“ديبسيك”.. نسخة صينية من “تشات جي بي تي” تلفت أنظار سيليكون فالي

7
"ديبسيك".. نسخة صينية من "تشات جي بي تي" تلفت أنظار سيليكون فالي

أفريقيا برس – المغرب. تصدر تطبيق الدردشة “ديبسيك” (DeepSeek)، الذي يعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي وتطوره شركة صينية ناشئة، قوائم التنزيلات على متجر تطبيقات “آبل”، مدهشاً المحللين بقدرته على مضاهاة أداء منافسيه الرئيسيين في الولايات المتحدة.

ويثير روبوت الدردشة في الوقت الحالي ضجة كبيرة في قطاع التكنولوجيا الفائقة، خصوصاً لدى الشركات الأميركية العملاقة مثل “إنفيديا” و”ميتا”، والتي أنفقت مبالغ ضخمة للهيمنة على قطاع الذكاء الاصطناعي المزدهر.

نجاح بموارد بسيطة

صُمّم برنامج “ديبسيك” بواسطة شركة ناشئة مقرها في هانغتشو، شرقي الصين، وهي مدينة معروفة بأنها تضم عدداً كبيراً من شركات التكنولوجيا.

البرنامج متاح للاستخدام بما هو تطبيق هاتفي أو على أجهزة الكمبيوتر، ويوفر الكثير من الميزات المشابهة لتلك التي تقدمها تطبيقات المنافسين الغربيين: ككتابة كلمات الأغاني، والمساعدة في التعامل مع المواقف اليومية أو حتى اقتراح وصفة طعام تتناسب مع محتويات الثلاجة.

يمكن لروبوت الدردشة “ديبسيك” التواصل بلغات عدة، لكنه أوضح لوكالة فرانس برس أنه أكثر كفاءة في اللغتين الإنكليزية والصينية.

ومع ذلك، فإنه يتشارك القيود نفسها مع الكثير من برامج الدردشة الآلية الصينية. وعندما سُئل عن مواضيع حساسة، مثل الرئيس شي جين بينغ، فضّل تجنّب الموضوع واقترح “الحديث عن شيء آخر”. مع ذلك، فإن أداءه، سواء في كتابة شيفرات معقدة أو حل مسائل رياضية صعبة، قد فاجأ الخبراء.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة سكيل إيه آي الأميركية، ألكسندر وانغ، لشبكة سي إن بي سي التلفزيونية: “ما لاحظناه هو أن ديبسيك… كان أفضل أو قدّم أداء متساوياً مع أفضل النماذج الأميركية”.

يرتدي هذا النجاح صفة الإبهار بدرجة أكبر نظراً للموارد المستخدمة، فوفقاً لورقة بحثية تشرح بالتفصيل عملية تطوير النموذج، جرى تدريب “ديبسيك” باستخدام جزء بسيط فقط من الرقائق التي يستخدمها منافسوها الغربيون.

نقطة تحول لمجال الذكاء الاصطناعي

يعتقد العديد من المحللين أن ميزة الولايات المتحدة في إنتاج الرقائق عالية الأداء، فضلاً عن قدرتها على الحد من وصول الصين إلى هذه التكنولوجيا، من شأنها ضمان هيمنتها في مجال الذكاء الاصطناعي. مع ذلك، قالت شركة ديبسيك إنها أنفقت 5,6 ملايين دولار فقط لتطوير نموذجها، وهو مبلغ زهيد مقارنة بالمليارات التي استثمرتها شركات التكنولوجيا العملاقة في الولايات المتحدة.

وتراجعت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة واليابان وسط التحدي الذي فرضته شركة ديبسيك. فانخفض سعر سهم شركة إنفيديا، الرائدة عالميا في تطوير مكونات وبرامج الذكاء الاصطناعي، بأكثر من 3% في بورصة وول ستريت، الجمعة.

كذلك خسرت شركة سوفت بنك اليابانية العملاقة، وهي مستثمر رئيسي في مشروع أميركي بقيمة 500 مليار دولار لتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، أكثر من 8%، الاثنين.

وقال المستثمر والمستشار المقرب للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مارك أندريسن، إن مشروع “ديبسيك” يشكل “نقطة تحول للذكاء الاصطناعي”، مثل “سبوتنيك”، في إشارة إلى إطلاق القمر الاصطناعي السوفياتي الذي أشعل سباق الفضاء خلال الحرب الباردة.

وكتب عبر منصة إكس: “يشكل DeepSeek R1 أحد أكثر الاختراقات المذهلة التي رأيتها على الإطلاق”.

برنامج مفتوح المصدر

تعتمد “ديبسيك”، مثل منافسيها الغربيين “تشات جي بي تي” أو “لاما” أو “كلود”، على نموذج لغوي كبير (LLM)، تم تدريبه من كميات هائلة من النصوص، لإتقان التفاصيل الدقيقة للغة الطبيعية. لكن على عكس منافسيه الذين يطورون نماذج خاصة بهم، فإن “ديبسيك” مفتوح المصدر. وهذا يعني أن شيفرة التطبيق متاحة للجميع، ما يسمح لهم بفهم كيفية عمله وتعديله.

وكتب رئيس الأبحاث في شركة إنفيديا، جيم فان، عبر منصة إكس: “تواصل شركة غير أميركية تنفيذ مهمة أوبن إيه آي الأصلية: البحث المفتوح المتطور الذي يعود بالنفع على الجميع”. كما اعتبر ألكسندر وانغ، من شركة سكيل إيه آي، عبر “إكس”، أن “ديبسيك” تشكّل “جرس إنذار لأميركا”.

وتقول “ديبسيك” إنها “رائدة في مجال نماذج المصدر المفتوح” وتتنافس مع “أكثر نماذج الملكية تقدماً في العالم”.

“ديبسيك” يعزّز طموحات الصين التكنولوجية

تسعى الصين إلى أن تصبح رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، مع استثمارات مخططة بعشرات مليارات الدولارات في هذا المجال على مدى السنوات المقبلة. ويُظهر نجاح “ديبسيك” أن الشركات الصينية بدأت في التغلب على العقبات التي تواجهها.

وفي الأسبوع الماضي، حضر مؤسس “ديبسيك” ليانغ وينفينغ اجتماعاً مع رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، ما سلط الضوء على الصعود السريع للشركة.

وقد دفع النجاح السريع أيضاً بالبرنامج إلى قمة الموضوعات الشائعة على منصة ويبو، النسخة الصينية من “إكس”، وأشار أحد المستخدمين إلى أن “هذا يظهر أنه بإمكانك تحقيق أشياء عظيمة بموارد بسيطة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس