المغرب أو ليبريا أحدهما مقر مُحتمل للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا

17
المغرب أو ليبريا أحدهما مقر مُحتمل للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا
المغرب أو ليبريا أحدهما مقر مُحتمل للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا

أفريقيا برس – المغرب. نشر موقع Difesa & Sicurezza الإيطالي في 29مارس 2023 أن القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا Africom قد تفتح قريبًا مركز قيادة في دولة ما في غرب أفريقيا بهدف مراقبة تحركات روسيا والصين بشكل أفضل لا سيما في ضوء استعداد بكين للقيام بذلك وأشار الوقع إلي أن قائد القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا الجنرال مايكل لانجلي في جلسة استماع بلجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكيأكد ذلك وقال أنه لا يوجد حاليًا أي تأكيد بشأن الدولة التي يمكن أن تستضيف مركز القيادة الأمريكي , ومع ذلك قال أمام اللجنة دعونا نلقي نظرة على Libera هذا لأنه بعد أسبوع من جلسة الاستماع قام رئيس هذه الدولة الأفريقية جورج وياه بزيارة غير عادية إلى مقر وكالة المخابرات المركزية في لانجلي بدعوة , وفي هذه الأثناء تخطط الصين لبناء القاعدة البحرية (في باتا)في غينيا الإستوائية , من جهة أخري أشار موقع Courier International في 29 مارس 2023 أن القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا Africom تبحث في إقامة مركزها الأفريقي في المغرب أو في ليبريا المغرب وأنه بينما تحقق واشنطن عودة كبيرة في القارة الأفريقية تبحث القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا عن مقعد في القارة وأنه في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ الأمريكي في 16 مارس 2023أشار قائد القيادة الأمريكية لأفريقيا الجنرال مايكل لانجلي إلى أن أفريكوم تسعى إلى إنشاء مركز قيادتها الجديد في غرب إفريقيا وخلال جلسة الاستماع تلك سأل العضو المنتدب روجر ويكر الجنرال لانجلي مباشرة حيث يعتقد أن الصين يمكن أن تبذل قصارى جهدها حول المكان الذي يمكنهم فيه إنشاء قاعدة عسكرية في غرب إفريقيا كما سأل قائد القيادة الأفريقية حول كيفية تأثير إنشاء قاعدة عسكرية من قبل الصينيين على أمن الأمريكيين ورداً على ذلك قال الجنرال لانجلي: “سيغير ذلك الحسابات الكاملة لخطط الحملة العالمية الاستراتيجية لحماية الوطن إذا قاموا [الصينيون] ببناء أي قدرة على الساحل الغربي ، جغرافيا واستراتيجيا وإن ذلك سوف يضعهم في ميزة في الوقت الحالي ولا يمكننا السماح لهم بالحصول على قاعدة على الساحل الغربي لأفريقيا لأننا ذلك يغير الديناميكيات ” , وصرح الجنرال لانجلي في بيانه أمام اللجنة أن الحاجة ماسة إلى القيادة الأمريكية في إفريقيا في غرب إفريقيا وأعرب عن مخاوفه من محاولة الصين إقامة قاعدة في جيبوتي مشيرا إلى أن أي مشروع قاعدة للصينيين في المستقبل يشكل تهديدا هامشيا لمصالح الولايات المتحدة في القارة , ومع ذلك وفي حالة النزاع المسلح قد تستفيد جمهورية الصين الشعبية من بصمتها العسكرية الموسعة لإبراز قوتها ضد الولايات المتحدة أو حلفائنا أو التجارة العالمية وقال أنهم قد استفادوا بالفعل من قوتهم الاقتصادية في إفريقيا للتأثير على سياسة الأمم المتحدة وحماية وصولهم إلى الموارد الطبيعية مثل المعادن ومصايد الأسماك , و بالإضافة إلى النفوذ الصيني في القارة وخاصة منطقة غرب إفريقيا فإن القيادة الأمريكية في إفريقيا وفقًا للجنرال لانجلي قلقة بشأن المرتبطين بفرع القاعدة الثاني والأسرع نموًا في إفريقيا – جماعة نصرة الإسلام والمسلمين – وكانت هذه الجماعة وفاً له تمارس الرعب على المواطنين الأمريكيين في منطقة غرب إفريقيا وخاصة في بوركينا فاسو ومالي .

بعد أكثر من أسبوع بقليل من جلسة الاستماع هذه قام الرئيس اليبيري ويا – بناء على دعوة – بزيارة فريدة من نوعها إلى مقر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) في فرجينيا , وقد أثار الاجتماع الكثير من التكهنات في ليبيريا خاصة بين أعضاء كتلة المعارضة بأن الرئيس الليبيري يخضع للاستجواب , وكانت زيارة الرئيس وياه غير عادية لأسباب عديدة بما في ذلك حقيقة أنها انتهكت المعايير الدبلوماسية عندما لم يكن من المقرر أن يلتقي الرئيس بأي مسؤول رفيع المستوى في إدارة بايدن , ومع ذلك ، وعلى الرغم من أمر حظر النشر الذي تم فرضه على الاجتماع فإن FrontPageAfrica كانت تجمع من مصادر مطلعة على الاجتماع مفادها أن الرسالة كانت واضحة من وكالة التجسس الأمريكية وهي أن أمريكا بحاجة إلى الاستقرار في ليبيريا من أجل الشراكة مع الدولة في حربها ضد روسيا و النفوذ الصيني لا سيما مع الجهود المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها شركة توريد المرتزقة فاجنر – تلك الشركة الروسية العاملة في بوركينا فاسو ومالي , وعلي حين لم يستطع الجنرال لانجلي الكشف خلال جلسة الاستماع العامة عن تفاصيل استكشاف القيادة الإفريقية في غرب إفريقيا وتلك الخاصة بالأنشطة الصينية فإن ما يظل ثابتًا في أذهان الدبلوماسيين هو أن الاجتماع في مقر وكالة التجسس الأمريكية يمكن أن يكون : إعادة إحياء دور ليبيريا خلال الحرب الباردة عندما كانت بمثابة مركز اتصالات وتجسس للأمريكيين في إفريقيا فليبيريا -التي أسسها العبيد الأمريكيون المحرّرون – تتمتع بعلاقات قوية وتاريخية مع الولايات المتحدة وكانت ومازالت في فلك أمريكا منذ إنشاءها ويرسل هؤلاء الليبيريون في الولايات المتحدة أكثر من 400 مليون دولار أمريكي سنويًا في شكل تحويلات أجنبية لبلادهم وهو ما يمثل دفعة كبيرة لاقتصاد ليبيريا المتعثر لذلك يبدو أن ليبيريا تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي في توفير النفوذ للأمريكيين لعسكرة المنطقة على هذا النحو لتوفير فوائد استراتيجية أيضًا لدولة ذات حدود متعددة يسهل اختراقها وأنشطة التعدين .

قامت أفريكوم منذ إنشاءها عام 2008 بتنسيق جميع الأنشطة العسكرية والأمنية الأمريكية في القارة الأفريقية من مدينة شتوتجارت الألمانية ومع ذلك فإن الصحافة الأفريقية تعج بإمكانية نقل مقرها الألماني إلى دولة أفريقية في علامة على الاهتمام الأمريكي المتجدد بأفريقيا , ومع ذلك ووفقًا لموقع FrontPageAfrica – FPA – الصحيفة الليبيرية الرئيسية – فإن الدولة الواقعة في غرب إفريقيا هي مرشح جاد لاستضافة مركز القيادة الأمريكي لـ Africom.

في تقديري أن هناك ثمة علاقة منطقية وعملية بين موضوع مقر القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا المُتواجدة حتي الآن فيKelley Barracks .Stuttgart. Germany والعلاقات والإتصالات الجارية بين هذه القيادة والدول الأفريقية وكوادرها العسكرية العليا , وبالرغم من أن التصريحات الرسمية لمسئولي البنتاجون والقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا تحاول أن تعطي إنطباعاً بأنه لا تفكير حالياً في إتخاذ مقر أو مقرات لهذه القيادة في بلد أو بلدان أفريقية أو أن الموضوع مطروح ولكنه ليس مُلحاً , إلا أنه في الواقع موضوع في غاية الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية والأهداف الإستراتيجية التي تتوخاها من إنشاء قيادتها العسكرية لأفريقيا , فتموضع مقر هذه القيادة في ألمانيا للآن لا يؤدي من وجهة النظر الأمريكية إلي الإقتناع بإكتمال نجاح الإختراق الأمريكي بشكل كامل للقارة الأفريقية , فعدم قبول أي من البلاد الأفريقية لفكرة إستضافة مقر الأفريكوم للآن يعني أن الحساسية إزاء هذه الموضوع مازالت تنتابها خاصة وأنه وبغض النظر عن المميزات التي سيغدقها الأمريكيون علي البلد المُستضيف إلا أن العامل الأمني وإحتمال تآكل السيادة الوطنية بالإضافة عوامل تاريخية أخري ستعمل في الإتجاه المضاد مما سيجبر متخذ القرار في أي بلد أفريقي علي الإمتناع عن الموافقة علي إستضافة مقر هذه القيادة , لكن هناك ثمة دول أفريقية قفزت من فوق المفهوم التقليدي للسيادة ةأقترضت مهوم آخر لمصطلح السيادة فإستبدلته بمصطلح آخر مرن وغير تقليدي يتيح لها حرية التصرف , ويمكن التعرف علي ذلك من الرؤية المبكرة لبعض ما كُتب في صحافة بعض الدول الأفريقية وكذلك رؤية بعض الساسة والمهتمين الأفارقة بهذا الموضوع ومن بين الأمثلة المبكرة علي ذلك وهي كثيرة ما يلي :

– أشار الصحفي Michele Ruiters بصحيفة Business Day الجنوب أفريقية والصادرة في جوهانسبرج ” أن أفريكوم سيؤدي إنشاءها إلي عدم الإستقرار الذي هو مازال بعد هشاً في القارة والمنطقة التي ستجد نفسها مُجبرة علي الإلتزام بالمصالح الأمريكي بالمعني العسكري للكلمة ” .

– أشارت إفتتاحية صحيفة Daily Nation الكينية في 8 فبراير 2007 أي بعد يومين من الإعلان الأمريكي رسمياً عن إقامة القيادة العسكرية لأفريقيا ” تم الإعلان عن أفريكوم بالضبط وقت أن كان الرئيس الصيني Hu Jintao يقوم بجولة في ثماني دول أفريقية للتفاوض علي صفقات تمكن الصين من تأمين تدفق البترول من أفريقيا ” .

– أشارت إفتتاحية صحيفة The Post الزامبية في 12 أبريل 2007 أن ” أفريكوم تهدف إلي ممارسة النفوذ وتهديد وإقصاء المنافسين بإستخدام القوة ” .

– أشارت صحيفة Reporter الجزائرية ́إن البلدان الأفريقية يجب عليها أن تستيقظ بعدما رأت آثار ما جري للغير أي في أفغانستان والعراق ” .

– صرح رئيس نيجيريا Yar’Adua في أول زيارة له لواشنطن في ديسمبر 2007 بدعوة من الرئيس الأمريكي ” أنه لم يوافق علي أن الأفريكوم يجب أن تكون لها قاعدة بأفريقيا ” , وأوضح قوله ” إن ما ناقشته مع الرئيس الأمريكي Bush هو أنه إذا ما كان علينا أن نفعل شيئاً لأفريقيا فيما يتعلق بالسلام والأمن , فهو أن يساهموا , وقلت له أننا كدول أفريقية لدينا خطتنا الخاصة بنا لإقامة قيادة عسكرية مُشتركة في كل منطقة من مناطق أفريقيا ( الخمس) , وعلق المتحدث باسم الرئيس النيجيري السيد / Segun Adeniy علي تصريح الرئيس Yar’Adua بقوله ” إن تعليقات الرئيس لم ترض الأمريكان ” , وقد تزامن مع هذا التصريح الرئاسي تصريح أدلي به Debo Bashorun (هو ضابط عمل بقوات نيجيريا المسلحة كما عمل سكرتيراً صحفياً الرئيس نيجيريا Ibrahim Babangida في نهاية عقد الثمانينات ومعروف عنه إنتقادالجيش النيجيري ) لمراسل CNN بنيجيريا في 13 مايو 2014 تعليقاً علي دور أفريكوم في أزمة إستعادة البنات المُختطفين بقوله ” إنه أنسب وقت للأمريكيين ليفعلوا ما يريدون فعله .

لكن وبالرغم من هذا ففي تقديري أيضاً أن الولايات المتحدة مصممة بشكل صارم علي النفاذ عسكرياً في أفريقيا وممارسة نفوذها السياسي علي الأفارقة أو بمعني أدق علي حكامهم في ظل تواجد عسكري يتسم للآن بالحركة الناعمة والمموهة مع إستخدام نفس الأساليب الأمريكية العتيقة التي بدأت ببرنامج النقطة الرابعة الذي تحدث عنه الرئيس الأمريكي / هاري ترومان عنه في رسالته للشعب الأمريكي في يناير 1952 وقال ” ليس في سائر نواحي سياستنا الخارجية ناحية أخطر ولا أهم من هذه النقطة , إذ لا شيئ أكثر منها إيضاحاً لما نعمل وشرحاً لما نريد تحقيقه ” (سياسة أمريكا الخارجية في عام 1952 . مكتب الشئون العامة في واشنطن . مارس 1952 . صفحة 46 ) وهي أساليب تتراوح بين إستخدام الجزرة أو المساعدات والتعاون والذي يتطور مفهومه ليشمل النشاط العسكري والذي خُول للعسكرية الأمريكية أن تستنسخه في عملية إختراقها للعسكريات الأفريقية التي تتم عن طريق القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا , وبين إستخدام الزواجر أو الأساليب العقابية وهي متنوعة وتشمل الحصار الإقتصادي والمقاطعة بل وتنفيذ الإنقلابات العسكرية التي يُلاحظ بعدها تغير في عدد من القضايا المُتعلقة بالعلاقات ما بين النظم الإنقلابية والولايات المتحدة بوضوح ومن بين هذه القضايا العلاقات العسكرية مع الأمريكيين والتماهي مع نظرتهم لقضية الإرهاب التي أصبحت عماد السياسات الخارجية لعدد من الدول الأفريقية وغير قابلة للتغيير كعلم الدولة إلا قليلاً , بالرغم من الإرهاب إن كان للمرء أن يعتقد أنه قضية سياسة خارجية فالأولي أن يوصم طرفيها أي من يُتهم بممارسة الإرهاب ومن يتهمه بهذا الإتهام معاً فهي قضية طرفين مُتداخلين ووصل التداخل والإشتباك إلي درجة أن أصبح من السهل لبعض القادة الأفارقة قذف خصومهم ومعارضيهم في هوة تهمة الإرهاب السحيقة والتي بلا قرار .

يُلاحظ أن العلاقات القائمة والنشطة بين الدول الأفريقية والقيادة العسكرية الامريكية لأفريقيا لا يحبذ المسئولين الأفارقة الحديث عنها , أما من جانب المسئوليين العسكريين للأفريكوم فلا يتحدثون عن إتصالاتهم بشأن العلاقات العسكرية الأمريكية من خلال هذه القيادة مع الدول الأفريقية إلا بحساب ولذلك أري أن تضمين منطوق إنشاء AFRICOM لأهداف إنسانية وصحية وتنموية , لم يأت إعتباطاً فقد جاء لتحقيق مزيج من المبررات التي يمكن أن تطفو فوقها الإتصالات العسكرية والأمنية الأمريكية مع الدول الأفريقية بإخفاءها أو خفض المرئي منها بحجاب من الأهداف الإنسانية والتنموية المُعلن عن أن هذه القيادة مسئولة عن تحقيقها من خلال التعاون مع الدول الأفريقية , وعليه فإن الإتصالات الأمريكية / الأفريقية تجري بأدني قدر ممكن من العلانية أو الظهور Very Low Profile حفاظاً علي حرية الحركة الأمريكية في قضية حساسة كقضية التعاون العسكري بين قوي كبري ودول تتلقي المساعدات وتقبلها كمبدأ راسخ في سياستها الخارجية في نفس الوقت الذي تتذرع فيه بالخشية علي المس بسيادتها عند الحديث في موضوعات مختلفة في علاقاتها بالقوي الكبري وعلي رأسها الولايات المتحدة كموضوع إستضافة مقر قيادتها العسكرية لأفريقيا لدي هذه الدولة أو تلك , ولذلك تظل معارضة بعض الدول الأفريقية للتعاون مع أفريكوم أو علي الأقل عدم تعاونها بشكل كاف مكتومة في صدور مسئوليها خشية من تداعيات سلبية علي مجمل العلاقات الأمريكية مع هذه الدول , كما أن الصحافة الأفريقية من جهتها تقتصد في الإهتمام ومتابعة تطور علاقة الدولة الأفريقية التي تصدر فيها بالولايات المتحدة عندما يكون الموضوع متعلق بعلاقة هذه الدولة بالقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا , ومن الأمثلة القليلة علي عدم ترحيب دولة أفريقية بهذه القيادة ما صرح به وزير الدولة الجزائري للشئون الخارجية محمد بيدجاوي عندما سُئل عن : لماذا لا يوجد مقترح من أجل التعاون في مواجهة الإرهاب مع الجزائر التي خاضت تجربة بسبب المستوي المرتفع للعنف الإرهابي في عقد التسعينات بها ؟ فقال ” كيف يمكن للولايات المتحدة أن تقسم العالم علي قياداتها العسكرية ؟ ألم يكن هذا أمر منوط بالأمم المتحدة أن تفعله ؟ وما الذي يمكن أن يحدث لو أن الصين هي الأخري قررت أن تقيم قيادة ( عسكرية) لأفريقيا ؟ ألا يؤدي ذلك إلي الصراع في القارة ؟ , ومثال آخر من الأمثلة القليلة جداً التي صدرت مبكراً لتعارض القيادة العسكرية الامريكية لأفريقيا ذلك التصريح الذي أدلي به سفير ليبيا في جنوب أفريقيا عبد الله الزبيد وقال فيه ” إن تزايد الوجود العسكري الأمريكي في أفريقيا يؤدي ببساطة إلي حماية أنظمة غير شعبية والتي تعتبر أنظمة صديقة تخدم المصالح الأمريكية كما كان عليه الحال إبان الحرب الباردة وكل ذلك وأفريقيا تغرق في الفقر ” .

لم تمنع التصريحات المباشرة والقليلة التي صدرت عن مسئوليين أفارقة التوجه الأمريكي نحو غرس القيادة العسكرية لأفريقيا في الفضاءين السياسي والعسكري الأفريقي , وأستطاعت السياسة العسكرية الأمريكية أن تميز في وقت مبكر بين الرفض الأفريقي لإستضافة مقر AFRICOM وبين إرساء قواعد وبناء جسور للإتصالات والتعاون العسكري بين AFRICOM والمؤسسات العسكرية الأفريقية أو معظمها علي الأقل , ذلك أن وزارة الدفاع الأمريكية ومراكز العصف الذهني وجلسات الإستماع في الكونجرس لابد أنها أشارت في خلاصات تقاريرها إلي أنه من المرجح جداً أن تلقي مسألة إستضافة أي من الدول الافريقية للمقر رفضاً وربما إنتقاداً من بعض هذه الدول , ولهذا فقد أتاحت البراجماتية او المرونة التي يتسم بها الفكرين السياسي والعسكري الأمريكي للولايات المتحدة طرح مسألة إستضافة مقر AFRICOM جانباً مبكراً لإستغلال الوقت في بدء هذه الإتصالات وبناء الجسور بين الدول الأفريقية و AFRICOM وبالفعل فقد مضت هذه الإتصالات قدما مع الكثير من الدول الأفريقية كما سيرد لاحقاً بلا حرج أو تحفظ إلا من قبل القليل من دول أخري .

إن قضية المقر لا تتأسس عليها وحدها إستراتيجية إقامة AFRICOM فمقر القيادة العسكرية المركزية الأمريكية USCENTCOM للآن بالولايات المتحدة في MacDill Air Force Base .FL كما أن القيادة الأمريكية العسكرية الجنوبية USSOUTHCOM مقرها في Miami بالولايات المتحدة أيضاً , وبالتالي فلا يعتبر تمركز القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في Stuttgart أمر لا سابقة له , وإن كانت قيادة AFRICOM والبنتاجون يفضلان أن يكون مقرها داخل أفريقيا لأسباب مختلفة أهمها الأسباب العملياتية والمالية , لكن طالما شكلت حساسية الدول الأفريقية هاجساً دائماً لديها علي إعتبار الخشية من تأثير تمركز هذه القيادة بأفريقياعلي سياداتها وعلي أمنها الوطني كذلك , وعليه فسيظل مقر هذه القيادة خارج القارة الأفريقية , ولكن كل ذلك يدفع إلي التساؤل عن مخاوف الأفارقة من إستضافة مقر AFRICOM؟ ومن بين من أجابوا علي هذا السؤال الضروري مبكراً الدكتور Wafula Okumu رئيس برنامج تحليل الأمن الأفريقي بمعهد دراسات الأمن ببريتوريا بجنوب أفريقيا وذلك في شهادته التي أدلي بها أمام اللجنة الفرعية عن أفريقيا والصحة العالمية التابعة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي في الثاني من أغسطس 2007 وكانت شهادته تلك تحت عنوان : ” القيادة الأفريقية : فرصة لتقوية الإرتباط أم لعسكرة العلاقات الأمريكية مع أفريقيا ؟ وقد حصر الدكتور Okumu تحفظات أو مخاوف الأفارقة حيال مهام وأهداف AFRICOM وإستضافة مقرها في تسع نقاط هي :

* أن أي بلد ستستضيف مقر هذه القيادة سوف تتعرض لإنتقادات بسبب خرق الموقف الأفريقي المُشترك المُتعلق بالأمن والدفاع الأفريقي والذي من أن يحبط إستضافة قوات أجنبية علي أراضي القارة , خاصة لو هذه القوات يمكن إستخدامها لتقوض معاهدة عدم الإعتداء التي وقعتها جميع الدول الأفريقية في إطار منظمتهم القارية .

* يتذكر الأفارقة بشدة أن الإستعمار سبقه بعثات تنصيرية وخيرية مدعين أن الله أرسلهم لتخليصهم من براثن البربرية , وكما قال جومو كينياتا مُحرر كينيا من الإستعمار البريطاني فإن المستعمرين أتوا لنا وفي يدهم الإنجيل وطلبوا منا أن نقفل أعيننا لنصلي وعندما فتحناها بعد صلاتنا وجدنا أن في يده الاخري مدفع وراحت أراضينا نهباً له , والآن وبعد إنتهاء الحقبة الإستعمارية وعي الأفارقة دروس التاريخ الإستعماري معهم ولذا فهم يحرسون إستقلالهم ولديهم شك كبير في الأجانب حتي هؤلاء الذين يأتون بحسن النوايا .

* عندما يتأمل الأفارقة ملياً علاقات القارة بالولايات المتحدة فإنهم يرون فيها الغموض والأهمال والإرتباطات الإنتقائية , وعلي سبيل المثال في فترة تصفية الإستعمار لم تدعم الولايات المتحدة صراحة مبادارات تصفية الإستعمار التي نهضت بها الأمم المتحدة , خاصة وأن ذلك الأمر لم يكن متفقاً مع أوضاع ومواقف الحرب الباردة , وغالباً ما كانت الولايات المتحدة مترددة في تأييد حركات التحرير المُضادة للإستعمار والفصل العنصري بالجنوب الأفريقي .

* إن الأفارقة لا يستريحون في التعامل مع العسكرية في الموضوعات المُتعلقة بالتنمية والسيادة , فالأفارقة يدركون أن AFRICOM فيها من الضرر أكثر مما فيها من النفع , وهم مرتاحون للتعامل مع الدبلوماسية الأمريكية ووكالة التنمية الأمريكية USAID وفرق السلام الأمريكية أكثر مما هي الحال مع البحرية والعسكرية الأمريكية .

* تزامن الإعلان عن والترويج لـ AFRICOMمع المناقشات التي أدت إلي تحول منظمة الوحدة الأفريقية إلي مرحلة الإتحاد الأفريقي وإقامة حكومة إتحادية أفريقية , وكان هناك ثمة مشاعر بدت في إجتماع تشاوري للإتحاد الأفريقي في Lusaka بزامبيا مفادها أن AFRICOM ما هي إلا محاولة أمريكية للإيحاء بأن الإتحاد الأفريقي يجري فحصه وإختباره في ظل تواجد عسكري أمريكي كثيف بالقارة وهذا الموقف الأفريقي حيال هذه القيادة مؤسس علي مسلسل من التدخلات العسكرية الأمريكية في أفريقيا , وبل ويتساءل البعض من الأفارقة : لماذا لم نر القوات الأمريكية وهي تتدخل لتمنع من قاموا بالتطهير العرقي في رواندا ؟ ولماذا ظلت القوات الأمريكية راسية علي ساحل ليبيريا آمنة في الوقت الذي كانت فيه هذه الدولة التي كانت مستعمرة أنشأتها الولايات المتحدة إنشاء في أفريقيا تتحلل بقسوة عام 2003 ؟ , ولماذا لم تؤيدالولايات المتحدة بعثة AMISOM التابعة للإتحاد الأفريقي في الصومال علي حين دعمت وأيدت التدخل الإثيوبي بواسطة القوة الجوية من الـCJTF-HOA (Operation Enduring Freedom – Horn of Africa (OEF-HOA)) المُتمركزة في جيبوتي ؟ وهو ما يجعل المرء يلقي السؤال التالي : هل الولايات المتحدة معنية حقيقةً بإصلاح شأنها والشعور بالإحتياجات الأمنية للأفارقة ؟ أم أن وجودها العسكري المُقترح من خلال AFRICOM يُنذر بنوع من الدمار نراه حالياً بالصومال ؟ ولماذا واشنطن ليس بقادرة لعمل شيئ ما للإستجابة لإحتياج الأفارقة لتعديل سياستها التجارية معهم ؟ وإذا ما كانت الولايات المتحدة تريد فعلاً المشاركة في عملية التنمية بالقارة فلماذا لا تؤيد إطار ” الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا ” NEPAD ؟ .

* لم يُستشر الأفارقة أبداً عند وضع الولايات المتحدة للمنظور والمفهوم الفكري للقيادة العسكرية لأفريقيا , بل قدم الأمريكيون للأفارقة AFRICOM كأمر واقع Fait Accompli في الوقت الذي أدرك فيه الأفارقة مرحلة الشعور العالي بالأهمية والثقة في قيادة مصيرهم .

* هناك ثمة قلق أفريقي من أن تزحف AFRICOM ببطء لتنتقل وتتحول من مرحلة العناية بالشئون الإنسانية – التي تضمنها منطوق إنشاءها – لمرحلة التدخل العسكري كما أكدت ذلك عملية ” إستعادة الأمل ” في الصومال عام 1992 , كما ان عملية التحول تلك يمكن أن تحدث من خلال الإرتباط القائم بين قضايا الطاقة والفقر والإرهاب والمصالح الأمريكية بشكل أو بآخر .

* يدرك الأفارقة تماماً سجل الولايات المتحدة في العراق ولذلك فهم قلقون من أن البنتاجون هو من يتولي ويقود دور الترويج للمصالح الأمريكية في قارتهم , وعليه فإن AFRICOM يمكن أن تُري كما أراد الرئيس الأمريكي Bush لها أن تكون مدخلاً لإستخدام القوة العسكرية لتحقيق ومتابعة المصالح الإستراتيجية الأمريكية , وعليه فإن AFRICOM لن تعمل فقط علي عسكرة العلاقات الأمريكية الأفريقية بل وعسكرة تلك البلاد الأفريقية التي ستتمركز فيها هذه القيادة العسكرية, ومما سيؤدي إلي نشوء معارضة مسلحة داخل هذه البلاد للتواجد العسكري الأمريكي .

* تلقي الأفارقة رسائل مختلطة من الولايات المتحدة أدت إلي فوضي وزيادة في الشكوك الأفريقية قبل الولايات المتحدة , ففي عام 1995 أشارت وزارة الدفاع الأمريكية في سياق ” إستراتيجية أمن الولايات المتحدة في أفريقيا جنوب الصحراء ” إلي أن الولايات المتحدة ” لديها القليل من المصالح الإستراتيجية في أفريقيا ” لكننا نجد السيدة Theresa Whelan مساعدة وزير الدفاع الأمريكي تقول مؤخراً بأن أفريقيا تقدم عشرات الآلاف من الوظائف لمواطني الولايات المتحدة , وتمتلك 8% من بترول العالم وهي مصدر رئيسي للمعادن بالغة الأهمية والسلع الغذائية , كما أن السيد Ryan Henry نائب مساعد الدفاع الأمريكي المعني بالسياسات ورجل البنتاجون المتخصص في موضوع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا قال أن هذه القيادة ليست بغرض شن الحرب , ولكنها للعمل بالتوافق مع شركاء الولايات المتحدة الأفارقة من أجل بيئة أكثر إستقراراً والتي يمكن أن يكون فيها حيز للنمو والتنمية الإقتصادية , فيما قال الجنرال Wald قائد القيادة ” إنني أتمني أن تكون قواعد متقدمة في أفريقيا , فالعالم قد تغير ونحن ماضون لصناعة أمننا , فالأيام الذهبية قد ولت ” , كما أن الجنرال Bantz Craddock قائد القيادة العسكرية الامريكية لأوروبا EUCOM قال للصحافة في واشنطن في يونيو 2007 أن حماية أصولنا في الطاقة خاصة في غرب أفريقيا وخليج غينيا ستقودنا إلي التركيز علي AFRICOM التي ستعين الدول ( في غرب أفريقيا ) علي تحسين أمنها في أي نوع من الإنتاج بترول أو غاز طبيعي أو معادن ” .

علق الدكتور Wafula Okumu علي الأمر برمته فقال أن معظم الدول الأفريقية يساورها القلق من إستضافة AFRICOM وكان بعضها واضحاً في إعلان معارضته بينما أبدي البعض الآخر خشيته حتي من إستضافة بلد مجاور له لمقر AFRICOM وهذه الدول في معظمها علي وعي بأن السخاء البادي في إرسال الولايات المتحدة لمستشاريها العسكريين إليها يمكن وبسهولة أن يتحول إلي إرسال تقليدية وعسكرية صرفة لأغراض التدخل .

بيد أني أري أن السؤال الأكثر أهمية هو : إن كانت AFRICOM في جزء هام من مهامها وسيلة للتنمية والعمل الإنساني فلم لا تنهض بهذه المهام مباشرة مؤسسات أو وكالات امريكية معنية ومتخصصة مثل USAID أو منظمات غير حكومية قادرة لديها سجل في التعامل مع الأوبئة والأمراض وهي كثيرة متنوعة بالولايات المتحدة وتعمل بالفعل في أفريقيا ؟ ولماذا لا تنهض الدول الأفريقية بنفسها بواجباتها الأصلية حيال مواطنيها في الشئون الصحية والإنسانية وما هي مبررات وجود وزارات الصحة والشئون الإجتماعية في الدول الأفريقية في الوقت الذي تعلن فيه القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا عن أنه من بين أهدافها الهدف الرابع الوارد في منطوق إنشاءها رسمياً وهو ” تقوية جهود الولايات المتحدة لجلب السلام والأمن لشعوب أفريقيا والـترويج لأهدافنا المشتركة في التنمية والصحة والتعليم والديموقراطية والنمو الإقتصادي ” وتدخل هذه القيادة العسكرية القتالية في هذه الأنشطة لا ينصرف معناه في تقديري علي إساءة التقدير للوزارات المسئولة في دولها أمام برلماناتها عن كفاءة الأداء فحسب بل وأيضاً ففي نهوض AFRICOM بمهام تتعلق بالديمواطية مثلاً ما يتناقض مع طبيعتها العسكرية الصرفة كما أنه تحييد لمهمة مؤسسة المعهد الوطني الديموقراطي National Democratic Institute , وبالإضافة إلي ذلك فلم يُلاحظ أن القيادات العسكرية الأمريكية الخمس الأخري معنية بالشئون الإنسانية بهذا القدر كما هي الحال مع AFRICOM , وكيف تعمل AFRICOM علي تحقيق تواجدها في الشأن العسكري الأفريقي في الوقت الذي يسعي فيه الأفارقة مع تبايناتهم السياسية علي البحث عن نظام دفاعي / عسكري / أمني جماعي في إطار الإتحاد الأفريقي ؟ وهو سؤال سيتضح لاحقاً عند الحديث عن الموضوع الدفاعي أو العسكري في إطار القيادات العسكرية التي تعمل في إطار الإتحاد الأفريقي وتلك التي تعمل في إطار منظمات إقليمية مثل SADC أوECWAS وغيرهما , ولهذا يمكن القول بشكل عام أن AFRICOM ليس إلا أداة أمريكية مُكملة لمنظومات القيادات العسكرية الأمريكية التي وزعتها الإستراتيجية الدفاعية الأمريكية علي العالم جغرافياً حماية للمصالح الأمريكية الحالية والمرتقبة .

تبذل الولايات المتحدة جهوداً دبلوماسية وإعلامية (ستأتي لاحقاً إشارة للجانب الإعلامي لأفريكوم لأهميتها) من خلال القيادة العسكرية الأفريقية للولايات المتحدة وإتصالاتها بمتخذي القرار السياسي وبصناع السياسة الأفريقية و بالإعلامين الأفارقة بالعديد من الدول الأفريقية لتكوين قطاع عريض نسبياً من الأفارقة موال للمدخل العسكري الأمريكي المُضاف للعلاقات الأمريكية الأفريقية منذ عام 2007 , بحيث يكون هذا القطاع الموالي مُروجاً لفكرة أن لا بأس من التعاون مع AFRICOM , ولعل أبرز الحالات أو الأمثلة الدالة علي ذلك حالة غانا التي تعتبر من نقاط الإرتكاز المهمة للأفريكوم في غرب أفريقيا وفيها نجد السيد Abednego Orstin Rawlings القيادي بحزب المؤتمر الديموقراطي الحاكم NDC في غانا يقول في مقابلة صحفية لصحيفة غانية بعد عودته من الولايات حيث دُعي للمشاركة في في مؤتمر عن القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا ” إن الوقت قد حان للأفارقة لإحتضان القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا , وأنظروا لفرنسا وما فعلته في ساحل العاج وما يجري في ليبيا من قبل الـ NATO ” بل لقد ذهب السيد Rawlings إلي أبعد من ذلك عندما قال ” إنني أناشد الرئيس الأمريكي Barrack Obama ألا يتردد في إستخدام زيارته لغانا في الدفع بأجندة إنشاء الأفريكوم في القارة بمقراتها في Accra بغانا لأن الرئيس السابق George Walker Bush ووزير الدفاع الأسبق Robert Gates أعلنا عن إقامة أفريكوم في فبراير 2007 منبهين بالأهمية الإستراتيجية لأفريقيا ” بل وصل الأمر بالسيد Rawlings بأن قال ” إن أفريكوم كانت رؤية للزعيم الغاني Nkrumah ومن يقفون موقفاً مُضاداً للأفريكوم فهم ضد Nkruma ” ( شبكة Ghana News في 27 أكتوبر 2013 ) وهو بالطبع كلام بلغ من الشذوذ مبلغه ذلك أن الرئيس الغاني الأسبق كوامي نكروما كان علي سبيل المثال يستنكر نموذج الجماعات الإتحادية غير الطبيعيةUnnatural Communities التي تربط أفريقيا بقارات أخري , ولا ننسي أن الرئيس الأسبق نكروما كان ممن تمسكوا بوجوب الإتحاد الأفريقي الفوري والشامل قبل أن تمر فترة بعد الإستقلال يزيد فيها تمسك كل بلد بسيادته وتقدم بخطته للمؤتمر الأول لقمة الدول الأفريقية المستقلة بأديس أبابا في 28 مايو1963والذي إنتهي بالتوقيع علي ميثاق أديس أبابا وكانت خطة نكروما للإتحاد الأفريقي مفصلة وتضمنت وجوب أن يكون للإتحاد الأفريقي عاصمة ودستور وعملة وبنك مركزي وسياسة خارجية مشتركة ودبلوماسية مُوحدة إلي غير ذلك , كما كان الرئيس الغاني الأسبق Nkruma أول لمن إستخدم تعبير ” الإستعمار الجديد ” وذلك في كتابه ” إني أتحدث عن الحرية ” وهو تعبير ردده أمام مؤتمر القمة الأفريقي الأول في أديس أبابا 13 مرة ( نزيه نصيف ميخائيل . النظم السياسية في أفريقيا تطورها وإتجاهها نحو الوحدة . دار الكاتب العربي للطباعة والنشر 1967 . صفحة 161 و 175) .

– وقد يمكن الإستدلال علي وجهة النظر الأمريكية في مسألة تموضع مقر القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في بلد أفريقي ما من خلال تتبع التصريحات الأمريكية وبعض التطورات المُتعلقة بهذا الشأن في فترة سابقة وذلك علي الوجه الآتي :

* أشار موقعNairaland Forum بتاريخ 20 نوفمبر 2007 إلي أن حكومة نيجيريا الفيدرالية أعلنت يوم الأثنين الماضي أنها سوف لا تستضيف القيادة العسكرية الأمريكية الجديدة لأفريقيا , وأشار الموقع أن ذلك الإعلان الرسمي لموقف الحكومة إزاء هذا الموضوع أتي عندما إلتقي رئيس نيجيريا Umaru Yar’Adua محافظي الولايات والمشرعين , وأشار الموقع إلي أن نيجيريا أيضاً ضد إتخاذ القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا قاعدة لها في أي مكان آخر بغرب أفريقيا وفقاً لما قاله محافظ ولاية Kwara السيد Bukola Saraki والذي أعلن بعد مقابلتهم للرئيس عن موقف حكومة نيجيريا الرسمي في هذا الشأن , وأشار الموقع إلي أن جنوب أفريقيا وليبيا عبرا عن تحفظاتهما حيالأي تحرك يبدو علي أنه توسع في نفوذ الولايات المتحدة بالقارة الأفريقية ويمكن أن يركز بصفة أولية علي حماية المصالح البترولية .

* نشر موقع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في الأول من مارس 2012 مُلخصاً للشهادة التي أدلي بها بواشنطن في 29 فبراير 2012 الجنرال Carter F. Ham أمام لجنة الخدمات المُسلحة رد فيها علي الأسئلة التي وجهها إليه أعضاء اللجنة ومن بينها سؤال عن إعادة تمركز هذه القيادة حيث أوضح ” أن بقاء مقر هذه القيادة بأوروبا هو الخيار الأكثر تكلفة وفاعلية وأن الولايات المتحدة تستفيد من قاعدة مستمرة بأفريقيا هي قاعدة معسكر Camp Lemonnier بجيبوتي وتتخذها قاعدة لعملياتها ولقوات حلفاءها وهي تقدم الدعم لأنشطة أمنية إقليمية ” .

* أشار قائد الأفريكوم الجنرال Carter Ham في زيارة له لنامبيا في نوفمبر2012 إلي أنه ” ليس لدينا نية ولا خطة ولا مصلحة ولا مال لكي نقيم قاعدة أمريكية في الجنوب الأفريقي ولا في أي مكان آخر بأفريقيا فيما عدا ذلك المكان الذي لنا تواجد دائم به في جيبوتي ” , لكنه إستدرك فقال ” لم يعرب لي أي من القادة العسكريين الأأفارقة عن قلق أو عدم ترحيب بإستمرار التعاون مع الأفريكوم في خضم التقارير السلبية بشأن الأفريكوم ” وأردف قائلاً ” لم أزر بلداً أفريقياً وأسمع من مسئوليه الحكوميين يقولون أننا لا نريدك أن تعود ثانية , بل كانوا دائماً ما يقولون دعنا ننظر إلي المزيد من من الفرص حتي نقوم بالعمل بشأنها سوياً …. فالقضايا المهمة للأمن الأفريقي هي ذاتها المهمة للأمن الأمريكي ”

* ثار جدل ونقاش في الكونجرس ومجلس النواب الأمريكي حول مسألة نقل القيادة الأفريقية للولايات المتحدة داخل أو علي الأراضي الأفريقية وتردد المسئوليين الأمريكيين في محاولة القيام بهذه الخطوة , وإتصالاً بذلك صرح الجنرال / Carter Ham في 17 ديسمبر 2012 بأن ” ميزانية البنتاجون المُتقلصة تلزمه بأن ينصح البنتاجون بعدم تحريك مقرات القيادة العسكرية الأمريكية الأفريقية من حيث هي بألمانيا لأي مكان آخر ” وأردف قوله ” أنه قال لوزير الدفاع الأمريكي أن ذلك الأمر سيكلفنا الكثير ” .

* أشار موقع STARS AND STRIPES التابع للجيش الأمريكي في 18 ديسمبر 2012 للإعلان الصادر عن القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا بشأن إنشاء قوة تدخل سريع وإجابة قائد الأفريكوم الجنرال Carter Hamعن سؤال وُجه إليه بمناسبة إلقاءه لكلمة في George Washington University مفاده : لماذا أستغرق إنشاء هذه القوة وقتاً طويلاً بالرغم من أن الأفريكوم أصبحت مُكتملة من الناحية العملياتية منذ عام 2008 وبالرغم من أن القيادات العسكرية الأمريكية الأخري كان لديها قوة للتدخل السريع خاصة بها ؟ وكان رد الجنرال أن الموضوع كان مُتعلقاً بتوفر القوات ذلك أنه كانت هناك إرتباطات لهذه القوات في مناطق عدة بالعالم , وأنه عندما نتحدث عن الإستجابة السريعة (للتدخل) فإن موضوع الموقع يصبح موضوعاً أساسياً للعمل خاصة في أفريقيا التي تتولي مسئوليتها العسكرية فيها الأفريكوم وهي قارة كبيرة تبلغ ثلاثة أضعاف مساحة الولايات المتحدة تقريباً ” وقد أشار المتحدث باسم الأفريكوم Benjamin Benson أن قوة التدخل السريع تلك ستعمل من موقع بمنطقة Fort Carson بولاية Colorado الأمريكية , وأوضح أن المسافة عامل رئيسي عند عمل أي شيئ في أفريقيا بوجه خاص , وعندما سُئل عما إذا كان وحدة التدخل السريع تلك ستتمركز في أوروبا أم أفريقيا ؟ إلا أن المتحدث لم يرد التعليق عن الموقع المُحدد لها بإعتبار أن تحركاتها تتسم بالسرية , وأشار الموقع إلي أنه بالنسبة لتموضع قوات من أفريكوم في أفريقيا يمكن القول أن هذه القضية تتسم بقدر من الحساسية وهو أمر يشرح تردد أفريكوم في مناقشة تواجد قوات خاصة تابعة لها بأفريقيا , ولكن علي أية حال فإن عاملين سابقين يقولون أنهم لا يتوقعون ألا تبقي هذه القوة الخاصة وقتاً طويلاً بالولايات المتحدة فالسفر الطويل للقوة من حيث هي بالولايات المتحدة لمناطق مهامها بأفريقيا سيؤثر علي فاعلية العمل والمهام , وأشار الموقع إلي أن هذه القوة الخاصة للتدخل السريع التابعة للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا ستتخذ من Fort Carson قاعدة لها وهي في نفس الوقت قاعدة لمجموعة القوات الخاصة العاشرة , وأنه من المحتمل أن فريق عمل قوة التدخل السريع تلك سيتمركز لاحقاً في أفريقيا .

* بث موقع WorldTribune.com في 21 يناير 2013 ونقلت عنه مواقع أخري من واقع بيان صادر عن البنتاجون في 24 ديسمبر 2012 أن الولايات المتحدة سترسل قوات قوامها الإجمالي 3,500 فرد من الفرقة الثانية الثقيلة مشاة المُقاتلة والتابعة لقوات المشاة المتمركزة في Fort Riley بولاية Kansas وسيتوجهون إلي خمسة وثلاثين دولة أفريقية عام 2013 للتعامل مع أنشطة القاعدة وما شابهها المُتزايدة في أفريقيا .

* أشار الجنرال Carter F. Ham قائد الأفريكوم في بيان أدلت به Elizabeth Robbins المتحدثة باسم البنتاجون ونشره موقع Stars and Stripes في 5 فبراير 2013 حيث أوضح فيه أن ” قرار الإحتفاظ بمقرات الأفريكوم في Stuttgart قائم علي الإحتياجات العملياتية للقيادة , وأن وزير الدفاع الأمريكي تم إبلاغه برأي قائد الأفريكوم و بالدراسة المُتعلقة بالمواقع والتي أشارت إلي أن الموقع الحالي يخدم الإحتياجات العملياتية للأفريكوم بشكل أفضل من الموقع الذي بداخل أراضي الولايات المتحدة ” وهو ما أكده في إجتماع بمقر القيادة الأفريقية في Stuttgart في ديسمبر 2012 الجنرال Martin Dempsey رئيس هيئة الأركان الأمريكية المُشتركة حيث قال أن القيادة الأفريقية الأمريكية يجب ان تظل في Stuttgart , لكن تجدر الإشارة إلي أن تصريح قائد الأفريكوم لم يكن ليستبعد إمكانية إختيار مقر هذه القيادة في بلد أفريقي فالمقارنة التي عقدها كانت ما بين الموقع الحالي لمقر القيادة بألمانيا والذي يعد قيادة offshore والموقع البديل بداخل الولايات المتحدة في South Carolina أو Virginia .

* أرسل وزير الدفاع الأمريكي Leon Panetta قبل تقاعده في فبراير 2013 خطاباً للكونجرس الأمريكي يشير فيه إلي ” أنه لن يوصي بإعادة تموضع مقرات القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا علي أراضي الولايات المتحدة ” , وأوضح ” أنه لإعتبارات عملياتية بشأن النفاذ إلي القارة الأفريقية فإن تحريك القوات سيعمل علي ترجيح مسألة عدم مردودية ذلك من الوجهة المالية ” , فيما كان وزير الدفاع الأمريكي الأسبق Chuck Hagel وخلال زيارته إلي Charleston بالولايات المتحدة أشار إلي أنه سيراجع وينظر في قرار تموضع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في Charleston (التي تتوفر بها بنية أساسية تصلح للأغراض العسكرية ولديها روابط تاريخية بأفريقيا ) بإعتبار أنه يري أن الوقت قد حان لنقل هذه القيادة إلي Charleston فنقل القيادة إليها وفقاً لدراسة أجرتها وزارة الدفاع الأمريكية عام 2008 سيوفر 800 مليون دولار علي مدي السنوات الخمس القادمة من تاريخ وضع هذه الدراسة , بما يعني أنها خطوة إيجابية في خطة خفض الميزانية الأمريكية بمبلغ 900 بليون دولار علي مدي عشر سنوات لاحقة .

* أشارت شبكة PolitiFact في 10 يونيو 2013 إلي ما ذكرته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة / Hillary Clinton في كتابها المُعنون بــ ” خيارات صعبة ” أو ” Hard Choices” حيث وصفت الوجود الأمريكي بأفريقيا بأنه يكاد أن يكون لا وجود له , وهو ما أشارت هذه الشبكة بأن ما قالته السيدة Clinton زائف فالوجود العسكري الأمريكي كثيف في أفريقيا وهو أمر يستند إلي تصريحات صادرة عن مسئوليين بوزارة الدفاع الأمريكية , كما أن معسكر Camp Lemonnier بجيبوتي وحده به ما بين 2000 إلي 4000 من الأفراد العسكريين والمدنيين الأمريكيين وهم أي الأمريكلن دائماً ما يحاولون تقليص هذا العدد بوصف بعض من يعملون لدي الجيش الأمريكي بأهم متعاقدون , بالإضافة إلي ان القوات الأمريكية منخرطة بالفعل في عدد من العمليات العسكرية في أنحاء القارة الأفريقية في الجزائر وأنجولا وبنين وبوركينافاسو وبوروندي والكاميرون وجزر الرأس الأخضر والسنغال وجزر سيشل وتوجو وتونس وأوغندا وزامبيا وغيرهم (علي سبيل المثال أعلنت الولايات المتحدة في فبراير 2013 عن إقامة قاعدة جديدة للطائرات المُوجهة عن بعد بالنيجر كما أرسلت الولايات المتحدة في مايو 2013 نحو 80 عسكري أمريكي لتشاد للعمل في قاعدة أقيمت للطائرات المُوجهة عن بعد DRONES وإدارة عملية مسح جوي للبحث عن البنات اللائي قيل أن جماعة Boko Haram إختطفتهم من منطقة بشمال نيجيريا المجاورة وبعد فترة أعترفت أفريكوم عن أنها خفضت عدد الطلعات الجوية والمسح الجوي للبحث عنهن من أجل التركيز علي مهام أخري) , كذلك أفاد المتحدث باسم السيدة Hillary Clinton هذه الشبكة التي نشرت هذه الإفادة في نفس هذا التاريخ بأن أفريكوم لا قاعدة لها حتي في أفريقيا , فمقراتها في ألمانيا حيث 1500 من أفرادها البالغ عددهم 2000 فرد ما بين مدنيين وعسكرين ومتعاقدين مُقيمين هناك حيث القليل جداً من البنية العسكرية والتسليح المُتقدم والقطع البحرية الحربية , أما بالنسبة لميزانية وزارة الدفاع السنوية البالغة 250 بليون دولار فنصيب القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا فيها بلغ 275 مليون دولار في ميزانية عام 2012 , فيما أفاد المتحدث باسم أفريكوم بأن أوروبا تبلغ من الوجهة الجغرافية ثلث مساحة أفريقيا ومع ذلك فبها 12 ضعف عدد القوات الأمريكية,

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس