أفريقيا برس – المغرب. أغضب وزير التعليم، محمد سعد برادة، المجموعة النيابية لحزب “العدالة والتنمية” بعد رفضه الرد على سؤال نائبة برلمانية تنتمي إلى الحزب بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، مما أثار موجة من الجدل والاستياء في صفوف النواب، خاصة من جهة المعارضة.
وزاد الطين بلة تصنيف الوزير برادة لسؤال النائبة عن الحزب الإسلامي في خانة “الشعبوية”، مؤكداً رفضه الرد عليه “حتى لا يساهم في الشعبوية”، مفضلاً الرد على سؤال نائب برلماني من الأغلبية لأنه “قال شيئاً معقولاً”، وفق تعبيره.
وكان محور السؤال الشفوي الذي وجهته البرلمانية عن حزب “العدالة والتنمية” حول “مدارس الريادة”، إذ دققت في التفاصيل، خاصة ما يتعلق بالكوادر التعليمية المشتغلة وتأخر تعويضات المدرسين، إضافة إلى نقص المقررات والحواسيب والإنارة، وعدم احترام دفاتر التحملات (عقد التزامات).
وأشارت النائبة البرلمانية إلى أن “المدرسين في محنة”، متسائلة: “كيف يمكن أن يكون المشروع ممولاً بقرض بالمليارات ثم تطلبون من الأستاذ أن يصرف من جيبه؟”، مضيفة: “اليوم تريدون الحديث عن نسبة النجاح وتعميم المشروع!”.
ولم تتوقع البرلمانية رد الوزير برادة، الذي قال: “لن أجيبك يا سيدتي”، و”لن أمارس الشعبوية”، و”دعيني أرد على سؤال النائب الذي قال شيئاً معقولاً”، ما أحدث صخبا نقله التلفزيون في البث المباشر لجلسة الاثنين المخصصة للأسئلة الشفوية بالغرفة الأولى للبرلمان.
ونددت المجموعة النيابية لحزب “العدالة والتنمية” المعارض بسلوك وزير التعليم، واعتبره النائب البرلماني عبد الصمد حيكر إخلالاً بالدستور وبالقانون الداخلي لمجلس النواب، وأيضاً إخلالاً بواجب الاحترام بين المؤسسات الدستورية.
وفي سياق الجدل الدائر حول التعليم، رافقت تصريحات الوزير برادة في الجلسة البرلمانية ذاتها تعليقات بعض المراقبين الذين رأوا أنه يكتفي بعرض الأرقام دون التطرق إلى العراقيل والمشاكل التي تواجه فئات من المتعلمين أو مبادرات مثل “مدارس الريادة”.
وما أثار حفيظة متابعي الشأن التربوي هو استعراض الوزير للأرقام والإحصاءات دون الإشارة إلى توقف خدمة الدعم التربوي والاجتماعي الموجهة للأطفال في وضعية إعاقة، التي كانت تشرف عليها وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة.
وخلال بداية الموسم الدراسي، ارتفعت أصوات هيئات حقوقية وجمعوية محذّرة من أن توقف خدمة الدعم التربوي والاجتماعي الموجهة للأطفال في وضعية إعاقة ستكون له تداعيات خطيرة تهدد حقوق 30 ألف تلميذ من ذوي الإعاقة ومعهم 9 آلاف من العاملين الاجتماعيين.
وحملت الهيئات الحقوقية والجمعوية (المرصد المغربي للتربية الدامجة، والجامعة الوطنية للنساء العاملات في مجال الإعاقة، والمنظمة المغربية لحقوق النساء في وضعيات إعاقة، إضافة إلى الاتحاد المغربي للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة) كامل المسؤولية لوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة وكاتب الدولة في الإدماج الاجتماعي.
وأكدت الهيئات المذكورة أن انطلاق الموسم الدراسي 2025-2026 تزامن مع غياب أي حسم في وضعية آلاف الأطفال، بعدما توقفت المنح المالية المخصصة للبرنامج رغم تخصيص الحكومة منذ سنة 2015 لغلاف مالي سنوي لهذا الغرض، معتبرة أن هذا الوضع يعمّق هشاشة الأسر ويهدد استقرارها، كما أن الأزمة الحالية نتاج مباشر لـ”ضبابية الرؤية وسوء حوكمة التدبير”.
ولم ينتهِ الجدل حول تصريحات وزير التعليم، إذ عاد إلى الواجهة موضوع تسقيف سن التوظيف في سلك التدريس، الذي كان قد أثار جدلاً حاداً مباشرة بعد إقراره من طرف الوزارة قبل ثلاث سنوات.
الجديد هو إعلان الوزير عن مراجعة هذا القرار في حوار مع موقع إلكتروني محلي، لكنه في رده على سؤال بمجلس النواب يوم الاثنين، تطرق إلى الأسباب التي دفعت إلى اعتماد تسقيف سن التوظيف في قطاع التعليم بحصره في سن الثلاثين.
وعلّقت صفحة على فيسبوك بأن الوزير “تحدث عن الأسباب التبريرية لاتخاذ هذا القرار قبل ثلاث سنوات، والتي حددها في الارتقاء بالمنظومة التعليمية وتحقيق جاذبية مهنة التدريس”، لكنها أضافت أن “كل ما سرده انتهى بعد ارتجاله تتمة الجواب الذي كان معدا له سلفا، ليكشف السبب الحقيقي لاتخاذ هذا القرار وهو حماية المدارس الخصوصية من ظاهرة هروب كوادرها بعد نجاحهم في مباريات التوظيف”.
وفسّرت الصفحة تأويلها لكلام الوزير بحديثه عن “نسبة كبيرة من الناجحين في المباريات الذين تفوق أعمارهم 29 سنة، يأتون من قطاع التعليم الخصوصي ويتركون خصاصاً لديه وسط السنة الدراسية، وأن الوزارة توصلت بشكايات عديدة من فدرالية التعليم الخصوصي”.
وأضافت التدوينة أن الوزير ربط مراجعة قرار تحديد سن المشاركة في مباريات التوظيف في التعليم بمناقشة الأمر مع تمثيلية المدارس الخصوصية لتدارس المشاكل التي يمكن أن تلحقها بهذا القرار.
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس