
أفريقيا برس – موريتانيا. قوبل الجانب السياسي في برنامج حكومة رئيس الوزراء الموريتاني المختار ولد أجاي، الذي يواصل البرلمان الموريتاني حالياً مناقشته، باهتمام كبير داخل الساحة السياسية، وبخاصة ما يتعلق منه بالحوار السياسي الذي تطالب به المعارضة بإلحاح بعد أن أطلقته ثم علقته الحكومة مستهل حزيران/ يونيو من عام 2022.
ويعود ذلك الاهتمام، لما أعلن رئيس الوزراء المختار أجاي أقوى من تولى رئاسة الوزراء منذ انطلاق التجربة الديموقراطية الموريتانية، بخصوص إطلاق حوار سياسي شامل، وهو الحوار الذي تكررت المطالبة به من طرف أحزاب المعارضة، ومؤخراً من طرف زعيم حراك رفض نتائج انتخابات حزيران/ يونيو الرئاسية بيرام الداه اعبيد.
فقد أكد رئيس الوزراء ولد أجاي “أن أول ورشة ستفتحها الحكومة الجديدة ستكون ورشة الإصلاحات اللازمة لتطوير وترسيخ نظامنا الديمقراطي”. وأكد “أن مدار العمل في هذه الورشة سيكون إطلاق حوار مسؤول صريح شامل لا يقصي أحداً ولا يستثني موضوعاً جوهرياً يهدف إلى إعادة التفكير في منظومة حوكمتنا ونموذجنا الديمقراطي”.
وقال: “ونحن نعول كثيراً على مخرجات هذا الحوار في تعزيز دور مؤسساتنا وتسيير العلاقات فيما بينها بشكل هادئ وسلس خدمة للمصلحة العليا لبلدنا الحبيب”.
وفي تحديد لما ينتظر من هذا الحوار، أكد ولد أجاي “أنه سيشمل على وجه الخصوص مراجعة مدونة الانتخابات وتحسينها بما يخدم المزيد من المشاركة والشفافية والمصداقية”.
وتوقف رئيس الوزراء أمام قضية هامة وشائكة هي قضية الترخيص للأحزاب السياسية، وهو أمر جذب اهتمام الأحزاب الموجودة قيد الترخيص، حيث توجد منذ سنوات عشرات من طلبات ترخيص الأحزاب مجمدة لدى وزارة الداخلية في انتظار مراجعة قانون الأحزاب.
وأكد رئيس الوزراء “أن مراجعة قانون الأحزاب السياسية تشكل بالنسبة لحكومته إحدى أهم الإصلاحات المعول عليها في تعزيز نظامنا الديمقراطي ودعم البنى التنظيمية والمؤسسية للأحزاب تمكيناً لها من أداء دورها المحوري في الحياة الديمقراطية”.
وفي الجانب السياسي أيضاً، أعلن رئيس الوزراء الموريتاني “عن إطلاق وشيك لورشة ثانية تندرج في إطار توطيد أسس دولة القانون والمؤسسات”، مضيفاً أنها “ستعنى بتسريع تنفيذ الوثيقة الوطنية لإصلاح وتطوير العدالة التي تقترح إصلاحاً عميقاً لنظامنا القضائي مؤسساً على تشاور تشاركي واسع النطاق ويلبي تطلعات الموريتانيين في العدل والمساواة”.
“وتهدف هذه الورشة، حسبما أكده رئيس الوزراء، إلى تعزيز استقلال القضاء وتحسين وضعية مهنيي العدالة وتسهيل النفاذ إليها وتقريبها من المواطنين وتحسين جودة وفعالية القضاء وضمان حقوق المتقاضين وإصلاح المنظومة الجنائية ومراجعة قوانينها الناظمة وإصلاح نظام السجون وتسريع رقمنة العدالة وعصرنة البنى التحتية القضائية”.
وكان لقضية حقوق الإنسان حضورها أيضاً في الجانب السياسي، حيث أعلن ولد أجاي في بيانه أمام البرلمان عن برمجة ورشة لترقية حقوق الإنسان، مؤكداً “أنها ورشةٌ ذات أهمية قصوى في تحقيق الانسجام والنماء المجتمعي”.
وأوضح “أن حكومته ستعمل في هذا السياق على تسريع وتيرة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان (2024-2028) مركزة على ضمان مساواة الجميع في الكرامة والحقوق والواجبات بقوة القانون وعلى أساس المواطنة، حصراً”. “كما ستعمل الحكومة، يضيف ولد أجاي، على ضمان المساواة في النفاذ إلى الخدمات والفرص والحقوق عموماً”، مضيفاً “أن الحقوق مجرد أحلام ما لم تُقْرَنْ بالآليات الكفيلة بالتمكين من استيفائها على الوجه المطلوب”.
وفي الجانب السياسي أيضاً، أكد رئيس الوزراء “أن حكومته ستواصل الجهود التي قيم بها في مجال مكافحة كل أشكال العبودية والاتجار بالبشر وكذلك العمل على صون وتكريس الحريات العامة ومحاربة كل أشكال التمييز أياً كان الأساس الذي عليه انبنى التمييز: العرق، أو الشريحة، أو القبيلة، أو الجهة، أو الجنس، أو الوضع الاقتصادي”، مع “إيلاء بالغ العناية، حسب قوله، لذوي الهشاشة والاحتياجات الخاصة ولمواكبة وتمكين اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، والمرصد الوطني لحقوق المرأة والفتاة، والآلية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، ومنظمات المجتمع المدني العاملة في هذا الميدان من تأدية عملها على أكمل وجه”. كما أكد رئيس الوزراء الموريتاني في بيانه السياسي “أن الإصلاحات السياسية التي ستقوم بها حكومته تتأسس على لبنة من أقوى اللبنات تعزيزاً لصرح الدولة الموريتانية، وتهيئة لشروط ارتفاعه، في قوة واطراد، وهي اللبنة التي وضعها، حسب قوله، رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال مأموريته المنصرمة”.
” فقد استطاع الرئيس الغزواني، يقول رئيس الوزراء، أن يعيد إلى الحياة السياسية هدوءها، بتكريسه نهج الانفتاح على الجميع، والنقاش والحوار، فنجح في نقل العلاقة بين مكونات المشهد السياسي الوطني، لينقلها من القطيعة والتنافر والتخوين إلى التهدئة والحوار والتفاهم، مثبتاً بذلك، عملياً، أنه بالإمكان، كما قال في خطاب الترشح 2024 “أن نتحاور فنخدم البلد جميعاً، بدل أن نتصارع فنضر به كلنا”.
وقوبلت مسألة إحياء الحوار السياسي بتعليقات الكثير من الساسة والمدونين الموريتانيين؛ ومن ذلك ما أكده الدكتور النان ولد المامي أستاذ العلوم السياسية بجامعة نواكشوط الذي أوضح “أن ثمة أرضية جاهزة لتنفيذ الحوار السياسي الذي أعلن عنه رئيس الوزراء المختار ولد أجاي”، مردفاً “أن هذه الأرضية تمت تهيئتها على مدى السنوات الأخيرة”.
وقال في تصريحات لمركز الصحراء الموريتاني الإعلامي المستقل: “كاريزما ولد أجاي تجعل من الممكن التوصل لحوار يؤدي لترسيخ الديمقراطية وتجسيد دولة القانون، ويرضي مختلف الأطراف”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس