مصطفى واعراب
أفريقيا برس – المغرب. الترحال الرعوي ظاهرة دخلت طور الانقراض في المغرب. وهو نمط عيش بات يستقطب اليوم أقل من 5000 من البدو الرحل، وفق آخر التقديرات، بعد أن كان عددهم 25 ألفا في عام 2014، و70 ألفا قبل عشرين عاما فقط… ويشهد المغرب خلال الثلاث سنوات الأخيرة أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود. ومن المتوقع أن يتفاقم الوضع تدريجيا حتى عام 2050، بسبب الانخفاض المزمن لمعدلات هطول الأمطار (-11% سنويا)، في مقابل الارتفاع المتواصل في درجات الحرارة، بحسب وزارة الفلاحة المغربية.
لطالما كان البدو الرحل يُعتبرون بمثابة مقياس حرارة لتغير المناخ في المغرب. ولذلك فإن جفاف الموارد المائية عاما بعد عام، يدق المسمار الأخير في نعش نمط عيش البدو الرحل. فالتغير المناخي بات يعطل تنقلاتهم العابرة بين المراعي ومصادر الماء، حيث ظلوا لقرون طويلة يقضون الصيف المرتفعات الجبلية لأن مناخها يكون أكثر برودة، وفي الشتاء ينزلون من الجبال لينتقلوا إلى المناطق المحيطة الأكثر اعتدالا. لكنهم يقولون إن هذا الإيقاع بات اليوم مفقودا، حيث أصبحوا يذهبون إلى حيث لا يزال هناك بعض المياه لإنقاذ الماشية.
والربورتاج التالي ينقل بعضا من صور تلك المعاناة ووطأتها على ما تبقى من أسر الرحل…
تُعَرف وثائق المندوبية السامية للتخطيط الرحل، بأنهم سكان يتميز نمط حياتهم بممارسة تربية الماشية والتنقل المستمر، بحثا عن مناطق للرعي يتواجد فيها الماء. وينطبق هذا التعريف على بضعة آلاف من الأسر المغربية ما زالت تواصل العيش – مكرهة أو باختيارها – على إيقاع الانتجاع الدائم، وفق النمط الذي عاش عليه أسلافها قبل مئات السنين.
وعكس ما يتصور السياح، فإن حياة الرحل ليست ممتعة ولا شاعرية بل قاسية جدا. فقطعان الغنم والماعز والجمال لم تعد رأسمالا آمنا، في سياق المتغيرات الكثيرة المتلاحقة خلال العقود الأخيرة، وفي مقدمتها التحولات المناخية. وعلى طول الامتداد المجالي الشاسع الممتد بين أقصى جنوب المغرب الصحراوي وجنوبه الشرقي، يواصل الرحل المغاربة عيش حياة الانتجاع بشكل لا يختلف في شيء عما عاشه آباؤهم وأجدادهم، على مدى قرون طويلة. فمن نواحي السمارة بالصحراء المغربية، إلى هضاب شتوكة آيت باها بوسط غرب المغرب، ومن محاميد الغزلان وآسا الزاكَ وزاكَورة إلى نواحي تافيلالت بالجنوب الشرقي.. ما زالو يهتدون بنجوم السماء ليلا لتلمس طريقهم، ويبدون حيال الطبيعة الاحترام نفسه، فلا يستنزفون المراعي ولا موارد المياه. ما تبقى منها صامدا في وجه التغير المناخي حتى الآن، على الأقل.
يعيشون منعزلين في خيام بسيطة وسط مجتمعات صغيرة متفرقة، ويقتاتون على الخبز المطبوخ على الأعشاب الجافة وعلى الشاي ومرق اللحم. وخارج ذلك لا حظ لهم من ترف حياة المدن ولا من ضرورياتها، إلا ما تأتي به حكايات العابرين من الأهل وبعض السياح. وحتى عندما يذهب بعضهم إلى المدن الصغيرة القريبة اضطرارا، لزيارة بعض الأقارب أو قضاء أغراض، فإن نداء حياة البرية بقسوتها يبقى أقوى من مغريات الحضر.
رحلة الشتاء والصيف
المكان: منتجعات الرعاة بجبل صاغرو، بالجنوب الشرقي للمغرب (إقليم تنغير). والزمان: عندما يوشك الربيع أن يطوي أيامه الأخيرة. ككل عام، تجمع أسر من قبيلة آيت عطا متاعها القليل وتقود قطعانها من الضأن والماعز والجمال، لتعبر هضبة دادس في اتجاه منتجعات جديدة أكثر ارتفاعا وبالتالي أكثر رطوبة. والوجهة التي خبرت مسالكها أسر الرحل هذه، لن تكون على الأرجح سوى بحيرات الهضاب العليا لجبال الأطلس.
فهناك على ارتفاع 3 آلاف متر، تجد الأسر وقطعانها حاجتها من الماء والكلأ على مدار أشهر الصيف القائظ. وعند أوائل يونيو، تتوزع الأسر في نقط متفرقة من دون أن يثير ذلك حفيظة رعاة المنطقة. فعند الخريف الموالي، عندما تتساقط بواكير الثلوج على قمم الأطلس الشاهقة، سوف تعود أسر من رحل آيت عطا إلى مرابعها بجبل صاغرو، ويتبعها من شاء من رعاة قرى الأعالي لقضاء شتاء معتدل في المراعي شبه الصحراوية.
وتشير معطيات المندوبية السامية للتخطيط إلى أن ثلثي الرحل (حوالي 60%)، يتمركزون في جهة درعة تافيلالت بجنوب شرق المغرب. بينما يحتل إقليم تنغير الصدارة وطنيا بإيوائه قرابة 21% منهم. ويختلف نمط عيش نسبيا الرحل بحسب المناطق. فثمة رحل يقطعون مسافات بعيدة من أجل البحث عن المراعي الجيدة وموارد المياه، حتى لو تطلب ذلك منهم قطع آلاف الكيلومترات، وهؤلاء ينتشرون على تخوم الصحراء والجنوب الشرقي للمغرب. بينما هناك رحل يتنقلون فقط بين مرتفعات الأطلس داخل نفس المنطقة.
هي إذن حياة متنقلة بين المراعي على إيقاع الفصول وتقلباتها ولا تعرف الاستقرار. ومعها لا يكون السكن إلا متنقلا هو الآخر، في شكل خيمة غاية في البساطة وسهولة الجمع والنقل. ويعد من النادر أن يلتقي الرحل بمن هم خارج قبيلتهم، خارج مواسم الانتخابات. وتعيش نساء الرحل وأطفالهم على الخصوص في وضعية هشاشة اجتماعية. فأغلبهن لا يتوفرن على وثائق هوية، وبالتالي لم يوثقن عقود الزواج. والأطفال الذين يولدون تحت الخيام ويعيشون حياتهم تحتها، هم في غالبيتهم غير مسجلين في الحالة المدنية. لا مكان للرحل في مستشفيات الدولة، فهم ينجبون أطفالهم تحت الخيام. ورغم أن السلطات حاولت إنشاء محاكم متنقلة ومدارس متنقلة تتبع تنقلات الرحل، لكنها حياة يصعب مواكبتها باستمرار.
حياة تجذب السياح
في ربورتاج سبق أن نشرته “الأندبندنت” قبل سنوات قليلة، رصدت الصحيفة البريطانية بمنطقة “تيزي نتودات” بمرتفعات الأطلس الكبير، جانبا من الحياة اليومية لأسرة تدعى اليعقوبي. وقالت إنها اعتادت الترحال على نفس المسارات اقتفاء لأثر أجدادها منذ نحو 4000 سنة. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هذه الأسرة، التي كان يرافقها في هذه الرحلة سياح بريطانيون، دأبت على الترحال في بحثها الدائم عن أجود المراعي على مدار فصول السنة. فخلال فصل الشتاء يتوجهون إلى سفوح الجبال، حيث ترتفع درجات الحرارة نسبيا. أما في فصل الصيف فإن اشتداد الحر يدفع بهم إلى تسلق المرتفعات بحثا عن الكلأ وبرودة المناخ.
وحرصت “الأندبندنت” على تقديم وصف مفصل لما هي عليه الحياة اليومية للرحل. ومنها نمطهم الغذائي. فأشارت إلى أن طعام العشاء، كان في الليلة التي صادفت وجود السياح الأجانب في ضيافة أسرة اليعقوبي، متكونا من أسياخ لحم مشوي وطاجن بلحم ضأن وأرز وسلطة مع قطع من البطيخ الأحمر، إلى جانب كؤوس من الشاي. بينما اشارت معدة الربورتاج البريطانية إلى أنه خلال غيرها من الأيام، فإن شظف العيش يكون سيد مائدة الرحل، إذ يحضر حينها طبق الكسكس والخبز والشاي وزيت الزيتون فقط.
وأضفت الصحيفة بعض “البهارات” لتجميل حياة الرحل، من خلال وصف وعورة المسالك الجبلية التي يسلكونها مع قطعانهم. لكن سيدة من أسرة اليعقوبي وتدعى عائشة (46 سنة وأم لطفلين)، كانت على حق بتصريحها للصحيفة قائلة: “قد يكون في وسع السياح أن يعجبوا بنمط حياتنا، لكنه في واقع الأمر شديد الصعوبة بالنسبة إلينا”.
إن هذا النوع من التنميط الإعلامي لحياة الرحل، من خلال تقديمهم على أنهم يحيون على الطبيعة وينامون في الخلاء تحت النجوم، قد أنتج تسويقا سياحيا لمنتوج “البدو الرحل”. وهو “منتوج” يغري بشكل متزايد السياح الغربيين بشكل أساسي ومعهم حتى بعض المغاربة، من الذين أصابتهم الحياة العصرية بالملل. وهكذا تقترح وكالات للأسفار جولات منظمة، تستضيف خلالها أسر من الرحل المغربية أسرا أو أفرادا من السياح، ليعيشوا بعض الوقت (بين أسبوعين إلى شهر) بين ظهرانيها. يتدربون خلالها على رعي القطعان والعناية بها، وجلب الماء، وطبخ طعام الرحل الطبيعي، وتعلم الصناعة التقليدية والديث بلغة الرحل، الخ. وكل ذلك في ظل ظروف مناخية جد قاسية، إذ لا تقل درجة الحرارة تحت خيام الرحل عن 45 درجة مائوية صيفا.
كما يبحث نوع من السياح الغربيين على اتباع الموضة الشائعة حاليا، والمتمثلة في مزاوجة السياحة بـ”العمل الانساني” لفائدة الرحل. وهذا النوع من “المنتوج السياحي” متوفر طوال أشهر السنة، بحيث يتبع تنقلات الرحل بحسب الفصل الذي يتم فيه.
إكراهات استقرار صعب
خلف إغراءات الصورة النمطية التي يجري لصقها بحياة الرحل، تبدو أيامهم محاكة بالقسوة والحرمان. فالسواد الأعظم منهم لم يختاروا حياة الترحال بل ولدوا ونشأوا فيها، فوجدوا أنفسهم مكرهين على العيش فيها. رأس مال البدو الرحل الحي والمتنقل هو قطيعهم، الذي يفرض عليهم اتباع حياة الانتجاع الدائم. فهم يبيعون بضع رؤوس منه كلما احتاجوا إلى المال للإنفاق، في ظل غياب مورد آخر للعيش.
لكن الأجيال الجديدة من الرحل باتت تراجع حساباتها، مدفوعة على الخصوص بالقلق حيال عدم تمدرس أبنائها ومعاناتهم من غياب المستشفى عند الحاجة. كما أن إكراهات عديدة أخرى أخذت تفرض نفسها على حياة الرحل في العقود والسنوات الأخيرة. فقد كان من سلبيات بناء سد المنصور الذهبي بورزازات في 1972 مثلا، تراجع واردات المياه للفرشة المائية وتوقف التخصيب الطبيعي لكامل المنطقة، التي كان ينتجع فيها آلاف الرحل. فتقدم زحف الصحراء عليها بعد حرائق واحات النخل بسبب موجات الجفاف القاسي التي ضربت المغرب، خصوصا في 1980- 1983 و1990 – 1993 ثم السنوات الثلاث الأخيرة. ففقد الرحل أغلب قطعانهم وأكره كثيرون منهم على التخلي عن حياة الترحال، والركون إلى الاستقرار بجوار أقرب مورد ماء.
وبالنسبة إلى من لا يزال منهم صامدا في حياة الرحل، فإن انحباس المطر يعني وبشكل تلقائي أن عليهم شراء ما يلزمهم من مواد غذائية وأعلاف لقطعانهم من الأسواق. وتحمل مؤشرات علمية على الاعتقاد بأن حياة الرحل مرشحة لأن تزداد صعوبة مع مرور الأيام، سيما في سياق ما سبق أن تنبأ به تقرير للبنك الدولي في 2009، من أن تحولات مناخية عميقة قادمة. حيث توقع تراجع مستوى التساقطات في المغرب، بنسبة 20 %سنة 2050 وبنسبة 40 %سنة 2080.
وعلى ذلك فإن مصير الكثير من أسر الرحل أصبح رهينا بما تجود به التساقطات المطرية والثلجية، إلى جانب بعض العائدات التي تحصل عليها من السياحة، حيث يعمل كثير من السياح على مرافقة أسر الرحل خلال رحلاتها الموسمية.
قضايا الرعاة الرحل تصل البرلمان
إن الحياة القاسية للرعاة الرحل لا تنحصر في المعاناة مع ندرة الماء والكلأ فحسب، بل إنهم يعانون كذلك وبشدة من صعوبة الولوج إلى الخدمات الطبية بسبب ظروف تنقلهم المستمر، إذ لا يمكثون إلا قليلا في منطقة قبل أن ينتقلوا إلى مكان آخر بسبب الرعي الدائم الذي يلازم حياتهم.كما أن أبناءهم غالبا ما ينقطعون عن الدراسة (الحكومة خصصت لهم منذ عقود “مدارس متنقلة” في خيام تتبع تحركاتهم)، ولا يتابعون تعليمهم بالنظر إلى ظروف الترحال الدائم التي لا تتيح لهم الاستقرار”.
هذه الأوضاع نقلها برلمانيون مغاربة إلى مجلس النواب لمطالبة الحكومة بإحداث برامج رسمية لتحسين عيش الرُحل، ومنهم البرلمانية فاطمة ياسين (حزب الحركة الشعبية) التي كشفت بأن “ظروف عيش الرُحل أضحت صعبة جدا بفعل الجفاف وندرة الماء، إذ يتحملون معاناة كبيرة في التنقل من أجل جلب مياه الشرب وتروية الماشية”. وتضيف ياسين بأن “واقع هؤلاء الرُحل يتسم بغياب أدنى شروط الصحة في ظل غياب قوافل طبية أو مراكز صحية، علاوة على كون أبناء هؤلاء الرُحل لا يحظون بحقهم الدستوري في التعليم مما يتطلب عناية حكومية بهذه الفئة من المواطنين”.
لكن للرعاة الرحل وجها آخر أيضا، فكثيرا ما تلتصق بهم تهم الرعي الجائر والاصطدام مع السكان المستقرين جراء ذلك، بخاصة في مناطق سوس الأمازيغية إذ تتسبب قطعانهم في تلف المحاصيل الزراعية للساكنة. وينظم المتضررون من الرعي الجائر للرُحل في مناطق سوس وقفات متكررة أمام مقر البرلمان في الرباط، من أجل لفت انتباه السلطات إلى حالهم ولوضع حد لما يسمونه “الانفلات الأمني” الذي يقف وراءه الرعاة الرُحل. ويشتكي المتضررون من سلوكات الرعاة الرُحل، حيث تتعرض محاصيل حقولهم للاقتحام من طرف ماشية الرُحل وإفساده على رغم احتجاجات أصحاب هذه القطعان. ويضيفون بأن ردود فعل الرُحل تختلف بين من قد يتفهم ويعتذر ولا يعاود الكرّة، وبين من لا يعبأ بالشكوى ويترك ماشيته تعيث فساداً في المحاصيل، إذ لا يعبؤون بما يحصل من خسائر للسكان المستقرين، وسرعان ما ينتقلون إلى مناطق أخرى ليكرروا أفعالهم.
وحملت البرلمانية اليسارية نبيلة منيب (الأمينة العامة لحزب اليسار الاشتراكي الموحد)، مؤخرا ملف “اعتداءات الرعاة الرحل” الشائك إلى الحكومة، بسؤالها تحت قبة البرلمان عن “الحلول الفعالة لهذا المشكلة وتعويض المتضررين”. وأوضحت بأن “سكان مناطق سوس (وسط غرب) يتكبّدون خسائر جمة في المحاصيل الزراعية، من لوز وأركان وغيرهما، التي تعد مصدر رزقهم. إضافة إلى تخريب الرحل لممتلكات السكان. بل وصل الأمر إلى “اعتداءات جسدية ومعنوية بالضرب والجرح والسب في حق كل من وقف في وجه هؤلاء الرعاة الجائرين”.
ومن جانبها، اشتكت البرلمانية عائشة لبلق (حزب التقدم والاشتراكية)، من كون “سكان منطقة كلميم (جنوب غرب) باتوا يتعرضون إلى اعتداءات متكررة من الرحل على ممتلكاتهم، مما أذكى موجة من الاحتجاجات قد تتحول إلى مواجهات”، مطالبة بضرورة “إعمال سلطة الدولة في حماية السكان وصون ممتلكاتهم” من جور الرعاة الرحل.
بالأرقام.. الرعاة الرحل ظاهرة في طريق الانقراض
بحسب نتائج آخر إحصاء للسكان، فقد بلغ عدد الساكنة الرحل بالمغرب إلى غاية فاتح شتنبر 2014، 25 ألفا و275 نسمة مقابل قرابة 70 ألف نسمة سنة 2004. بينما تذهب آخر التقديرات إلى أن أعدادهم اليوم في حدود بضعة آلاف. وهو ما يمثل انخفاضا كبيرا جدا بنسبة 63 % خلال 10 سنوات، انتقلت خلالها نسبة الرحل في عقد فقط من 0,22 % إلى 0,075 %، من مجموع سكان المغرب. بينما كانوا قبل سنة 1912(تاريخ دخول الاستعمار الفرنسي إلى المغرب) يمثلون حوالي 80% من سكان جنوب وجنوب شرق البلاد، وكان لهم دور تاريخي في مقاومة الاحتلال الفرنسي في مناطق انتشارهم، خصوصا المنتسبين منهم إلى قبيلة آيت عطا الشهيرة بشجاعتها.
وسجلت جهة الشرق أقوى نسبة لتراجع الرحل على المستوى الوطني، بنسبة بلغت 98,5 بالمائة خلال 10 سنوات، حيث انتقل عددهم من 36 ألفا و557 نسمة سنة 2004 إلى 549 نسمة فقط سنة 2014. ويرجح الخبراء أن يكون السبب وراء هذا التراجع الكبير عائدا إلى تغير نمط عيش الرحل، المرتبط بمجموعة من العوامل، منها بشكل خاص الجفاف.
وتذهب المؤشرات الديمغرافية والسوسيو اقتصادية من جانب آخر، إلى أن الساكنة الرحل تعد جد متأخرة في مجال التعليم. فنسبة تمدرس أطفال الرحل في طور التعليم الأساسي لا تزيد عن 31,3 % (مقابل 94,5% كمعدل وطني). وبالمجمل ليس لـ 84% من الرحل أي مستوى تعليمي و81,9% منهم أميون تماما.
ومثل غيرها من الأسر القروية، تعتبر عائلات الرحل كثيرة الأفراد حيث 68,2 % منها تتكون من 5 أفراد فما فوق، غالبيتهم شباب إذ يقل سن 65,5% منهم عن 30 سنة. ويمثل الذكور نسبة 52 % من مجموع الرحل في المغرب.
لكن وعلى الرغم من ذلك، فقد أفادت المعطيات الإحصائية بأن الرحل أكثر نشاطا من باقي مجموع سكان المغرب، حيث تبلغ نسبة نشاطهم 56,8 % في مقابل 47,6% على الصعيد الوطني. وتشير المعطيات من جانب آخر إلى أن الرجال الرحل أكثر نشاطا من النساء (87,7 % مقابل 22,5 %)، وأن الرحل عموما أقل تعرضا للبطالة من باقي ساكنة المغرب، حيث يبلغ معدل البطالة في صفوفهم 10,1 % فقط، في مقابل 16,2% على الصعيد الوطني.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس





