أحمد ويحمان لـ”أفريقيا برس”: على المغرب الإسراع في القفز من مركب التطبيع “المدمر”

101
أحمد ويحمان لـ
أحمد ويحمان لـ"أفريقيا برس": على المغرب الإسراع في القفز من مركب التطبيع "المدمر"

آمنة جبران

أفريقيا برس – المغرب. أكد رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع أحمد ويحمان في حواره مع “أفريقيا برس” على”ضرورة إسراع المغرب في القفز من مركب التطبيع المدمر حيث لا خيار أمامه سوى التراجع عن هذه الاتفاقية وإلا سيكون مهددا بالخراب والضياع”، حسب وصفه.

وأشار ويحمان إلى أن”خضوع المغرب إلى التطبيع جراء ما تعرض له من ضغوط”، لافتا إلى أن “التطبيع زاد من تعميق الخلاف المغربي- الجزائري حيث أن هدف الصهيونية هو إشعال نار الفتنة بهدف تفتيت وتقسيم الدولتين وتحقيق أطماعها الكبرى”، ويبقى الحل في تقديره لمواجهة مثل هذه المخططات التخريبية هو”التوجه نحو ثقافة الوحدة والتكامل والتعاون البيني بين شعوب المنطقة”.

وأحمد ويحمان هو شخصية حقوقية مغربية يترأس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع.

هل بوسع المغرب اليوم في ظل المستجدات السياسية الإقليمية والدولية التراجع عن التطبيع الذي وصفته ب”الخطر” الذي فرض عليه بسبب ضغوط فرضت عليه؟

لا خيار آخر ممكن لأن البديل هو ضياع المغرب، لا بل ضياع المنطقة كلها، أقصد المنطقة المغاربية، ذلك أن المخططات خطيرة والأطماع كبيرة للقوى الاستعمارية في منطقتنا ولعاب الشركات الاحتكارية العالمية العابرة للقارات يسيل على مقدراتنا من النفط والغاز والفوسفاط والذهب وغيرها من الخيرات، ما كشف عنه وما لم يكشف عنه بعد.

بالتأكيد إن الوضع ليس سهلا ولم يعد بوسع المغرب، نتيجة إغراقه في التطبيع لمستويات متقدمة، ولكن لا خيار آخر غير ذلك وإلا فالخراب هو البديل، ولأن هذا الخراب لن يتوقف عند حدود المغرب وإنما المصيبة ستعم الجميع، على الجميع العمل على تلافي الكارثة التي لن يسلم منها أحد.

وعندما نقول الجميع فنحن نقصد كل الأقطار المغاربية، والجزائر بالدرجة الأولى، والجميع يعني كذلك الشعوب والقوى الحية في الأقطار المغاربية الخمسة، فالمخطط واحد والجميع مستهدف بالتفتيت والفتن والحروب الإثنية والعرقية والمناطقية، والحريق سيطال الجميع لا قدر الله.. وهذا لا يعني الاحتمالات، كما يعتقد بعض النائمين أو المتوهمين، بل إن الحريق ملتهب منذ سنوات وليبيا ما تزال تحترق وتتمزق وكل أقطارنا الأخرى تهتز، وسواء شعرت الناس بالهزات أو لم تشعر بعضهم بعد، فمنطقتنا دخلت دائرة الزلازل وعلى الجميع اليقظة اللازمة قبل فوات الأوان.

إلى أي مدى تشكل الاحتجاجات الشعبية الواسعة في المغرب وسيلة ضغط لإحراج السلطات وثنيها عن التراجع عن التطبيع خاصة مع تواصل الجرائم ضد الشعب الفلسطيني ؟

الجميع يعلم أن الدولة في المغرب تخضع لضغوط كبيرة وأنها قاومت هذه الضغوط كثيرا، لكنها اضطرت للخضوع في النهاية، لاسيما بعد الاستعمال المفرط لورقة الانفصال في الصحراء، وهذا أيا كان الأمر ليس مبررا للخضوع والسقوط في مستنقع التطبيع.

صحيح أن للرفض تكلفة لا يستهان بها، إلا أن تكلفة الصمود، أيا كان ثمنها أقل من تكلفة الخضوع آخر الأمر، هذا عدا عن التكلفة الأخلاقية، وما أثقلها وآثارها، من الأساس. صحيح أيضا أن هناك علاقات قديمة مع الكيان، تحت الطاولة كما يقال، إلا أن لهذا النوع من العلاقات (المدانة ما في ذلك شك) ما يجعلها محتملة في حدود الأمر الواقع..

لكننا الآن في حسابات أخرى ورهانات إستراتيجية جديدة قديمة للأعداء أصبحت مصيرية ووجودية لأقطارنا ككيانات..مطروح الآن البقاء من عدمه كبلدان ودول، ومن لا يتعامل مع الأمر بهذه المعطيات الأساسية في التحليل ومقاربة الأمور للتفكير في بلورة السياسات وصنع القرارات، فهو بلا تردد، خارج ومفصول عن الواقع..يجب التحليل الملموس للواقع الملموس.

ذكرت في تصريحات مؤخرا أن الصهيونية اخترقت المناهج التربوية المغربية، كيف ذلك؟

أريد أن أذكر بأن هذا المخطط الخطير كبير جدا يستهدف كل أقطار الأمة، ولا يقتصر على المغرب، وله برنامج وراءه قوى دولية كبرى وأجهزة مخابرات ومراكز دراسات واستثمارات كبيرة، وهو يندرج في إطار ما أصبح مشهورا بالإبراهيمية المرتبطة مباشرة وعضويا، بوزارة الخارجية الأمريكية منذ عهد هيلاري كلينتون وتأسيسها لما يسمى لجنة المائة (50 رجل دين من الديانات السماوية الثلاث و50 دبلوماسي أمريكي) تتولى مهام المشروع كله.

الكلام في المشروع يطول، لكن لو أردنا اختزاله لقلنا أنه مشروع تهويد الإسلام، بعد تهويد المسيحية بالعقيدة الملية والألفية السعيدة الإنجليكانية.

في هذا السياق تم العمل في كثير من الأقطار العربية لحذف كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، كليا، أو جزئيا بالتدريج، وإدخال كل ما هو صهيوني تحت عناوين مضللة من قبيل “التعايش” و”التسامح” و”الروابط التاريخية مع أبناء عمومتنا اليهود”… إلخ، وكل هذا لإخفاء التواطؤ في التعاون مع الأجندة الصهيونية والتمكين لها.

حذرت أيضا في إحدى المقابلات الصحافية، أن المشروع التخريبي للصهيونية في المغرب العربي هدفه إشعال الفتنة بين الجزائر والمغرب، هل سيزيد التطبيع من حجم الهوة والفتور بين البلدين؟

بالتأكيد، ذلك أن الاختراق الصهيوني والمخطط التخريبي مبني كليا على نشر الفتن، وهو مشروع لا يمكن أن يمر إلا عبر بوابة الفتنة الكبرى بين الدولتين الأكبر في المنطقة؛ المغرب والجزائر، رغم أنهم بدأوا تفجيره من ليبيا.

وإذا كان التأكيد على حقيقة أن التطبيع هو شق من الشقوق الذي يتسرب منه الخراب للمنطقة، فإن الموضوعية تقتضي التذكير بشق آخر لا يقل خطورة عنها، وعلى مصيرها ومآلها؛ إنه الانفصال! إن التطبيع والانفصال وجهان لعملة واحدة ولعنوان واحد إسمه الخراب. خراب المغرب والجزائر والمنطقة كلها.

هذا ما وصلنا إليه في دراساتنا وتحرياتنا، بالمعطيات وخلاصات التحليل للواقع والأحداث، وليس بمجرد الاستنتاجات أو التكهنات.

لقد نشرنا الخرائط المعدة للكيانات التي شرعوا في استخراجها من الأقطار المغاربية على أسس إثنية وعرقية، سواء في المغرب الذي يعدون لتقسيمه لست دويلات أو الجزائر الذي يعدون لتقسيمه لخمس كيانات، أما ليبيا فقد قسموها اليوم عمليا لثلاث أقاليم ويعملون لخلق إقليم رابع للمهاجرين الأفارقة القادمين من الساحل والصحراء، وموريتانيا التي يعملون على تقسيمها بخلفية البيضان، والسودان، وخلقوا هيئات لذلك وقد أشرفوا على ما أسموه؛ مسيرة الحراطين، وأما تونس فقد أسسوا بها ما يسمى حركة “أكال” والتي تعني “الأرض”.

ما هي تداعيات اتفاق التطبيع على ملف الصحراء المتنازع عليها بين الجزائر والمغرب حسب تقديرك؟

اتفاق العار بالتطبيع مع كيان الاحتلال جاء عاملا جديدا يعمق الخلاف المغربي الجزائري ويعوصه أكثر فأكثر، وأخشى أنه بلغ مستويات صعبة التأثير فيها لإنقاذ البلدين من الكارثة المصممة والمعدة من قبل القوى الإستعمارية وشركاتها الاحتكارية والحركة الصهيونية العالمية الأداة للاستيلاء على منطقتنا، ويبقى الأمل والرجاء في الله بأن يعقل المسؤولين هنا وهناك لإدراك المخاطر والعلم على أنها مخاطر على الجميع وعمل ما يجب عمله بقصد التدارك والبحث عن حلول لمشاكلنا بيننا، وهو أمر ممكن، ولا ندع ونسهل للاستعمار والصهيونية مشاريعهما هنا.

كرئيس لجمعية مغربية لمناهضة التطبيع، ما هي تحركاتكم في الفترة المقبلة بهدف التوعية بخطر هذا الاتفاق والضغط للتراجع عنه؟

نحن نقوم بمسيرات ووقفات وندوات ولقاءات وننظم محاضرات ونكتب مقالات، هذه الفعاليات لم تتوقف منذ 7 أكتوبر المجيدة.. ونحن مواصلون على نفس النهج لفضح المخططات التخريبية ومخاطر الأجندة الصهيونية، ولبناء ميزان قوى يفرض على السلطة التراجع عن الاتفاقيات الخطيرة مع كيان الاحتلال والإبادة بما يخدم المصالح العليا للوطن كما يعبر عن ذلك الشعب المغربي في كل المناسبات.

تطورت العلاقات الإسرائيلية – المغربية بشكل كبير في غضون عامين وشملت أبعاد أمنية وعسكرية وهذا التطور في سرعته لم نشاهده في العلاقات المصرية – الإسرائيلية رغم أنها كانت باكورة الدول العربية المطبعة مع “إسرائيل”. ألا يوجد مخاطر على الأمن القومي المغربي في فتح الباب على مصراعيه مع “إسرائيل” خاصة وأن هذا الكيان لم يدخل بلدا وإلا وزاد من أزماته الداخلية ومع محيطه الإقليمي؟

أرى أن خطابكم في الأسئلة التي طرحتم، وهو نفس خطاب الكثير من النخب ما تزال متخلفة عن الوضع كما تطور بسرعة ووتيرة غير معقولة على هذا المستوى. الأمر لا يتعلق بمخاطر محتملة على الأمن القومي للمغرب. الأمر مصيري ووجودي وليس على المغرب وحسب، وإنما على الجزائر أيضا، وبنفس المستوى وعلى كل الأقطار المغاربية.

إذا لم يتمثل الجزائريون، وحتى التونسيون والموريتانيون أما الليبيون فهم يعيشون المخطط، وبالملموس منذ سنوات.. إذا لم يتم تمثل المخاطر كما يجب فسيغرقون في الأوهام حتى تفاجئهم الأحداث.

كنا نصرخ بضرورة التحرك قبل فوات الأوان.. والحقيقة اليوم أن الأوان بدأ يفوت وبسرعة جنونية، لاسيما بموازاة، وبسبب ما يجري في المشرق العربي عامة وفي غزة وعموم فلسطين بصفة خاصة.

إن المطلوب، وهو أمر حيوي، هو الإسراع في اغتنام الفرصة الذهبية لدماء شهداء غزة وعموم فلسطين وكل ساحات الإسناد للمقاومة.. ينبغي، بالنسبة للجزائر، الإسراع بالخروج من مربع الإنفصال الذي لن تتوقف آثاره التدميرية في المغرب، وإنما، مثل أحجار الدومينو، يتطلب المنطقة كلها، وبالنسبة للمغرب مطروح عليه الإسراع في القفز من مركب التطبيع المدمر للمغرب قبل غيره، والذي ستمتد آثاره التدميرية لكل المنطقة.

والخلاصة هي في أنه على المسؤولين في كل من المغرب والجزائر، وحتى على الشعب الواحد بالبلدين وقواه الحية، هنا وهناك، أن يعملوا على تجاوز هذا الواقع المميز لهذه الظرفية؛ واقع ثقافة وقرارات التفتيت والانفصال والتطبيع والاختراق الصهيونيين، والتوجه، بدل ذلك لثقافة الوحدة والتكامل والتعاون البيني، وكل هذا ممكن وإلا فإن البديل هو التدحرج مع المخطط التخريبي، والنتيجة المنطقية والحتمية هي ” تخريب بيوتنا بأيدينا “.. لا قدر الله.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس