أفريقيا برس – المغرب. لم تمضِ سوى ساعات على إغلاق محل الشاب المغربي عبد الإله، الشهير بـ”مول الحوت” في مراكش، حتى استقبله والي (محافظ) المدينة، فريد شوراق، الأربعاء، لطمأنته بشأن إعادة فتح محله وتمكينه من العودة إلى سوق السمك. وكان قرار الإغلاق قد أثار تعاطفا واسعا من المدونين الذين اعتبروا أنه جاء كرد فعل على كشفه للتلاعبات في أسعار السمك.
ووفق مصادر إعلامية محلية، تعهّد الوالي عند استقباله بائع السمك، بالعمل على إيجاد حلول لضبط الأسعار والإشراف شخصيا على وضعية السوق. وتأتي هذه الخطوة بتوجيه مباشر من العاهل المغربي الملك محمد السادس، ما اعتبره مدونون على منصة “إكس” تأكيدا على التزام الملك بتحقيق العدالة الاجتماعية والتصدي للاحتكار والمضاربة، مشيرين إلى أن “الثقة الوحيدة التي تبقى للشعب هي في العاهل المغربي والقوات المسلحة”.
حكاية الشاب عبد الإله بدأت عندما تداول نشطاء مقاطع فيديو توثق بيعه سمك السردين بسعر 5 دراهم (نصف دولار)، في حين يباع في محلات أخرى بأسعار مرتفعة، مما جعل المواطن يتساءل عن السبب. وكان الاستنتاج الموضوعي هو الاحتكار والمضاربات والوسطاء الذين ينغصون على المغاربة معيشتهم اليومية.
ومباشرة بعد استقباله من طرف محافظ مراكش، تناقل مدونون وصفحات على جميع منصات التواصل الاجتماعي صورا لعودة الشاب عبد الإله إلى محله وسط حفاوة جماهيرية كبيرة، تعيد إلى الأذهان لحظات استقبال أبطال حققوا الميدالية الذهبية في الرياضة.
الحكومة التي نال رئيسها الكثير من السخرية خاصة بعد إغلاق محل الشاب المذكور، تداول بعض المغاربة صورا لعزيز أخنوش مرفقة بتعليق يقول: “كل من باع السردين بـ5 دراهم (نصف دولار) سيغلق محله”، فيما تساءل مدون عن “سبب بقاء الحكومة إذا كنا ننتظر مبادرة مثل هذه من طرف والي (محافظ) مراكش”، وأضاف أن الشاب “عبد الإله انتصر”.
وبدت صور عودة “مول الحوت” (بائع السمك) إلى محله في أحد أحياء مراكش، حاشدة جدا مثل عودة المنتصر في معركة مصيرية ولسان حال الجميع يقول: “لقد انتصر للفقراء”، فيما أكد مدون أن الشاب قام بالواجب وأكثر، والآن الدور على الشعب، مؤكدا أن “بركات مول الحوت (بائع السمك) يلزمها مول الخضر (بائع الخضر) ومول الديسير (بائع الفاكهة) ومول الدجاج (بائع الدجاج)”، ويقصد إقدام تجار تلك المنتجات على فضح المضاربين والمتلاعبين بالأسعار.
وبعد أن تصدر الشاب عبد الإله طيلة الأيام الماضية انشغالات الرأي العام بسبب بيع سمك السردين يثمن بخس، اعتلى مرة أخرى منصات التواصل الاجتماعي من خلال صور ومقاطع فيديو توثق لحظات دخوله مقر ولاية (محافظة) مراكش، إلى جانب دخوله سوق السمك على متن شاحنة والعلم المغربي فوق أكتافه، وعلق مدون قائلا إن “بلادنا جميلة ومسؤوليها شرفاء” لأن الوالي (المحافظ) “قال بالحرف: لا أحد يقدر على منعك من بيع السمك يا بائع السمك”.
وكتب الصحافي مصطفى الفن، مدير موقع “آذار” تدوينة اعتبر فيها أن قضية الشاب المراكشي بائع السردين ليست حادثة عرضية، بل تعكس استمرار هيمنة لوبيات الاحتكار التي كانت وراء مآس سابقة، مثل قضية محسن فكري (شاب مغربي بائع سمك لقي مصرعه في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 في مدينة الحسيمة، بعد أن سُحق داخل شاحنة لجمع النفايات أثناء محاولته منع مصادرة بضاعته، مما أثار موجة غضب واحتجاجات واسعة في المغرب) دون محاسبة حقيقية للمتسببين الرئيسيين. كما تؤكد هذه القضية أن الغلاء في المغرب ليس مجرد ظرف اقتصادي، بل نتيجة لسياسات عمومية تتحكم فيها جهات نافذة تسيطر على الأسواق والموارد الأساسية، مما يجعل معيشة البسطاء في خطر دائم، وفق رأي صاحب التدوينة.
وكان الشاب عبد الإله المراكشي (نسبة إلى مراكش)، قد تحول إلى نجم في أقل من أسبوع، ووثقت مقاطع فيديو نشرها على منصته لحظات بيعه سمك السردين بسعر شبه رمزي بالمقارنة مع الأسعار المعتمدة في محلات وأسواق أخرى. وما زاد من تعاطف المغاربة معه هو إقدام السلطات على إغلاق محله بداعي مخالفات صحية وعدم إشهاره للائحة الأثمنة، كما تقاطرت شكايات من طرف زملائه في المهنة تزعم عدم احترامه للإنتاج ومرور سلعته عبر مسار غير الذي تمر منه باقي السلع.
اضغط على الرابط لمشاهدة الفیدیو
اضغط على الرابط لمشاهدة الفیدیو
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس