موريتانيا ومالي: توتر على الحدود وقرع لطبول الحرب ومناورات عسكرية استعراضية وأميرال من حلف الناتو يزور نواكشوط

10
موريتانيا ومالي: توتر على الحدود وقرع لطبول الحرب ومناورات عسكرية استعراضية وأميرال من حلف الناتو يزور نواكشوط
موريتانيا ومالي: توتر على الحدود وقرع لطبول الحرب ومناورات عسكرية استعراضية وأميرال من حلف الناتو يزور نواكشوط

أفريقيا برس – موريتانيا. ما يزال التوتر على الحدود بين موريتانيا ومالي على حاله بل إن المعلومات الواردة من المنطقة الحدودية تؤكد أن هذا التوتر يتجه للتفاقم وأن دق طبول الحرب بات مسموعا على الحدود، وذلك رغم الرسائل المتبادلة بين الرئيس الغزواني ورئيس المجلس العسكري الحاكم في باماكو عاصيمي اغويتا، ورغم تبادل لزيارات الوفود.

وإذا كان سبب هذا التوتر في الظاهر، هو مقتل عدة مواطنين موريتانيين في حوادث متفرقة نجمت عن مطاردات قام الجيش المالي وعناصر من مجموعة فاغنر لجهاديين مسلحين داخل الأراضي الموريتانية، فإن السبب الباطني لهذا التوتر هو تضايق النظام العسكري المالي المتحالف مع روسيا الحاضرة الآن وبقوة في منطقة الساحل، من علاقات موريتانيا القوية مع فرنسا ومع حلف الناتو، وتخوف نظام باماكو من تنسيق موريتاني غربي معادٍ للحليفين المالي والروسي.

وتؤكد التطورات المسجلة في هذا الشأن، أن التعنت الذي أظهره النظام العسكري في مالي بعدم اعتذاره الرسمي العلني عن مقتل مواطني موريتانيا وعدم تحمسه لوضع آليات مشتركة لتهدئة المنطقة الحدودية الممتدة على 2300 كلم، كل هذا يدفع الرئيس الغزواني الذي تعامل مع الملف المالي بنوع من الحكمة وبرودة الأعصاب إلى تغيير موقفه، وهو أمر يفرضه، مع ذلك، التضايق الشديد داخل المشهد السياسي الموريتاني من أخبار العنف والقتل الواردة من منطقة الحدود دون رد من الجيش الموريتاني.

فقد أعلن الناني ولد اشروقة الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية “أن القوات الموريتانية جاهزة للدفاع عن التراب الوطني ضد أي تدخل خارجي، وأنها سترد الصاع صاعين لكل من يتجرأ على ذلك عن قصد”.

وأوضح “أن موريتانيا ستتعامل مع أية حادثة اعتداء على مواطنيها حسب نوعيتها، سواء كانت داخل التراب الوطني أو كانت خارجه”.

وفي نطاق تسخين الموقف الموريتاني إزاء ما تقوم بها جارتها دولة مالي، أنهى الجيش الموريتاني للتو مناورات عسكرية موسعة بمشاركة سلاح الجو والمدفعية وقاعدة الطيران المسير في مدينة النعمة، كبرى مدن الشرق الموريتاني. وتحمل هذه المناورات رسالة طمأنة للمواطنين الموريتانيين المتخوفين إزاء ما قامت وتقوم به عناصر الجيش المالي وقوات فاغنر الروسية في توغلات داخل المناطق الحدودية الموريتانية.

وغطت هذه المناورات التي جرت بحضور قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية الفريق المختار بله شعبان، الشريط الحدودي الرابط بين بلدة إفيرني التابعة لمقاطعة جكني، وصولا إلى أقصى حدود بلدية المكفه بمقاطعة باسكنو، وذلك بحضور وزير الدفاع الوطني الجنرال حننه ولد سيدي ووزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين، اللذين زارا المنطقة الحدودية الموريتانية المالية للاطلاع ميدانيا على أحوال السكان، ولشرح الجهود المبذولة “لتأمين المواطن الموريتاني في أيّ نقطة من التراب الوطني”، وفقا لما ذكرته الوكالة الموريتانية الرسمية للأنباء.

ومما يزيد احتمالات انفجار الأوضاع، عدم الاتفاق حتى الآن على رسم الحدود البرية بين موريتانيا ومالي، فهناك قرى يسكنها موريتانيون في عمق الأراضي المالية والعكس قائم، كما أن هذه المنطقة ميدان لمناوشات مستمرة بين الجيش المالي المدعوم بميليشيا فاغنر والمجموعات الجهادية المسلحة، وكذا بينه مع قوات حركة تحرير أزواد، وهي مناوشات لم يسلم منها المدنيون وبخاصة المنمين والتجار الموريتانيين المتنقلين الذين وصل عدد قتلاهم إلى 50 شخصا وفقا لأرقام شبه رسمية، إلى جانب المشردين والنازحين الذي لا يعرف عددهم بالضبط.

ويقول المحلل والإعلامي الموريتاني سلطان البان “أن من يطلع على تفاصيل الامكانيات العسكرية والقتالية التي يتمتع بها الجيش الموريتاني خصوصا خلال السنوات القليلة الماضية، وعلى تعداد القواعد العسكرية شرقاً وشمالا، وعلى عدد المطارات العسكرية، حينها سيدرك المتابع أن القوّة العسكرية الضاربة لموريتانيا بإمكانها، شرب الشاي مع حبّات الفستق، في باماكو في أقل من يوم”.

وقال “لا توجد قوّة تضاهي القوة العسكريّة الموريتانية في معظم الجوار الاقليمي غير العربي حسب علمي، وذا كانت بعض دول غرب افريقيا قد اقتنت مؤخرا طائرات بيرقدار TB2 التركية في صفقات الأسلحة الرائجة، فإن موريتانيا تجاوزت مرحلة اقتناء هذه المسيرات إلى مرحلة قريبة من التصنيع وبطراز أوروبي؛ ويضاف لذلك، يضيف المحلل، أن العسكري الموريتاني تربى في الصحراء وفي عمق الظروف الجغرافية والطبيعية القاسية، وملك مقوّمات الدفاع بالممارسة والعقيدة”.

وعن الاستقطاب الدولي الجاري في المنطقة توازيا مع التوتر بين مالي السائرة في الركب الروسي، أنهى الأميرال روبرت باور، رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي “الناتو” للتو، زيارة لموريتانيا أجرى خلالها لقاءات مع كبار المسؤولين الموريتانيين.

وأكد في مقابلة مع وكالة “الأخبار” الموريتانية “أن حلف الناتو شرع في وضع وتنفيذ برامج لتعزيز قدرات القوات المسلحة الموريتانية شملة لستة مجالات”.

وردا على سؤال حول ما إذا كان لاهتمامهم المتزايد في موريتانيا علاقة بوجود قوات فاغنر الروسية في منطقة الساحل، وتحديدا في مالي وبوركينا فاسو النيجر، قال الأميرال روبيرت باور: “إذا كنتم تظنون أن وجودنا هنا هو نتيجة ظهور مجموعة فاغنر في النيجر ومالي وبوركينا، فإن هذا غير صحيح”، لكن الأميرال اعترف في المقابلة “بقلق حلف الناتو من وجود مجموعة فاغنر في منطقة الساحل”.

وأكد المسؤول العسكري البارز في حلف الناتو “أن المحادثات مع الطرف الموريتاني ستتواصل إلى جانب التقييم المتبادل، وكذا قياس مدى رضا الشركاء في موريتانيا عن مستوى التعاون الثنائي”، مبرزا أنه “سيصطحب معه نتائج لقاءاته ومحادثاته في نواكشوط إلى بروكسل”، وأنه “على الطرفين أن يعملا معا على دعم علاقاتهما”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس