موريتانيا: جدل حول تعديل قانون الأحزاب بين داعين لمراجعته ومطالبين بإلغائه لكونه أحادياً ولتعارضه مع الحوار المرتقب

6
موريتانيا: جدل حول تعديل قانون الأحزاب بين داعين لمراجعته ومطالبين بإلغائه لكونه أحادياً ولتعارضه مع الحوار المرتقب
موريتانيا: جدل حول تعديل قانون الأحزاب بين داعين لمراجعته ومطالبين بإلغائه لكونه أحادياً ولتعارضه مع الحوار المرتقب

أفريقيا برس – موريتانيا. أظهرت مواقف عبر عنها،أمس الأحد، عدد من ساسة موريتانيا “أن عام 2024 قد اختتم بدلاً من حوار سياسي جامع كما كان منتظراً، بجدل ساخن حول التعديلات الذي أجرتها الحكومة مؤخراً في بعض أحكام الأمر القانوني رقم 91-024 الصادر بتاريخ 25 يوليو 1991 المُعدَل، المتعلق بالأحزاب السياسية.

فلم يقتنع هؤلاء الساسة بالشروح التي قدمها وزير الداخلية حول تعديلات الحكومة لقانون الأحزاب، والتي أكد فيها أن الهدف من التعديلات هو “نشأة أحزاب سياسية قادرة على أداء مهامها على الوجه الأكمل؛ خاصة فيما يتعلق بإعداد برامجها المجتمعية، وتأطير المواطنين”.

وكان الشرط الذي اعتبره البعض تعجيزيا والذي أزعج العشرات ممن أودعوا منذ سنوات لدى وزارة الداخلية طلبات لترخيص أحزابهم، هو الشرط المتعلق بحصول الحزب المتقدم للترخيص على تزكية برنامجه من طرف خمسة آلاف (5000) مواطن، ينتمون حسَب محل الميلاد، إلى نصف ولايات الوطن على الأقل، مع وجود نسبة للنساء لا تقل 20% من العدد الإجمالي لأعضاء الحزب”.

وأكد محمد جميل منصور في توضيحات أدلى بها لـ “القدس العربي”، الأحد، حول القانون الجديد الذي سيُقدّم إلى الجمعية الوطنية، أن “كل قانون خاص بالأحزاب يطرح إشكالية، وإشكالية القانون المعدل تتضمن بعدين متعارضين، أولهما أن أي تقييد لإنشاء الأحزاب قد يُعتبر تضييقًا على الحرية، والبعد الثاني هو أن أي حياة حزبية تحتاج إلى تنظيم لكي لا تصبح الأمور فوضوية، كأن يكون هناك شعب من خمسة ملايين نسمة ويشمل مئات الأحزاب؛ لذا، من الضروري الجمع بين الاعتبارات”.

وقال: “في هذا السياق، تقدم حزبنا جبهة المواطنة والعدالة، في المناقشات التي جرت في وزارة الداخلية حول تعديل قانون الأحزاب، بمقاربة تقترح تخفيف القيود على إنشاء الأحزاب، لأن التشدد في هذه القيود يعزز الشكوك حول تقييد الحريات، بينما من المفهوم بعد الترخيص أن يكون هناك إطار تنظيمي يضبط الحياة السياسية”.

وأضاف ولد منصور في توضيحاته: “تفاجأنا في المشروع المقدم إلى مجلس الوزراء والذي تم إقراره بأن عدد الأشخاص الذين يجب عليهم تزكية برنامج الحزب أصبح خمسة آلاف، في حين كان العدد الذي تم الاتفاق عليه في آخر اجتماع مع وزارة الداخلية هو ثلاثة آلاف. على أي حال، نأمل وما زلنا ننتظر من البرلمان بعد الحكومة أن يخفف القيود السابقة على إنشاء الأحزاب وأن يضبط العملية الحزبية بعد الترخيص وبعد الإنشاء، حتى نصل إلى عدد معقول من الأحزاب”. “وفيما يتعلق بكثرة الأحزاب، يضيف ولد منصور، فإن هذا فعلاً يمثل مشكلة، خاصة إذا نظرنا إلى البطاقة الانتخابية الموحدة، كيف يمكن أن يتواجد مائتا حزب في بطاقة انتخابية واحدة. هنا، يمكن البحث عن حلول مثل اللجوء للطريقة العراقية التي تقوم على تحالفات انتخابية تضم مجموعة من الأحزاب، وبالتالي يقتصر أو يحدّ عدد الأحزاب المسجلة في البطاقة الانتخابية الواحدة”.

أما رئيس حزب اتحاد قوى التقدم، الدكتور محمد ولد مولود، فقد طالب “بسحب مشروع قانون الأحزاب السياسية، ووصفه بـ “المناقض للديمقراطية”.

وأكد في تصريح لوكالة الأخبار” الموريتانية على “ضرورة سحب مشروع القانون حتى يتسنى للأحزاب السياسية، تنظيم حوار حقيقي، يفضي إلى توافق حول الترتيبات الأساسية التي تضمن جدية تشكيل الأحزاب من جهة، والحق الدستوري في التنظيم السياسي من جهة أخرى”.

وقال ولد مولود “إن هذا القانون المعدل لا يعكس رغبة حقيقية في تعزيز الديمقراطية، بل يمثل خطوة إلى الوراء في مجال حرية التنظيم السياسي”.

وأشار إلى مآخذ رئيسية على مشروع القانون الجديد، من بينها “أنه يتناقض مع التوجه الذي وعد به النظام بشأن الحوار الوطني، والذي أكده الوزير الأول في خطابه أمام الجمعية الوطنية”.

وأوضح ولد مولود “أن مشروع القانون يتضمن إجراءات مجحفة للأحزاب وحريتها وحرية تشكيلها”، معتبرًا أن تلك الإجراءات تُعَقد من عملية تأسيس الأحزاب وتُحجم من قدرتها على المشاركة الفعالة في الحياة السياسية”.

وانتقد ما سماه “الطريقة الأحادية” التي تم بها تصميم المشروع”، مشيرًا إلى “أن اللقاءات مع وزير الداخلية لم تكن كافية لضمان إشراك الأحزاب السياسية في تعديل القانون الخاص بها”، وقال: “إذا كانت هذه التعديلات هي مقدمة الحوار الذي وعدنا به فلن تكون هناك فائدة في بقيته”.

ووصف ولد مولود، مشروع القانون بأنه “مؤشر خطير على الحريات في البلاد، وأنه يمثل تحديًا لحرية التنظيم السياسي في موريتانيا”.

كما اعتبر “أن التعديلات تؤكد توجه الحكومة نحو فرض قوانين أحادية دون مراعاة لحقوق الأحزاب السياسية”.

وفيما يتعلق باشتراط تزكية آلاف المواطنين لبرنامج الحزب قبل ترخيصه، أكد ولد مولود “أن هذا الشرط غير منطقي، إذ إنه يضع عراقيل كبيرة أمام الأحزاب الجديدة التي قد لا تتمتع في البداية بشعبية واسعة ولكنها تسعى للمشاركة الفعالة في العملية السياسية”. وفي سياق الانتقاد، هاجم النائب والمرشح الرئاسي السابق بيرام الداه اعبيد، مشروع قانون الأحزاب السياسية الذي أجازته الحكومة خلال اجتماعها أمس الأربعاء.

وأكد الداه اعبيد في مؤتمر صحافي أمس “أنه لا يمكن ترخيص حزب سياسي جديد في ظل القانون الذي أقرته الحكومة، لكونه يضع الكثير من العراقيل في وجه ترخيص الأحزاب”.

يعاد إلى الأذهان أن الحكومة الموريتانية أقرت في اجتماع الأربعاء الماضي تعديلات في قانون الأحزاب الصادر عام 1991، تفرض زيادة عدد أعضاء الجمعية العامة التأسيسية للحزب من 20 إلى 150 مواطناً يمثلون كافة ولايات الوطن”.

وفرضت التعديلات الجديدة كذلك ما سمته الحكومة “اعتماد مبدأ التناوب الضروريّ المتمثل في تجديد ثلث (1/3) أعضاء الهيئات القيادية على الأقل عَقِبَ كل دورة عادية للمؤتمر”.

ومن الشروط الجديدة التي فرضها القانون المعدل التزام بافتتاح الحزب لمقرات في نصف ولايات الوطن على الأقل بعد فترة ستة (6) أشهر من تاريخ الترخيص.

ورفعت التعديلات الجديدة كذلك النسبة الدنيا التي تضمن للحزب الحصول على التمويل العمومي، من 1% إلى 2% على الأقل من مجموع الأصوات المعبر عنها على المستوى الوطني في آخر انتخابات بلدية عامة. وبخصوص تعليق وحل الأحزاب السياسية، نص القانون المعدل على حلها في حالات، أولاها إذا أخل الحزب السياسي بأحد الشروط الواردة في المادة التاسعة من هذا القانون، كما يُحل الحزب بقوة القانون عندما يقدم مرشحين لاقتراعين متواليين في انتخابات بلدية عامة دون أن يحصل فيهما على 2%، من الأصوات المعبر عنها في كل اقتراع، أو إذا لم يشارك الحزب في اقتراعين متواليين في انتخابات بلدية عامة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس