أفريقيا برس – موريتانيا. في محطة فارقة ضمن مسار الحضور الموريتاني على الساحة الإفريقية، انتُخب سيدي ولد التاه رئيساً للبنك الإفريقي للتنمية، ليصبح بذلك أول موريتاني يتولى قيادة هذه المؤسسة المالية البارزة منذ تأسيسها.
ويتجاوز هذا الحدث بُعده البروتوكولي إلى دلالة أعمق ترتبط بتنامي وزن موريتانيا في المنظومة الإفريقية، وتأكيد قدرتها على خوض غمار التنافس القاري بفعالية واقتدار.
جاء فوز ولد التاه بعد عملية انتخابية متعددة الجولات، تميزت بحدة المنافسة وتعقيد التوازنات، حيث واجه مرشحين من دول ذات ثقل سياسي واقتصادي، أبرزهم الزامبي صمويل مايمبو، والجنوب إفريقية باجابولي تشابالالا.
ورغم انطلاقه من المرتبة الثانية في الجولة الأولى، تمكن ولد التاه من قلب الكفة في الجولة الثانية عبر تحقيقه تقدماً واضحاً لدى الكتلة الإفريقية، قبل أن يحسم الجولة النهائية بتفوق ساحق بنسبة قاربت 76% من الأصوات الكلية.
ولم يكن هذا الإنجاز وليد لحظة عابرة، بل هو نتاج تدرج مهني وسياسي طويل قاد ولد التاه من مناصب وطنية بارزة، بينها وزارة الشؤون الاقتصادية والتنمية، إلى مواقع إقليمية مرموقة، جعلت منه وجهاً مألوفاً في دوائر القرار الإفريقي.
وقد ساهم هذا المسار في منحه رصيداً من الثقة والدعم ساعده في كسب تأييد واسع داخل مجلس محافظي البنك.
ولا تكتمل قراءة هذا الحدث دون التوقف عند رمزيته السياسية والتنموية؛ إذ يعكس انتقال موريتانيا من هامش المشاركة إلى مركز الفعل داخل مؤسسات التمويل الإفريقي، في سياق تتصاعد فيه الحاجة إلى حلول تنموية مبتكرة تواجه التحديات المتراكمة من فقر وبطالة وتغير مناخي.
كما يندرج هذا الفوز في لحظة إفريقية دقيقة، تتسم بإعادة تشكيل موازين النفوذ داخل القارة، وتزايد رهانات التمويل المستدام والشراكات الإستراتيجية جنوب-جنوب.
ولا يمثل فوز سيدي ولد التاه تتويجاً لمسيرته فحسب، بل يفتح لموريتانيا نافذة أوسع على ملفات التمويل والاستثمار والمبادرة داخل إفريقيا، إنه تأكيد عملي على أن الدولة الصغيرة بحجمها يمكن أن تكون كبيرة بحضورها، إذا ما أحسنت استخدام أدواتها البشرية والدبلوماسية في لحظة دولية متغيرة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس