الغزواني يبدأ التحضير للحوار ويعين منسقاً

8
الغزواني يبدأ التحضير للحوار ويعين منسقاً
الغزواني يبدأ التحضير للحوار ويعين منسقاً

أفريقيا برس – موريتانيا. بعد طول انتظار، وفي خضم مواقف مرحبة وأخرى مشككة في الجدوى، أدخل الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، المشهد السياسي الموريتاني في دوامة التحضير للحوار السياسي الشامل، وذلك في كلمة ألقاها خلال مأدبة إفطار سياسي حضرها رئيس وأعضاء مجلس مؤسسة المعارضة الديمقراطية والمرشحون الرئاسيون السابقون وممثلو القوى السياسية.

وجلس على الطاولة إلى جانب الرئيس ولد الغزواني، كل من الزعيم الرئيسي للمعارضة حمادي سيدي المختار (الإسلاميون)، ورئيس حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية السابق صار إبراهيما، عضو مجلس إشراف مؤسسة المعارضة، ورئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود، ونائب رئيسة حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم سانغوت عثمان، ورئيس حزب الإنصاف الحاكم سيدي أحمد ولد محمد، ورئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير، ورئيس تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه.

ولوحظ غياب المرشح الرئاسي السابق والنائب البرلماني بيرام الداه اعبيد زعيم المعارضة المتشددة، عن الإفطار الرئاسي بعد أن كان مقرراً جلوسه على الطاولة نفسها التي يجلس عليها الرئيس، حيث سحب بروتوكول الرئاسة كرسياً كان مخصصاً له بعد التأكد من غيابه.

وفي كلمة له بالمناسبة، أبلغ الرئيس الغزواني الحاضرين باختياره للسياسي المخضرم موسى افال منسقاً للحوار ومكلفاً باستقبال تصورات وآراء الجميع وصياغتها في وثيقة تقدم له خلال أسابيع قليلة.

ويأتي اختيار الرئيس الغزواني للسياسي موسى فال منسقاً لتحضيرات الحوار، بصفته شخصية وطنية توافقية، ولأنه كان إلى وقت قريب ينشط في صفوف المعارضة، وبالنزر لتاريخه الطويل في العمل السياسي الموريتاني.

وحدد الرئيس أمام قادة وممثلي التشكيلات السياسية، ثلاثة مجالات طلب منهم أن يقدموا آراءهم بشأنها، وأول هذه المجالات هو تشكيلة لجنة إدارة الحوار المرتقب التي أكد الرئيس على ضرورة أن تعكس أوسع تمثيل لكل الموريتانيين، والمجال الثاني أجندة الحوار، والثالث آلية إجراء الحوار.

وحث على ضرورة أن تشمل أجندة الحوار المنتظر، جميع المواضيع التي تم التطرق لها في حوارات سابقة، وأن يتم إدراج مواضيع أخرى لم تتطرق لها الحوارات السابقة في إشارة ضمنية لملف الإرث الإنساني المتعلق بإعدامات تعرض لها جنود وضباط من القوميات الزنجية الموريتانية مستهل تسعينيات القرن الماضي.

وأكد ولد الغزواني أن الحوار المرتقب تكميل واستمرار للحوار الذي سبق إطلاقه عام 2022، قبل توقفه بشكل مفاجئ، معرباً عن أسفه لفشل ذلك الحوار، والذي تولى تنسيقه آنذاك الوزير الأمين العام السابق للرئاسة يحيى ولد أحمد الوقف.

ولم يتطرق للحوارات التي أجرتها وزارة الداخلية الموريتانية بعد ذلك، والتي نوقشت خلالها موضوعات تتعلق بالانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية، وبتعديل قانون الأحزاب.

ورفض بيرام الداه اعبيد التعليق على أسباب تغيبه عن الإفطار الرئاسي، لكن مقربين منه أكدوا «أنه يرى في الإفطار، وفي طبيعة حضوره، تمييعاً للمشهد السياسي، ومحاولة من الرئيس الغزواني تلميع نفسه».

ولم يستبعد المقربون أن يتعاطى النائب ولد اعبيد إيجابياً مع مراحل الحوار، وأنه سيجري تقييمات لكل مرحلة ليقرر على أساس ذلك ما يلزم اتجاهها من حضور أو غياب.

ونقل عن النائب بيرام الداه اعبيد انتقاده لاختيار السياسي موسى افال منسقاً للحوار، وتأكيده بأنه كان من الأولى «تكليف شخصية سياسية جديدة، لديها مؤهلات علمية وجامعية، بدل شخص كان طيلة مساره السياسي، معارضاً للتغيير وبخاصة منذ عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد الطائع إلى اليوم».

ومع أنه من المنتظر أن يبدأ تدفق ردود أفعال وبيانات الساسة والمدونين الموريتانيين إزاء مسألة الحوار، فقد سارع مدونون بارزون إلى نشر مواقفهم، حيث علق الإعلامي هيبة الشيخ سيداتي على هذا الحدث قائلاً: «حدد غزواني هذه المرة مهمة منسق الحوار بدقة، وأنه مجرد مستقبل لمقترحات الأطراف، وعائد إليها منه برأي جديد، أي أنه مجرد قناة تواصل بين الرئيس والقوى السياسية؛ كما حدد المطلوب من الأطراف السياسية في هذه المرحلة، وهو تقديم مقترحاتها حول شكل ومضامين وتنظيم الحوار، وتقديمها للمنسق».

وقال: «موسى افال استشاري وسياسي تقليدي، يصفه العارفون به برجاحة العقل، لكنه يشبه في نمط تفكيره وطبيعة علاقاته يحيى ولد الوقف الذي فشل في أول وآخر حوار سياسي في عهد غزواني، والذي فشل أو أفشل حتى قبل أن ينطلق بسبب عجز ولد الوقف عن إدارته، ولأسباب ثلاثة، يشترك فيها معه موسى افال، وهي عقلية الاستشاري التي تقدم الاقتراح على الاستيعاب، فتميل للقوى التي تقترح أفكاراً، ولو كانت لا تمثيل لها في الواقع، على حساب القوى السياسية الوازنة والمؤثرة، والسبب الثاني هو الوثوقية والاعتزاز بالرأي، وهي صفة لا ينجح معها من يفترض فيه الوساطة والتحكيم بين القوى السياسية المتفرقة، والمتشظية، والسبب الثالث هو ضعف علاقاته، إن لم نقل سوءها مع أبرز قوتين معارضتين في البلاد، وقد بدت بوادر ذلك مبكراً، وهاتان القوتان، يضيف سيداتي، هما المرشح بيرام الداه اعبيد بالإضافة إلى الداعمين له، والذين يعتبرون موسى فال امتداداً للعقلية المخزنية المحافظة التي يصعب التفاهم معها وهي جزء من المشكل المتراكم منذ عهد ولد الطايع حسب نظرتهم، أما القوة الثانية التي لا يرتبط معها موسى بعلاقات جيدة، فتتمثل في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل»، فلا تعارف يذكر بين إدارته الحالية وموسى فال، في حين تربطه علاقات ممتازة بزعيم الحزب السابق جميل منصور، والراجح أن ذلك لن يكون عنصر جذب عند القيادة الحاليّة».

وأضاف سيداتي يقول: «الخلاصة، أن موسي فال سياسي من جيل ولد الطايع، وقد استجدت بعد ذروة نشاطه وحضوره السياسي، قوى مؤثرة، وفاعلة في المشهد، وربما ما تزال نظرته لها متأثرة بنظرة نظام ولد الطايع لها، حيث كان ينظر إليها كقوى غير ناضجة، أو متهورة، أو حتى متطرفة، ومن هذه الزاوية قد يؤتى الحوار، وتؤتى إدارته الجديدة».

وزاد: «موسى فال مطالب بتواضع سياسي، وانفتاح على القوى المؤثرة في المشهد، وعدم الارتهان لـ»رفاق» لم يعطهم الشعب في استحقاقين متواليين نفس القيمة التي يحتفظ موسى فال لهم بها».

وعلق أبرز مدوني المهجر المعارضين الطالب عبد الودود على إطلاق الرئيس الغزواني للحوار قائلاً: «لا جديد نفس الوجوه ونفس الواقع ونفس اللغة الخشبية «الحوار» «الوحدة الوطنية»، واجتماعات المصالح الخاصة والمحاصصة والترضية».

وقال: «هذه الجماعات في واد والشعب في واد، والدولة غير موجودة لا في الواقع ولا في حياة الناس، والأيام القادمة ستكشف المزيد من المستور»، حسب تعبيره.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس