“كيف يغمض لي جفن وأنا أراها تتألم؟” شعور نادر نحو الحيوانات

23

خلف ذلك الباب الكبير، حيث تتملكك الرهبة وأنت تسمع نباحا لا يتوقف، تضع رجلك الأولى على عتبة ملجأ للحيوانات المتشردة، في ضيعة صغيرة على مشارف مدينة مراكش، لتظهر لك وجوه كلاب وقطط غير مألوفة تتفرس نظراتك كأنها تحاول قراءة ما بداخلك، للتعرف على الزائر الغريب. وأمامها “ابتسام” صاحبة الملجأ تستقبلك بابتسامة واسعة.

تسرح بعينيك يمينا ويسارا، فترى بنايات وشبابيك وأشجار زيتون. فهنا مصحة للحيوانات المريضة، وهنا منازل إيواء القطط المحلية الأليفة، وهناك مأوى للرضع منها، وهنالك مجمع الكلاب الضالة والمعطوبة.

تتقدم خطوات في الملجأ بحذر، وبعد أول قفزة ترحيب على صدرك من كلب صيد دون أذى، تشعر مباشرة بالأمان المتبادل، بينما الصوت المزعج يتحول فجأة إلى طاقة هائلة يشعرك برغبة مباغتة لاكتشاف عالم مليء بالأسرار.

تقول ابتسام (33 سنة) بكثير من الفخر والاعتزاز “الحيوانات الأليفة عشقي الدائم، والضالة منها اهتمامي الحالي، كيف يغمض جفني وأنا أراها تتألم في الشارع من مرض أو عطب، من جوع أو إهمال”. وتضيف ابتسام “عشقت القطط والكلاب منذ نعومة أظافري، وفي بيتي الخاص بعدما كبرت وصل بي الأمر إلى الاعتناء بـ 12 كلبا و24 قطا، وقد تركت مهنتي في المجال العقاري لأهتم بهذه الحيوانات، وأقوم بهذا العمل لأن أحد ما يجب أن يقوم به، ففي كل ذي كبد رطب صدقة”.

من يطلع على هذه التجربة يشعر بهذه الرحمة التي تملأ قلب ابتسام. رحمة فاضت على كائنات تعاني دون حول منها ولا قوة. هذا ما أكده أحمد المتصدق نائب عمدة مدينة مراكش “في هذا الملجأ فيض وعطاء لا يمكن إلا أن يترجم نقاء السريرة وابتغاء أجر عند الرحمن الرحيم، زرتها ذات يوم واكتشفت تضحياتها الجليلة رغم كل الصعوبات بل أشفقت على هذه الفتاة من شدة الإفراط في هذا الحنان”.