الحكومة تُوقف “معركة” المراقبين الجويين بـ “القانون”

33
الحكومة تُوقف
الحكومة تُوقف "معركة" المراقبين الجويين بـ "القانون"

مصطفى واعراب

أفريقيا برس – المغرب. بعد شهور من الشد والجذب بين المراقبين الجويين والمكتب الوطني للمطارات، لجأت الحكومة أخيرا إلى تغيير القوانين المنظمة لهيئة المراقبين الجويين. وبحسب مصادر نقابية مطلعة، فإن وفقا للتغيير الذي قامت به الحكومة سيصبح ممنوعا على هذه الهيئة الاحتجاج مستقبلا.

معركة بنفَس طويل

بدأت معركة المراقبين الجويين مع المكتب الوطني للمطارات الصيفَ الماضي، عندما أعلنت هيئتهم النقابية عن خوض إضراب لمدة 15 يوما ابتداء من 3 أغسطس/آب ، أي في عز الفترة الصيفية التي تشهد أوج حركة الطيران، عندما أعلن “المكتب النقابي الموحد للمراقبين الجويين” المنضوي تحت لواء نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، يوم 18 يوليو/تموز 2022 الماضي، عن قراره القاضي بـ “تقليص حركة الملاحة الجوية بالمطارات والأجواء الوطنية، احتجاجا على رفض إدارة المكتب الوطني للمطارات تنفيذ ملحق بروتوكول اتفاق، موقع منذ سنة 2019 تلتزم من خلاله إدارة المكتب بصرف منحة جديدة للمراقبين الجويين.

وعلى الساعة الثانية من زوال يوم 3 أغسطس/آب 2022، رفض المراقبون الجويون ببرج المراقبة بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء إعطاء الإذن ببدء عملية الإقلاع لطائرتين، تنفيذا لقرار مكتبهم النقابي القاضي بتقليص حركة الملاحة الجوية في المطارات و الأجواء الوطنية. وفي نفس الأثناء وتنفيذا لنفس القرار، رفض المراقبون الجويون بالمركز الجهوي لمراقبة سلامة الملاحة الجوية بالدار البيضاء منح الإذن لطائرتين لدخول المجال الجوي المغربي.

بعد توصلها بهذه المعطيات، وبعد 35 دقيقة فقط من بدء تنفيذ الحركة الاحتجاجية، ونظرا لخطورة الوضعية على سلامة الملاحة الجوية، اضطرت المديرة العامة للمكتب الوطني للمطارات إلى عقد اجتماع عاجل مع المكتب النقابي المذكور، توج بالتوقيع على محضر يستجيب لمطلب المراقبين الجويين الأهم، والمتمثل في صرف منحة جديدة بأثر رجعي يعود إلى 2019. وبعد توقيع محضر الاتفاق مع إدارة المؤسسة، أعلن المكتب النقابي عن تعليق احتجاج المراقبين الجويين إلى غاية يوم 3 أكتوبر 2022.

وعندما حل شهر أكتوبر، وضع المكتب النقابي لدى الإدارة إشعارا بالإضراب لمدة 15 يوما، يبدأ من تاريخ 8 أكتوبر. لكن المكتب تراجع عن قراره الذي كان سيحدث اضطرابا كبيرا لحركة الملاحة التجارية، بينما دعت إدارة مكتب المطارات المراقبين الجويين إلى “الصبر”، مذكرة إياهم بالظرفية الصعبة التي يجتازها من تبعات وباء كورونا.


الحكومة تتدخل

وعلى مدى الشهور الموالية تواصل مسلسل تهديد المراقبين الجويين بالإضراب ثم التراجع عنه، دون أن يلين موقف مكتب المطارات. وفي منتصف فبراير/شباط 2023 الماضي، عندما اتخذ المكتب النقابي نفسه للمراقبين الجويين عن برنامج احتجاجي تصاعدي جديد، ينطلق بحمل المراقبين لشارة الاحتجاج يوم 21 من الشهر نفسه.

لكن في سابقة في تاريخ القضاء المغربي، أصدرت المحكمة الابتدائية الاجتماعية بالدار البيضاء بتاريخ 17 فبراير 2023، حكما قضى بتعليق إضراب المراقبين الجويين، الذي كان مقررا في 21 فبراير بمطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء. واستعان مكتب المطارات بالقوات الجوية، التي وضعت رهن إشارته 67 مراقبا جويا عسكريا لتدبير الأزمة. حتى أن بعضهم قاموا بتأمين الملاحة الجوية للجزء الجنوبي من المغرب، انطلاقا من من مطار أكَادير. ويتعلق الأمر بمراقبين عسكريين تابعين للقوات الجوية، قيد التدريب استعدادا لتسيير المجال الجوي بالصحراء المغربية، بمجرد رفع سلطات الطيران الإسبانية يدها عنه (المفاوضات جارية بهذا الخصوص).

عقب هذه التطورات غير المسبوقة في تاريخ الملاحة الجوية في المغرب، قررت السلطات وضع حد لـ “فوضى” المراقبين الجويين التي “تسببت في منع هبوط أو إقلاع طائرات”، بشكل نهائي. ولذلك اتخذت قرارات كانت غير مُتوقَّعة. فقد عقدت الحكومة في 19 مايو/أيار الماضي اجتماعا بالرباط، خصصته لهذا الموضوع وصادقت خلاله على مشروع قرار يقضي بإخضاع هيئة المراقبين الجويين العاملين بالملاحة المدنية للنظام العسكري، أسوة بقطاعات أخرى ذات طبيعة استراتيجية، كما هو حال “الوقاية المدنية” (الدفاع المدني) والمدرسة المحمدية للمهندسين، مثلا.

وتقضي التشريعات الجديدة التي قدمتها الحكومة وتجري المصادقة عليها حاليا، بإعادة تنظيم تخصص المراقبين الجويين بـ “أكاديمية محمد السادس الدولية للطيران المدني”، بحيث يتبع طلاب شعبة “مراقبة الملاحة الجوية” وشعبة “السلامة الإلكترونية للملاحة الجوية” تكوينا عسكريا إلزاميا، بالنظر إلى حساسية هذين التخصصين. وهو ما يعني عمليا أنه سيكون ممنوعا على المراقبين الجويين مستقبلا القيام بأي احتجاج، تحت طائلة متابعتهم أمام القضاء العسكري.

لكن في انتظار المصادقة على هذا القانون ودخوله طور التنفيذ على الأجيال القادمة من المراقبين الجويين، يبقى السؤال: هل انتهت معركة فنِّيي الملاحة الجوية المغاربة أم إنها ما زالت مستمرة؟

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس