أفريقيا برس – المغرب. منذ عدة أسابيع، يتطلع مزارعون مغاربة إلى السماء أملاً في أن تجود عليهم بالمطر، بعدما كانوا تفاءلوا خيراً بالتساقطات التي هطلت خلال كانون الأول/ديسمبر المنصرم.
لكن بصيص الأمل بات ضئيلاً جداً، على الأقل من خلال توقعات أحوال الطقس للأيام المقبلة، حيث تتحدث عن تساقطات ضعيفة ومتفرقة، لا تروي ظمأ الحقول، كما لا يمكنها أن تملأ السدود والأنهار.
“الحكومة مطالبة باتخاذ إجراءات طارئة من أجل تزويد المغاربة بالأمن المائي الضروري، على مستوى مياه الشرب ومياه السقي”، يؤكد رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، في سؤال موجه إلى نزار بركة، وزير التجهيز والماء.
ومنذ أيام، قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في حوار تلفزيوني، إن تأخر الأمطار سيؤثر على الحبوب والماشية، وسيكون معه لزاماً التدخل عن طريق دعم الفلاحين.
وتفيد المعطيات الرسمية أن المغرب يخطط لتشييد 20 محطة لتحلية مياه البحر، خاصة أن المملكة تملك واجهتين بحريتين، وسيتم الاشتغال على الطاقات المتجددة سواء الريحية أو الشمسية، من أجل تحلية المياه بأقل تكلفة.
كما أن “البرنامج الاستعجالي” لتأمين التزود بالماء الصالح للشرب بأحواض ملوية وأم الربيع وتانسيفت، جاء لمواجهة ندرة المياه التي تعاني منها، حيث يسجل تراجع كبير في نسبة ملء السدود التي لا تتجاوز 11 في المئة، وهو ما ينعكس سلباً على سكان تلك المناطق.
ومازال تأخر التساقطات المطرية المستمر في المغرب يثير مخاوف لدى المزارعين ومربي المواشي، وخصوصاً الصغار منهم الذين يخشون موسماً ضعيفاً يهدد أبقارهم وأغنامهم.
وقال مزارع من منطقة تحناوت، جهة مراكش آسفي، إن تأخر التساقطات المطرية أثر على الجميع، وعلى رأسهم “الكسابة”، أي مربو الماشية. وأضاف المزارع مبارك العمراني، أن “التساقطات المطرية في موسم عادي تبتدئ من تشرين الأول/ أكتوبر، لكن الموسم الفلاحي الحالي سجل تأخراً وضعفاً كبيراً، وهو ما أثر على أسعار العلف”، وفق ما نقل عنه موقع “هسبريس” الإلكتروني.
وأعرب المزارع ذاته عن أمله في أن “تجود السماء في أقرب الآجال بأمطار الرحمة”، واستطرد قائلاً إن “المطر له أيضاً تداعيات نفسية إيجابية على المواطنين”، مشيراً إلى أن غياب التساقطات المطرية، وخصوصاً في فترة “الليالي”، يؤثر بشكل كبير على الزراعة بصفة عامة. وتزداد المعاناة أكثر في المناطق الزراعية “البورية” التي تعتمد فقط على التساقطات المطرية، وهو ما يؤثر على مردودية الحبوب. وتؤثر التساقطات المطرية على نسبة النمو الاقتصادي في المغرب، إذ يتم أخذ متوسط المحصول المحلي للحبوب بعين الاعتبار في فرضيات النمو.
ولا يحقق المغرب إنتاجاً كافياً من الحبوب على الرغم من توفر المساحة الكافية، بحيث يتم التوجه حالياً إلى الزراعات الأخرى التي تحقق قيمة مضافة أكثر.
وتضطر المغرب إلى استيراد الحبوب من الخارج لسد الحاجيات المحلية، وذلك من أسواق متعددة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وأوكرانيا.
وأوضح رئيس فريق حزب “التقدم والاشتراكية” في مجلس النواب، أنه دون المياه لن يكون أمام السكان خيار سوى الهجرة للبقاء على قيد الحياة. ولفت إلى أنه بعد النضوب المستمر للمياه الجوفية وشح الأمطار، لم يعد هناك وقت نضيعه للإعلان عن إجراءات طارئة للتعامل مع نقص مياه الشرب ومياه الري في عدة أقاليم مغربية. وأشار إلى أن خطر النقص المائي يخيم على المغرب، مشدداً على ضرورة التحرك دون مزيد من التأخير، تفادياً لأي أزمة اجتماعية بسبب شبح العطش.
وأشار إلى أن القليل من الأقاليم لديها إمدادات مياه الشرب لمدة ثلاثة أشهر فقط. وبعد أن أشار إلى أن الزراعة تستهلك أكثر من 80 في المئة من مياه البلاد، اقترح ضرورة مراجعة حالة بعض المحاصيل التي تستهلك الكثير من المياه، على الرغم من قلة محتواها من العناصر الغذائية الضرورية للحياة.
وقال: “يجب أن نتحرك بسرعة في هذا الاتجاه، لأن منسوب المياه الجوفية الذي لا تتجاوز احتياطاته حوالي أربعة مليارات متر مكعب، يخسر خمسة مليارات متر مكعب كل عام، وهو عجز قدره مليار، لا تجدده مياه الأمطار دائماً. ودعا الحكومة إلى استئناف عملية بناء سدود التلال وتنفيذ حلول مبتكرة للتعامل مع هذا الجفاف الذي يلوح في الأفق.
ووفق دراسة حديثة لمعهد الموارد العالمية (WRI) سيصل المغرب إلى مستوى عالٍ للغاية من نقص المياه بحلول عام 2040. وتعدّ البلاد حالياً في حالة نقص مائي مع 500 متر مكعب فقط من مياه الشرب للفرد في السنة، مقابل 2500 متر مكعب في عام 1960.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس