أعلن في العاصمة السنغالية، دكار عن وفاة الخليفة العام للطريقة الإبراهيمية التيجانية الشيخ أحمد التيجاني انياس، بالمستشفى حيث كان يعالج من وعكة صحية ألمت به قبل أيام، عن عمر 88 عاما، وفق ما نقله مواقع موريتانية عن نظيرتها السنغالية. وقد خيم الحزن والأسى على الملايين من المسلمين حول العالم بتلقيهم خبر وفاة أحد أبرز القادة والدعاة في افريقيا والعالم الاسلامي.
وكان الشيخ التجاني قد عانى من وعكة صحية قبل اسابيع نقل على أثرها لاحد مستشفيات العاصمة دكار. ويعتبر الشيخ التجاني رابع خليفة لوالده شيخ الاسلام الشيخ ابراهيم انياس بعد الخلفاء الشيخ علي السيس والشيخ الحاج عبد الله نياس والشيخ أحمدو نياس ويتوقع أن تنتقل الخلافة للشيخ محمد الماحي نياس بحسب عامل السن.
وكان الخليفة الشيخ التجاني أول نجل للشيخ ابراهيم نياس يصل موريتانيا حيث أحضره الشيخ ابراهيم بنفسه وهو لما يبلغ العاشرة من عمره ليسلمه للولي الصالح محمد الأمين بن بدي العلوي ليدرسه القرآن الكريم والعلوم الشرعية واللغوية.
ويحتفظ الراحل بكثير من الود والوشائج لموريتانيا ، ويتمسك بكثير من عادات المجتمع الموريتاني و يتحدث اللهجة الحسانية بطلاقة ويحكي الشعر الشعبي والامثال والقصص الشعبية ، وقد زار موريتانيا في مناسبات متعددة كان آخرها سنة 2018 ،
الخليفة العام من مواليد مايو عام 1932 بمدينة كوسي السنغالي، ودرس القرآن الكريم في موريتانيا، نال شهادة في الأدب العربي من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
يشار إلى أن الشيخ أحمد التيجاني رابع خليفة للشيخ إبراهيم انياس، مؤسس الطريقة الإبراهيمية التيجانية، إحدى فروع الطريقة التيجانية التي أسسها الشيخ أحمد التيجاني المدفون في مدينة فاس المغربية منذ قرون.
نبذة عن حياة الخليفة الشيخ أحمد التجاني نياس :
ولد الخليفة الشيخ أحمد التجاني بن الشيخ إبراهيم إنياس بأرض المواهب العرفانية ومتفجر الكنوز الربانية و الفيوضات الرحمانية، كوسي الواقعة على بعد 12 كلم من كولخ سنة1932، وكان أول دعاء صدر من الشيخ ابراهيم نياس رضي الله عنه عندما استهل هذا النجم صارخا هو قوله رضي الله عنه: أسأل الله أن ينفع به العالم.
بدأ حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ عمر تورى، ثم سافر به الشيخ ابراهيم نياس بنفسه إلى بلاد شنقيط لينهل من معين العلم، ويتزود لمسيرته الطلائعية بزاد التقوى والفهم، ويختار من أخلاق الزهراء أم سلسلة الشرفاء وبضعة سيد الأنبياء ما خف حمله ولذ أكله وحسن وصفه وشكله، إذ سلمه بيده إلى الشيخ محمد الامين ولد بدي العلوي في نهاية الأربيعينيات بمنطقة العكل..
أخذ الطريقة عن الشيخ رضي الله عنه وتربى وسلك مسالك الرجال على يد الشيخ وبمرأى منه ومسمع، حتى إذا ما استوثق من سطوة الفناء وقوة البقاء بالله تبارك وتعالى وتأكد من الأهلية لحمل أعباء الدعوة إلى الله أجازه وأطلق له الإذن بجميع الأسانيد المعروفة عند الشيخ رضي الله عنه.
كان ظلا للشيخ رضي الله عنه في جل أسفاره للدعوة إلى الله، خصوصا إلى نيجيريا التي قوى الربط بينها مع الشيخ رضي الله عنه عن طريق الزيارات المتبادلة
أما سعة صدره المزاحمة لسعة منزله فكانت مثار العجب فقد أخذ على نفسه أن ينزل عنده أجل ضيوف الشيخ رضي الله عنه في المواسم المعروفة وغيرها من أحفاد للشيخ التجاني رضي الله عنه وأمراء نيجيريين وشخصيات وأعلام آخرين مما ساهم في توفير قسط لا يستهان به من الراحة للشيخ رضي الله عنه.
كان لصاحب الترجمة حضور مشهود في لقاءات دولية ومناسبات عالمية نيابة عن الشيخ رضي الله عنه، مثل إبلاغه عنه التعزية في رحيل السيد جمال عبد الناصر حيث قرأ رسالة بالمناسبة، كما حضر محافل ولقاءات إسلامية في كل من نيجيريا والكامرون والنيجر وإفريقيا الوسطى وغانا وتشاد والسودان ومصر ومالي وبوركينافاسو وبنين وتوغو وغامبيا وموريتانيا والمغرب وفرنسا وغير ذلك.
وكانت له علاقات وطيدة بجل رؤساء الدول الإفريقية وزعماء الهيئات والمؤسسات الكبرى العالمية مما يدل على أهليته الخلقية والفكرية والدينية والاجتماعية والسياسية لاستقطاب الوجهات ووضع كل لبنة في موضعها الفني،كما كانت له يد طولى في تسيير المؤسسات التربوية والتنموية مثل:
– اتحاد جمعيات الوحدة والتضامن للتعاون على البر والتقوى
– مؤسسة للتعاون والتنمية الزراعية
كما كان المؤسس للحركات التجانية في غانا والنيجر.
يمتاز صاحب الترجمة بمحبة نفع الأحباب، فقد وثّق الروابط الوثيقة ومتن الأواصر المتينة ورسخ العلاقات العميقة الراسخة بين الشيخ وأحبابه النيجيريين من خلال كتابه القيم المسمى: “علاقة شيخ الإسلام إبراهيم انياس الكولخي رضي الله عنه بنيجيريا” …
وجاءته الخلافة التي لم يكن يطمح إليها بقدر ما كانت تطمح إليه، فقد تعود أن يكون عبدا لربه، خديما لشيخه مضيافا لطوارقه محبا لأحبابه واقفا عند بابه مدافعا عن جنابه، إلا أن مهمة الخلافة التي كان سيدي الشيخ الحاج أحمدُ رضي الله عنه متكلفا بها وجهها القدر إليه بعد أن لبى صاحبها نداء ربه مكرما محفوفا بالمهابة والوقار مصونا بالعظمة والإكبار كان ذلك يوم الثلاثاء 18\05\2010م وبعد أن انتهت مراسيم الدفن واستقبال المعزين من مشارق الأرض ومغاربها اجتمع أبناء الشيخ رضي الله عنه وعنهم أجمعين واتفقوا على تتويج سيدنا الشيخ التجاني إبراهيم بتاج الخلافة، وبارك الكبراء والخلفاء والأحباب والجيران هذا الحدث المبارك الميمون. أدام الله عز تلك الدوحة، ونشر ألياف تلك الدعوة، وبسط مطارف تلك الأخوة والألفة، خدمة للدين والطريقة والفيضة وما ذلك على الله بعزيز
هذا ولقد تربى الخليفة الشيخ التجاني في كنف والده المنعم، إذ توفيت والدته المغفور لها وهو صغير فانبرى لخدمة أبيه الشيخ، فكسب وده واكتسب رضاه وشهد بهذا القاصي والداني، وكان اليد المساعدة له في تحمل مسؤولية ضيوفه الذين كانوا يقدمون إليه من جميع الفئات والمستويات، فتدرب على المسؤولية مبكرا بدعم منه وأصبح مبعوثه إلى الأعيان والأمراء ورجالات الدولة في غير ما بلد.
وكان صاحب الترجمة يُرجع ما حصل عليه من نوادر الحكم ويواقيت العلوم وحدّة الذاكرة وجودة الحفظ إلى بركة خدمة الشيخ، وناهيك بها مصدرا جزلا وبحرا زاخرا.