كيف يمكن للمغرب أن يتدارك التأخر في قطاع الاتصالات؟

30
افتتاحية. كيف يمكن للمغرب أن يتدارك التأخر في قطاع الاتصالات؟
افتتاحية. كيف يمكن للمغرب أن يتدارك التأخر في قطاع الاتصالات؟

أفريقيا برس – المغرب. لتمكين بلدنا من دخول العصر الرقمي، من الضروري تسريع تطوير قطاع الاتصالات. يمكن اتخاذ عدة مسارات لتحقيق هذا الهدف.

بناء على تعليمات من أعلى سلطة بالبلاد، يعمل المغرب على تنزيل نموذج تنموي جديد. المقاربة مبتكرة والأهداف حاسمة. الهدف من هذا النموذج التنموي الجديد، الذي تم إعداده من قبل فريق من الخبراء المشهود لهم بالكفاءة والموضوعية والتجرد من أية حسابات سياسوية، هو تقوية المكتسبات وتصحيح المسارات. مكن العمل الذي تم القيام به المغرب من التوفر على خارطة طريق حقيقية وميثاق اجتماعي جديد يحظيان بتوافق جميع القوى الحية للأمة. لقد تم تحديد الأولويات، من تعميم التغطية الاجتماعية إلى رفع تحدي التربية للجميع.

من هذا المنظور، تم اعتبار التكنولوجيا الرقمية على أنها رافعة رئيسية قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية في فترة زمنية قصيرة، بالنظر إلى التحديات المجتمعية المستهدفة.

ومع ذلك، فإن السماح لمختلف الأوراش المفتوحة بالاستفادة من التكنولوجيا الرقمية يعني تنفيذ استراتيجية حقيقية لتوحيد القطاع الذي يشكل أساسه: الاتصالات. ومن أجل ذلك، من المهم تحديد طرق لجعل هذا القطاع أداة في متناول الجميع في المدن والقرى، في ظل ظروف تلبي المعايير المعمول بها في البلدان المتقدمة (أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا). هذا الطموح هو في متناول المغرب، طالما أن الحكومة تدرك أن نجاح هذا القطاع قادر على خلق القفزة والتنمية، خاصة وأن المملكة تمكنت من تحقيق النجاح في العديد من القطاعات.

إن تكثيف استخدام التكنولوجيا الرقمية له فضيلتين: الأولى تجعلها مجالا تلبى فيه احتياجات الإدارات والشركات والمستخدمين وهو ما يوفر فرص عمل للشباب المكونين على التقنيات الجديدة للمعلومات والاتصالات. والثانية أنه من شأنها أن تؤكد إلى الولوج المبسط إلى الخدمات العمومية والولوج بفعالية إلى المدارس الرقمية وتحسين نشر المعرفة بالنسبة للتلاميذ سواء كانوا يعيشون في المدن أو القرى. سوف يتطور القطاع الخاص في بيئة ذات إجراءات مبسطة تزيد من إنتاجيته وشفافيته في الأعمال، وفي نفس الوقت زيادة المداخيل الضريبية للسماح للنظام بإعادة توزيع الموارد المالية بما يتماشى مع طموحات المغرب.

والحال أنه لإنجاح كل هذه الرهانات، يجب على السلطات العمومية، من حكومة والهيئة المنظمة لقطاع الاتصالات، إخراج القطاع بسرعة من الوضعية التي يوجد فيها حاليا. وهكذا، فإن العقوبة الأخيرة التي فرضتها الهيئة المنظمة للقطاع على اتصالات المغرب هي في حقيقة الأمر تذكير بوضعية لا يمكن أن تستمر دون أن تتسبب في تفويت الفرصة على البلاد للتحول الرقمي الضروري. والحال أنه لا يمكن للبلد مطلقا تحمل أي تأخير آخر في مجال مثل المجال الرقمي، الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالتنمية والتقدم. إن التقدم الذي حققته دول مثل الصين، بفضل التكنولوجيا الرقمية على وجه الخصوص، هو أفضل دليل على ذلك.

من أجل تمكين بلدنا من دخول العصر الرقمي، من الضروري تسريع تطوير قطاع الاتصالات. يمكن اتخاذ عدة مسارات لتحقيق هذا الهدف.تطوير الإنترنت الثابت بالألياف البصرية

حددت الهيئة المنظمة للقطاع في مذكرتها الأخيرة الخاصة بالتوجهات العامة أهدافًا طموحة لتمكين الولوج إلى الألياف البصرية لـ5 ملايين أسرة. هذا الهدف هو في متناول المملكة، بشرط أن تفتح اتصالات المغرب بنيتها التحتية أمام المنافسين، مما يسمح لهم بتطوير عروض إيصال الألياف البصرية إلى المنازل في المناطق الحضرية التي تضم ما يقرب من 5 ملايين أسرة.

هذا الفتح، الذي يتعلق بالبنى التحتية الموروثة، سيسمح بتطوير العروض بتكلفة أقل وتحسين الاستثمارات وبالتالي تسريع وتيرة نشر شبكة الألياف البصرية في المغرب. وفضلا عن ذلك، يمكن للمغرب أن يستلهم تجارب الدول الأوروبية، التي نظمت تحت إشراف الهيئات المنظمة للقطاع إجراءات لتقاسم التغطية بين عدة فاعلين، وبالتالي منع المسكن من التجهيز بثلاثة مقابس، يستخدم واحد منها فقط.فتح سوق الإنترنت الثابت للمنافسة

في المغرب هناك 1.6 مليون مشترك في في الإنترنت الثابت لعدد من المنازل المجهزة بالبنية التحتية النحاسية لحوالي 5 ملايين وحدة. هذه الوضعية هي نتيجة مباشرة لاحتكار اتصالات المغرب لهذا السوق. بعد عشرين عاما من تحرير القطاع، لا تزال اتصالات المغرب تمتلك حصة في السوق تبلغ 97 ٪. والحال أن هذا السلوك بالتحديد هو الذي دفع هيئة حكامة القطاع إلى فرض غرامة قياسية قدرها 3.3 مليار درهم عليها في عام 2020. ومع ذلك، بعد عامين، تم فرض غرامة جديدة على اتصالات المغرب لعدم امتثالها لقرار 2020 والتي تقدر بـ2.45 مليار درهم.

هذه السلسلة في العقوبات يوحي بأن إدارة اتصالات المغرب صماء وغير راغبة في التخلي عن هيمنتها. ويمكن تفسير ذلك من خلال حقيقة أن إدارة اتصالات المغرب أصبحت معتادة على هذه الوضعية الاحتكارية التي تمكنها من دفع مبلغ هائل من الأرباح لمساهميها لمدة عشرين عاما، تجاوز 120 مليار درهم. ونتيجة لذلك، يحق للهيئة المنظمة للقطاع الاستمرار في زيادة الضغط على اتصالات المغرب لجعل إدارتها تفهم أن المصلحة العامة تأتي قبل المصالح الفردية. لا يمكن للبلد المضي قدما في الأوراش المهيكلة المذكورة أعلاه إلا بجعل المغرب للاتصالات تنصاع للقانون.تغطية المناطق القروية بخدمات الإنترنت ذات الصبيب العالي

وقد بذلت الدولة بالفعل جهودا محمودة في هذا الاتجاه من خلال تغطية المناطق القروية بإنترنت المحمول من الجيل الرابع ومن خلال التوجه إلى صندوق خدمة الاتصالات الشاملة. يجب تسريع هذا الجهد لتعميم الولوج إلى الإنترنت في جميع المناطق القروية. وهكذا، فالكثافة المنخفضة لسكان القرى (ما يقرب من 40 ألف دوار) تجعل تغطية مناطقها بشبكة الإنترنت الثابت مكلفة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، تقدم تقنيات الهاتف المحمول (الجيل الرابع أو حتى الجيل الخامس في المستقبل) وتقنيات الأقمار الصناعية أداء يجعل من الممكن تلبية احتياجات هذه المناطق في ظل ظروف تتوافق مع المعايير الدولية وبأسعار معقولة جدا. حالات الاستخدام موجودة بالفعل في المغرب وأظهرت مستوى كاف من الجودة.

إن تنفيذ المسارات المذكورة أعلاه سيسمح للمغرب ليس فقط باللحاق بالركب ولكن أيضا لتسريع قدرته على مواجهة التحديات باعتباره فاعلا رئيسيا في القارة الأفريقية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس