أفريقيا برس – المغرب. عدّلت حركة “جيل زد 212” الشبابية في المغرب طريقة عملها، عبر الاقتصار على يومٍ واحدٍ للتظاهر أسبوعياً وخفض المطالب والتركيز على الفضاء الرقمي.
وبين 27 سبتمبر/أيلول الماضي و9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، نظمت الحركة مظاهراتٍ يومية للمطالبة بإصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد.
وانخرط في الاحتجاجات شباب ما يُعرف بـ”جيل زد”، وهم المولودون بين منتصف تسعينات القرن الماضي والسنوات الأولى من القرن الحالي، في أوج ثورة التكنولوجيا الحديثة والإنترنت.
لكن الحركة أوقفت احتجاجاتها لفترة، ثم قررت تنظيمها كل سبت فقط، وجددت مطالبها بـ”ربط المسؤولية بالمحاسبة، والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين على خلفية مشاركتهم السلمية”.
بالمقابل، أعلنت الحكومة، في أكثر من مناسبة، استعدادها للحوار، وتسريع البرامج الاجتماعية الإصلاحية، وزيادة ميزانية قطاعي التعليم والصحة.
تغيير في الأساليب
اعتبر رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير (أهلية) محمد العوني أن “الحركة لم تغيّر إستراتيجيتها، بل غيّرت تكتيكاتها وأساليبها”.
وقال العوني، وهو حقوقي أيضاً، إن “حراك جيل زد حاول أن يكون واقعياً منذ البداية بالتركيز على مطالب محددة”.
وتابع: “حيث ركّز في الأول على أربعة مطالب أساسية، هي إصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد واستقلالية القضاء، وتم التخلي عن الأخيرة بعد أيامٍ من انطلاقه، واهتمّ بمطلب محاربة الفساد”.
ولفت إلى أن الحركة كانت تردّد شعاراتٍ دأب الحقوقيون على ترديدها سابقاً، إضافةً إلى شعارات حركة 20 فبراير (النسخة المغربية من الربيع العربي)، ومن أبرز شعاراتها: “حرية، عدالة، كرامة اجتماعية”.
ولا تزال الحركة المغربية تركز على مطالب اجتماعية، مثل إصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد، بينما قللت من الدعوة إلى إسقاط الحكومة.
كما بدأت تركز على مطلب إطلاق سراح الموقوفين على خلفية مظاهراتها.
تظاهر ليومٍ واحد
وبعدما كانت تنظم مظاهراتٍ بشكلٍ يومي، باتت الحركة تقتصر على يومٍ واحدٍ أو يومين أسبوعياً.
وعن هذا التغيير، اعتبر العوني أنه “من المقبول في البداية أن تكون الدعوة إلى المظاهرات بشكلٍ يومي”.
واستدرك: “لكن الحركة اختارت الاقتصار على يومٍ في الأسبوع بسبب إكراه الوقت، فعملياً من الصعب التظاهر المستمر، فضلاً عمّا يتطلب ذلك من إعداد”.
“كما أوقفت الحركة المظاهرات في بعض الأيام خلال المرحلة الأولى لبعث رسائل للحكومة”، بحسب الحقوقي المغربي.
وقال متحدث الحكومة مصطفى بايتاس، في 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إن “الحكومة التقطت الرسالة، وتعمل بسرعة لتوفير الإمكانات، ومستعدة لحوار مع الشباب من أجل العمل المشترك”.
وأضاف بايتاس أن “الحوار يحتاج إلى طرفين، وإلى أن يتوفر هذا الطرف، فالحكومة تواصل تسريع البرامج الاجتماعية، خصوصاً في التعليم والصحة”.
مستقبل المطالب
واستبعد العوني أن يقلّ زخم الحراك الشبابي، معتبراً أن “هذا الحراك يحاول أن يكون ابن بيئته”.
وأوضح أن “الشباب يوظفون التواصل الرقمي، وبالتالي الزخم ينبغي قياسه بعدد المتظاهرين والمتفاعلين الرقميين”.
ورأى أن “الحراك بدأ يحقق بعض أهدافه، مثل اضطرار المسؤولين للتجاوب، وهو ما تبين عندما قررت الحكومة الرفع من ميزانية التعليم والصحة”.
وخصصت الحكومة 140 مليار درهم (14 مليار دولار) للتعليم والصحة في موازنة العام المقبل 2026، فضلاً عن توفير أكثر من 27 ألف فرصة عمل في القطاعين.
وبحسب بيانٍ للحكومة، ينصّ مشروع موازنة 2026، الذي أُحيل إلى البرلمان في أكتوبر الحالي، على تشييد مركزين استشفائيين جامعيين بكلٍّ من أكادير (جنوب) والعيون (إقليم الصحراء).
كما ينصّ على استكمال بناء وتجهيز مركز ابن سينا الاستشفائي بالرباط (غرب)، والمراكز الاستشفائية الجامعية في بني ملال (شمال) وكلميم (جنوب) والرشيدية (جنوب شرق)، وتأهيل وتحديث 90 مستشفى.
كذلك “سيتم العمل على تسريع تفعيل خارطة الطريق لإصلاح المنظومة التربوية، عبر تعميم التعليم الأولي (رياض الأطفال)، وتعزيز خدمات دعم التدريس، وتحسين جودة التعليم”، وفقاً للبيان.
وبحسب العوني، فإن “من أهم أهداف الحراك بداية العودة إلى تحرير الفضاء العام، مثل ما وقع إبان حركة 20 فبراير (2011)، والذي دام عدة شهور ثم تم التراجع عنه”.
واعتبر أن “حراك شباب زد في المملكة كسر هاجس الخوف لدى فئات واسعة من الشباب، بالإضافة إلى فتح نقاشٍ بين مختلف المواطنين إزاء الدولة”.
ووصف هذا النقاش بـ”المهم”، قائلاً إنه “سيساهم في رفع مستويات الوعي لدى الجميع”.
وزاد بأنه “سيكون هناك إنصاتٌ وتفاعل، خاصة بعد الأحكام المسبقة التي طالت شباب جيل زد بكونهم لا علاقة لهم بالسياسة والقضايا المجتمعية”.
ورأى العوني أنه “بالنظر إلى كون القائمين وراء المظاهرات هم الشباب، فإن المستقبل بين أيديهم”.
وأضاف أن “الحراك قد يخفت وقد يتوقف، ولكن مستقبل المطالب والنقاش والفعل والانخراط في قضايا البلاد والمجتمع هو لصالح هذا الحراك”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس
 
            