الحمروني: الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تستوجب حواراً وطنياً عاجلاً

1
الحمروني: الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تستوجب حواراً وطنياً عاجلاً
الحمروني: الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تستوجب حواراً وطنياً عاجلاً

أفريقيا برس – المغرب. اعتبر لطفي الحمروني، النقابي السابق والناشط الحقوقي، في حواره مع «أفريقيا برس» أنّ الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردّية في تونس تستوجب حواراً وطنياً عاجلاً يجمع كل القوى الوطنية من دون إقصاء، لافتاً إلى أنّ الوقت قد حان ليتدخّل الاتحاد الوطني للشغل للقيام بدوره والمساهمة في احتواء الأزمات وإخراج البلاد من اللحظات العصيبة كما نجح في ذلك سابقاً.

ورأى أنّ المنظومة الحالية مطالَبة باستنباط حلول جديدة واقعية بعيداً عن الشعبوية لمعالجة الملفات الحارقة، وأبرزها ملف العاطلين عن العمل الذي يضعها أمام اختبار حقيقي.

وأشار إلى أنّ استهداف السلطة مؤخّراً لمنظمات المجتمع المدني ومختلف الأجسام الوسيطة يعكس عجزها عن تقديم الحلول، كما أظهرت احتجاجات ولاية قابس الأخيرة مدى ارتباكها وتردّدها وفشلها في إيقاف مدّ الاحتجاجات.

لطفي الحمروني نقابي سابق، وكاتب عام جامعة الأشغال العمومية والإسكان بالاتحاد العام التونسي للشغل من سنة 1989 إلى 2015، وممثّل الاتحاد بالمجلس الأعلى للوظيفة العمومية من سنة 1996 إلى 2006، وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي من 1996 إلى 14 جانفي/يناير 2014. وهو ناشط حقوقي ومن مؤسّسي فرع رابطة حقوق الإنسان بولاية أريانة، وكذلك ناشط سياسي سابق في الحزب الشيوعي التونسي وحركة التجديد.

ما هي قراءتك لقرار السلطة مؤخّراً تجميد نشاط جمعية النساء الديمقراطيات؟ هل تسعى السلطة إلى مزيد من إضعاف الأجسام الوسيطة في البلاد؟

السلطة تجاوزت مرحلة إضعاف الأجسام الوسيطة وانتقلت إلى السرعة القصوى بعد إنهاكها بالتهديدات، ومحاكمة بعض رموزها، وتشويهها عبر صفحات التواصل الاجتماعي. وشخصياً لا أعتقد أنّ المستهدَف الحقيقي هو جمعية النساء الديمقراطيات في حدّ ذاتها، بل ما تمثّله كحصن منيع ضدّ أي مسّ بمكاسب المرأة التونسية، وأهمّها مجلة الأحوال الشخصية.

برأيك، هل تعكس محاولات استهداف المجتمع المدني ارتباك السلطة وتوجّسها من توسّع الاحتجاجات الاجتماعية والمدافِعة عن حقوق الإنسان في البلاد؟

بالطبع. هذه الخطوة، وما قد يتلوها من خطوات معلنة، جاءت مباشرة بعد الاحتجاجات الشعبية العارمة التي عرفتها جهة قابس، وأظهرت بوضوح عجز السلطة عن تقديم حلول من شأنها إيقاف مدّ الاحتجاجات، وإيجاد مخرج يلبّي حقّ «القوابسية» في العيش في بيئة سليمة وفي الوقت نفسه يحافظ على النسيج الصناعي الذي وفّر لجهة قابس آلاف مواطن الشغل وجعل منها قطباً صناعياً مهمّاً. كما بيّنت أحداث قابس الأخيرة، علاوة على الارتباك والتردّد، عجزاً اتّصالياً مدقعاً وعزلةً سياسيةً كان من أبرز مظاهرها الجلسة العامة التي خصّصها مجلس الشعب لهذا الموضوع.

كيف يمكن وفق تقديرك حماية الحريات في البلاد في ظل مناخ التضييق المستمر من قبل السلطة؟

فيما يتعلق بحماية الحريات في ظلّ التضييق المسلّط من طرف السلطة، أعتقد أنّ الأوساط السياسية تتحمّل جزءاً من تدهور الأوضاع نتيجة صمتها وتردّدها في الجهر برأيها خوفاً من ردّة الفعل أو بسبب حسابات سياسية خاطئة. ولم تعِ، مرّةً أخرى، أنّ الدفاع عن الحريات لا يتجزّأ مهما كانت الاختلافات فكريةً أو سياسية.

كيف تقيم دور المعارضة التونسية في مرحلة ما بعد 25 جويلية، وهل المبادرات التي أطلقتها في الفترة الأخيرة قادرة على تقديم بديل ناجع للتونسيين؟

المبادرات الأخيرة لأحزاب المعارضة، وبالرغم من تعدّدها وتنوّع أطرافها، بقيت حبيسة التجاذبات التي سبقت 25 جويلية؛ فزادت في تعميق انقسامات الخارطة السياسية، المعارضة والمساندة، وزادت في تهميش دورها. وهي مبادرات لم تنجح في الالتقاء على الحدّ الأدنى، وهو إيقاف نزيف التضييق على الحريات واحترام استقلالية القضاء، فبقيت متقوقعة على نفسها وجامدة في مكانها ولم تنجح في خلق الديناميكية المطلوبة لحلحلة الأوضاع.

ما رأيكم في دعوات المعطّلين عن العمل بتعديل قانون المالية الجديد والتنصيص على الانتداب المباشر؟ برأيكم هل بوسع الحكومة الاستجابة لهذا المطلب؟

ملفّ انتدابات أصحاب الشهادات العليا يُشكّل أحد الاختبارات المهمّة للسلطة ما بعد 25 جويلية. فالحلول الترقيعية التي مارستها الحكومات السابقة لم تعد تجدي نفعاً، وميزانية الدولة عاجزة عن الاستجابة لمطالب الانتداب في الوظيفة العمومية والقطاع العام. والمنظومة الحالية مطالَبة باستنباط حلول جديدة واقعية بعيداً عن الشعبوية، حتى لا يتحوّل موضوع أصحاب الشهادات العليا إلى قنبلة موقوتة.

كيف يمكن الخروج من حالة الركود والانسداد السياسي في المشهد التونسي في ظل فشل جهود تنظيم حوار وطني جامع؟

في اعتقادي، حان الوقت ليقوم الاتحاد العام التونسي للشغل بدوره الوطني المعتاد في اللحظات العصيبة التي تمرّ بها البلاد، بإعادة طرح موضوع الحوار الوطني الشامل؛ تلك المبادرة التي وُلدت ميتة بعد رفض السلطة المشاركة فيها، مع تحفّظات البعض حول مشاركة الإسلاميين. لكن يجب الانتباه إلى أنّ الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تُنذر بالخطر، ويزيدها خطورة الوضع الإقليمي، ممّا يستوجب عاجلاً حواراً وطنياً يجمع كلّ القوى الوطنية من دون إقصاء، فالبِلاد مهدّدة بانفجار اجتماعي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس