُجهت انتقادات لمأموريته ووصفها البعض بأنها «باهتة».
وبالعكس من ذلك، أشادت بعض الأوساط المحلية والإقليمية بجهود الرئيس الغزواني في تعزيز مكانة إفريقيا على الساحة الدولية، والمشاركة في قمم دولية مثل مجموعة العشرين، حيث كان أول رئيس للاتحاد الإفريقي يشارك كعضو كامل.
كما سعى ولد الغزواني، حسب التقييمات الإيجابية، إلى معالجة قضايا مثل الديون، وإصلاح المؤسسات المالية الدولية، والمساهمة القارية في معالجة قضايا التغير المناخي.
بالإضافة إلى ذلك، ركزت الرئاسة الموريتانية على الإصلاح المؤسسي للاتحاد الإفريقي، حيث تم اعتماد آليات جديدة لاختيار القيادة العليا للمفوضية، وتقييم كفاءات الموظفين، بهدف تعزيز فعالية المنظمة. من جهة أخرى، انتقدت بعض الأطراف ما وصفته بـ»ضعف» أداء الرئاسة الموريتانية، مشيرة إلى عدم تحقيق تقدم ملموس في حل النزاعات الكبرى في القارة، مثل النزاع بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، والأزمة في ليبيا والسودان. كما أشار البعض «إلى أن هذه الرئاسة كانت «باهتة» مقارنة بسابقاتها».
وجاء التقييم الإيجابي الكبير للرئاسة الموريتانية للاتحاد الإفريقي، على لسان مجلة «لكسبرسيون» الجزائرية التي أكدت «أن هذه الرئاسة أسفرت عن إنجازات يجب الحفاظ عليها». وأكدت المجلة «أن رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي التي استمرت ما بين فبراير 2024 وفبراير 2025، تميزت بتحقيق إنجازات ملموسة على مختلف الأصعدة، ما أسفر عن إرث مهم ينبغي الحفاظ عليه لصالح القارة».
كما أكدت «أن الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، حدد منذ توليه رئاسة الاتحاد، في خطابه الافتتاحي، القضايا الكبرى التي تعاني منها إفريقيا، مشددًا على ضرورة معالجة ملفات ملحة، مثل التعليم، والنزاعات المسلحة، واستغلال ثروات القارة، والأمن الغذائي».
وفي مجال التعليم، أكدت المجلة «أن جهود الرئيس الغزواني أسفرت عن تنظيم قمة في نواكشوط، حضرها عدد من رؤساء الدول، من بينهم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بالإضافة إلى عشرات الوزراء الأفارقة المختصين بالتعليم، وخبراء في المجال، وشركاء في التنمية».
وفيما يتعلق بالسلام والاستقرار، أوضحت «لكسبرسيون» الجزائرية في تقييمها «أن الرئيس الموريتاني قام بزيارة إلى العاصمة الليبية طرابلس، حيث التقى بعدد من الأطراف الليبية، كما استقبل شخصيات أخرى بنواكشوط، في إطار الجهود الرامية إلى إنهاء حالة عدم الاستقرار في ليبيا، والتي تؤثر بشكل مباشر على دول الساحل الإفريقي».
وفيما يخص الأزمة السودانية، لعبت موريتانيا، وفقاً للمجلة، دورًا بارزًا من خلال تنظيم مؤتمر في نواكشوط حول الوضع في السودان، واستقبال رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان.
وخلال هذا اللقاء، دعا الرئيس الغزواني إلى وقف القتال، حقنًا لدماء السودانيين وإنقاذًا لمستقبل البلاد، مؤكدًا استعداد موريتانيا والاتحاد الإفريقي لبذل كل الجهود الممكنة لتحقيق ذلك.
وفي مجال الوساطة، أبدى الرئيس الموريتاني فعالية في التعامل مع تجدد الاشتباكات في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بين الجيش والمتمردين من حركة “M23”، حيث دعا بقوة إلى وقف إطلاق النار وإيجاد حل سلمي للأزمة. كما كلف مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي بعقد اجتماع خاص لمناقشة الوضع في الكونغو.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، شهد الاتحاد الإفريقي تحت الرئاسة الموريتانية حضورًا دوليًا بارزًا، حيث شارك الرئيس الغزواني في العديد من القمم والاجتماعات الأممية والدولية، مدافعًا عن ضرورة تحقيق العدالة لإفريقيا وتعزيز التعاون مع شركائها الدوليين.
أما على المستوى الاقتصادي، فقد شهدت فترة الرئاسة الموريتانية للاتحاد الإفريقي انعقاد قمة حول الاقتصاد الإفريقي في أبيدجان، بالإضافة إلى قمة حول الطاقة استضافتها تنزانيا، ما يعكس الاهتمام بتطوير الاقتصاد القاري وتعزيز استغلال موارده لصالح شعوبه.
ورغم التحديات والانتقادات، يُنظر إلى رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي على أنها فترة شهدت جهودًا لتعزيز دور القارة على الساحة الدولية، ومحاولات لإصلاح هياكل الاتحاد، مع ترك إرث يمكن لمن سيخلفون الرئيس الغزواني من البناء عليه في المستقبل.
وفيما يستعد الرئيس الأنغولي جواو لورينسو لتولي رئاسة الاتحاد السبت المقبل، لا يزال هناك العديد من الملفات العالقة مثل إطلاق نشاطات منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وإصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ويرى دبلوماسيون أفارقة في أديس أبابا، مقر الاتحاد الإفريقي «أن موريتانيا منحت منظمتنا روحًا جديدة، ويجب أن يستمر الاتحاد في مواجهة التحديات العديدة التي تنتظر القارة، بما في ذلك التحولات السياسية في منطقة الساحل، واستمرار النزاعات في القرن الإفريقي، والتحديات المتزايدة المرتبطة بالتغير المناخي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس