فيما أوجدت دول مراكز متكاملة لبناء خارطتها الجينية، للاستفادة القصوى من الطفرة العلمية لـ “دي إن إيه”، أو علم الجينات، ظهرت عربيا فرق ومنتديات ومتطوعون، يسعون بكل ما أوتوا من قوة وإمكانات لبناء خارطة الحمض النووي لمجتمعاتهم.
وفي المغرب، حيث اختلطت أجناس لا تحصى عبر التاريخ، يبذل متطوعون مغاربة، جهدا كبيرا، لتتبع أصول وجذور المغاربة، دون استثناء.
وحسب الباحث المغربي، عزمي يونس، الذي يرأس مجموعة بحث نشطة في هذا المجال، فإن الهدف، هو فهم التاريخ والواقع، والاستفادة العلمية من معطيات هذا العلم، لبناء مستقبل أفضل.
وأثبتت الدراسات الحديثة، أن المغاربة العرب والأمازيغ لا يختلفون من حيث تركيبتهم الوراثية بشكل كبير، ولخصت الأبحاث إلى أن التعريب في المغرب تم بالأساس عبر عملية استيعاب ثقافي. وأن الفرق بينهما لغوي فقط.
وتنص النشرة الأوروبية للوراثة البشرية، أن المغاربة في شمال غرب أفريقيا كانوا أقرب جينيا إلى سكان أيبيريا بالمقارنة مع شعوب البانتو القاطنين جنوب الصحراء الكبرى.
وعبر الأجيال المتتالية، فإن حوالي 81.7 بالمئة من المغاربة ينتمون إلى “هابلوغروب E” الذي ينحدر منه البربر، ما يمثل حوالي 72.6 بالمئة من المغاربة، سواء في المناطق الناطقة بالعربية أو الأمازيغية، فيما أقلية من المغاربة حوالي 13.3 بالمئة ينتمون إلى “هابلوغروب J” الذي يحدد السلالات العربية.
وقال هذا الباحث، أن هدف مجموعته، هو تتبع التركيبة العرقية لبلاد المغرب، وإسقاط و مقارنة العلم الجيني الوراثي للأصول على ما ورد في النصوص التاريخية للأنساب.
وأفاد يونس الذي يعمل مع الباحثين، عبد السلام الحسوني، وحمزة العياشي، ” إننا نقوم بمجهود فردي، أحيانا نفحص أناسا على نفقتنا وأحيانا نجد أناسا فحصوا بأنفسهم فندعوهم ليضيفوا نتائجهم للمجموعة.. ونحن على هذا المنوال منذ 2013″.
وأشار الباحث ختاما الى أن الطريق أمامهم لا يزال طويلا، ويلزمهم الحصول على نتائج جينية أكثر عددا و شمولية على مستوى التغطية الجغرافية، فيما مرادهم هو إنشاء خريطة جينية لأصول الساكنة المغربية ودراسة الهجرات، وارتباطاتها بحضارة ما، ونبذ أشكال العنصرية حفاضا على تماسك النسيج الاجتماعي للمغرب.