مصطفى واعراب
أفريقيا برس – المغرب. بحلول السابع عشر من شهر فبراير/شباط تكون قد مرت 35 عاما كاملة، على لحطة الإعلان بمراكش سنة 1989 عن تأسيس “اتحاد المغرب العربي”. كانت محطة تاريخية جسدت حلم الأجيال، وتتويجا لطموحات الاستقلال. فتم فتح الحدود بين الجزائر والمغرب، وصار التنقل في أرجاء المغارب كالتنقل في أرجاء القطر الواحد. وتمت صلة الأرحام بين الأسر المشتركة التي فرقت بينها الحدود، وانتعش الاقتصاد وهدأت النفوس إلى حين.
ثم انغلق قوس الوئام بعد أقل من سنتين، عندما تفجرت العشرية السوداء في الجزائر التي تمثل قلب المغرب العربي. وفي سياق الجنون الدموي الذي عاشته بلاد الشهداء، ثم اغتيال الرئيس محمد بوضياف الذي كان يمثل أملا لشعوب المغرب العربي. ووقع إغلاق الحدود الجزائرية المغربية فجأة ذات يوم من أيام سنة 1994، فتوقف الحلم.
ومنذ تلك اللحظة، وكلما حلت ذكرى تأسيس الاتحاد المغاربي الحزينة إلا وتوقف عندها المغاربيون بالحسرة والأسى على كم الفرص الضائعة، التي دفعت الأجيال القديمة ومعها الجيل الحالي والقادم أثمانها، من رخائها وتنمية بلدانها. فما هي الفاتورة التي ندفعها بسبب اللامغرب، خاصة أكبر دولتين مغاربيتين الجزائر والمغرب؟
بأي حال عُدتِ يا ذكرى؟
بلغ عدد سكان دول المغرب العربي 106 مليون نسمة برسم سنة 2022، فيما بلغت قيمة الصادرات لأقاليمها الخمسة ما قيمته 47,53 مليار دولار ووارداتها ما قيمته 37,71 مليار دولار. ويعني ذلك أنها تحقق في المجمل فائضا مريحا بين صادراتها ووارداتها. لكن مع ذلك تعتبر المبادلات التجارية بين دول الاتحاد الأضعف بين مختلف التكتلات الإقليمية، حيث لا تتجاوز 2%.
وبحسب تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، فإن من شأن الاندماج الاقتصادي بين دول المغرب العربي أن يقضي على 20% من معدل البطالة في دولها منذ السنة الأولى، بحيث إنها يمكنها في ظرف سبع سنوات بعد تحقيق الاندماج أن تصبح جاذبة لليد العاملة الأجنبية. كما يمكن لاتحاد المغرب العربي، حسب التقرير نفسه، أن يصبح ضمن قائمة الدول العشرين الأقوى اقتصاديا في العالم.
ووفقا للدكتور عمر روابحي الخبير المغاربي في دراسات شمال أفريقيا لدى مركز دراسات الشرق الأوسط (أورسام)، تتوفر المنطقة المغاربية على “إمكانية أكبر لتحقيق الوحدة الاقتصادية ثم السياسية بين دولها، إذا ما قورنت بمنطقة المشرق العربي. فناهيك عن التكامل الاقتصادي الذي يمكن أن تبنيه اقتصاديات الدول المغاربية، توفر لدى شعوبها شروط التجانس الديني والمذهبي واللغوي”.
لكن على الرغم من ذلك كله، وبحسب الخبراء المغاربيين، فإن الاتحاد لم يحقق أيا من الأهداف التي تأسس من أجلها. كما أنه حرم شعوب المغارب من الفائدة التي كانت تتحقق إثر الاندماج في العديد من القطاعات، ومنها تحقيق الوفاق بين الدول الأعضاء وإقامة تعاون دبلوماسي وثيق، وصيانة استقلال كل دولة من الدول الأعضاء، وكذا تحقيق التنمية الصناعية والزراعية والتجارية والاجتماعية للدول. وجميعها كانت ضمن الأهداف التي يراها الخبراء تلاشت بعد 35 عاما من التأسيس.
ما يستغرب له المراقب، أن الدولتين الأكبر في الاتحاد تستحضرانه رغم القطيعة في كل مشاريعهما. فبالنسبة للجزائر، تم تمديد الطريق السيار (شرق-غرب) حتى الحدود المغربية عند أقصى غرب البلاد. ونفس الشيء بالنسبة إلى المغرب، حيث ينتهي الطريق السيار الذي تم تمديده في السنوات الأخيرة عند الحدود الجزائرية في أقصى شرق البلاد.
ونفس الشيء بالنسبة إلى السكك الحديدية التي توقفت عن ربط المغرب بتونس عبر الجزائر منذ نصف قرن. وما يربط إعادة ربط شرايين التواصل البشري والسلعي هذه، هو قرار سياسي فقط. قرار سياسي يبدو أنه بات أصعب قرار يمكن اتخاذه في التاريخ!
الفكرة والتأسيس
انبعثت فكرة تأسيس اتحاد المغرب العربي من لقاء جمع بين زعماء الحركة الوطنية، في كل من المغرب والجزائر وتونس بطنجة في أبريل 1958. وكان الهدف من اللقاء هو النضال. من أجل استقلال الجزائر والشروع في بناء اتحاد المغرب العربي، كرد على المشروع الاستعماري الفرنسي الذي يقوم على تقسيم المنطقة المغاربية.
ورغم أن دول المنطقة المغاربية عاشت أزمات وحتى نزاعات مسلحة بينها بعد استقلالاتها، فإنها سعت مع ذلك إلى ترجمة فكرة الاتحاد على أرض الواقع. فعقدت لذلك الدول المغاربية، في فترات متفرقة، العديد من اللقاءات التي ركزت على بحث سبل التعاون بين دول المنطقة، توجت بالتوقيع على معاهدة مراكش 17 فبراير 1989، التي أعلنت عن ميلاد “اتحاد المغرب العربي”.
ففي سبتمبر/أيلول 1964، تم عقد لقاء لوزراء الاقتصاد والمالية في المغرب والجزائر وتونس وليبيا. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1967، انعقاد المؤتمر الخامس لوزراء الاقتصاد والمالية بتونس لتدارس سبل تحقيق الغاية نفسها.
ثم في10 يونيو 1988، التئمت قمة زيرالدة بالجزائر بين زعماء الدول الخمس للتحضير لتأسيس إتحاد المغرب العربي، توجت أخيرا بلقاء17 فبراير/شباط 1989، بمراكش بين زعماء الدول الخمس، الذي شهد التوقيع على معاهدة ميلاد اتحاد المغرب العربي، من طرف ملك المغرب السابق الحسن الثاني، والرئيس المورتاني معاوية ولد الطايع، والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، والرئيس التونسي زين العابدين بن علي والليبي معمر القذافي.
وحددت المعاهدة الأهداف العامة للاتحاد في: تمتين أواصر الإخوة التي تربط الدول الأعضاء وشعوبها بعضها ببعض، ونهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين، والعمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال بينها، والتعاون في قطاعات التعليم والحفاظ على القيم الروحية والخلقية المستمدة من الإسلام وعلى الهوية القومية العربية. كما نصت على تحقيق تقدم ورفاهية المجتمعات المغاربية، والدفاع عن حقوقها، والمساهمة في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف، وانتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين.
على مستوى الهيكلة التنظيمية، يتألف اتحاد المغرب العربي من هيكل تنظيمي يقع على قمته مجلس الرئاسة الذي يضم رؤساء الدول الأعضاء وهو أعلي جهاز في الاتحاد، وتكون رئاسة هذا المجلس لمدة سنة بالتناوب بين رؤساء دول الاتحاد. ويعقد الاتحاد دوراته كل سنة ويجوز عقد دورات استثنائية إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك. ولابد أن تصدر قراراته بإجماع أعضائه على الموافقة.
أما باقي أجهزة الهيكل التنظيمي للاتحاد فهي: مجلس رؤساء الحكومات، ومجلس وزراء الخارجية، ولجنة المتابعة، واللجان الوزارية المتخصصة، والأمانة العامة للاتحاد، ومجلس الشورى [بمثابة برلمان الاتحاد]، والهيئة القضائية والأكاديمية المغاربية للعلوم، والمصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية.
وتتوزع اللجان الوزارية المتخصصة على أربع لجان متخصصة، وهي: لجنة الأمن الغذائي، ولجنة الاقتصاد والمالية، ولجنة البنية الأساسية، ولجنة الموارد البشرية. وللاتحاد نشيد كتب كلماته محمد الخضر السايحي من الجزائر ووضع لحنه سمير العقربي من تونس.
مؤهلات هائلة للاندماج
ثمة مؤهلات هائلة تمهد لأي اندماج محتمل لاتحاد المغرب العربي في المجال العالمي الأوسع. فجغرافيا، تمتاز دول الاتحاد بمواقع استراتيجية تسمح لها بالارتباط قاريا وبحريا وجويا بسهولة بباقي العالم، خاصة الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة فالدول الخمس مشاطئة للبحر (الأبيض المتوسط أو المحيط الأطلسي)..
وبذلك، ترتبط دول الاتحاد اقتصاديا بالمجال العالمي من خلال حركة مبادلات إنتاجية ومالية، بحيث يكفي أن تتطور هذه الحركة بين دول الاتحاد المغاربي، لكي تبلغ مرحلة الاندماج الكامل، على غرار ما هو حاصل في الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة واليابان…
وتعد اقتصاديات الدول الخمس المشكلة للاتحاد مكملة لبعضها البعض، حيث إن الاتحاد في حال تم تفعيله سوف يحقق الاكتفاء الذاتي لجميع دوله في معظم حاجياتها الأساسية. وتبلغ مساحة دول هذا الاتحاد مجتمعة حوالي 5,782,140 كلم2. وهي مساحة تفوق مساحة الاتحاد الأوروبي. يبلغ عدد سكان اتحاد المغرب العربي حوالي 106 مليون نسمة، 80% منهم يعيش في المغرب و الجزائر. كما أن البلدان يملكان أقوى اقتصادين في هذا الاتحاد، بحيث يساوي مجموع اقتصاد البلدين 75% من مجموع الاقتصاد الإجمالي لدول الاتحاد.
أما على مستوى الموارد الطبيعية، تتوفر المنطقة المغاربية على احتياطيات كبيرة، تجعل منها مصدرا هاما لدول العالم. هكذا، يمتلك المغرب أكبر احتياطي من خام الفوسفات (75 % من الاحتياطي العالمي) يتيح له فترة استغلال تصل إلى 500 سنة قادمة، بحسب حجم الاستغلال الحالي. وهو ما يتيح له بأن يتبوأ المرتبة الأولى بين مُصَدري الفوسفات والأسمدة الكيماوية على مستوى العالم. بينما تصنف الجزائر —من جهتها— في الصف الثاني أفريقيا من حيث حجم احتياطيات الغاز الطبيعي بنسبة 25,4%، بينما تصنف ليبيا في المركز الخامس بنسبة 8,5%، كما تتوفر موريتانيا على احتياطيات كبيرة من خام الحديد والذهب وسواحل تعتبر من بين الأكثر غنى بالأسماك في العالم.
هذا دون الحديث عن المؤهلات الطبيعية (شدة الإضاءة وطول فترتها) التي تؤهل الدول المغاربية جميعها لأن تصبح أكبر مصدر للطاقات المتجددة في العالم. كما يشرف المغرب على مضيق جبل طارق الذي تمر عبره نسبة هامة من حجم الرواج التجاري العالمي، وينتج المغرب كميات هائلة من الخضر والفاكهة ومنتجات الصيد البحري، التي يوجه غالبيتها للتصدير. وهكذا تشير أرقام الفاو (منظمة الغذاء العالمي) إلى أن المغرب يحتل المرتبة الثالثة عالميا في إنتاج بعض الخضر والتين والزيتون، والمرتبة الرابعة عالميا في إنتاج الحوامض، والسادسة عالميا في إنتاج اللوز، الخ.
وبدل توجيه صادراته الغذائية نحو أوروبا والولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة، كان أولى أن يوجهها نحو الدول المغاربية الأخرى مثل ما يفعل مع موريتانيا (الجزائر تفضل شراء غالبية حاجياتها من المواد الغذائية من أوروبا، أساسا إسبانيا).
ومن هنا تبرز أهمية إلغاء الحدود وتوفير وسائل المواصلات، لخلق حركة للمبادلات السلعية وللخيرات ولرؤوس الأموال، وتنقل الأشخاص، من أجل بناء فعلي لاتحاد المغرب العربي. وسوف يتيح ذلك ليس رخاء بين شعوب المنطقة فحسب، بل وسوف يمنح للدول المغاربية وزنا اقتصاديا وسياسيا على مستوى العلاقات الدولية، يمكنها من أن تصبح شريكا فعالا لمختلف التكتلات الإقليمية والعالمية الأخرى، بدل حالة التشرذم المؤسف التي توجد عليه حاليا.
بواعث الفشل
يُجمع المراقبون على أن النزاع المغربي الجزائري المتواصل حول ملف الصحراء منذ منتصف السبعينيات إلى اليوم، يمثل أهم أسباب عدم نجاح تجربة المغرب العربي، رغم ما يمثله هذا التكتل إن نجح من فرص اقتصادية واجتماعية لأقطار المغرب العربي وشعوبها.
لكن في الواقع، إن أسباب فشل الاتحاد ربما تكون أعمق من ذلك. فقد ولد اتحاد المغرب العربي وأسباب الفشل كامنة في داخله. فقبل المصادقة على معاهدة تأسيسه بسنوات، كانت دوله الخمس قد دخلت في سياسة التحالفات الثنائية بدل العمل الجماعي. فتونس وليبيا أعلنتا معا في شهر يناير من سنة 1974، إقامة وحدة بين البلدين. لكنها وحدة سرعان ما ستنفصم عراها، ليدخل البلدان في مسلسل من الخلافات الطويلة بعد ذلك.
وفي شهر مارس من سنة 1983 وقعت كل من تونس والجزائر اتفاقية الأخوة والتعاون والتحقت بهما موريتانيا. وقد نظرت الرباط وطرابلس بعين الشك لهذا التحالف، فردتا بتأسيس الاتحاد العربي الأفريقي في شهر غشت من سنة 1984 في مدينة وجدة، لكن سرعان ما تفكك هذا الاتحاد هو الآخر سنة 1986.
لقد اتخذت هذه الوحْدات طابعا تكتيكيا لتحقيق أهداف ظرفية، أكثر مما كانت ذات بعد استراتيجي ممتد في الزمن، ولذلك خبا وهجها سريعا. غير أن العامل الأبرز الذي يقف وراء فشل اتحاد المغرب العربي على مر العقود، يتمثل في النزاع المغربي الجزائري. فقد كانت الجزائر تشير بأصابع الاتهام إلى المغرب في دعم الجماعات المسلحة الجزائرية، خلال الحرب الأهلية المعروفة في الجزائر باسم العشرية السوداء (1992-2000). بينما اتهمت الرباط الجزائر بالوقوف وراء تفجير فندق أسني بمراكش سنة 1994، وفرض المغرب بسبب ذلك التأشيرة على الجزائرين، فرد الجيش الجزائري الذي كان يحكم البلاد حينها بأن أغلق الحدود البرية مع المغرب، وهو الإغلاق الذي ما زال متواصلا لحد الآن.
لكن إلى جانب ذلك طبعا، يبقى نزاع الصحراء من الأسباب الرئيسة لفشل هذا الاتحاد، حيث تحتضن الجزائر جبهة البوليساريو وتدعمها دبلوماسيا وعسكريا.
–
بالأرقام.. كلفة اللامغرب باهظة!
يعرقل الصراع بين المغرب والجزائر قيام مشروع الاتحاد المغربي، وبالتالي، فإن الخلاف بين الجزائر والمغرب لا يعني فقط خسائر اقتصادية للبلدين بل لجميع دول المغرب العربي. وتشير العديد من الدراسات الاقتصادية إلى أن “اللامغرب” (غياب المغرب العربي) يكلف البلدان الخمسة خسارة بالنسبة للمبادلات التجارية بملايير الدولارات، فيما يتسبب عدم تفعيل مؤسسات الاتحاد في تضييع ما يقارب 5 % من نسبة النمو سنويا.
على أرض الواقع لا تمثل المبادلات التجارية بين البلدان المشكلة للاتحاد سوى 2 % من قيمة معاملاتها الخارجية. وهو الرقم الأضعف في العالم إذا نظرنا إلى حجم المبادلات التجارية بين بلدان المنطقة الواحدة، كبلدان الاتحاد الأوروبي أو بلدان جنوب شرق آسيا أو بلدان أمريكا اللاتينية. إن استمرار إغلاق الحدود بين البلدين يمنع فرصة عودة عمل خط السكك الحديدية الذي كان يربط بين البلدين، والذي من المفترض أن يؤدي إلى تنشيط قطاع السياحة ويعزز المبادلات التجارية والاستثمارات بينهما.
بالإضافة إلى ذلك، يعني قطع العلاقات أيضا تأثر التبادل التجاري بالسلب وتفتيت العلاقات بين المستثمرين المحليين في كلا البلدين، ما يمنع فرص خلق مشاريع صغيرة وكبيرة تؤدي في النهاية إلى تقليص معدلات البطالة وزيادة معدلات النمو في البلدين.
وبحسب بأرقام رسمية، بلغت نسبة التبادل التجاري في عام 2019 بين موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا 2,8 % من إجمالي المجموعة، مقارنة مع حجم مبادلاتها بنسبة 57,4 % مع باقي أفريقيا و97,2 % مع باقي العالم. وتعد هذه النسبة ثاني أدنى نسبة بين التكتلات الاقتصادية الأساسية في أفريقيا، وفق أرقام مركز بروكنغز.
في حين بلغ التبادل التجاري بين الجزائر والمغرب، وفق أرقام مكتب الصرف الخاصة لسنة 2020، نحو 5,3 مليارات درهم (590,6 مليون دولار)، وهو رقم ضعيف يمثل 1 % فقط من إجمالي واردات وصادرات المملكة. ورغم أن الحدود مغلقة منذ العام 1994 وحتى الآن، إلا أن الجزائر كانت قبل ثماني سنوات الشريك الأفريقي الأول للمغرب بمبادلات تجارية تناهز 8,5 مليارات درهم (947,2 مليون دولار) سنة 2016، قبل تأخذ مكانها مصر التي أضحت اليوم أول مورد للمملكة في القارة، بحسب تقرير نشرته مجلة “جون أفريك” الفرنسية.
إن قطع العلاقات بين الجزائر والمغرب يحد من النمو الاقتصادي، لمجموع دول المغرب العربي بنحو 3 إلى 5 %، عِلما بأن التحام اقتصاد البلدين يعني أيضا تبادل الخبرات على مستوى القطاعات الاقتصادية المختلفة. فالمغرب لديه خبرة كبيرة في قطاعات الزراعة والصيد البحري والصناعات الغذائية وصناعة السيارات وتحويل الفوسفات، بينما الجزائر لديها خبرات في صناعة المحروقات على سبيل المثال.
وكان المغرب يستورد من الجزائر الوقود والتمر والزجاج وموادا كيماوية، في حين تستورد الجزائر من المملكة ألواح الحديد والفولاذ والبن والأسمدة والنسيج. وفي حال تطبيع العلاقات بين الرباط والجزائر العاصمة، يتوقع خبراء جزائريون أن يكون هناك إقبال كبير من قبل الجزائريين على زيارة المغرب بما يصل إلى ما بين 3 و4 ملايين زائر جزائري سنويا. كما يتوقعون أن تعرف السلع التي كان المستهلكون الجزائريون يقبلون عليها من قبل من المغرب إقبالا كبيرا، خاصة الأقمشة والعطور والصناعات الصغيرة والمتوسطة. وبالتالي سيكون الميزان التجاري بين البلدين لصالح المغرب، بالإضافة إلى أنه سيفتح الآفاق أمام البضائع المغربية لتصل إلى تونس وليبيا بسهولة. أما الجزائر، فيتوقعون أن يستفيدوا من خلال تصدير بعض السلع إلى المغرب، خاصة الكهرومنزلية وبعض المواد الغذائية والمحروقات ومشتقاتها.
وفي سياق ظروف الجفاف التي تضرب المنطقة منذ سنوات، يتوقع الخبراء أن تشكل أي عودة للتعاون بين الجزائر والمغرب بداية لإطلاق مشروعات اقتصادية كبيرة، ليس للبلدين فقط، ولكن على مستوى كامل دول الاتحاد المتوقف. من قبيل إنشاء محطات كبرى لتحلية ونقل المياه من البحر المتوسط، ما سوف يسهم في توفير مياه الشرب وتطوير الزراعة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس