ناشط مغربي: الشباب في الأحزاب حضور شكلي فقط

1
ناشط مغربي: الشباب في الأحزاب حضور شكلي فقط
ناشط مغربي: الشباب في الأحزاب حضور شكلي فقط

أفريقيا برس – المغرب. لاحظ ناشط مدني مغربي أن «حضور الشباب داخل الأحزاب غالبًا ما يُختزل في البعد الشكلي أو الانتخابي، حيث يُستدعون فقط لتلميع الصورة أو لتأثيث المشهد في المحطات الانتخابية، ثم يُركنون جانبًا عند اتخاذ القرارات أو تشكيل اللوائح، وكأن دورهم ينتهي بمجرد الانتهاء من التصويت».

وأوضح أحمد بنعكروط، منسق «المرصد الوطني للعمل الجمعوي»، أن «الأزمة ليست في عزوف الشباب فقط، بل في بنية حزبية شاخت وأفرغت الفعل السياسي من معانيه، بعد أن غلب عليها الطابع الانتهازي والوصولي، مما جعل الكثير من الشباب النزيه والمتحمس يُقصى أو يُحبط».

وأدلى بنعكروط لـ»القدس العربي» بهذه التصريحات تعليقًا على نتائج دراسة ميدانية وُصفت بـ «الصادمة»، إذ سجّلت اتساع الهوة بين الأحزاب السياسية والشباب في المغرب، كما أشارت إلى التحولات العميقة التي عرفتها علاقة هذه الفئة العمرية بمختلف مناحي الحياة السياسية ومنها المشاركة في الشأن العام.

الدراسة الميدانية التي أنجزها الدكتور عبد الحق حجي، الخبير في القانون العام، أكدت أن 78 في المئة من مجموع 300 طالب وطالبة في جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء شاركوا في الدراسة «لا يرون في الأحزاب السياسية تعبيرًا فعليًا عن تطلعاتهم». كما أن اثنين من كل ثلاثة شباب لا يشعرون بأن صوتهم مسموع من قبل صناع القرار، بينما عبّر أكثر من نصف المشاركين عن فقدانهم الثقة في القنوات التقليدية للمشاركة، من قبيل الانتخابات أو الجمعيات ذات الطابع الكلاسيكي.

وأشارت إلى بروز أشكال جديدة مغايرة لتلك «الكلاسيكية» فيما يخص المشاركة في الشأن العام، حيث إن 66 في المئة من الشباب يعتمدون بشكل أساسي على وسائل التواصل الاجتماعي لاكتساب وعيهم السياسي، مما يؤشر على نشوء ثقافة سياسية رقمية بديلة، لم تتمكن الأحزاب من مواكبتها عبر قنوات التنشئة التقليدية. وأوضحت أن فئة الشباب «لا تجد في الخطابات الحزبية تعبيرًا حقيقيًا عن همومها اليومية، كما اعتبرت 52 في المئة أن هذه «الخطابات لا تلامس القضايا التي تحركهم كمواطنين، بل تُعاني من تعقيد لغوي وافتقار للمصداقية».

وحسم أحمد بنعكروط الأمر بقوله «نعم، فقدان الشباب المغربي للثقة في الأحزاب السياسية أمر واقعي ومبرر»، وفي رأيه فإن ذلك «نتيجة طبيعية لواقع حزبي أصبح في كثير من الأحيان قائمًا على منطق التوريث العائلي بدل الاستحقاق والكفاءة»، وفق تعبيره متحدثًا إلى «القدس العربي».

وأكد أن الحديث لم يعد عن «أحزاب تؤطر وتعبّئ، بل عن كيانات تحوّلت في بعض الحالات إلى شركات عائلية، حيث نجد الأب على رأس الحزب، والابن يقود الشبيبة، والابنة تُعيَّن في القطاع النسائي، وكلهم في اللائحة الوطنية». واستطرد قائلًا: «نحن لا نرفض مشاركة العائلات في العمل السياسي، لكننا ضد أن تُمسك عائلة واحدة بمفاتيح الحزب ومصيره، لأن هذا يُقصي الكفاءات، ويُنفّر الشباب، ويفرغ العمل السياسي من روحه الديمقراطية». وحسب المتحدث نفسه، فإن «المطلوب اليوم هو إصلاح حزبي حقيقي يُعيد الاعتبار للمصداقية، ويمنح الشباب مكانتهم التي يستحقونها».

وردًا على سؤال «هل فعلًا تهتم الأحزاب السياسية بالشباب وتضعه كأولوية في برامجها؟» أفاد الناشط الجمعوي بأنه «في السياق المغربي، يصعب القول إن الأحزاب السياسية تضع فعليًا قضايا الشباب في صلب أولوياتها الاستراتيجية، رغم الحضور المتكرر لهذا الملف في الأدبيات الحزبية والبرامج الانتخابية. ورغم ما راكمه المغرب من مبادرات مؤسساتية موجهة للشباب، فإن التفعيل الميداني يظل دون التطلعات، سواء على مستوى الإدماج الاقتصادي أو التمكين السياسي».

وفي رأيه، فإن «الأحزاب مطالَبة اليوم بالانتقال من منطق الخطاب إلى منطق الأثر، عبر بلورة سياسات قطاعية مندمجة تُراعي التحولات الاجتماعية والاقتصادية، وتُعزز قابلية الشباب للاندماج في سوق الشغل، خاصة في ظل معدلات البطالة المرتفعة والفوارق المجالية. كما أن تجديد النخب السياسية لن يتحقق إلا بإعادة الاعتبار للثقة، وفتح آليات المشاركة أمام الطاقات الشابة، ليس فقط كشريحة مستهدَفة، بل كشريك في القرار».

وأشار بنعكروط إلى أن الرأي القائل إن حضور الشباب في الأحزاب هو مجرد رقم انتخابي واهتمام موسمي عابر، «يعكس واقعًا مريرًا تعيشه الساحة الحزبية في المغرب». لكنه استطرد موضحًا: «رغم هذا التهميش، فإن الشباب اليوم يقومون بعمل جبار في التكوين والتأطير السياسي من داخل الفعل الجمعوي، بعيدًا عن منطق الولاءات والانتهازية». وشدد على أن «العمل الجمعوي لا يقوم كبديل عن العمل السياسي، بل إنه مدرسة حقيقية لإنتاج قيادات شبابية نزيهة وواعية وقادرة على إعادة تشكيل الخريطة الحزبية على أسس جديدة قوامها الكفاءة والنزاهة وخدمة الصالح العام».

وبالنسبة له، فقد حان الوقت للقول بوضوح: «كفى من هدر الزمن السياسي في أحزاب لم تعد تواكب طموحات الوطن، فالتغيير لن يأتي من داخل مؤسسات متكلسة، بل من شباب اختار أن يبدأ من الأساس، وأن يشتغل على الإنسان قبل الشعارات».

ويرى بنعكروط أن «ضعف الاهتمام الفعلي بالشباب داخل الأحزاب السياسية المغربية، يتجلى على أكثر من مستوى، وذلك بالرغم من وجود تنظيمات شبابية، تبقى المشاركة الحقيقية في مراكز القرار محدودة، وغالبًا شكلية». وأكد أن بعض المكتسبات كالتمثيلية داخل الهيئات التقريرية أو المنتخبة ما كانت لتتحقق لولا تدخل العاهل المغربي محمد السادس ودعوته الصريحة إلى دعم الشباب، وكذا التنصيص على ذلك في قانون الأحزاب السياسية. ولولا هذه المبادرات، فمن المستبعد أن نجد اليوم أي تمثيل يُذكر للشباب داخل المكاتب السياسية أو المؤسسة التشريعية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس