الإمارات تعيد تشكيل التوازنات الجيوسياسية في شمال أفريقيا والساحل

15
الإمارات تعيد تشكيل التوازنات الجيوسياسية في شمال أفريقيا والساحل
الإمارات تعيد تشكيل التوازنات الجيوسياسية في شمال أفريقيا والساحل

أفريقيا برس – المغرب. في مقال نشره باحث فرنسي متخصص بالشؤون العربية والأفريقية، قبل خمس سنوات في مجلة “لوبوان”، حذر من أن رئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد قد “حزم أمره على السيطرة على شمال أفريقيا، وذلك في إطار برنامج يعمل كثورة مضادة منطلقها دول الخليج”. ويضيف الباحث الفرنسي أن ” هذه الدولة الصغيرة التي كان يسكنها صيادو اللؤلؤ، قبل أن تصبح إمارة نفطية بفضل اكتشاف الذهب الأسود، تؤمن بأن استعادة الاستقرار الأمني، يمر عبر تنصيب حكم البيادق الموالي لها وخنق كل بديل ديمقراطي في المنطقة”.
لكننا اليوم بتنا نلاحظ أن هذا “البرنامج”، بعدما بلغ تأثيره المتنامي المدمر على واقع الأحداث في ليبيا واليمن والسودان ودول أخرى درجة تهدد تماسك وحدة هذه الدول، أصبح يرعى طموحا أوسع وأخطر بـ “ابتلاع” كامل منطقة الساحل الأفريقي أيضا داخل الثقب الأسود الإماراتي…
فكيف تنشر هذه الإمارة الصغيرة جدا مساحة وسكانا، شبكة نفوذها الواسع على هذا الفضاء المترامي الأطراف؟ ولمصلحة من تفعل ما تفعل؟ ثم ما هي أدواتها للقيام بذلك؟

يشهد مجال الساحل أهمية متزايدة كقلب جيواستراتيجي لأفريقيا. فموقعه الجغرافي المتميز وغناه بالثروات الطبيعية النفيسة، يجعل منه محورا للعلاقات عبر البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا وغرب آسيا. وبسبب ذلك، تزايدت مشكلاته الأمنية من جهة، وفي نفس الوقت، تزايد الاهتمام والتنافس الدولي حوله؛ حيث تعتبر السيطرة على منطقة الساحل والصحراء الكبرى بمثابة مدخل للسيطرة على أغلب القارة الأفريقية.

وبسبب ذلك، تزايدت مشكلات الساحل الأمنية، وفي نفس الوقت، تزايد الاهتمام والتنافس الدولي حوله؛ حيث تعتبر السيطرة على منطقة الساحل والصحراء الكبرى بمثابة مدخل للسيطرة على أغلب القارة الأفريقية. لم يعد الأمر يتعلق باهتمام الدول المستعمِرة سابقا، كفرنسا، بل أصبح يشمل قوى دولية متصارعة (الولايات المتحدة، روسيا والصين) وقوى أخرى إقليمية (تركيا وإيران والهند والبرازيل). كما أن المنطقة مرشحة لاكتساب عوامل جذب جيواقتصادية إضافية بعد اكتشاف كميات جديدة ومتزايدة من النفط واليورانيوم في غرب أفريقيا، علاوة على ما تتمتع به من قدرات هائلة في مجال الطاقة البديلة (الشمس والرياح).

وقد سمح استمرار النظم العسكرية الحاكمة في دول الساحل في انتهاج استراتيجية القوة الصلبة، في مواجهة التحديات المتزايدة من قبل الجماعات المسلحة العنيفة، التي تصاعد نفوذها مرة أخرى، في تدخل قوى إقليمية أقل شأنا لكن مؤثرة في مجرى الأحداث، في طليعتها الإمارات العربية المتحدة.

أبو ظبي وانقلابات دول الساحل

الواقع أن الإمارات ليست طارئة على المشهد الساحلي المتوتر، لكنها كانت فقط أقل بروزا من قبل. فمنذ اندلاع النزاع الليبي في 2011 ─على الأقل─ وما تلاه من دعم أبو ظبي للمشير المتقاعد خليفة حفتر، ظهرت أطماع إماراتية في إقامة قاعدة عسكرية في النيجر. والمعروف أن الإمارات تركز في مجال القواعد العسكرية الخارجية، على أفريقيا. ومنذ نحو عقد من الزمن، خاضت أبو ظبي مفاوضات مع النيجر حول إقامة قاعدة عسكرية على الحدود الليبية. وتملك الإمارات بالفعل قواعد عسكرية برية وبحرية، في كل من “أرض الصومال [صوماليلاند]” وإرتيريا وفي اليمن، إضافة إلى قواعد في ليبيا.

وفي هذا الإطار، سبق أن كشف موقع “موند أفريك” الفرنسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، بأن المفاوضات بين الإمارات والنيجر كانت طويلة وصعبة على مدى سنوات، وكانت على وشك النجاح في إقناع المسؤولين في النيجر (في 2019)، عبر “الشيكات” والضغط الدبلوماسي، وإقامة قاعدة عسكرية على الحدود الشمالية للنيجر المتاخمة للجزائر وليبيا.

ومع مرور الوقت بدأت تتكشف العديد من الدلائل حول دور الإمارات في انقلابات مالي والنيجر. فقد خسرت الإمارات حليفها الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا، بعدما أطاح به انقلاب العقيد آسيمي غويتا في أغسطس 2020. وهو ما أجبرها على إظهار السخط اتجاه الانقلاب. لكنها عادت ودفعت أموالا له – وفقا لتقارير مواقع أفريقية-، حيث بدأ الرفض المعلَن للانقلاب يتلاشى تدريجيا ليحل بدلا منه التواصل المباشر بين قائد الانقلاب وحكام الإمارات، في حين أن انقلاب بوركينا فاسو نال اهتماما متأخرا من أبو ظبي.

ومن جانب آخر، يشير تقرير لـ”مركز دراسات الأمن الأفريقي” إلى وجود «دور أساسي» للإمارات، في الانقلاب العسكري الذي أطاح في صيف 2023 برئيس النيجر المنتخب محمد بازوم. رسميا، أدانت الإمارات انقلاب النيجر بقيادة الجنرال عبد الرحمن تشياني في يوليو 2023، حيث أكدت وزارة الخارجية الإماراتية أن دولة الإمارات تتابع بقلق تطورات الوضع بالنيجر، وشددت على “دعمها المؤسسات والقانون الدستوري”، ودعت في بيان رسمي حينها إلى “الحفاظ على الأمن والاستقرار في النيجر”، وقد أدانت دولة الإمارات -باللهجة ذاتها- الانقلابات العسكرية السابقة في كلٍّ من مالي وبوركينا فاسو، داعية إلى الحوار والحفاظ على الأمن بالساحل الأفريقي. وعلى الرغم من هذا الموقف الإماراتي المعلن اتجاه الانقلابات في دول الساحل، إلا أن هذا لا ينفى وجود مواقف أخرى غير معلنة كشفتها الأيام. فقد تسببت الإمارات للرئيس بازوم بحرج شديد، حيث رفض مشروعها في فتح قاعدة عسكرية لها شمالي النيجر، على الأرجح بسبب ضغوط قيادات الجيش في بلاده. وهو الأمر الذي دفع أبو ظبي إلى دعم بعض القادة الداعمين للانقلاب ضد الرئيس بازوم قبل شهور قليلة من الانقلاب عليه في يوليو 2023.

لقد كان من المفترَض أن تسهِم القاعدة – في حال إنشائها ونشر قواتٍ عليها- في تقوية نفوذ الإمارات في عدة بلدان محيطة بالنيجر، كالسودان حيث تستطيع الإمارات من خلالها إمداد قوات الدعم السريع والفصائل المسلحة الموالية لها، بما تشاء من أسلحة دون وجود جهات وسيطة. كما ستمكن هذه القاعدة الإمارات من دعم الجنرال خليفة حفتر للسيطرة على ليبيا بوضع إقليم فزان في الجنوب الليبي تحت مرمى طائرات الإمارات. ومن جهة أخرى مراقبة تطورات الوضع بتشاد التي ترى أبو ظبي أنها متذبذبة في المواقف تجاهها، بعد أن كانت نجامينا استجابت لطلب الإمارات والسعودية بقطع العلاقات مع قطر عام 2017، ثم سرعان ما تراجع الرئيس محمد إدريس ديبي إتنو (أب الرئيس الحالي) عن هذا القرار، وسعى نحو إعادة توطيد العلاقة مع قطر قبل إنهاء المقاطعة الخليجية.

واليوم، من الجلي أن الهدف الرئيسي من دعم الإمارات لانقلاب النيجر هو حاجتها لهذا البلد الذي يتوسط منطقة الساحل، من أجل المراقبة الحثيثة لما يجري في كل من السودان وليبيا وتشاد والجزائر.

وطبقا لقراءة مراكز تحليل غربية، تكشف زيارة الفريق صدام حفتر الأسبوع الماضي إلى النيجر البُعد العسكري للاحتواء الإماراتي لهذا البلد. فالاتفاقيات الأمنية المبرمة بينه وبين رئيس النيجر الجنرال عبد الرحمن تشياني، تتعلق بـ “مراقبة الحدود” و”مكافحة الإرهاب”، وخاصة الاستيلاء المحتمل من قبل الجيش الوطني الليبي على القاعدة الفرنسية السابقة في ماداما (تقع بشمال النيجر على الحدود مع تشاد وليبيا)؛ بحيث يُنتظر أن تشكل هذه المنشأة الاستراتيجية، في مستقبل قريب، قاعدة متقدمة للعمليات العابرة للحدود، مُكملة بذلك تطويق الجزائر من الجنوب.

وفي هذا الصدد، ستخلق السيطرة المحتملة على قاعدة مادما من قبل القوات الليبية المؤيدة للإمارات، “موطئ قدم عسكري على حدود الساحل، مؤسسة لوجود إماراتي دائم في المنطقة”، بحسب تحليل نشره معهد آفاق للدراسات الجيوسياسية، قبل أيام.

إعادة تشكيل التوازنات

في سياق ذلك، شكل تسلسل النشاط الدبلوماسي للإمارات لمايو 2025 إذن مرحلة حاسمة في ظهور نظام جيوسياسي ساحلي جديد، عماده الجمع بين المساعدات الإنسانية والاستثمارات الضخمة والتعاون الأمني. ومن خلال تقديم الدعم “من دون شروط سياسية”، تعمل أبو ظبي بمهارة على ملء الفراغ الذي تركته القوى الغربية وإعادة رسم خريطة النفوذ في منطقة استراتيجية. وتعتمد الاستراتيجية الإماراتية في منطقة الساحل على دبلوماسية إنسانية طموحة. ويهدف برنامج “بنك الطعام” الإماراتي إلى استقطاب ما يقرب من 29 مليون مستفيد بحلول عام 2025، بزيادة قدرها 55% في عام واحد، وإنشاء فروع له في النيجر ومالي وبوركينا فاسو. إن هذه المساعدات الغذائية، التي طال انتظارها بعد رحيل المنظمات غير الحكومية الغربية، والتي يتم تسليمها عبر المنصات اللوجستية في أبو ظبي ودبي، تعمل على تعزيز النفوذ الإماراتي في منطقة في حاجة إلى معونات غذائية، بسبب مخلفات ثالوث الجفاف والجراد والحرب.

إن ما يميز النهج الإماراتي بشكل أساسي عن شركائه الغربيين، هو موقفه كمستثمر وحليف “بدون شروط سياسية”. وهو تحديدا الموقف الذي يتردد صداه بشكل خاص لدى المجلس العسكري في مالي، الذي يسعى إلى الحصول على دعم جديد يعوضه عن الانسحاب الفرنسي. فالولايات المتحدة ومعها أوروبا اللتان لا تملكان الإمكانيات لمنافسة التنين الصيني، الذي اكتسح القرة السمراء بتمويلات مبادرة “الحزام والطريق”، ولذلك تشجعان ما تشهده القارة بقوة من هجوم اقتصادي إماراتي. وبحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، حيث سبق أن تعهدت أبو ظبي باستثمارات بقيمة 97 مليار دولار في أفريقيا خلال الفترة 2022-2023، وهو مبلغ يفوق بثلاثة أضعاف الالتزامات الصينية (30 مليار دولار) خلال نفس الفترة. وتستهدف حصة متزايدة من هذه الاستثمارات منطقة الساحل على وجه التحديد: مشاريع الطاقة الشمسية عبر الحدود لتزويد منطقة ليبتاكو-غورما بالكهرباء بقيادة شركة “مصدر”، وشراء الذهب البوركينابي الذي يتم تصديره عبر دبي من قبل التجار الإماراتيين، والمفوضات حول مشروعات الهيدروجين الأخضر في النيجر، أو معالجة القطن في مالي، الخ.

وتلبي هذه الاستراتيجية متعددة الأبعاد ─بالمقابل─ العديد من الأهداف بالنسبة لأبو ظبي. فهي تؤمن لها تدفق المواد الخام الاستراتيجية مثل الذهب واليورانيوم، فضلا عن ضمان الوصول إلى الطاقات المستقبلية مثل الهيدروجين الأخضر، وبالتالي تمكين تنويع الإيرادات الإماراتية إلى ما هو أبعد من المحروقات.

في الواقع، يُخفي هذه السخاء الظاهر في الواقع استراتيجية خلق تبعيات اقتصادية هيكلية لأبو ظبي. مشاريع البنية التحتية الإماراتية – محطات الطاقة الشمسية، المجمعات الزراعية، المناطق الاقتصادية الخاصة – تهدف إلى دمج الاقتصادات الساحلية في مدار الإمارات، على نحو يجعل هامش مناورة دول الساحل يضيق آليا حيال إمكانية التوجه نحو شركاء آخرين، وبخاصة الجزائر.

وأما على المستوى العسكري والأمني، فإن ما يجري هو مشروع “الشرق الأوسط الكبير الذي أعلنه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب عام 1991″، كما يقول الباحث في العلوم السياسية سيباستيان بوسوا في مقال مجلة “لوبوان” المذكور في مستهل هذا المقال، ملاحظا أن “الإمارات هي تلميذ الأميركيين النجيب، حتى أن الإماراتيين يخسرون كل حروبهم كما تخسرها الولايات المتحدة منذ حرب فيتنام”.

وبحسب موقع “إمارات ليكس” المعارض، فإنه في خلاصة هذا المشهد، يبدو أن الإمارات لا تدخل أي ساحة نزاع إلا لتُعيد ترتيبها وفق مصالحها الخاصة، ولو على حساب التوازنات الوطنية أو الحقوق التاريخية لشعوب تلك المناطق. وفيما تواصل القوى الدولية تجاهل هذا النهج الإماراتي، تتسع رقعة “الفوضى المنظمة” في مناطق كانت يوما ما محط آمال التحرر والتنمية.

من الواضح أن أخطر ما في هذا التحرك الإماراتي الجديد، ليس فقط أنه يتم على حساب القوى السياسية والمدنية في دول الساحل، بل إنه يكرّس نمطًا معروفا للنفوذ الإماراتي الذي بات يتكرر في أكثر من ساحة: من السودان إلى ليبيا، ومن اليمن إلى القرن الأفريقي. إنه النمط ذاته الذي يتلخص في دعم أنظمة استبدادية بلا شرعية أو “انتقالية”، وتوفير الغطاء السياسي والعسكري لها من خلال إقامة تحالفات اقتصادية وأمنية معها، غالبا ما تترافق مع صفقات تسليح أو مساعدات مالية، ثم يلي ذلك الحرب والخراب.

لكن هذه الاستراتيجية تعتريها ─ مع ذلك─ نقاط ضعف. فالاعتماد الإماراتي على حلفاء محليين غير مستقرين (المجالس العسكرية الحاكمة، القوات شبه العسكرية)، من شأنه أن يُضعف استدامة مخططها. علاوة على ذلك، فإن صعود فاعلين إقليميين آخرين (روسيا، تركيا، الصين) قد يُعقد اللعبة الإماراتية. فقد بدأت تظهر منافسات للإمارات مع قوى أخرى موجودة في المنطقة، ولا سيما روسيا في مالي وتركيا في النيجر، مما يزيد من تعقيد رقعة الشطرنج الجيوسياسية في منطقة الساحل.

ختاما، إن الخطر الأكبر الذي يطل برأسه من وراء إعادة رسم معالم المشهد الجيوسياسي في منطقة الساحل، يكمن في إمكانية تحوّل المجالس العسكرية الحاكمة في دولها إلى مجرد بيادق بيد حكام ابو ظبي، بدلا من أن تكون جهات فاعلة بإرادة حقيقية. فالقيادات العسكرية الحاكمة تفتقر إلى استراتيجية واضحة لتسيير بلدانها، تكون قادرة على ضمان الأمن اللازم وتحقيق التنمية الاقتصادية والاستقرار في المنطقة، كما تطمح شعوبها.

ولذلك ستكون للتغييرات الجارية حاليا في منطقة الساحل، بكل تأكيد، تداعيات خطيرة على مجمل دول المنطقة المغاربية وحتى المناطق الأبعد.

جيش من المرتزقة الأجانب

نقف الآن عند عتبة السؤال الكبير: ما دامت الإمارات دولة خليجية صغيرة لا يزيد سكانها الأصليون عن مليون نسمة (إلى جانب حوالي 9 ملايين أجنبي يعيشون فيها)، فكيف تقوم بكل الأدوار العسكرية التي نسمع عنها؟

على الرغم من أن الجيش الإماراتي يحتل المركز 36 عالميا والخامسة عربيا، ويتوفر على أسلحة متطورة جدا، إلا أنه يبقى جيشا صغيرا (65000 فرد) وبلا تجربة فعلية في الحروب. ولهذا السبب، أصبح تجنيد المرتزقة الأجانب وسيلة ذات أهمية متزايدة لتحقيق التفوق الاستراتيجي في ساحات الحروب وفي النزاعات التي تعد الإمارات طرفا فيها.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية قبل أشهر، فإن الإمارات سبق أن جندت مرتزقة كولومبيين في حرب اليمن، وكذا في أتون الحرب الأهلية الليبية إلى جانب المشير خليفة حفتر، قبل العبور إلى معقل قوات “الدعم السريع” في دارفور. وهؤلاء المرتزقة هم حاليا دراع الإمارات لدعم حلفائها في “قوات الدعم السريع” في الحرب الرهيبة الجارية بالسودان. وقد تم التعاقد مع هؤلاء المقاتلين الكولومبيين، الذين تم القبض على بعضهم في دارفور العام الماضي، من قبل شركة مقرها أبوظبي تُدعى (مجموعة خدمات الأمن العالمي (Global Security Services Group، بحسب مقابلات أجريت مع أكثر من عشرة مسؤولين دوليين ومقاتلين كولومبيين سابقين، بالإضافة إلى مراجعة لملفات تعريف وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الشركات، تقول الصحيفة الأمريكية.

واختارت الإمارات المرتزقة الكولومبيين لعدة أسباب، من بينها خبرتهم في مكافحة تمرد مجموعات “الفارك” اليسارية الثورية في بلادهم، بالإضافة إلى خبرتهم في التعامل مع حرب العصابات التي تشنها عصابات الاتجار في المخدرات في كولومبيا. وكذلك تميزهم بالتدريب الجيد على التعامل مع المعدات العسكرية الأمريكية. هذا فضلا عن التكلفة الأقل بكثير مقارنة بتكلفة توظيف المرتزقة الأمريكيين أو الأوروبيين. وكشفت تقارير أن الإمارات شكلت أول مجموعة من هؤلاء المرتزقة في 2011، بموجب تعاقد بلغت قيمته الإجمالية 529 مليون دولار أمريكي؛ حيث جلبت 800 من الكولومبيين بشكل سري، وأنشأت لهم معسكرا على درجة عالية من السرية في صحراء مدينة زايد خارج العاصمة أبو ظبي.

وقد قدرت نفقات تسيير هذا المعسكر آنذاك بتسعة ملايين دولار شهريا، شاملة مصاريف إطعامهم وشرابهم – الذي استلزم إحضار طباخين كولومبيين– وميزانية التسليح والمعدات العسكرية والصيانة والتدريب. كما استقدمت الإمارات محاربين قدامى من القوات الجوية الخاصة البريطانية والفيلق الفرنسي الخارجي، لتنظيم دورات تدريبية لهؤلاء المرتزقة. كما جلبت من أجل ذلك بعض المدربين من ذوي الرتب الرفيعة، من الذين شاركوا في الحرب في أفغانستان والعراق، بمتوسط رواتب يفوق 200 ألف دولار سنويا للواحد منهم. وقد تمتع أولئك المرتزقة الذين جلبتهم الإمارات – وكذلك السعودية – بعدد من المزايا، ومُنحوا ضمانات لهم ولعائلاتهم، حيث كان المرتزق منهم يتقاضى 150 دولارا في اليوم الواحد، حسبما كشفت صحيفة نيويورك تايمز.

وعلى الرغم من أن ذلك المرتب يقل عن نصف ما يتقاضاه المرتزقة الأوروبيون والأمريكيون، فإنه يعد مع ذلك مبلغا كبيرا يزيد بخمسة أضعاف عما كان المجند منهم يتقاضاه في كولومبيا، والذي يقدر بما لا يزيد عن 400 إلى 600 دولار شهريا.

وفي حرب اليمن القذرة، قدرت رواتب المرتزقة الكولومبيين بما بين 2000 إلى 3000 دولار شهريا للفرد كراتب أساسي، علاوة على راتب إضافي يقدر بألف دولار أسبوعيا طوال فترة تواجده بالإمارات تقدر بثلاثة أشهر. ولا تنحصر الضمانات والميزات في ما يتعلق بالرواتب والمكافآت، بل يحصلون كذلك على بطاقات إقامة رسمية في الإمارات، مع امتيازات صحية واجتماعية أسوة بباقي المواطنين الإماراتيين.

أهم المصادر:

1. https://www.cass-center.org/public/ar/blog/الدور-الإماراتي-في-انقلابات-دول-الساحل

2. https://gulfhouse.org/posts/6652/

3. https://horizons.ma/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%aa%d9%88%d8%a7%d8%a1-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%ad%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%85%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%aa%d9%86%d8%b3%d8%ac-%d8%b4%d8%a8%d9%83%d8%aa/

4. https://horizons.ma/%d9%87%d9%84-%d8%aa%d8%af%d9%82-%d8%b3%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%87%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%ac%d8%b2%d8%a7%d8%a6%d8%b1%d8%9f-%d8%a7%d9%86%d8%ad%d8%af%d8%a7%d8%b1-%d8%ac%d9%8a/

5. https://emiratesleaks.com/الساحل-1/

6. https://emiratesleaks.com/الساحل-2/

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس