أفريقيا برس – المغرب. بين “الصادمة” و”المخيفة” و”العادية”، توزعت الأوصاف التي أطلقها عدد من المتتبعين للشأن التعليمي على نتائج دراسة تتعلق بالعنف في الوسط المدرسي، أفرج “المجلس الأعلى للتربية والتكوين” (مؤسسة رسمية) عن نتائجها حديثاً.
التقرير الذي اطلعت “القدس العربي” عليه، أكد حضور العنف الجسدي في الوسط المدرسي، وأورد أرقاماً تفيد نسب التلاميذ في السلك الابتدائي الذين تعرضوا للضرب وبلغ 25.2 في المئة، فيما صرح 28.5 في المئة من المستجوبين بأنهم تعرضوا للدفع، في مقابل 25.3 في المئة من التلاميذ في السلك الثانوي أكدوا تعرضهم للضرب، و37.4 في المئة منهم تعرضهم للدفع بقصد الأذى.
وأفاد التقرير بأن تلاميذ المؤسسات الخصوصية الحضرية يتعرضون بنسبة أقل للسرقة تحت التهديد مقارنة مع زملائهم في المدارس العمومية الحضرية، ليرسم البعض علامة استفهام كبيرة، متسائلين: هل هي محاولة لتبييض وجه المدارس الخصوصية التي تدنت شعبيتها ونالت منها وقائع “كورونا” عندما أصر أصحابها على استخلاص مستحقات شهور الدراسة عن بعد، حتى بلغ الأمر إلى اللجوء للقضاء الذي أنصف أباء وأولياء تلاميذ رفضوا هذه المعادلة وأدخلوها في باب “الجشع” وانطلقت شرارة الهجوم الذي اشتعل حول هذا الصنف من المؤسسات التعليمية؟
الرافضون لمثل هذه الملاحظات، أكدوا أنها لا تسمن ولا تغني من جوع، والمدراس الخصوصية مثل العمومية، وبدل الاهتمام بما يقوّم سلوك التلاميذ، يتم الاهتمام بالتفاصيل البسيطة وتضخيمها، لأن الأرقام بالنسبة إليهم “مخيفة” وتدعو إلى وقفة تأمل حقيقية ودراسة ونقاش عام يشمل الكوادر التربوية والأسر والمؤسسات المتدخلة في مجال التعليم.
وكعادة المغاربة في تحويل أي شيء إلى نكتة وسخرية، قال بعضهم: “حتى التنمر تخصص له دراسة”، في إشارة إلى تصنيف العنف في الوسط المدرسي في خانة التنمر كما هو الحال في أوروبا وأمريكا، لكن أهل التخصص يعلمون جيداً أن نتائج هذه الظاهرة سيئة وتعود سلباً على المتعلم الذي يحرم بسبب عنف لفظي أو جسدي من ممارسة حقه الطبيعي في المدرسة.
إلى جانب الضرب والدفع، أبرز التقرير أن السرقات البسيطة لها حضور أيضاً، ومنها ما يتم تحت التهديد مع الاستيلاء على أغراض التلاميذ الشخصية، وبلغت نسبة التلاميذ في السلك الابتدائي الذي صرحوا بوقوعهم ضحايا لذلك 27.1 في المئة، وتزيد هذه النسبة في السلك الثانوي لتصل إلى 38.6 في المئة.
نسب أخرى كشف عنها التقرير وتتعلق دائماً بالسرقة تحت التهديد وإتلاف الأغراض الخاصة، واعتبرها شائعة جداً وتشمل الذكور والإناث.
من الأرقام التي أثارت مخاوف الرأي العام، تلك المرتبطة بالتحرش حين قال التقرير إن نسبة مهمة من المتحرش بهم أكدوا أنه “يكتسي طابعاً جنسياً”، والغريب أن ذلك يشمل حتى مؤسسات التعليم الابتدائي والذكور أكثر عرضة له من الإناث، وفق نسبة التلاميذ الذي صرحوا بذلك.
وشمل التقرير حول العنف المدرسي مختلف تمظهرات هذه الظاهرة وأشكالها، التي تتوزع بين العنف اللفظي والرمزي، والعنف الجسدي، ثم الاستحواذ، كما يحضر العنف السيبراني أو ما يعرف بالرقمي.
وتجدر الإشارة إلى أن التقرير المذكور هو عبارة عن نتائج تقييم للعنف في الوسط المدرسي، من خلال دراسة كمية أجراها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، من خلال الهيئة الوطنية للتقييم، بشراكة مع منظمة اليونيسيف، ويشدد على أهمية وجود بيئة مدرسية آمنة وخالية من العنف لضمان تعليم ذي جودة.
واستند هذا التقييم إلى نتائج الدراسة التي أُجريت في نهاية الفصل الدراسي الأول من السنة الدراسية 2021-2022، وشملت 260 مؤسسة تمثل جميع المستويات التعليمية على المستوى الوطني (من الابتدائي إلى الثانوي التأهيلي)، بمشاركة 13884 تلميذاً وتلميذة، كما تم إجراء دراسة نوعية في 27 مؤسسة تعليمية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب اليوم عبر موقع أفريقيا برس