آثار صحية طويلة المدى وشبه مزمنة لمرض كوفيد 19

11
آثار صحية طويلة المدى وشبه مزمنة لمرض كوفيد 19
آثار صحية طويلة المدى وشبه مزمنة لمرض كوفيد 19

افريقيا برسالمغرب. لم يسلم الكثيرون ممن أصابهم فيروس كورونا المستجد، من بعض المضاعفات الصحية طويلة المدى التي تركها هذا الفيروس الشرس على الأجسام التي اخترقها، حيث جاءت هذه الآثار متعددة، منها الأقل خطورة، ومنها الأشد وأقصاها الموت الفجائي، وهي الآثار التي أكد مختصون في الطب، خلال حديث لـ “الخبر”، أن منها ما يتحول إلى أمراض مزمنة أو عاهات، وحتى إن كانت نسبها قليلة فهي مسجلة.

كثر الحديث عن الآثار التي تتركها إصابات مرض “كوفيد 19” على من أصيبوا به، إذ وعلاوة على شراسته وهو الذي أودى بحياة الكثير من الجزائريين، ترك الفيروس التاجي آثارا صحية متوسطة وطويلة المدى لدى عدد كثير ممن أصيبوا به، وهي الآثار التي تنوعت طبيعتها وحدتها وخطورتها.

تزايد في أعداد إصابات السكري بالجزائر وعبر العالم

من ضمن المضاعفات الصحية التي سجلت لدى عدد ممن أصابهم الفيروس التاجي، نجد الارتفاع الحاد لنسبة السكر في الدم. وعن هذه المسألة، أكد لنا اختصاصي أمراض السكري والغدد الصماء، الدكتور ضياء الدين بواب، أن المختصين في أمراض السكري، سجلوا ارتفاعا حادا في نسبة السكر في الدم، سواء عند مرضى السكري الذين يعانون منه من قبل أو في حالات الإصابات الجديدة، مشيرا إلى أن الارتفاع الحاد مصدره هو الالتهابات الحادة أو الإفرازات الكبيرة الناتجة عن الإصابة بالفيروس، الأمر الذي أدى إلى زيادة في مقاومة الأنسولين وهذا الارتفاع الحاد في نسبة السكر.

وعليه اتجه أغلب الأخصائيين، يقول الدكتور بواب في حديثه لـ”الخبر” إلى علاج السكري أثناء فترة الإصابة بكورونا بالأنسولين، وذلك من أجل تنظيمه بسرعة وكذا تقليص مدة العلاج، “كما لوحظ كذلك أن بعض الأشخاص الذين لم يكونوا مصابين بالسكري، ظهر عندهم الداء بعد إصابتهم بالفيروس التاجي” يقول محدثنا، مرجعا الأمر إلى سببين: إما جهل المريض لإصابته واكتشافها بعد إصابته بكورونا أو نظرا لهذه الإصابة التي أدت إلى زيادة في المقاومة، ونتيجتها مقاومة الأنسولين وارتفاع نسبة السكر في الدم نظرا لعدم فعالية الأنسولين المنتج داخليا.

ولذا يقول اختصاصي أمراض السكري والغدد الصماء، إنه في مثل هذه الحالات، عادة ما يلجأ الأخصائيون للعلاج بالأنسولين ولو كان مؤقتا، ثم المرور إلى الأقراص بعد الشفاء النهائي من مرض كورونا، موضحا أن هذه المضاعفات أدت طبعا إلى زيادة عدد المصابين بالسكري في العالم وأيضا في الجزائر، الأمر الذي يتطلب متابعة لهذه الحالات.

مسألة أخرى أوضح بواب أنها تعمل على ارتفاع مستوى السكر في الدم، مثل استعمال بعض الأدوية مثل “الكورتيكوييد” التي تعتبر ضرورية لمرضى كورونا وتدخل ضمن بروتوكول علاجهم، وهو ما يؤدى، يقول محدثنا، إلى زيادة حالات ارتفاع السكر في الدم التي يتطلب علاجها طبعا اعتماد الأنسولين، لأنه أكثر العلاجات فعالية وأقلها ضررا على أعضاء الجسم النبيلة كالكبد والكلية، حيث يمكن استعماله في كل الحالات الطبية حتى ولو كان هناك فشل عضوي، كالفشل الكلوي أو الكبدي أو القلبي، ليوضح ذات الاختصاصي، قائلا حول هذه النقطة، إن العلاج بالأنسولين يتم بجرعات كبيرة تتغلب على مقاومة الأنسولين، حيث أن الجرعات العالية تكسر مقاومة الأنسولين الناتجة من وسائط الالتهابات الحادة التي ترافق كورونا، يقول بواب.

التهاب عضلة القلب أحد الآثار والموت الفجائي وارد

من بين الآثار الصحية التي سجلت بعد الإصابة بفيروس كورونا لدى بعض المصابين، تأثير الإصابة على القلب. وعن هذه المسألة، أكد لنا اختصاصي أمراض القلب بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، البروفيسور سليم بن خدة، أنها ممثلة في مضاعفات، أولها يظهر أثناء الإصابة بفيروس كورونا، حيث تصاب بعض الحالات بالتهاب على مستوى عضلة القلب، كما يحدث تجلط في حالات أخرى، حيث يتسبب “كوفيد 19” لدى الشخص المصاب في حدوث تخثر للدم، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث الجلطة القلبية التي تحدث سواء على مستوى الشريان لتؤدي إلى انسداد الشريان التاجي، وهو ما يعطي احتشاء عضلة القلب ويسبب للشخص السكتة القلبية، يفسر البروفيسور بن خدة.

ويضيف محدثنا أنه في حالة ما يتم حدوث الجلطة على مستوى الدماغ، فإن ذلك يؤدي إلى حدوث الجلطة الدماغية. من جهة أخرى، أوضح لنا اختصاصي أمراض القلب، أنه من الآثار التي لاحظوها لدى عدد ممن أصيبوا بمرض “كوفيد 19” حدوث تجلط في الأوردة الدموية، وهو ما يؤدي بدوره في حدوث انسداد على مستوى الشريان الرئوي “وهي حالات شاهدناها كثيرا وتسببت في موت أصحابها” يقول بن خدة، الأمر الذي جعل المختصين يعمدون إلى تغيير بروتوكول علاج مرضى كورونا، حيث أدخلوا دواء “لوفينوكس” لمنع تجلط الأوردة الدموية.

وعلى ذكر بروتوكولات علاج كورونا، أكد لنا البروفيسور بن خدة أن دواء “كلوروكين” الذي كان يعطى للمرضى في بدايات انتشار الفيروس، ثبت أنه يؤثر على تخطيط القلب والنشاط الكهربائي للقلب، الأمر الذي يؤدي إلى الموت الفجائي، يقول بن خدة، مضيفا أن هذه الحالات تبقى حالات قليلة.

الصرع واختلاجات الحركة من الآثار العصبية لكورونا

ويظهر أن هناك آثارا صحية أخرى يخلّفها الفيروس التاجي، منها التي تؤثر على الجهاز العصبي، حيث أكد لنا اختصاصي جراحة الأعصاب بمستشفى سليم زميرلي، البروفيسور لخضر قنان، أنه ثبت أن صور تحليل التردد المغناطيسي التي أجريت لعدد ممن أصيبوا بالفيروس للتاجي وتعافوا منه، بيّنت حدوث اختلالات على مستوى المخ، منها التهابات الدماغ التي كانت تظهر في شكل نوبات عصبية وتشوش ذهني، كما ثبت أن التهاب السحايا وصداع الرأس والصرع من ضمن آثار كورونا، يقول اختصاصي جراحة الأعصاب.

وأشار المتحدث إلى أن دراسة طبية تمت بمدينة يوهان الصينية، خضع لها 214 شخص أصيبوا بفيروس كورونا وتناولت الآثار العصبية الناتجة عن الإصابة، لتبيّن نتائجها أن 78 مريضا أو ما تمثله نسبة 4،36 بالمائة منهم ظهرت عليهم أعراض عصبية يتصدرها صداع الرأس والدوخة، ناهيك عن أعراض أخرى مثل الصرع واختلاج الحركة وكذا اختلالات على مستوى البصر، ناهيك عن آلام عصبية تصيب الشخص.

وتبقى هناك آثار صحية أخرى ممثلة في آلام العظام والمفاصل والعضلات، حيث بيّنت أحد الدراسات الطبية التي أجريت على متعافين من الداء، أن 3،27 بالمائة ممن أصابهم الفيروس، عانوا ولمدة طويلة من الإصابة من آلام المفاصل، ليبقى هناك تخوف من آثار قد تظهر على المدى الطويل، حيث توصلت إحدى الدراسات العلمية إلى أدلة على وجود عواقب سلبية تظهر على المدى الطويل للمرضى، وذلك مع احتمال أن تكون جزيئات الفيروس التاجي قد اخترقت الدماغ، مع إمكانية أن تظل عالقة في الخلايا العصبية لسنوات، مما يفرض ضرورة مراقبة المرضى بمرور الوقت.