الميكروبات تكشف سر نكهة الشوكولاتة الفاخرة

2
الميكروبات تكشف سر نكهة الشوكولاتة الفاخرة
الميكروبات تكشف سر نكهة الشوكولاتة الفاخرة

حازم بدر

 

أفريقيا برس – المغرب. لماذا تختلف نكهات الشوكولاتة من منطقة لأخرى رغم أن حبوب الكاكاو متقاربة وراثيا؟ قادت الإجابة عن هذا السؤال فريقا بحثيا مشتركا من دول بريطانيا وكولومبيا وترينيداد وتوباغو، إلى اكتشاف واحد من أهم أسرار الشوكولاتة، وهو الدور الذي تلعبه الميكروبات في المذاق.

وتمر عملية التصنيع بعدة مراحل يكون محورها حبوب “الكاكاو”، ووجد الباحثون أن مرحلة “التخمير”، وهي خطوة أساسية تسبق التجفيف والتحميص، هي التي تتحكم في المذاق، وتلعب فيها الميكروبات الدور المهم.

والتخمير عملية طبيعية تترك فيها حبوب الكاكاو الطازجة داخل لب الثمرة (اللب الأبيض الحلو المحيط بالحبوب) لتتفاعل مع الخمائر والبكتيريا الطبيعية الموجودة في البيئة.

وتبدأ العملية بوضع الحبوب بعد استخراجها من الثمرة في صناديق خشبية أو سلال منسوجة وتغطى عادةً بأوراق الموز، وتستمر العملية من 5 إلى 7 أيام.

وخلال هذه الفترة، تنموالخمائر أولا فتُحول السكريات الموجودة في اللب إلى كحول، وبعد ذلك، تنشط البكتيريا وتحول الكحول إلى أحماض (مثل حمض الأسيتيك واللاكتيك)، وهذه الأحماض تخترق الحبوب وتبدأ بتغيير تركيبها الكيميائي.

اختلاف المذاق رغم التقارب الوراثي

ووجد الباحثون خلال الدراسة المنشورة بدورية “نيتشر ميكروبيولوجي”، أن نوع الميكروبات الذي يتفاعل مع الثمار في مرحلة التخمير يختلف من منطقة لأخرى، وهو ما يفسر اختلاف المذاق، رغم التقارب الوراثي بين حبوب الكاكاو المستخدمة في التصنيع.

وعلى سبيل المثال وجدوا أن الميكروبات “ساكاروميسيس ” و”تورولابسورا”، ارتبطت بإنتاج نكهات الشوكولاتة “الفاخرة” التي تميل إلى مذاق القهوة أو التوت أو المكسرات.

وتوصل الباحثون لهذه النتيجة بعد أن أخذوا عينات من حبوب الكاكاو من مزرعة في مقاطعة “سانتاندير” بكولومبيا، وقاسوا التغيرات في درجة الحموضة ودرجة حرارة الحبوب المخمرة، واشتبه العلماء في أن هذه الظروف ستؤثر على نكهة الشوكولاتة، نظرا لتأثيرها على التفاعلات بين البكتيريا والفطريات.

وقارن الباحثون بعد ذلك عينات كاكاو “سانتاندير” مع عينات من مزارع في منطقتي “هويلا” و”أنتيوكيا” في كولومبيا، وأعدوا سائل كاكاو من حبوب الكاكاو المخمرة من المزارع الثلاث لاختبار نكهاتها.

وأفادت لجنة من خبراء تذوق الطعام المدربين الذين تذوقوا هذه السوائل أن عينات “سانتاندير” و”هويلا” تشترك في سمات النكهة، مع نكهات المكسرات المحمصة والتوت الناضج والقهوة.

وبالمقارنة، كان لسائل كاكاو “أنتيوكيا” نكهة أبسط وأكثر مرارة، وكان للكاكاو من المزارع الثلاث خلفيات وراثية متشابهة، وهذا سمح للباحثين باستبعاد النمط الجيني كعامل مؤثر على النكهة.

تحليل ظروف التخمير

ووجد تحليل ظروف التخمير من المزارع الثلاث أن المجتمعات الميكروبية الفريدة أثرت على سمات نكهة سوائل الكاكاو الثلاثة، وكان للميكروبات “ساكاروميسيس” و”تورولابسورا”، ارتباط وثيق بسمات نكهة الشوكولاتة الفاخرة.

وسعى الباحثون بعد ذلك إلى إعادة إنتاج نكهات الشوكولاتة الفاخرة في المختبر من خلال تصميم خصائص تخمير الكاكاو والتحكم فيها، وصمموا مجتمعات ميكروبية “اصطناعية” من البكتيريا والفطريات لتخمير حبوب الكاكاو، وأعدوا سوائل للتذوق.

وأكدت لجنة المتذوقين أن حبوب الكاكاو المُخمرة بمجتمعات ميكروبية مُتحكم بها مختبريا لها نفس نكهات الشوكولاتة الفاخرة كتلك المُخزنة في “سانتاندير” و”هويلا”.

ويقول الباحثون إن نتائجهم تُظهر أن العلاقة بين الرقم الهيدروجيني ودرجة الحرارة والميكروبات تُساعد في تفسير الاختلافات الإقليمية في نكهة وجودة الشوكولاتة، كما يُلمحون إلى طريقة للتحكم بشكل أدق في نكهة وجودة الشوكولاتة في مختبرات الأغذية الصناعية.

ويأمل ديفيد جوبولتشان، الباحث المشارك في الدراسة، وعالم وراثة النبات في جامعة نوتنغهام بالمملكة المتحدة أن يؤدي استخدام هذه التقنيات إلى “خلق نكهات جديدة ومبتكرة للمستهلكين في المستقبل”، كما قال في تصريحات نقلها موقع “نيتشر”.

ويضيف أندريس فرناندو غونزاليس باريوس، مهندس كيميائي في جامعة الأنديز في بوغوتا بكولومبيا “تمنحنا الدراسة آلية للتحكم في عملية التخمير، وهذا يزيد من جودة الكاكاو، من دون الحاجة إلى وقت أو بيئة محددة لا نستطيع التحكم فيها، وهذا قد يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة قيمة الكاكاو”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس