أفريقيا برس – المغرب. بين انشغال شعبي بأطوار امتحانات البكالوريا (الثانوية العامة)، واهتمام رسمي من طرف الوزارة بالحرص الكبير على عدم دخول شعرة الغش في صفاء كأس الحليب، انطلقت أول أمس الثلاثاء، الاختبارات السنوية وما رافقها من مظاهر تجمهر آباء وأمهات وأولياء التلاميذ الممتحنين أمام بوابات المؤسسات التعليمية، يترقبون تلك الكلمات التي ينطق بها لسان فلذات أكبادهم “كولشي مزيان” يعني كل شيء جيد، وقد يضيف المجتهد كلمات سحرية من قبيل “أجبت على كل الأسئلة” ويختمها بـ “الحمد لله”.
هي خمسة أيام من الامتحانات بقطبيها العلمي والأدبي، والبداية بالأول الذي انطلق في السادس من حزيران/ يونيو الحالي ويختتم في الثامن منه، أما الأدبي فموعده يوما التاسع والعاشر من الشهر نفسه، فيما الدورة الاستدراكية حددت الوزارة تاريخها أيام 5 و6 و7 و8 و9 تموز/ يوليو.
ويبقى الأهم في هذه التواريخ هو موعد الإعلان عن النتائج والذي حددته وزارة التعليم في 19 من حزيران/ يونيو، وإلى ذلك الحين ما زال نبض الامتحانات متواصلاً وعند نهاية أطوار الاختبارات سيدخل الممتحنون وأسرهم لحظة الترقب لمعرفة النتيجة الأخيرة والتي يعلق عليها أغلب المغاربة آمالاً عريضة تتجاور فيها المعرفة والتحصيل مع رغبة بداية حياة أخرى إما جامعية أو حتى عملية باختيار مدرسة من المدارس المهنية التي تعنى بالكفاءات وتوجهها حسب سوق الشغل ومتطلبات الحياة المستقبلية.
الإحصائيات الرسمية التي كشف عنها وزير التعليم، شكيب بنموسى، تفيد بأن عدد الممتحنين يفوق 500 ألف تلميذة وتلميذ، وعدد القاعات التي وفرت لها كل الشروط والظروف المواتية يبلغ 25 ألف قاعة، بينما المراقبون بلغ عددهم 50 ألف أستاذ وأستاذة.
هذا عن العالم الواقعي الذي يقف فيه الأب أو الأم أمام بوابة المؤسسة التعليمية في انتظار الممتحن حتى يبشرهم بما يثلج الصدر، ويقف المراقب في الفصل الدراسي ساهراً على حسن سير الاختبار، أما في العالم الافتراضي فتكثر التأويلات وتكثر الإشاعات ومنها ادعاء وجود تسريبات للامتحانات وبإمكان أي ممتحن أن يحصل عليها بمقابل مادي، وهو ما فندته صفحة على الفيسبوك تعود لمحمد المالكي، الذي كتب تدوينة حول تسريب امتحان الرياضيات بالدارجة المغربية معناها “أيها الأولاد رحم الله والديكم، ليس هناك شيء اسمه تسريبات، أو اعطني 2000 درهم (196,30 دولاراً) كي تحصل على الأسئلة يوم قبل الامتحان”، وأضاف موضحاً بأن “هذا لم يكن حتى من قبل، أما الآن فموجود الهاتف الذكي وبروتوكول المراقبة وغيرها من الأمور الصعبة”، وكنصيحة للممتحنين، أضاف صاحب التدوينة: “لا تنتبهوا لأي أحد ادرس وانس اليوم حتى يمر الغد جيداً، أما حديث التسريب لا تملأ به رأسك، وحتى إن كان أي تسريب فكن على يقين أن كل شيء سيتغير لأنه ليس امتحاناً في القسم، هو امتحان وطني”.
وختم تدوينته بالقول: “آخر الكلام الله يهدي ما خلق يلعبون على نفسية التلميذ، والله يوفق الجميع وييسر أمور الكل وتوكلوا على الله فهو يرى كل شيء”.
رسالة هذه التدوينة تصل رأساً إلى “عشاق” الصيد في الماء العكر، وهم إما فئة تريد اللهو واللعب وبث البلبلة في صفوف الممتحنين، أو فئة مثل مضاربي الأسواق تغتنم الفرصة من أجل ربح مالي ولو عن طريق الكذب وفي ذلك يجتهد النصابون والمحتالون.
امتحان الثانوية العامة لأهميته، يكون مثل ليال بيضاء فيها الترقب والأمل والكثير من الأحلام، وفيها النصابون من لصوص الزمن الحديث، وإلى جانبهم تنتصب مبادرات جميلة، مثل تلك التي أقدمت عليها شركة النقل الحضري بمدينة خريبكة، والتي قررت مجانية التنقل للتلاميذ الذين سيجتازون امتحانات البكالوريا (الثانوية العامة)، وهو الذي كان موضوع تدوينة أخرى على المنصة ذاتها أي فيسبوك.
إلى حدود كتابة هذه السطور، لم تسجل أي حادثة مثل حالة غش أو خلافه، كل الأمور تسير بشكل عادي واليوم الأول مر ويليه الثاني والثالث للقطب العلمي، ومن المستبعد أن تكون هناك أي حالة للغش نظراً للحراسة المشددة من لكوادر التعليم وحتى بحضور رجال الأمن في محيط الأقسام والمؤسسات التعليمية حرصاً على السير الآمن للامتحان الوطني.
ولا ننسى تلك الأخبار التي تناثرت قبيل الامتحان، والتي كان أبطالها غشاشين أو متاجرين في وسائل الغش تم توقيفهم من طرف الأمن المغربي في عدد من المدن، وبحوزتهم معدات وأجهزة اتصال متطورة منها المهربة وكلها كانت موجهة نحو البيع بغرض المساهمة في غش التلاميذ، وأحدثها توقيف طالب بمدينة مكناس، متلبساً بترويج أجهزة اتصال لاسلكية وأقلام موصولة برقاقات رقمية بهدف استخدامها في الغش في الامتحانات المدرسية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس