أفريقيا برس – موريتانيا. في ظل غضب داخلي عام في موريتانيا لحوادث اغتيال وخطف الموريتانيين داخل التراب المالي، حذرت حكومة الرئيس الغزواني نظيرتها المالية من أن تكرار استهداف الموريتانيين في المنطقة الحدودية غير مقبول وأنه قد ينسف العلاقات.
وتمكن الطرفان، الموريتاني والمالي، في نهاية مفاوضات جرت في نواكشوط بين وفد وزاري مالي وآخر موريتاني، من إيجاد صيغة لتهدئة مضاعفات المجزرة البشعة التي قُتل فيها مواطنون موريتانيون، وما تزال التحقيقات جارية لمعرفة عددهم.
وأكد بيان صدر عن المفاوضات وتلقت “القدس العربي” نسخة منه “أن الطرفين الموريتاني والمالي، وفي ختام المحادثات، اتفقا على “إنشاء بعثة مشتركة مؤقتة لكشف الحقائق، مكلفة بتسليط الضوء على الأحداث الأخيرة في منطقة العطاي، وتمارس مهمتها في أقرب الآجال”.
واتفق الطرفان، حسب البيان، على “أن الطرف المالي سيبلغ الجانب الموريتاني في أقرب الآجال بنتائج التحقيق الذي بدأته الحكومة المالية بخصوص أحداث 17 يناير/كانون الثاني 2022 في منطقة اقور، كما اتفقا على “معاقبة مرتكبي هذه الجرائم البشعة بأقصى ما تسمح به التشريعات المالية”.
وتفاهم الطرفان على “إنشاء إطار للتشاور والتبادل وتقاسم المعلومات للحيلولة، بصورة فعالة، دون تكرار مثل هذه الأحداث؛ وكذا على تنظيم دوريات مشتركة على طول الشريط الحدودي”.
“وخلال المباحثات، يضيف البيان، عبر الوفد المالي للجانب الموريتاني عن عميق أسف العقيد اسيمي غويتا، رئيس السلطة الانتقالية رئيس دولة مالي وخالص مواساته، إثر اختفاء المواطنين الموريتانيين في العطاي، لذوي المفقودين وللشعب الموريتاني”.
وأضاف البيان “أن الوفد المالي أكد، في المناسبة ذاتها، على متانة أواصر الصداقة والأخوة التي تجمع الشعب المالي والشعب الموريتاني، كما عبر كذلك لرئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية محمد ولد الشيخ الغزواني، وللشعب الموريتاني، عن كامل امتنان الحكومة والشعب الماليين للدعم والمواكبة المتعددة الأشكال من طرف الجمهورية الإسلامية الموريتانية لجمهورية مالي الشقيقة التي تعاني الآن من انعدام الأمن”.
“وقد أكد الوفد الموريتاني، وفقاً للبيان، تمسكه بالروابط العريقة التي تجمع الدولتين، كما نبه من جهة أخرى إلى أن المواطنين الموريتانيين بالأراضي المالية يواجهون منذ بعض الوقت عمليات اغتيال وخطف مأساوية غير مقبولة”.
“وسعياً إلى حفظ العيش المشترك وعلاقات الأخوة وحسن الجوار التليدة بين البدين، يضيف البيان، ذكر الطرفان بضرورة العمل معاً بصورة تمكن من تفادي تكرار هذه الأعمال التي تمس أرواح المواطنين الموريتانيين في مالي وممتلكاتهم”.
وأبلغت موريتانيا الوفد الوزاري المالي أن الوضعية الحالية والتي عرفت تكرر الاعتداءات على الموريتانيين داخل الأراضي المالية “غير مقبولة، وأنها قد تنسف جميع العلاقات والروابط التاريخية التي حرص الشعبان على نسجها وديمومتها”.
وأكد وزير الدفاع حننا سيدي حننا، رئيس الوفد الموريتاني، في المفاوضات مع مالي “أنه من المستعجل، بل من الملح جعل جميع الموريتانيين الموجودين على الأراضي المالية يشعرون بالأمان والاطمئنان، تماماً كما كان قبل الأحداث البشعة الأخيرة”.
وأكد ولد حننا “أن الأحداث الأخيرة التي وقعت في مناطق “لبيدن” و”العطاي” و”مدينة”، شكلت صدمة كبيرة لكل الموريتانيين، خصوصاً أنها تأتي بعد أخرى مشابهة راح ضحيتها عدد من المواطنين الموريتانيين”، لافتاً إلى “أنه تم اعتقال العديد من الأشخاص وتعذيبهم أمام النساء والأطفال، واقتيادهم إلى جهة مجهولة”.
وشدد التأكيد على “أن الصداقة والعيش المشترك لا يمكن أن يستمرا مع مثل هذه الأحداث” التي وصفها بالمؤلمة.
وأكد ولد حننا للوفد المالي “ضرورة القيام بتحقيق سريع ومشترك في الأحداث الأخيرة، على يد لجنة مشكلة من مسؤولي البلدين”، كما أكد “ضرورة تقاسم السلطات المالية نتائج تحقيق حادث يناير الماضي مع السلطات الموريتانية”.
واعتبر وزير الدفاع الموريتاني “أنه من اللازم إنزال أقسى العقوبات، وفقاً للقانون المالي، بمرتكبي العمليتين الإجراميتين الأخيرتين، سواء التي وقعت السبت الماضي، أو التي وقعت يوم 17 يناير الماضي”.
ودعا ولد حننا “إلى إرساء آلية للتنسيق المشترك بين الجانبين حول تنقل الموريتانيين بمالي، لاستباق أي حادث يمكن أن يشكل خطراً، ولتفادي ما يمكن أن يشوش عليهم في حياتهم وتنقلهم”.
وازداد توتر العلاقات بين موريتانيا ومالي خلال الأيام الأخيرة بسبب المجزرة البشعة التي قتل فيها خمسة وثلاثون منمياً موريتانياً، حسب تأكيدات ذويهم.
واتهمت الحكومة الموريتانية جيش مالي بارتكاب المذبحة، حيث أكد المختار ولد داهي وزير الثقافة، الناطق الرسمي باسم الحكومة “أن هناك قرائن تشير إلى أن بعض الجهات التابعة للجيش المالي هي المسؤولة عن الحوادث التي تعرض لها بعض الموريتانيين في مالي”.
وقال “إن الموريتانيين المفقودين في مالي تتم متابعة قضيتهم بشكل رسمي، حيث استدعت وزارة الخارجية الموريتاني سفير مالي وأبلغته في احتجاج شديد اللهجة، أن كرامة الشعب الموريتاني فوق كل الاعتبارات”.
واستدعت وزارة الخارجية الموريتانية، الثلاثاء، السفير المالي المعتمد في نواكشوط، وأبلغته احتجاجاً شديد اللهجة “على الأعمال الإجرامية التي تقوم بها قوات نظامية مالية على أرض مالي في حق مواطنين موريتانيين مسالمين وعزل”.
وأعادت الوزارة للأذهان موقف موريتانيا من مالي “المؤسس على اعتبارات أخوية وإنسانية ومراعاة لأواصر التاريخ والجغرافيا، الرافض لتجويع الشعب المالي الشقيق”، مؤكدة “أن أرواح المواطنين الأبرياء وأمن ممتلكاتهم ستبقى فوق كل اعتبار”.
وأكد أحد أهالي الضحايا في تسجيل صوتي على فيسبوك “أن ضحايا الحادثة اختطفوا قبل أيام عند حنفية العطاي داخل مالي، حيث حملتهم سيارات مجهولة، وتم شحن سيارتين أخريين بالمواشي، وتركوا سبعة أنفار يبدو أن السيارات لم تستطع حملهم، فشدوا وثاقهم وتركوهم في عين المكان”.
ويحمل مقتل وحرق جثث خمسة وثلاثين مواطناً موريتانياً في عمق الأراضي المالية نذراً بظهور بؤرة توتر إضافية على مستوى الحدود الموريتانية المالية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس