أفريقيا برس – موريتانيا. من المقرر أن يشارك الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، حسب مصادر مطلعة، في قمة مصغرة ستحتضنها العاصمة الأمريكية واشنطن بين 9 و11 تموز / يوليو الجاري، بدعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويجمع اللقاء، الذي يوصف بأنه محدود النطاق، خمسة رؤساء أفارقة، ويدور حول ملفات الأمن والتعاون الاقتصادي، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات لسياسات الهجرة الأمريكية إزاء القارة.
وتحمل مشاركة موريتانيا في هذه القمة دلالات خاصة، حسب ما أكده مصدر مقرب من مركز القرار، إذ تأتي، حسب تأكيده، في وقت تم فيه تداول تسريب لوثائق داخلية أمريكية تتعلق بنية إدارة ترامب فرض قيود على دخول مواطني 25 دولة أفريقية، من بينها موريتانيا، إلى الولايات المتحدة، بحجة “ضعف مصداقية وثائق الهوية، والاحتيال الإداري، وتجاوز مدد الإقامة القانونية”.
غير أن دعوة ولد الغزواني لحضور هذا اللقاء المحدود قد تعكس تصنيفًا أمريكيًا غير معلن لموريتانيا ضمن الدول ذات “الأولوية الاستراتيجية”، خصوصًا في مجالات مكافحة الإرهاب، وتأمين الساحل، والموارد المعدنية الحيوية، وهي ملفات تجد فيها نواكشوط نقاط تقاطع واضحة مع أجندة واشنطن الجديدة تجاه القارة.
وتنعقد القمة الأمريكية الإفريقية المصغرة بعد أيام قليلة من تنظيم المنتدى السابع عشر للأعمال الأمريكية الأفريقية في أنغولا، حيث أُعلنت استثمارات تفوق 2.5 مليار دولار.
وتبدو واشنطن، من خلال هذا اللقاء المصغر، وكأنها تبحث عن صيغ أكثر مرونة وفعالية لتمتين العلاقات الاقتصادية مع دول محددة، بعيدًا عن الصيغ الجماعية المعتادة.
لكن المفارقة تكمن في أن أربع دول من أصل خمس مشاركة في هذه القمة (موريتانيا، السنغال، ليبيريا، الغابون) واردة ضمن القائمة التي قد تطالها إجراءات حظر الدخول؛ وهو ما يثير تساؤلات حول مدى انسجام الخطاب الأمريكي بشأن «شراكات اقتصادية قائمة على الاستثمار والمعاملة بالمثل» مع الممارسات الفعلية على الأرض.
ومن وجهة نظر مراقبين، فإن استدعاء موريتانيا إلى طاولة مصغرة كهذه يعكس حرص واشنطن على تعزيز التعاون مع دولة يُنظر إليها على أنها تلعب دورًا متصاعدًا في أمن الساحل، وتتمتع بموقع استراتيجي يربط غرب أفريقيا بشمالها. كما أن موريتانيا احتفظت بفكرة وروح مجموعة دول الساحل الخمس التي غادرتها ثلاث من الدول المؤسسة لها، والتي كانت شريكًا محوريًا لواشنطن في برامج مكافحة الإرهاب في المنطقة قبل أن تنحل مؤخرًا.
وفي سياق اقتصادي، تُبدي الشركات الأمريكية اهتمامًا متزايدًا بالموارد المعدنية والطاقوية في موريتانيا، خاصة مع اقتراب بدء الإنتاج من حقل الغاز المشترك مع السنغال، المعروف بحقل “السلحفاة الكبرى آحميم”.
وتُظهر القمة المصغرة تمايزًا في الأسلوب السياسي لترامب، الذي يُفضل الاجتماعات المحدودة والنقاشات الموجهة مع شركاء يُنظر إليهم بوصفهم «قادة يمكن التعامل معهم».
وفي هذا السياق، تبدو دعوة ولد الغزواني إشارة إلى نوع من الثقة في القيادة الموريتانية، أو على الأقل استعداد أمريكي لمنح نواكشوط هامشًا دبلوماسيًا خاصًا في ظل التوترات الحالية.
ويبقى الرهان الأكبر على ما إذا كانت هذه القمة قادرة فعلاً على تخفيف التوترات التي سببتها تسريبات الحظر، أو إذا كانت مجرد محاولة لخلق صورة متماسكة لاستراتيجية أمريكية ما تزال مترددة في رسم خطوط واضحة لعلاقتها بالقارة.
وبالنسبة لموريتانيا، ستكون المشاركة فرصة للدفع نحو إعادة تموضع في علاقاتها مع واشنطن، وربما لاستثمار اللحظة في تحييد خطر القيود المرتقبة، خصوصًا مع تنامي الاهتمام الأمريكي المتجدد بموارد إفريقيا وأمنها البحري والبري على السواء.
ويشكل حضور موريتانيا لقمة ترامب المصغرة في واشنطن اختبارا دقيقا لموقعها في حسابات واشنطن الجديدة، ولقدرتها على التفاعل الذكي مع التحولات المتسارعة في أولويات السياسة الأمريكية تجاه القارة الإفريقية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس