حفصة شكيبي: من فرنسا إلى وادي الورود بالمغرب

3
حفصة شكيبي: من فرنسا إلى وادي الورود بالمغرب
حفصة شكيبي: من فرنسا إلى وادي الورود بالمغرب

أفريقيا برس – المغرب. بدأت قصة عائلة حفصة شكيبي بين المغرب وفرنسا منذ هجرة جدها. وُلد والدها في فرنسا، حيث أكمل دراسته قبل أن يعود إلى المغرب ويؤسس أسرته الصغيرة. وُلدت حفصة في الدار البيضاء، وتلقت جزءًا من تعليمها الابتدائي في المؤسسات الفرنسية، ثم انتقلت مع والديها إلى فرنسا حيث عاشت في منطقة بيارين.

بعد مسار دراسي ناجح في الأقسام التحضيرية، حصلت على شهادة الهندسة الكيميائية من المدرسة المرموقة Chimie ParisTech. تخصصت في مجال المياه البترولية وعملت لمدة ثلاث سنوات في المعهد الفرنسي للبترول (IFP). وبعد حصولها على الدكتوراه، واصلت تطوير مسيرتها المهنية مع الحفاظ على رؤيتها الأولية في الابتكار العلمي.

توضح حفصة: “السبب الرئيسي الذي جعلني أرغب في الدراسة في Chimie ParisTech ليس التخصص في قطاع البترول، بل تطوير عمليات التقطير واستخراج الزيوت والعطور من النباتات».

نداء وادي الورود

أثناء عملها في مجالها العلمي، كانت حفصة تفكر دائمًا فيما تصفه بـ «الشيء الذي لطالما رغبت في تحقيقه». انجذبت إلى المغامرة القروية، فانطلقت في تقطير وردة دمشق في قلعة مكونة بداية من فبراير 2018. تقول: “قلت لنفسي سأشتري طنًا من الورود، وإذا نجح المنتج في البيع، يمكنني التفكير في المستقبل بشكل أكثر هدوءًا».

نجح الرهان بالفعل، وأطلقت حفصة علامتها التجارية Flora Sina، مع منشأة صغيرة تمكنت من خلالها من إنتاج أول دفعة من منتجاتها. بالاعتماد على تمويل ذاتي وقرض عائلي وخبرتها العلمية، تمكنت من ضمان أعلى معايير الجودة لمشروعها. جهزت مساحتها بقدور تقطير تقليدية من النحاس وأفران حجرية كبيرة لإنتاج منتجات مخصصة لمختلف الاستخدامات.

تشرح حفصة عن استخدامات منتجاتها: «نستخدم ماء الورد في الطهي، في العناية بالبشرة، وفي مستحضرات التجميل وأكثر من ذلك. وفي قلعة مكونة، نشربه أيضًا لتهدئة مشاكل الهضم».

تقول حفصة شكيبي: «لدي هذا الشغف منذ فترة طويلة، وأجد من المؤسف أن يتم اختزال الوردة إلى زجاجة بلاستيكية، حيث لا يُقطر الماء طبيعيًا بل يُصنع صناعيًا، في حين أن المغرب يُعد من بين المناطق القليلة في العالم التي يتيح مناخها، وخاصة في قلعة مكونة، إنتاج وردة دمشق عالية الجودة».

تستفيد حفصة من خبرتها العلمية لضمان توافق العملية مع المعايير الدولية. كما تشرح: «أصبح المحترفون أكثر ميلاً لشراء المنتجات اليدوية المعتمدة، لذا كان الهدف التماشي مع هذه التوقعات».

في عام 2020، أصبحت ورشتها متوافقة مع هذه المعايير، وحصلت على تصريح من ONSSA في 2021، بالإضافة إلى شهادة العضوية الحيوية وإذن التصدير. ساعدها هذا على تعزيز إقامتها الدائمة في المغرب، حيث تساهم ورشتها في قلعة مكونة في النسيج الاقتصادي المحلي من خلال خلق فرص عمل للنساء وتنويع الإنتاج، مستخدمة ورد الوادي وزهرة البرتقال والياسمين.

نشاط مسؤول بيئيًا واجتماعيًا

تهدف مبادرة حفصة إلى أن تكون تضامنية ومسؤولة بيئيًا، لتتجاوز مجرد التقطير. تخصص كل عام جزءًا من أرباح شركتها لمشاريع محلية تعزز الحرف اليدوية، التنمية الاقتصادية، التعليم، الصحة، وتمكين الفتيات والنساء، مستفيدة بذلك سكان وادي الورود التاريخي الذي يشتهر عالميًا بقلعة مكونة كمركز تقليدي للتقطير الزهري.

تشمل المشاريع المدعومة تطوير ورشة خياطة، مكتبة مدرسية، تسويق السجاد الأمازيغي لجمعية محلية، وإنشاء حديقة خضروات عضوية. وتؤكد حفصة أن الديناميكية الاقتصادية الحقيقية لا تتحقق إلا بشكل جماعي، لذا تعمل مع نفس الشركاء المحليين لضمان تتبع جودة ماء التقطير.

توسيع المحصول والنشاط السنوي

في إطار نهجها البيئي التضامني، تخطط حفصة للعمل على أساس نباتات وأزهار أخرى لتغطية كامل التقويم الزراعي السنوي، بهدف تقديم كتالوج أوسع وإتاحة وظائف مستقرة للنساء طوال العام، وليس فقط بشكل موسمي. بعد نجاحها في إنتاج ماء الورد وماء زهرة البرتقال والورود المجففة، تسعى الآن لاستكشاف السوسن وبتلات الزعفران، مع هدف رفع النباتات المحلية والرمزية للتراث المغربي إلى مصادر دخل مستدامة لأسر المناطق المنتجة.

تركز حفصة على الحفاظ على الممارسات التقليدية والحرفية، مع ضمان جودة المنتج وكرامة صانعيه، وتسعى حاليًا لامتلاك مزرعة الورود الخاصة بها لتغطية كامل سلسلة الإنتاج وتطوير زراعة مستدامة تضمن استمرار مشروعها على المدى الطويل.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس