عن علاقات المغرب مع اسبانيا …

13

لا تختلف الزيارة التي قام بها العاهل الإسباني، فيليبي السادس، للمغرب في الأسبوع الماضي، كثيرا عن الزيارات المعتادة التي يتبادلها مسؤولو البلدين، إلا أن مراقبين إسبانا رأوا فيها مؤشّرا على تحول في العلاقات المغربية الإسبانية، يتبدى، بالخصوص، في انشغال إسبانيا المتزايد ببناء علاقة أكثر نسقيةً مع المغرب، تتداخل فيها الأبعاد الأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
ويجدر التذكير أنه منذ الأزمة الدبلوماسية بينهما صيف 2002 بسبب جزيرة ليلى، سعى البلدان، كل من موقعه، إلى بلورة مقاربة براغماتية وعملية لعلاقاتهما، تأخذ بالاعتبار حجم المصالح الكبرى بينهما، والتي ما فتئت تتنامى في السنوات الأخيرة ضمن شراكةٍ استراتيجية، يعي الطرفـان أهميتها لمنطقةٍ ذات أهمية جيو سياسية كبيرة داخل معادلة النفوذ والقوة، على الصعيدين، الإقليمي والدولي. ففي مجال مكافحة الهجرة السرية، إلا أن أحد العناوين البارزة لزيارة الملك فيليبي كان حث الرباط على ”مضاعفة” هذه الجهود وتنويع آلياتها، في مقابل دعم الاتحاد الأوروبي ومساندته، سيما في ضوء تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين ينجحون في الوصول إلى سواحل جنوب إسبانيا (أكثر من 65 ألفا عام 2018).
هذا ويكاد ملف الهجرة لا ينفصل عن مكافحة الإرهاب في مقاربة مدريد لأمنها القومي في منطقة جبل طارق، وانشغال أجهزتها الأمنية والاستخباراتية بمراقبة التنظيمات الجهادية التي تنشط جنوبي المتوسط والصحراء والساحل، فهناك جالية مغربية تعيش في إسبانيا (حوالي 900 ألف مهاجر)، ويشكل البعد الأمني والاستخباراتي في التعاطي معها أولوية إسبانية، خصوصا بعد منعرج الربيع العربي، ونجاح هذه التنظيمات في استقطاب أفرادٍ من هذه الجالية، وإقناعها بالالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية في سورية والعراق. ومن ثمّة، تُشكّل عودةُ هؤلاء هاجسا أمنيا كبيرا للبلدين، ما يفرض عليهما تنسيق جهودهما في هذا الصدد.

ومن ناحية اخرى يرتبط البلدان بعلاقاتٍ تجاريةٍ متينة، يعكسها تنامي حجم الاستثمارات الإسبانية في المغرب، وتنوعُ مجالاتها. وكانت الأزمة التي عصفت بالاقتصاد الإسباني في 2008 قد دفعت الرأسمال الإسباني إلى نقل جزءٍ من استثماراته إلى المغرب، خصوصا في قطاعات العقار والخدمات والسياحة. كما يعد المغرب أهم شريك تجاري لإسبانيا في أفريقيا، وثاني أكبر شريك لها خارج الاتحاد الأوروبي.