إصلاح صناديق التقاعد.. جولة ساخنة جديدة

5
إصلاح صناديق التقاعد.. جولة ساخنة جديدة
إصلاح صناديق التقاعد.. جولة ساخنة جديدة

أفريقيا برس – المغرب. عاد ملف إصلاح أنظمة التقاعد إلى الواجهة مع إعلان الحكومة عن قرب انطلاق جولة جديدة من المفاوضات مع المركزيات النقابية، ما يفتح الباب نحو طرق أحد أكثر الملفات سخونة، في ظل تباين وجهات النظر بين الحكومة والنقابات الرافضة جملة وتفصيلا لبنود الطرح الحكومي الثلاثة.

وأوردت يومية « الأحداث المغربية » في عددها ليوم الأربعاء 10 شتنبر 2025، أنه وبعد نجاح الحكومة مؤخرا في تمرير قانون الإضراب، والذي ظل مجرد مشروع لأكثر من 60 سنة من إقرار الدستور لهذا الحق، وإشارته إلى ضرورة الإحالة على وضع قانون تنظيمي لتأطير وتحديد كيفية ممارسة هذا الحق، أصبح إصلاح صناديق التقاعد الملف الحارق الجديد الذي ينتظر دوره للحل، في ظل تباين وجهات النظر بين الحكومة والمركزيات النقابية بشأنه.

وأضافت الجريدة أن هذه الجولة ينتظر أن تنطلق منتصف شهر شتنبر الجاري، وفق ما أعلنه الناطق الرسمي للحكومة، بعد أن باشرت وزارة الاقتصاد والمالية اتصالات مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية ووجهت دعوات رسمية لهم بهذا الشأن، متضمنة جدول أعمال هذا اللقاء المرتقب انعقاده بمقر الوزارة.

ووفقا لمصادر نقابية، تقول الصحيفة، فإن الجولة المرتقبة للحوار الاجتماعي سيتم خلالها بحث الوضعية المالية الحالية لصناديق التقاعد، وحجم العجز المسجل فيها، والذي يهدد استمرارها مستقبلا ثم بحث السيناريوهات المقترحة لإصلاح هذه الصناديق.

وتأتي هذه الجولة الجديدة لإصلاح صناديق التقاعد في ظل وضع وصفه رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مؤخرا بـ« الحرج »، حين شدد على ضرورة القيام بإصلاح عميق لضمان استدامتها وعدالتها، وبالتالي تعزيز قدرتها على الصمود أمام التقلبات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية، مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة وحماية مصالح الأجبال المقبلة.

وكان عبد القادر اعمارة قد أشار إلى أن التحولات الديموغرافية، خاصة تنامي الشيخوخة وتراجع معدل الولادات إلى أقل من طفلين لكل امرأة وارتفاع أمد الحياة إلى 77 عاما سنة 2024، تشكل ضغطا متزايدا على منظومة التقاعد، داعيا إلى توحيد أنظمة التقاعد ضمن إطار وطني شامل يقوم على إحداث نظام معاشات وطني إجباري أساسي مدعوم بدعامتين نظام تكميلي إجباري للفئات ذات الدخل المرتفع، وآخر فردي اختياري.

وبالعودة إلى السيناريوهات المقترحة لإصلاح أنظمة التقاعد، تعارض المركزيات النقابية الطرح الحكومي، والقائم على ثلاث مرتكزات هي رفع سن التقاعد، وتخفيض المعاشات وزيادة الاشتراكات، وهي المقترحات المرفوضة كليا من قبل النقابات وهو ما سبق أن أعلنه الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، في يونيو الماضي، حين رفع لاءاته الثلاث في وجه المقترح الحكومي.

وصرح الميلودي مخاريق أن نقابة الاتحاد المغربي للشغل ستدخل لقاءها بالحكومة متسلحة برؤية بديلة ومقترحات واضحة، تضع مصلحة الأجراء والمتقاعدين فوق كل اعتبار، معلنا رفض نقابته بشكل قاطع لجميع المقترحات الحكومية المعروفة، والقائمة على رفع سن التقاعد وتخفيض المعاشات والزيادة في الاشتراكات.

وتقف المركزيات النقابية موحدة خلف هذا الموقف الرافض للطرح الحكومي، بالنظر إلى ما تراه حلا مجحفا اجتماعيا للطرف الضعيف في المعادلة، باعتبار أن رفع سن التقاعد وزيادة الاقتطاعات وتخفيض المعاشات، سيتحمل كلفتها الأجير وحده، بينما تطالب بأن تتقاسم الدولة وأرباب العمل نصيبا أكبر من هذا الإصلاح.

وتتسلح النقابات بحلول تراها مناسبة لحل هذه الأزمة، عوض الحلول التقنية التي تقترحها الحكومة، ومن ذلك ما تراه حلا خارج الصندوق، والقائم على إدماج حوالي ثلاثة ملايين ونصف عامل في القطاع غير المهيكل، ضمن منظومة الحماية الاجتماعية، وهو ما من شأنه أن يوفر لصناديق التقاعد مداخيل إضافية قد تتجاوز 10 مليارات درهم سنويا.

ويستمر وجود ما يقارب 8 ملايين شخص خارج منظومة التأمين الصحي، إما بسبب عدم التسجيل أو وضعية الحقوق المغلقة، إضافة إلى استمرار ارتفاع كلفة العلاج على المواطن، واختلال التوازن المالي لبعض الأنظمة خاصة المتعلقة بالعمال غير الأجراء وبعض فئات القطاع العام، مختتما حديثه بالتأكيد على أن خيار الدولة الاجتماعية أصبح توجها استراتيجيا للمغرب ترجم إلى سياسات تغطي قطاعات الصحة والسكن ودعم الأسعار، مشيرا إلى أن المجلس يواكب هذا المسار عبر تقارير وأراء تقييمية تقييمية، في أفق الإسهام في إنجاح هذا الورش المجتمعي وضمان استمراريته وشموليته.

وبين المقترح الحكومي المعلن حتى الآن والرفض النقابي له، تقف صناديق التقاعد في مفترق طرق، في وقت يشكل فيه ورش الحماية الاجتماعية تحولا هيكليا غير مسبوق في السياسات العمومية، ويجسد خيار الدولة الاجتماعية الذي تبنته المملكة بقيادة الملك محمد السادس، والهادف إلى تمكين المواطنين من الصمود في وجه الأزمات، وضمان الحماية الاجتماعية للجميع، بغض النظر عن وضعهم المهني أو الاجتماعي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس