أفريقيا برس – المغرب. رغم تباين التيارات السياسية داخل المغرب بين يساري اشتراكي وإسلامي وليبرالي رأسمالي، وحتى من لا انتماء سياسيا أو أيديولوجيا له، في شأن الضربة العسكرية التي وجهتها الولايات المتحدة الأمريكية للمواقع النووية داخل التراب الإيراني، فقد توحدت العديد من المواقف حول رفض هذه الخطوة العسكرية، على اعتبار أنها خرق للقانون الدولي واعتداء على سيادة دولة من جهة، وأيضا لاعتبارات الانتماء العقدي بالنسبة للمسلمين. كما تقف فلسطين في وسط هذه المواقف شامخة، لأنها بوصلة رفض فئات عريضة من الشعب المغربي للهجوم الأول على طهران الذي نفذته إسرائيل صاحبة الإبادة في غزة، والهجوم الثاني الذي نفذته الولايات المتحدة الأمريكية.
وحضر موضوع الساعة في المسيرة الشعبية التي شهدتها العاصمة المغربية الرباط صباح الأحد، تضامنا مع الشعب الفلسطيني، حيث استنكر المحتجون الاعتداء على سيادة الدولة الإيرانية واستهداف أراضيها، في مقابل الترحيب بالرد الإيراني واستهداف الكيان المحتل بالصواريخ.
وصرح أحمد ويحمان، القيادي في “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، أن المسيرة تأتي في سياق تصاعد العدوان الصهيوني، فبعد تدمير غزة وعموم فلسطين ولبنان وسورية واليمن والعراق، يطال العدوان اليوم إيران، بما يفيد أن الاستهداف هدفه كل الأمة من طنجة إلى جاكرتا.
وتابع قائلا إن من الرسائل التي تريد المسيرة إيصالها “أننا نقف في وجه المشاريع الاستعمارية، ومستمرون إلى حين تحرير فلسطين، وحتى إسقاط التطبيع من الساحات، ومنها الساحة المغربية، حيث نجدد اليوم التأكيد أن التطبيع خيانة والمقاومة وفلسطين أمانة، والقضية الفلسطينية هي قضية وطنية”، وفق ما أورد موقع “لكم”.
وقال المتحدث إن على المسؤولين في المغرب “أن يغتنموا الفرص التي تعطى لهم ليقفزوا من مركب التطبيع”، معتبرا أن هناك ثابتا عند الشعب المغربي وهو دعم خيار المقاومة، ومواصلة النضال حتى إغلاق مكتب الاتصال، وحذر من أن “الكيان لا ينفع معه أي تقارب، لأن طبيعته الإرهاب والتقتيل والتطهير العرقي، ولا يعرف معنى للسلام”.
وفي رأي المصطفى الرميد، القيادي السابق في حزب “العدالة والتنمية” والوزير الأسبق للعدل، فإن “أمريكا وإسرائيل تمارسان قانون الغاب والتوحش والهمجية، تتنكران للمؤسسات الأممية ولكل المواثيق والقوانين الدولية”.
وزاد موضحا في تدوينة نشرها على صفحته في فيسبوك، “بالأمس، كان الضحية هو العراق وأفغانستان، واليوم غزة وإيران”. وبالنسبة إليه، فإن أمريكا وإسرائيل “لا تعترفان الا بالقوة، وليس لهما من غاية الا الغلبة والسيطرة” واستشهد بالآية الكريمة “ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا”.
أما المخرج السينمائي والناقد المغربي عبد الإله الجوهري، فقد كتب في تدوينة على “فيسبوك” أن “أمريكا تدك المفاعل النووي الإيراني على مرأى ومسمع من العالم، فعلها ترامب وقواته الغاشمة، تاركا العالم يعيش حسرته”.
وأضاف “لقد تمت قنبلة المنشآت الإيرانية، فوردو ونطنز وأصبهان، وعادت الطائرات سالمة، دون أن تعترضها ولو طائرة واحدة في الأجواء الإيرانية”. والأكيد في رأيه أن “العملية تم ترتيبها، والتفاهم مع القوى، روسيا والصين وباكستان، قبل أن يتم تنفيذ مخططاته في دعم ربيبته الصهيونية”.
وبحسرة يوضح قائلا “ينفذون مخططاتهم، ونحن نتابع ذلك بكل عجز، ما نملكه هو الصراخ، ورفض سماع صوت العقل، وتخوين كل من عبر بشكل مختلف، حتى وإن كان يذوب حبا في فلسطين. ونشر الأكاذيب والترهات بين دولنا من أجل أن تربح بعض الأنظمة نقطا على حساب أنظمة أخرى تكرهها”.
وبالنسبة للمخرج الجواهري، فإن “العرب ظاهرة صوتية بامتياز، وإيران مجرد حصان خشبي منهوك من الداخل، رغم ما قدمه ويقدمه من استعراض للقوة ألهبت الحماس، وأوهمت العربان وأمة الإسلام، المغلوب على أمرها، بالنصر القريب”، إلا أنه “في هذه اللحظة الفارقة، تهرب الكلمات، وتضيق العبارة مع انهيار أحلامنا بالنصر على الصهيونية الغاشمة، ووضع حد لغطرسة الغرب، وتعديه على مصالحنا”.
وعبر الجواهري عن أمانيه في “أن تكون الضربة غير حاسمة، وأن تكون إيران قد هيأت من قبل سيناريو لتضليل الأعداء، وأن تكون الضربة أصابت مواقع فارغة”، ووجه خطاب “الخزي والعار” لمن وصفهم بـ “تجار القضية، وبائعي الوهم لشعوبنا الخانعة المصدقة لكل ما يقدم لها من شعارات وأكاذيب”، وختم بالهتاف بشعار “عاشت فلسطين ولا عاش من خانها”.
وفضّل حسن بناجح، القيادي في “جماعة العدل والإحسان”، تحليل مواقف الغرب من الملف النووي حيث “إيران تدان وإسرائيل تصان”، مؤكدا أن إسرائيل ترفض “التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، في الوقت الذي تمتلك فيه ترسانة نووية سرية وغير خاضعة لأي رقابة دولية، ورغم ذلك تُشن الحروب والحملات وتُفرض العقوبات ضد دول أخرى فقط لأنها تشتبه في سعيها لتطوير قدرات نووية، حتى ولو كانت هذه الدول موقعة على المعاهدة وتخضع لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما هو الحال مع إيران”.
المفارقة الصارخة، في رأي القيادي الإسلامي، أن “الكيان الصهيوني الذي يملك السلاح النووي فعليا ولا يعترف بأي التزام دولي، هو من يشن حربا ضد دولة عضو في معاهدة الحد من الانتشار وتعاونت مرارا مع المفتشين الدوليين، وكل ذلك بتواطؤ مكشوف من القوى الغربية”.
“وتزداد هذه المفارقة فظاعة” – يوضح بناجح – “حين نعلم أن أمريكا، الدولة الراعية والداعمة للكيان الصهيوني، والراعية المزعومة للسلام العالمي، هي نفسها التي لم تكتف بامتلاك السلاح النووي، بل كانت أول من استعمله في التاريخ، عندما ألقت قنابلها النووية على هيروشيما وناغازاكي وقتلت مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء في مشهد لا تزال الإنسانية ترتجف من هوله إلى اليوم”.
وتساءل: “هل من المنطقي أن تفرض هذه الدولة ومعها إسرائيل وصاية نووية على العالم، وهي التي لوثت الضمير الإنساني بجريمة نووية كاملة الأركان؟!” وشدد على أن “هذا السلوك الفاضح يكشف أن معايير (الأمن الدولي) لا تحكمها الشرعية ولا القوانين، بل منطق الغلبة/الغابة وموازين المصالح، ويظهر بجلاء كيف تحول النظام الدولي إلى مظلة لحماية المعتدي وتبرير الجرائم إذا كان المعتدي حليفا استراتيجيا للغرب”، وختم متسائلا أيضا “فهل بقي لادعاءات العدالة واحترام القانون الدولي أي معنى؟!”.
من جهتها، أكدت أمينة ماء العينين القيادية في حزب “العدالة والتنمية” المعارض، أنه “لا يمكن لأي عاقل في هذا العالم الغريب إلا أن يدين الهجوم الغادر والمنفلت والمجنون لأمريكا على منشآت إيرانية”، ورأت في تدوينة لها أن “الذين يدفعون بالتناقض مع إيران لأي سبب من الأسباب لتبرير الهجوم الأمريكي وقبله الإسرائيلي، لا يعلمون أن هذه الدائرة التي لن تقفل بسهولة قد تلتهم أيا كان في هذا العالم”.
وأضافت القيادية الإسلامية أنه “بُذل مجهود كبير بعد الحرب العالمية الثانية لوضع قواعد يحتكم لها هذا العالم ليتمكن من الاستمرار”، موضحة أنه “صحيح أن هذه القواعد خُرقت غير ما مرة، لكن هذه المرة مختلفة تماما، هذه المرة تؤسّس لمنطق مفاده أنه يمكن لأي دولة أن تنام وتستيقظ على دوي حرب تشنها عليها دولة أخرى لا تحبها، ويمكنها أن تستهدف مباشرة قياداتها ومسؤوليها، ويمكنها أن تخرق سيادتها وتُملي عليها ما تفعل وما لا تفعل دون حسيب أو رقيب، كما يمكن لأي رئيس مجنون أن يُصبح معلنا للعالم بكل تنطع واستفزاز أنه ألقى أطنانا من القنابل على دولة أخرى داخل حدودها وهي تبعد عنه آلاف الكيلومترات لمجرد أنه قادر على ذلك بقوة السلاح والمال”.
وبعد أن تساءلت “هل يمكن لهذا العالم أن يستمر على هذا المنوال؟” أجابت بالتأكيد “لا يمكن ذلك قطعا”، وعبرت عن “كل الإدانة للهجوم الأمريكي الطاغي على إيران، وكل الإدانة لعربدة إسرائيل في المنطقة بغطاء أمريكي، (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)”.
وفي موقف مغاير نوعا ما، قال الإعلامي محمد السراج الضو، إن “الكل لعب دوره في مسرحية لتمويه الرأي العام الإيراني”، بمن فيهم “ترامب، وأردوغان، ونتنياهو، والسيسي، ورؤساء دول الاتحاد الأوروبي، ووزراء الدول الإسلامية”، وفي رأيه فإن “كل قام بدوه بإتقان وحدثت الضربة غير المتوقعة في وقت غير متوقع وقطعت رأس الثعبان الشرير”، وفق تعبيره.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس