موريتانيا: جدل حول ترحيل حراس من الحي الراقي إلى مواقع في أطراف العاصمة

10
موريتانيا: جدل حول ترحيل حراس من الحي الراقي إلى مواقع في أطراف العاصمة
موريتانيا: جدل حول ترحيل حراس من الحي الراقي إلى مواقع في أطراف العاصمة

أفريقيا برس – موريتانيا. يتقد في موريتانيا منذ أيام جدل ساخن حول عملية ترحيل نفذتها وزارة الإسكان الموريتانية مؤخراً ونقلت في إطارها مئات الحراس المنتمين لمجموعة الحراطين (الأرقاء السابقون) من حي “تفرغ زينه” الراقي شمال العاصمة إلى حي يقع أقصى جنوب وشرق العاصمة قامت الوزارة باستصلاحه.

واعتبرت منظمة “نجدة العبيد” الحقوقية وحزب التحالف الشعبي التقدمي “أن ما تعرض له الحراس ترحيل قسري مرتجل قامت به الحكومة في حق مئات الأسر من مقاطعتي تفرغ زينة ولكصر، وكانت نتيجته رمي الحراس في مناطق نائية غير مؤاتية للحياة، مما حول الحراس إلى لاجئين في وطنهم”.

وعرضت القنوات المحلية تصريحات لممثلين لبعض هذه العائلات خرجوا، عكساً لما ذكرته المنظمات الحقوقية، في وقفات يشكرون الحكومة فيها على منحهم قطعاً أرضية مستصلحة وتزويدهم بمبالغ مالية تصل إلى 180 أورو لكل عائلة مع كمية من المواد الغذائية.

وسبق للناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة المختار ولد داهي، أن دافع عن موقف الحكومة، مؤكداً “أن الحكومة جهزت ألف قطعة أرضية في شبه وسط حضري تتوفر بها بعض المرافق العمومية من حنفيات وإنارة شوارع”.

وأضاف “أن العمل جار لإنشاء مدرسة بهذا الحي مع تحسين المرافق الأخرى لصالح المجموعة المرحلة إلى مقاطعة الرياض جنوب العاصمة، أما المجموعة الثانية فقد تم ترحيلها إلى أحد أحياء مقاطعة توجنين شرق العاصمة، وتسعى القطاعات الحكومية المعنية لتوفر لهم الخدمات العمومية اللازمة”.

ووصف الوزير ما ذكره بعض السياسيين حول القضية “بأنه نوع من المزايدة ليس هذا محله، لاسيما إذا كان من حزب سياسي مطلع على نية النظام الحالي وانحيازه للضعفاء”، مشدداً على “أن هذا الموضوع يجب أن يكون محل إجماع وطني، بعيداً عن المزايدات السياسية”.

ولم يتوقف الجدل عند هذا الحد، بل بادرت منظمة “نجدة العبيد” الحقوقية لتوضح في بيان لها ، ما وصفته بـ”تجدد قرارات وسياسات تؤكد استمرار الممارسات المكرسة للظلم والحيف وتعزيز الفوارق، والمصرة على المضي في إنكار المشكلات الجوهرية لهذا البلد، وأولاها العبودية ومخلفاتها ومعضلة “الحراطين” بعناوينها الاقتصادية والاجتماعية”.

وأضافت: “مما يؤسف له أن هذه الخطوات تمت ضمن رؤية معلنة يجاهر منفذوها أن هدفها هو ضمان “وجه لائق” ببعض أحياء العاصمة يظهر أن راسمي سياسات الإسكان يعتبرون أن وجود هذه العائلات يخدشه ويعكر صفوه، وهي رؤية تلامس حدود العنصرية، مهما حاول البعض طمرها في مقاربات اقتصادية وحضرية بائسة”.

“إن عائلات حراس تفرغ زينة، الذين رمت بهم السياسات الاجتماعية والاقتصادية الخاطئة على مدى عقود في مناطق يبحثون فيها بكرامة وكد عن ظروف حياة أفضل، تضيف المنظمة، يستحقون أن ينظر لهم ولكل المواطنين نظرة كرامة واحترام، تمكنهم من سكن لائق، ومن تعليم لائق ومن كامل حقوقهم، أو لتتركهم على الأقل حيث يستطيعون تدبير ما يستطيعون من ذلك، أما أن تجمع لهم بين السيئتين فتلك خطيئة كبرى يلزم العدول عنها فوراً”.

ودخل حزب التحالف الشعبي التقدمي الذي يقوده رئيس البرلمان السابق والحقوقي البارز مسعود بلخير، على الخط ليؤكد، هو الآخر، في بيان له عن هذه القضية “أن السلطات في ولاية نواكشوط الغربية تقوم منذ أيام بحملة شعواء لطرد مئات العائلات من الحراس وخدم المنازل والعمال اليدويين من أحياء تفرغ زينه ولكصر، حيث تعمدت السلطات، حسب قوله، هدم مساكنهم المتواضعة من أعرشة وأكواخ وخيام، كانوا قد أقاموها في ساحات وقطع أرضية سمح لهم ملاكها الأثرياء بالإقامة العشوائية فيها لغرض حراستها”، مشيراً “أنه لا يزال أغلب هذه العائلات يقيم في العراء دون أن تلتف إليه الجهات المعنية”.

وأضاف: “أكدت شهادات هؤلاء الضحايا أن عمليات الهدم قد تمت دون إنذار مسبق ودون منح أغلبهم أماكن إقامة جديدة”.

“إن التحالف الشعبي التقدمي الذي يتابع بألم واستغراب فصول هذه المأساة، يضيف البيان، يندد بمثل هذه الحملة الظالمة ويتساءل عن دوافعها، ويدعو السلطات إلى التوقف فوراً عن عمليات الهدم غير المبررة ومعاقبة المسؤولين عنها، والتعويض للضحايا عن الإضرار التي لحقت بهم”.

ودعا التحالف “إلى إيجاد حل منصف للوضعية المزرية لهذه العائلات الفقيرة عن طريق إلزام مستخدميهم بتوفير سكن لهم أو زيادة أجورهم بصورة تسمح لهم بالحصول على وسائل نقل مضمونة أو منحهم قطعاً أرضية في المكان عينه، وبالقرب من أماكن عملهم خصوصاً أن الدولة جعلت من هذه المنطقة حكراً على الأغنياء وظلت تحرم منها الفقراء لعقود طويلة”.

وفي رد على هذه البيانات، أكد وزير الإسكان والعمران الموريتاني سيدي أحمد ولد أحمد، “أن الحكومة تنظر إلى الحراس المرحلين على أنهم مواطنون يعيشون في ظروف غير إنسانية، وإذا لم تتم تسوية قضيتهم فستشكل عائقاً اجتماعياً كبيراً مستقبلاً، لأنهم يسكنون في وسط لا يستطيعون الاندماج فيه نظراً لظروفهم الاقتصادية، ولن يجد أبناؤهم فرصة للتقدم في السلم الاجتماعي، مما يجعل ترحيلهم إلى محيط اقتصادي واجتماعي يندمجون فيه، ضروري من أجل أبنائهم”.

وأكد الوزير “أنه تم نقل هذه الأسر في ظروف جيدة من حيث النقل والمكان الذي رحلوا إليه”.

كما أكد “أن أماكن الإيواء مؤقتة، وسيتم توزيع المواطنين المرحلين بعد ذلك في مقاطعات العاصمة، حتى يندمجوا مع المجتمع، وستقوم وكالة “تآزر” (حكومية مختصة في التضامن الاجتماعي) بمواكبتهم اقتصادياً واجتماعياً طيلة هذه المراحل”.

يذكر أن انتماء هؤلاء الحراس لمجموعة “الحراطين” الحساسة لمعاناتها من آثار الرق، قد زادت من حساسية هذه القضية التي اتخذتها المنظمات الحقوقية باباً لطرح وانتقاد ما تراه أنه استمرار لوجود العبودية في المجتمع الموريتاني.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس